المتاريس والقنبلة

المتاريس والقنبلة

يريد الغرب أن يحدث شيئان في إيران. الأول هو التغيير السياسي، والآخر هو إنهاء ما يعتقد الغرب أنه خطط لصنع قنبلة نووية. فهل يمكنه أن يشجع حدوث الأمرين في الوقت نفسه؟ أصبح هذا السؤال أكثر إلحاحا الآن مع تزايد التوتر بشأن كلا الأمرين. ومنذ الانتخابات في الصيف الماضي التي أشعلت الاحتجاجات السياسية، تصدت ميليشيا الباسيج المزودة بالهراوات والمدعومة من قبل الحرس الثوري المسلح للمتظاهرين الذي يطالبون بالحريات السياسية. وقد تم ضرب المتظاهرين وإطلاق النار عليهم وجرهم إلى السجن، حيث تعرضوا للتعذيب والضرب. وكان المتظاهرون يعتزمون استغلال الذكرى السنوية للإطاحة بالشاه، في 11 من شباط (فبراير)، لإعلان أنهم الورثة الحقيقيون للثورة. وكان النظام أيضا يستعد في الفترة السابقة للذكرى السنوية، عن طريق إعدام واعتقال المنشقين. وفي الوقت الذي تم فيه إرسال الإيكونوميست للنشر، كانت هناك تقارير تتحدث عن اشتباكات في طهران. وفي الوقت نفسه، تبدو المواجهة بين الغرب وإيران بشأن البرنامج النووي أكثر احتمالا من أي وقت مضى. ففي التاسع من شباط (فبراير)، بدأ المصنع النووي في ناتانز بتخصيب اليورانيوم من 3.5 في المائة إلى أقل قليلا من 20 في المائة، بناء على أوامر الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد. وتصر إيران على أن الهدف هو تزويد مفاعل الأبحاث في طهران، الذي بدأ ينفد منه الوقود الأكثر ثراء الذي يحتاج إليه. وهي تقول إنها مستعدة لإيقاف تخصيب اليورانيوم في أي وقت، إذا وافق الغرب على صنع قضبان الوقود للمفاعل عن طريق تخصيب اليورانيوم الإيراني نيابة عنها - انحراف عن الصفقة التي كادت تتم في المحادثات في جنيف العام الماضي ولكنها انهارت لأن إيران رفضت إرسال كمية كبيرة بما يكفي من اليورانيوم دفعة واحدة إلى الخارج.
ويعتقد البعض أن تزامن هذين الحدثين ليس من قبيل المصادفة. ويقولون إن أحمدي نجاد عدواني فيما يتعلق بالتخصيب من أجل استثارة رد فعل عدائي من الغرب وبالتالي دعم موقفه الداخلي. كيف ينبغي أن تكون ردة فعل الغرب إذن؟ يقول المتفائلون إن عليه الآن أن يصدق إيران، ولكن يجب أن يكون المرء متفائلا جدا لكي يؤمن أن هذا لا يزال ممكنا. فالعمل في ناتانز مماثل تماما لما يمكن أن تفعله إيران إذا كانت تستعد للحصول على يورانيوم مخصب بنسبة 90 في المائة لصنع قنبلة. وإذا كان لديها كمية كافية من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة، لن تستغرق سوى ستة أشهر تقريبا ليكون لديها يورانيوم مخصب بما فيه الكفاية لصنع قنبلة. ولا تعرف إيران بعد كيفية تحويل اليورانيوم المخصب إلى قضبان وقود لمفاعل طهران، مما يزيد الشكوك في أن دافعها الحقيقي عسكري. وكاستراتيجية تفاوض، فإن البدء بتخصيب المزيد من اليورانيوم من جانب واحد يعد عدائيا جدا. وبالنظر إلى تاريخ انعدام الثقة المحادثات النووية، لا يتوقع أن يضعف الغرب موقفه عن طريق الرضوخ للتهديد الضمني.
ويقول البعض إنه حان الوقت تقريبا لتوجيه ضربات عسكرية ضد منشآت إيران النووية. وفي أمريكا، وأخيرا، قالت سارة بالين، التي تسعى لتصبح المرشحة الرئاسية المقبلة للحزب الجمهوري، أنها ستؤيد شن هجوم على إيران. ووجد أحد الاستطلاعات أن 71 في المائة من الجمهوريين، و66 في المائة من المستقلين، و51 في المائة من الديمقراطيين يتفقون معها.
ومع ذلك، هناك الكثير من الحجج التي تعارض محاولة تدمير برنامج إيران عن طريق القصف. فأولا، قد يفشل مثل هذا الهجوم، وإن كان فقط لأن لدى إيران مواقع نووية سرية مدفونة عميقا لحمايتها من الهجوم. ومن شأن ذلك أيضا أن يثير الفوضى في الشرق الأوسط. وقد تنتقم إيران أو وكلاؤها، حزب الله في لبنان وحماس في فلسطين، عن طريق شن هجمات على إسرائيل أو حلفاء الغرب الآخرين في المنطقة. وفي الوقت نفسه، قد يسحق الرد العسكري أي فرصة لإحداث تغيير سياسي داخل إيران. فالدول تميل للاتحاد معا ضد أي عدوان خارجي. وربما يكون الإصلاحيون أقل ميلا من النظام الحالي لصنع قنبلة، على الرغم من أنهم يريدون الاستمرار في البرنامج النووي المدني، الذي سيوافق عليه الغرب بسهولة. والسياسة الغربية التي أفسدت فرص الخضر ستقوض أيضا هدف تقييد طموحات إيران النووية.

العقوبات
ويظل هناك خيار العقوبات الاقتصادية. ويقول المنتقدون إنها لن تكون أفضل وأنه من غير المرجح أن تنجح. إلا أن هذا يعتمد على نوع العقوبات التي يتم تنفيذها. فالعقوبات الواسعة التي اقترحها الكونجرس الأمريكي - على منتجات النفط المكررة مثلا- قد تضر الناس العاديين، مما يؤدي إلى تأجيج العداء ضد الغرب، وبالتالي دعم النظام وتقويض الخضر. ولكن قد تنجح عقوبات مثل تلك التي أعلنت عنها أمريكا في العاشر من شباط (فبراير) ضد أربع شركات إيرانية وعلى أحد الجنرالات، لأنها تستهدف نخبة الدولة وبالتالي فهي أكثر احتمالا لحشد الدعم في الأمم المتحدة. وكانت الأخبار الجيدة فيما يتعلق بالدبلوماسية النووية هذا الأسبوع هي تلميح روسيا إلى أنها قد تؤيد العقوبات. ومن شأن هذا أن يقنع حتى الصين المترددة بالامتناع عن التصويت بدلا من استخدام حق النقض. ويريد أحمدي نجاد أن يختار الغرب بين الحركة الخضراء والبرنامج النووي. ولا يجب أن يحقق له الغرب هذا

الأكثر قراءة