تفاعل شركة إعمار المدينة الاقتصادية

شركة إعمار المدينة الاقتصادية من الشركات الرائدة التي تحمل فكرة رائعة، ولكن يخالط تنفيذها ما يؤرق المحب لها، خاصة تلك الأمور التي يكون الوقت عاملا مهما في تحديد قيمتها أو تلك الأمور التي من دون دقة في تحديدها يصبح لها ثمن منخفض، في زمن أصبح الوقت له ثمن باهظ، والمعلومة الصحيحة الدقيقة يحفظ حرمتها القانون. فمما يلاحظ على الشركة أنها متفاعلة مع الإعلام بشكل متميز ولكن دون وجود مؤشر ومعيار يمكن مساهميها من استشراف الحقائق بشكل واضح، ولنأخذ بعضا من تلك الإعلانات والأخبار لإيضاح الفكرة.
في عام 2006، صرح محمد العبار بأنه من المتوقع أن ''توفر مدينة الملك عبد الله الاقتصادية مليون فرصة عمل للمواطنين السعوديين وأن تحتضن مليوني قاطن. وستتوزع فرص العمل الناجمة عن المشروع على القطاع الصناعي والصناعات الخفيفة (330 ألفاً)، والأبحاث والتطوير (150 ألفاً)، والأعمال والمكاتب (200 ألف)، والخدمات (115 ألفاً)، والضيافة (60 ألفاً)، والتعليم والخدمات الاجتماعية (145 ألفاً)''. للأسف، الإعلان خرج دون إطار زمني وبالتالي لا يملك أي مساهم في الشركة التساؤل عن تحقيق ذلك الوعد. كشركة مساهمة، أتوقع منها وضع ضوابط زمنية تكفل لي كمساهم - أو مساهم محتمل - معرفة المخاطر والتوقعات قبل أن اتخذ قراري بالاستثمار.
وفي تقريرها السنوي عام 2008، زفت الشركة البشرى قائلة: ''زادت قيمة المبيعات في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية بنسبة 400 في المائة خلال العام الماضي مقارنة بما كانت عليه في عام 2007 لتصل إلى ملياري ريال''. ويستمر التقرير بالقول بأن ''الإنجازات التي تحققت على أرض الواقع في المدينة منها ما تحقق في الوادي الصناعي، حيث تم الردم والقطع لتسوية الأرض فيه بمساحة 7.5 مليون متر مربع، كما تم الانتهاء من أعمال شبكة الطرق والبنية التحتية للمرحلة الأولى من الوادي الصناعي، وكذلك تم تنفيذ أعمال الإنشاء والتشطيب لمبنى الإدارة والمسجد ومجمع سكن العاملين والمرافق العامة، وتم تجهيز المجموعة الأولى من الأراضي التي سيتم تسليمها لعدد من المستثمرين في الربع الأول من عام 2009''. (''الشرق الأوسط'' العدد 11128) . وتأكيدا لتلك الرؤية، أيضا، في تموز (يوليو) عام 2008، أعلنت الشركة عن ''تحقيقها رقماً قياسياً في مبيعاتها للوحدات السكنية في قرية البيلسان وضاحية أزميرالدا في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية منذ إطلاقها في أيلول (سبتمبر) 2007 وحتى نهاية حزيران (يونيو) 2008 حيث وصلت قيمة هذه المبيعات إلى مليار ريال'' (''الاقتصادية'' العدد 5399). تقارير وأخبار مبهجة تحمل إرهاصات وبشائر بالأرباح التي يتطلع لها كل مساهم في الشركة. طبعا بقيت بعض المعلومات الجوهرية لهذه المشاريع، ولكن الإشارات كافية للرجل العادي.
ومع ترقب المستثمرين لنتائج وأرباح تتناغم مع ما سبق من أخبار، في عام 2009، أعلنت الشركة عن تحقيق خسائر أكثر بنسبة 38 في المائة عن عام 2008، وبصوت مبحوح ''نظراً لأن المشروع في مراحله الأولية ويتم التركيز على البنية التحتية للمدينة، لم تصل المبيعات المحققة إلى المستوى الذي يمكن من خلاله تغطية المصاريف التشغيلية، مما أدى إلى تحقيق خسارة صافية عام 2009''. وفي تبرير خسائر الربع الثالث ذكرت الشركة أيضا أن ''ضعف الطلب على المنازل يؤخر تنفيذ بعض مشاريعها''. ألا يثير الدهشة أن هناك مبيعات تجاوزت المليارين، وأن هناك ارتفاعا في المبيعات بنسبة 400 في المائة، ومع هذا تقول الشركة إن هناك ضعفا في الطلب، وإنها لم تصل بالمبيعات المحققة إلى المستوى الذي يمكنها من تغطية مصاريف التشغيل. أعتقد أن المستثمر العادي في حاجة إلى وضع النقاط على الأحرف وتفسير الأخبار والمعلومات والتقارير التي لا يبدو أنها متناغمة بعضها مع بعض. ولكن للأسف لم أقرأ أي إيضاح إلى اليوم ولعله نابع من ضعف متابعتي.
ختاما، نقلت وكالة الأنباء ''رويترز'' بتاريخ 31 كانون الثاني (يناير) من هذا العام، وعن مصادر مطلعة في الشركة، خبرا يقول إن الشركة على وشك الحصول على قرض بخمسة مليارات من وزارة المالية السعودية، بغرض تسريع عملية تطوير المدينة التي لم تحرز تقدما ملحوظا. انتهى الخبر. ورغم أن الصمت في معرض الحاجة يعد بيانا وإيضاحا، وخاصة أن الخبر من وكالة إخبارية مرموقة - أظنها كذلك - وليست من صحيفة حائطية، إلا أنه إلى اليوم – حسب متابعتي الضعيفة مرة أخرى - لم يتم تأكيده أو نفيه. قرض بخمسة مليارات – في تقديري - يهم كل مستثمر بلا جدال معرفة تفاصيله. إذا لم يكن هذا خبرا جوهريا، فيبدو أننا في حاجة إلى قاموس جديد. أخيرا، كل الشكر والتقدير لوزارة المالية على نهجها الفريد – إن صح الخبر- في التدخل لإنقاذ الشركات المتعثرة، خاصة تلك الشركات التي أسهم في تأسيسها ملايين المواطنين، وكل الأمل أن تعلن وزارة المالية عن آليات وشروط وإجراءات الحصول على هذه القروض لتتمكن الشركات المتعثرة من التقدم بطلباتها. وكل التوفيق لشركاتنا المساهمة بالنجاح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي