ردود فعل غير متوقعة

ردود فعل غير متوقعة

حصلت الصناعة النووية على دفعة غير متوقعة من باراك أوباما في خطاب حال الأمة الشهر الماضي. فقد تعهد الرئيس ببناء ''جيل جديد من مصانع الطاقة النووية النظيفة الآمنة''. وفي الأول من شباط (فبراير)، تابع ذلك في ميزانيته المقترحة لعام 2011 عن طريق زيادة قيمة القروض للمصانع النووية الجديدة التي تعرض الحكومة ضمانها بمقدار ثلاثة أضعاف لتصل إلى 54 مليار دولار. وتبدو آفاق الأعمال جيدة في أماكن أخرى أيضا: استكملت الإمارات مناقصة لأربعة مصانع نووية في كانون الأول (ديسمبر)، وتخطط فيتنام لصفقة مماثلة هذا العام، ويأمل عديد من الدول الأخرى، من إيطاليا إلى إندونيسيا، في بناء مفاعلات جديدة قريبا. إلا أن العقد بقيمة 40 مليار دولار في الإمارات العربية المتحدة، الذي فاز به تكتل شركات بقيادة المؤسسة الكورية للطاقة الكهربائية KEPCO، الشركة الاحتكارية للكهرباء المملوكة للدولة في كوريا الجنوبية، أثار الذعر بين الشركات الست الكبيرة التي تهيمن على الصناعة منذ عقود، وهي GE وWestinghouse من أمريكا، و Areva من فرنسا، و Toshiba وHitachi و Mitsubishi Heavy Industries من اليابان. وتأمل الشركات الروسية والصينية في الحذو حذو الشركات الكورية. وتواجه الشركات الحالية فجأة ''الشركات الوطنية العملاقة'' في الأسواق الناشئة التي تحظى بدعم كامل من حكوماتها - وهي ميزة لا تقدر بثمن في قطاع خطر مثل الطاقة النووية.
ويقول Hirotada Nagashima، أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في القسم النووي لشركة Hitachi، التي خسر مشروعها المشترك مع GE لصالح Kepco، كما حدث مع تكتل Areva وغيره من الشركات الصناعية الفرنسية العملاقة، بما في ذلك Electricite de France و Total و GDF-Suez: ''إذا عرفتم كيف فازوا، أخبروني.'' إلا أن الأمر ليس غامضا. فتكتل الشركات من كوريا الجنوبية، الذي يضم أقسام الصناعة الثقيلة لشركات Doosan وHyundai و Samsung، وهي ثلاث من أكبر التكتلات في الدولة، والذي يستخدم بعض تكنولوجيات Westinghouse، يعمل معا منذ عقود، حيث يبني ويشغل معظم مفاعلات كوريا الجنوبية البالغ عددها 20. ولم يعرض فقط بناء المصانع، بل تشغيلها أيضا وإيجاد الوقود الذي ستحتاج إليه - بسعر ثابت غالبا. ويقول Mark Yoon من شركة CLSA للأبحاث المالية: ''كان من السهل جدا جمعهم معا وتقديم رزمة كاملة للإمارات''.
ولعبت حكومة كوريا الجنوبية أيضا دورها. فقد توجه الرئيس، Lee Myung-bak، إلى أبو ظبي عشية القرار بكسب المحليين، ووعد بمساعدة الدويلة القاحلة على إعادة تنفيذ المعجزة الاقتصادية التي تم تحقيقها في كوريا الجنوبية. ويعتقد Hiroki Mitsumata، مدير قسم الطاقة النووية في وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة في اليابان، أن الدعم من حكومة كوريا الجنوبية ربما يكون أتاح لشركة Kepco تقديم أدنى سعر، لأن الدولة قد تدعم تجاوزات التكاليف والمسؤولية القانونية عن الحوادث.
وضغط الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، بحماس لصالح التكتل الفرنسي، الذي أبرز شركاته مملوكة إلى حد كبير للدولة. ويمكن لهذا التكتل أيضا أن يعرض تقديم خدمات كاملة، بحيث تزود Areva الوقود وتدير النفايات إضافة إلى تصميم المفاعلات، في حين تدير EDF عددا أكبر من المصانع النووية من أي شركة أخرى. إلا أن الشركاء كانوا يريدون في الأصل توقيع عقود منفصلة بدلا من تقديم صفقة شاملة. والأسوأ من ذلك هو أن عطاءها كان أكثر تكلفة بنسبة 50 في المائة، بفضل اليورو القوي والتصميم الأكثر احتواء على الفولاذ والأسمنت، الذي تقول Areva إنه يجعل مفاعلها أكثر أمنا - وهي فكرة لم تقتنع بها الإمارات العربية المتحدة. وتعاني EDF أيضا من عديد من مواطن الخلل التنفيذية مؤخرا، في حين المفاعل الجديد الأبرز لشركة Areva، وهو تحت الإنشاء في فنلندا، متأخر عن موعده وتجاوز ميزانيته بكثير. وفي المقابل، لدى الكوريين سجل ممتاز في كل من البناء والتشغيل.
وقد استجابت EDF للخسارة عن طريق محاولة توحيد الصناعة النووية الفرنسية تحت سيطرتها. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، قال رئيسها المقبل، Henri Proglio، إن الصناعة النووية الفرنسية تعاني من خلل وظيفي وإن الجمع بين قطاع الوقود النووي مع تصميم المفاعل في Areva كان أمرا خاطئا. وبدلا من ذلك، اقترح ربط التصميم وتوليد الطاقة. إلا أن Areva تقول إن إضافة وحدة المفاعل الخاصة بها إلى EDF سيصعب كثيرا على فرنسا تصدير المصانع النووية إلى المنافسين الأجانب للمصنع، مثل E.ON الألمانية، التي هي حاليا من زبائن Areva.
وفي كانون الأول (ديسمبر)، عينت الحكومة الفرنسية Francois Roussely، الرئيس السابق لشركة EDF وصديق Proglio، لكتابة تقرير عن الصناعة النووية، المقرر تقديمه في نيسان (إبريل). وقد أثارت أفكار Proglio حرباً مفتوحة بين الشركتين: في كانون الثاني (يناير)، توقفت Areva لفترة وجيزة عن جمع نفايات الوقود من مصانع EDF بعد نزاع طويل حول الأسعار، إلى أن تدخلت الحكومة.
ومن جانبها، تقول الشركات النووية اليابانية والأمريكية إنها لا تستطيع التنافس مع العطاءات المدعومة من قبل الدولة. ويعتقد Danny Roderick من المشروع النووي المشترك لشركة GE و Hitachi أنه قد يتبين أن عطاء كوريا الجنوبية ''رائع جدا حيث لا يمكن أن يكون صحيحا'' ويتساءل فيما إذا كانت ستكون قادرة على الالتزام بميزانيته وجدوله الزمني. ولا تهتم الشركات الأمريكية الكبرى بتوحيد جهودها مع الموردين النوويين لتقديم عروض مشتركة في الخارج؛ ولدى الشركات اليابانية سجل سيئ من تقارير التفتيش المزورة والانقطاعات المتكررة. ويصعب على حكومتي البلدين تفضيل شركة نووية محلية على أخرى. ولكن ليست المشكلات التي تواجهها الشركات اليابانية والأمريكية كلها من صنع الغير. فالشركات تشكل خليط متنوع من التحالفات والتكنولوجيات المتشابكة. وعلى الرغم من مشروعهما المشترك، إلا أن Hitachi و GE تضغطان من أجل مفاعلين متنافسين. فقد طورتا في الآونة الأخيرة تصميماً ثالثاً مع Toshiba، ولكن بعد أن اشترت Toshiba شركة Westinghouse عام 2006، بدأت أيضا في الترويج للتكنولوجيا الأخيرة. ولدى شركتي Areva وMitsubishi Heavy تصاميم متنافسة خاصة بهما، ولكنهما أقامتا أيضا مشروعاً مشتركاً للترويج لنوع آخر من المفاعلات. ويقول أحد المحللين في اليابان: ''إنها فوضى على مستوى الباعة''.
وسيكون الاختبار التالي لهمة الباعة النوويين هو تقديم العطاءات هذا العام لبناء أربعة مفاعلات نووية في فيتنام. ويعتقد Mitsumata من MEIT أنه يمكن استخدام بنك التعاون الدولي الياباني الذي تديره الحكومة، والذي يزود اعتمادات التصدير وتمويل المشاريع، والتأمين التجاري المدعوم من قبل الدولة لتعزيز الداخلين اليابانيين. وهناك حديث عن عطاء مشترك مع شركة كبيرة مثل Tokyo Electric Power. ''وتحاول الحكومة زيادة مستوى الدعم الصناعي للمشروع الفيتنامي وتتحدث شركات المرافق العامة بجدية أكبر عن ذلك،'' كما يقول. إلا أن Kepco لمحت أنها تستهدف أيضا فيتنام - إضافة إلى غيرها من الدول متوسطة الدخل مثل تركيا والأردن وإندونيسيا وتايلاند وجنوب إفريقيا. وربما تعتمد قدرة الشركات النووية الأمريكية واليابانية على الاحتفاظ بميزاتها وقدرتها التنافسية على مدى استعداد حكوماتها لدفع الطاقة النووية في الداخل. وقد منح الحماس المفاجئ لأوباما الشركات الأمريكية الأمل. إلا أن وزارة الطاقة لم تسلم بعد أي من ضمانات القروض السابقة التي تمت الموافقة عليها عام 2005. وأحبط المنظمون في فلوريدا خطط شركات المرافق العامة المحلية لبناء مفاعلات جديدة. وأدى تبادل الاتهامات بشأن تزايد التكاليف إلى تأجيل مشروع آخر في تكساس. وهذا يختلف تماما عن الوضع في كوريا الجنوبية، حيث هناك ستة مفاعلات تحت الإنشاء، و14 مفاعلاً آخر على لوحة الرسم

الأكثر قراءة