المصرفية الإسلامية غير مؤهلة كبديل والسبب ضعف التشريعات وضآلة الكوادر البشرية

المصرفية الإسلامية غير مؤهلة كبديل والسبب ضعف التشريعات وضآلة الكوادر البشرية
المصرفية الإسلامية غير مؤهلة كبديل والسبب ضعف التشريعات وضآلة الكوادر البشرية

أفصحت الأزمة المالية العالمية عن أهمية المصرفية الإسلامية والتمويل الإسلامي, لكنها كشفت النقاب عن أن المصرفية الإسلامية لم تقدم حلولا عملية للأزمة، إضافة إلى عجزها عن نقل تجربتها إلى الآخرين في المصرفية التقليدية. ويوضح الدكتور محمد دماس الغامدي أن المصرفية الإسلامية لم تمتلك الأدوات العملية وتقديم التجربة النموذج للآخرين كي يتم القياس عليها والاقتداء بها، إلا أنه أفصح أيضا عن أن هناك بنوكا تقليدية بدأت تنافس الإسلامية في موضوعات التورق .. فإلى تفاصيل الحوار الذي أجراه من جدة فهد البقمي.

كيف بدأت عملية تحول بنك الجزيرة من تقليدي إلى إسلامي كامل, وما التحديات التي واجهتكم؟
بالطبع إن عملية تحويل مصرف تقليدي إلى مصرف إسلامي تعتبر تحديا يواجه مجلس الإدارة حيث يحتاج ذلك إلى صياغة استراتيجية التحول ووضع خطة للتحول تأخذ في الاعتبار حجم المصرف والعاملين فيه والبيئة القانونية التي يعمل فيها وتعديل السياسات والإجراءات لتتلاءم مع طبيعة عمل المصرف الجديدة, وقد استغرقت مرحلة التحول في بنك الجزيرة فترة طويلة من الزمن لم تكن سهلة, خاصة أن هذه المرة الأولى التي يتحول فيها بنك من العمل بالنظام التقليدي إلى بنك إسلامي يتعامل بصيغ وإجراءات جديدة.
وقد كان التحدي الأكبر هو القرار الذي تم اتخاذه في عام 1994م ليتم تحويل البنك إلى إسلامي إيمانا من مجلس الإدارة بأهمية التعامل وفق معايير تجارية واضحة, وقد كانت المصرفية الإسلامية تشجع على ذلك بفضل الحلول والإمكانات التي توفرها لتقديم الحلول المصرفية المتكاملة، وبدأ البنك في عملية التحول إلى وصل إلى 2002 وهو الوقت الذي أعلن فيه بكل اقتدار جاهزيته لتقديم الخدمات المصرفية الإسلامية.
وتم خلال ذلك اعتماد استراتيجية أسهمت في تطوير البنك أدوات متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية حلت محل الأدوات التقليدية, وفي النهاية تم الهدف وتحول بنك الجزيرة من بنك تقليدي إلى بنك يمارس أعماله وفق أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية دون أن يفقد أيا من موظفيه أو عملائه.

تحولكم من تقليدي إلى إسلامي .. ما هدفكم من وراء ذلك؟
أن نكون روادا فيما يتعلق بتطوير المنتجات الإسلامية, ونحن حريصون على أن ندفع بالصناعة بقوة في السنوات الخمس المقبلة لتكون هي البديل المسيطر وخيار المجتمع بشكل عام سواء أفراد أو جهات اقتصادية, ونحن من خلال تجربة التحول نملك تجربة في التحول من المصرفية التقليدية إلى الإسلامية.

كيف ترى الإقبال على المصرفية الإسلامية في المملكة؟
يشهد الطلب على التمويل بالصيغ الإسلامية إقبالا كبيرا يصل إلى أكثر من 60 في المائة من حجم محفظة التمويل, ولدينا في المملكة أربعة بنوك مصنفة على أنها إسلامية, إضافة إلى البنوك التقليدية التي تقدم منتجات بصيغ إسلامية.

كيف ترى العلاقة بين البنوك والهيئات الشرعية في البنوك, خاصة أنها تواجه انتقادا كبيرا في الآونة الأخيرة؟
الهيئة الشرعية لن تستطيع أن تكون عينا تراقب كل تصرفات البنك, ودائما يتم النظر للهيئة على جانبين الأول دورها دائما دراسة المنتجات الإسلامية والتأكد من توافقها مع الشريعة الإسلامية من خلال عناصرها, والدور الآخر التأكد من الاستخدام السليم لهذه المنتجات عند تطبيقها.

ما طبيعة تقديم المنتجات الإسلامية في البنوك التقليدية؟
قد يقدم البنك المنتجات الإسلامية من خلال قناعة وحرص ويقدمها بالطرق السليمة في حين أن بنوكا أخرى يمكن أن تقدمها من أجل الأغراض التسويقية, وفي هذه الحالة لن يهتم البنك بالمصداقية والانضباط وهدفه فقط الحصول على العميل وتلبية طلبه, لكن قد يختلف الأمر عندما يقدمها عن حرص على المنتج وسلامة تطبيقه.

هل ترى أن هناك قلقا من البنوك التقلدية التي تقدم منتجات إسلامية؟
في اعتقادي أن أي جهد يبذله أي طرف لتشجيع منتجات إسلامية يسهم في نمو الصناعة بغض النظر عن المنطلقات التي ينطلق منها, فالبنك الذي يرغب في تقديم المنتجات الإسلامية بشكل جزئي أو كلي هذا أمر سيكون له مردود إيجابي على الصناعة بشكل عام.

إذن أنت تشجع البنوك التقليدية على تقديم المنتج الإسلامي؟
نعم, أنا أشجع كل الإمكانية لاستخدام المصرفية الإسلامية بصرف النظر عن خلفية المستخدم لها.

هناك جدل كبير فيما يتعلق بسعي البنوك التقليدية لتقديم حلول إسلامية, إلا أنه يسودها شيء من الغموض .. كيف ترى ذلك؟
الإنسان عدو ما جهل أحيانا لأن الغموض الذي يتحدث عنه الناس في هذه الأيام ينم عن جهل بطبيعة هذه المنتجات سواء من يقدمها إو من يستخدمها, وهذه القضية الزمن كفيل بحلها لأنه مع تكرار الاستخدام يصبح الإنسان أكثر قدرة ووعيا ومعرفة بآلياتها وعناصرها, ونلاحظ أن لدينا وعيا لا بأس به في الوقت الحالي ونتوقع أن يتطور.
#2#
هل تستطيع الهيئة القيام بمراقبة سلامة استخدام المنتج؟ وما مدى استقلاليتها؟
الهيئة الشرعية لا تستطيع في الوقت الحالي التأكد من الاستخدام السليم بوجود أفرادها الحاليين لأنهم عدد محدود ولكن يمكن ذلك من خلال استعانتها بإدارة مختصة للمراجعة الشرعية تقدم تقارير دورية للهيئة الشرعية لتؤكد لها المصداقية في استخدام المنتج من قبل البنك الذي تتولى الإشراف عليه, ولكن دائما أي مرحلة جديدة تمر بمثل هذا الحل حتى تستقر الأمور.

التورق كمنتج إسلامي يدور حوله كثير من الجدل والغموض فيما يتعلق بالتحريم من عدمه .. كيف ترد على ذلك؟
التورق الإشكالية فيه ليست في الآلية ولكن في استخدامها, لأن سوء استخدامها يقود إلى نتائج سيئة, وهذا يقودنا إلى الحديث عن إلى أي حد ينظر المصرف إلى أدوات المصرفية الإسلامية على أنها أدوات يجب أن تقدم المصداقية أم أنها لأغراض تسويقية. لأن لدينا مشكلة في طريقة تطبيق التورق في أسلوب تنفيذه وقد تصل إلى التحريم في بعض الأحيان, أما فيما يتعلق بالاستقلالية فإن لدينا أمانة للهيئة الشرعية وهي التي تنظم العمل مع الهيئة وتتولى التنسيق في إصدار القرارات وكافة الأمور المتعلقة بأعمال الهيئة.

كمختص في المصرفية الإسلامية, ما مدى رضاك عن البدائل الحالية للبطاقات الائتمانية، وما الأنواع المتوافرة لدينا؟
في الحقيقة أنا غير راض عن البدائل الموجودة حاليا لكن العلاقة بين شركات البطاقات الائتمانية علاقة بالشركة علاقة كفيل أو ضامن يلتزم بالدفع, ولكن الإشكالية في الأسلوب المتبع خاصة فيما يتعلق بموعد الدفع للمستحقات عند إذن البنوك باستخدامها لتحقيق عائد مقابل قرض بفائدة. وهنا تحدث المشكلة في الإقراض بفائدة, ولكن في الأصل هي وسيلة تغني عن حمل النقد. وفي اعتقادي أن البنوك متى استطاعت أن توجد آلية لتأجيل الدفع دون أن تدخل في إشكالية القرض غير الشرعي فذلك أوفق. ولدينا في السوق ثلاثة أنواع من البطاقات: الأولى يتم عبرها الدفع عند الاستحقاق بعض النظر عن توافر رصيد في الحساب, والثانية تطالب العميل بوجود مبلغ لتغطية الحد الائتماني, والأخيرة يتم من خلالها احتساب فائدة, إلا أن اللجنة الشرعية توصلت إلى حل يتم من خلاله تحويلها إلى عملية تورق ويتم بناء عليه سداد المبلغ المستحق على البطاقة.

كيف تقيم تجربة البنوك الإسلامية في المملكة، وما المطلوب لتطويرها؟
تجربة البنوك الإسلامية في المملكة جيدة إلى حد ما ولدينا تنام في الطلب على الصيغ الإسلامية ومن المتوقع أن يصل إلى 80 في المائة خلال السنوات المقبلة, وهذا يدعو إلى إعادة النظر في التشريعات والإجراءات والأنظمة الخاصة بالعمل المصرفي في المملكة, ومساعدة البنوك في عملية التحول إلى المصرفية الإسلامية ولا تزال لدينا مساحة كافية من البنوك ولكنها تأخذ اعتبارات أخرى تتعلق بالجوانب الرقابية.

هل تتوقع اختفاء البنوك التقليدية, وما طبيعة العلاقة فيما بينهما؟
يجب ألا ننظر إلى الموضوع على أنه منافسة بين البنوك الإسلامية والتقليدية لأن المصرفية التقليدية قدمت الكثير للصناعة المصرفية فيما يتعلق بتنظيم القطاع والنشاط ولكن المصرفية الإسلامية تستطيع أن تقدم حلولا متعددة من التنوع في المنتجات, ونحن ننظر إلى أنها ستعمل على إثراء المصرفية التقليدية لتصبح منتجاتها تتوافق مع الشريعة بدلا من الحديث عن اختفائها.

يقال إن المصرفية الإسلامية استفادت من الأزمة المالية العالمية، ما طبيعة تلك الاستفادة؟
البنوك الإسلامية كانت متحفظة على بعض الآليات التي كانت تقدمها المصرفية التقليدية ومعظم تلك التحفظات عندما جاء المحللون المنصفون بعد الأزمة الاقتصادية أكدوا أن المصرفية الإسلامية كانت على حق في التحفظ على ذلك, لأن الأزمة تفجرت للأسباب التي حذرت منها. ونحن من خلال مراقبة الوضع نرى أن الإقبال على المصرفية الإسلامية يزيد برغم أن البنوك التقليدية الأخرى تقدم منتجات للمصرفية الإسلامية, ويمكن أن تتغلب على الصيغ الإسلامية, والطلب ينمو بدرجة كبيرة ولم يعد محليا خصوصا بعد الأزمة المالية التي تفجرت منذ عامين ولفتت ذوي العلاقة بالصناعة المصرفية بشكل عام سواء على المستوى المحلي أو العالمي إلى أن المصرفية الإسلامية تقدم حلولا للأزمة, والذين على صلة بالمصرفية يعلمون أن الصناعة الإسلامية كان عندها تحفظ على بعض أدوات وآليات الصناعة التقليدية.

هل المصرفية الإسلامية قادرة على تقديم تجربتها للعالم؟
المصرفية الإسلامية ما زالت عاجزة في الوقت الحالي من كافة النواحي سواء التنظيمية وغيرها عن تقديم التجربة للآخرين بديلا مناسبا, ومن ذلك عدم القدرة على احتضان الصناعة ولدينا عديد من العقبات والتحديات أبرزها عدم وجود البيئة التشريعية والقوى البشرية التي نستطيع من خلالها تقديم حلول مصرفية تكون بديلا أفضل عما هو موجود في دول العالم حاليا.

الأكثر قراءة