الاستثمار السياحي.. هل زالت المعوقات؟
الاستثمار في المجال السياحي يشكل محوراً مهما في الاقتصاد السعودي ودعامة له من خلال تطور الأماكن الطبيعية والمحافظة على المناطق الأثرية التي تزخر بها المملكة وتشجيع الاستثمار فيها عبر طرحها كفرص استثمارية أمام القطاع الخاص أو عن طريق المشاركة بين القطاعين العام والخاص لتعم الفائدة الجميع.
«الاقتصادية» تطرقت في حلقات سابقة نُشرت الأسبوع الماضي والذي قبله، إلى المتنزهات الوطنية وما تعانيه من جفاء وعدم اهتمام، حيث تناولت أبرز المعوقات التي تقف حجر عثرة في وجه تطويرها وجعلها خيارا أول للمتنزهين والسياح لتحقيق الهدف المنشود من هذا الطرح.
واليوم تستعرض «الاقتصادية» دور الهيئة العامة للسياحة والآثار في هذا الجانب، وانطلاقاً من هذه القناعة التي تؤكد أهمية الاستثمار في المجال السياحي تعمل الهيئة على تذليل جميع العقبات والمعوقات التي تواجه المستثمرين، وتفتح لهم آفاقاً جديدة، وتوفر لهم التدريب والتخطيط اللازمين لإنجاح مشروعاتهم السياحية.. وحول واقع الاستثمار السياحي والمعوقات التي تواجه المستثمرين في هذا المجال، «الاقتصادية» استطلعت آراء مجموعة من المختصين والخبراء في مجال السياحة، لما تملكه المملكة من بيئة واعدة وأماكن طبيعية تحتاج إلى التطوير وفتح باب الاستثمار فيها لتكون واجهات سياحية سعودية..
إلى التفاصيل:
في البداية، يؤكد عبد الله الجهني نائب الرئيس للتسويق والإعلام في الهيئة العامة للسياحة والآثار أهمية التعريف بما تملكه السعودية من مقومات وفرص استثمارية في المجالات السياحية، وتسليط الضوء على أهمية قطاع السياحة لاقتصاد السعودية وخططها المستقبلية.
ويضيف الجهني أن للهيئة رؤية خاصة تهدف إلى تحقيقها من خلال ما تقوم به من برامج وفعاليات، تنبع من كونها مركزاً للتحفيز والتميز السياحي، وتعمل من خلال شراكة وثيقة مع الأطراف والشركاء المعنيين لتحقيق مهمة السياحة في السعودية، ولتكون الداعم الأساسي لإحداث التنمية المستدامة التي تتماشي مع الثوابت الإسلامية والقيم الاجتماعية والثقافية والبيئية السائدة في السعودية.
#2#
أهداف استراتيجية
يوضح الدكتور فهد الجربوع نائب رئيس الهيئة المساعد للتسويق أن السياحة تعد من كبرى الصناعات على المستوى العالمي، ومن أهم القطاعات، مضيفا أن قطاع الاستثمار السياحي ينظر له من جانب المنتج السياحي، ومن جانب العرض، فرأس المال يبحث عن فرص جادة، وأكبر معوقاته هو العائد على الاستثمار، وهذا الدور الذي يقوم به قطاع الاستثمار، وهو إثبات جدوى الفرص الاستثمارية، ويقول ''دورنا هنا إبراز الفرص للمستثمر في السياحة، وهذا ما نفعله بالتسويق، حتى نثبت أن هناك فرصاً واعدة''.
إنجازات الهيئة
يتناول الجربوع جانباً آخر مما حققته الهيئة، وهو التحفيز للسياحة الداخلية، فيقول: ''كانت إعلانات الوجهات السياحية تملأ الشوارع والآن انتشرت الإعلانات للسياحة الداخلية، وكل ذلك بجهود الهيئة حتى أصبح هناك إبراز للمنتج المحلي، وكذلك بفضل الله ثم بفضل الشراكات التي قامت بها الهيئة، وقد كان هناك برنامج لدعم الفعاليات يقام في الهجر والمحافظات، فلم يكن هناك ما يسمى صناعة السياحة، لكن الآن بعد وجود الهيئة أصبحنا نسمع عن صناعة السياحة والتسويق السياحي، وهو ليس بالكثير، بل هو المتوقع من الهيئة بناءً على استراتيجياتها، وهذا من مهمة الهيئة، فنحن الآن بدأنا في التفكير بسهولة التسويق، وأصبحنا نتطلع إلى جانب الفرص الاستثمارية وتطوير المنتج السياحي''.
#3#
تسويق الاستثمار
إلى هنا، يؤكد الدكتور حمد السماعيل نائب رئيس الهيئة المساعد للاستثمار دور هيئة السياحة في دعم الاستثمار السياحي، وأن الهيئة العليا للسياحة تهدف إلى تسويق الاستثمار السياحي على مستوى السعودية من خلال ما تقوم به من أنشطة وفعاليات، وإلقاء الضوء على الجهود المبذولة من الدولة والحوافز المتاحة لجذب الاستثمارات السياحية المحلية والأجنبية في هذا المجال، الأمر الذي سيؤدي إلى استقطاب رجال الأعمال للاستثمار في المجال السياحي.
ويتطرق السماعيل إلى مستقبل الاستثمار في السياحة، حيث يقول ''لا يخفى على أحد الاهتمام المتزايد للدولة في قطاع السياحة وتشجيع الاستثمارات المتاحة فيه من خلال إيجاد بيئة مشجعة وحوافز استثمارية من خلال المبادرات التي تقوم بها الهيئة العليا للسياحة مع الجهات المعنية بالتمويل من خلال توقيع مذكرات تعاون لدعم القطاع السياحي بشكل عام والمشروعات المتوسطة والصغيرة في المجال السياحي بشكل خاص، كما تقوم الهيئة بتوفير المعلومات والبيانات والدراسات الحديثة في مجال السياحة في السعودية من خلال الموقع الإلكتروني لمركز ماس التابع للهيئة العليا للسياحة، وكذلك تدريب الموظفين السعوديين والكوادر الوطنية وتأهيلهم من خلال مشروع تنمية الموارد البشرية التابع للهيئة العليا للسياحة، ومساندة الشركات التابعة للهيئة في التعامل مع الجهات الرسمية''.
#4#
أولى خطوات الحل
وعن المعوقات التي تواجه الاستثمار السياحي وكيفية حلها، يبين الدكتور السماعيل أن أولى خطوات الحل هي إيجاد المعوق، حيث عملت الهيئة مع القطاعات الحكومية على أساس إيجاد الحلول المناسبة لكثير من المعوقات؛ ''فحتى تطور مشروعاً يجب أن يكون لديك موقع سيــــــاحي - ملكيـة الأرض - تبعيتها النظامية، وهذه يحكمها كثير من الأمور، تحكمها اتفاقية التعاون وكيفية التعاون, والهيئة نجحت في وضع بعض اللمسات التي تساعد على جعل دور القطاع الخاص أكبر في هذا المجال''.
ويضيف السماعيل: ''وفيما يخص تطوير الوجهات السياحية الآن، الهيئة طورت نموذجاً استثمارياً معيناً يعطي القطاع الخاص فرصة كبيرة لكي يأخذ دور المبادرة في عملية تطوير العملية السياحية، وهذا جزء كبير من نظام الهيئة الأساسي في تطوير السياحة عن طريق القطاع الخاص؛ فالهيئة جهة منظمة، والقطاع الخاص يلعب الدور المحوري الرئيس في تطوير هذه الصناعة من خلال استثماراته وأعطيت له الفرصة لكي ينمو ويستثمر أمواله ويحقق عوائد من خلالها وتوظيف عدد كبير من المواطنين وإعطاء فرص أكبر لهذا المجال.. فالنموذج الاستثماري لـ ''العقير'' كان من مبادئه الأساسية دخول الدولة تكوين شركات بأن تسهم بملكية الأراضي في ملكية الشركة، ويدخل المطور الرئيس والمطورون المساندون بملكية هذه الشركة وبالتالي المطورون من القطاع الخاص مالكون للمشروع وهذا بدوره يعطيه الاطمئنان ويبعد عنه شبح التأجير والقلق على استثماراته''.
#5#
الفرص الاستثمارية
يزيد السماعيل: ''هناك عديد من الفرص الاستثمارية في القطاع السياحي ومنها الاستثمار في قطاع الإيواء السياحي، وخدمات سياحية مثل المدن الترفيهية والملاهي والمراكز التجارية ونوادي الألعاب والملاعب الرياضية ومراكز الغوص، إضافة إلى فرص الاستثمار في تطوير الوجهات السياحية، وهي مناطق ذات مساحات كبيرة يتم عرضها للاستثمار بمشاركة مستثمرين رئيسيين بغرض التنمية السياحية المتكاملة مثل مشروع وجهة العقير في المنطقة الشرقية، هذا إلى جانب فرص الاستثمار في قطاع النزل البيئية والريفية في مختلف المناطق السعودية الطبيعية والجبلية والصحراوية، ناهيك عن الاستثمار في قطاعات الخدمات المساندة والمكملة للقطاع السياحي الصناعية والزراعية والحرفية، وإمكانية الاستثمار في مجال النقل السياحي بمختلف أنواعه''.
#6#
استثمارات البحر الأحمر
قدرت استراتيجية التنمية السياحية لمحور البحر الأحمر حجم الاستثمارات السياحية الحكومية والخاصة على تطوير بعض الوجهات السياحية الجديدة على ساحل البحر الأحمر بنحو 150 مليار ريال، فيما قدرت الإنفاق السياحي المباشر في هذه الوجهات بنحو 9.9 مليار ريال.
وكشفت الهيئة العامة للسياحة والآثار استراتيجية للتنمية السياحية لمحور البحر الأحمر من منظور استثماري، تضمنت عدداً من الوجهات السياحية الجديدة قدرت طاقتها الاستيعابية بأكثر من 557 ألف غرفة، في حين تولد هذه الوجهات أكثر من 413 ألف وظيفة، منها 165 ألف وظيفة مباشرة، وذلك خلال السنوات الخمس الأولى من تنفيذ البرنامج الاستثماري للاستراتيجية الذي يتضمن إقامة منتجعات متعددة المستويات، وفنادق، ووحدات سكنية، وتوقعت الاستراتيجية أن تستحوذ المشاريع السياحية على ساحل البحر الأحمر في عام 2010م على 19 في المائة من حجم السياحة الداخلية، و25 في المائة من حجم السياحة الوافدة.
ودعت من خلال برنامج التنمية المقترح في مجال البنية التحتية إلى تحسين الطرق الساحلية السريعة خصوصاً الممتدة شمالاً من ينبع وجنوب منطقة الليث، وتطوير مراكز الخدمة على الطرق، وتنسيق مسارات الطرق الساحلية الجديدة بما يحقق خدمة المواقع السياحية الحالية والمتوقعة، وتجنب المناطق ذات الحساسية البيئية العالمية، إضافة إلى تطوير الطرق الداخلية المتجهة لليث والوجه، التي تمتد بين ساحل تبوك ومدائن صالح، وتطوير مرافق المسافرين في مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، وتحسين المطارات الإقليمية مثل مطارات: رابغ، ينبع، والوجه، وإنشاء مطار سياحي أو مهبط للطائرات في جزر فرسان، وتحسين مدرج هبوط الطائرات في القنفذة أو تطويره، وكذلك رفع مستوى خدمات النقل البحري من جازان إلى جزر فرسان، ودعم خدمات البنية التحتية والمرافق مثل الكهرباء والطرق والماء، وتحسين مرافق السفن، وإنشاء مرافق جديدة في جدة وينبع وجازان وضباء، وتطوير شبكات نقل ركاب سكك الحديد المقترحة من الرياض إلى جدة، وبامتداد الساحل.