أزمة دبي عززت مكانة المصرفية الإسلامية وكشفت بعض نقاط ضعفها
ثمة آثار غير مباشرة وقعت ضحيتها المصرفية الاسلامية محصلة لازمة دبي ، حيث كثرت الشكوك والطعون فيها ..باحثين ومحللين في ندوة "المصرفية الاسلامية" أكدوا على أن الخلل وقع بسبب الشبهات حول صحة بعض الصكوك ، كما أشار البعض إلى الجوانب التحكيمية وغياب الشفافية التي تكشفت بعد الازمة ممادعى البعض للمطالبة بهيئات تحكيم اسلامية.
الدكتور رضا عبد السلام يرى أن أزمة دبي تمثل أحد توابع الأزمة المالية العالمية، فأي محلل اقتصادي بسيط كان عليه أن يتوقع حدوث ذلك، لكن السؤال المهم: لماذا دبي بالذات؟
أعتقد أن ذلك يعود إلى أن دبي تعد من كبريات مدن ومناطق العالم إيمانا بمبادئ الحرية، الحرية بكل مفاهيمها, ولهذا كان علينا أن نتوقع أن هناك شيئا ما سيحدث، لكنني أطرح تساؤلات أخرى: هل هذه الأزمة نتاج المصرفية الإسلامية؟ ومن الذي سيعود عليه الضرر منها؟ هل المصرفية الإسلامية وقع عليها الضرر جراء ذلك أم أن دبي أضيرت بسبب المصرفية الإسلامية؟ في الحقيقة علينا الإقرار بأن دبي هي التي تسببت في ظهور المصرفية الإسلامية, فإذا فهمنا تطور الأحداث والأوضاع الاقتصادية العالمية وانعكاساتها على دبي سنصل إلى نتيجة حتمية وهي أن دبي ستقع في مشكلة، فالموضوع عرض وطلب، فقد ترتب على الأزمة العالمية تراجع الطلب على كل ما تقدمه دبي. تخيل أن دبي كانت كالقطار يسير في طريقه ومعد ومجهز بكل الإمكانات وفجأة توقف القطار، فهناك مشروعات ضخمة كـ "النخيل" وغيرها كان هناك طلب عليها بتوقعات بمعدلات معينة في المستقبل القريب، ومن هذا المنطلق بدأت تعمل صكوك ومنتجات مالية أخرى .. حدثت الأزمة .. تراجع كل من كان له مصلحة ونظرة إلى دبي بخصوص مشروعاتهم ومخططاتهم المستقبلية نظرة خيفة وقلق. كانت النتيجة أن بدأت بوادر التعثر وبالتالي بدأت تظهر في الأفق قضية المصرفية الإسلامية التي تسعى لتعزيز مكانتها في دبي، فهذه هي الأداة التي سادت في دبي خلال الفترة الأخيرة، ولهذا أعتقد أن المصرفية الإسلامية بعيدا عن تقييمها ستكون موضوعا لحوار مستقبلي بيننا، ولكن أعتقد أن المصرفية الإسلامية ظهرت في الأفق نتيجة لهذه الأزمة وليس العكس، البعض حاول أن يربط أزمة دبي بأن سببها المصرفية الإسلامية وهذا غير صحيح، لا لشيء إلا للنيل فقط من المصرفية الإسلامية والنيل من أي توجه إسلامي أو أي رؤية إسلامية.
وفي سؤال حول: لماذا سعت دبي إلى أن تسحب البساط من تحت أقدام ماليزيا مثلا أو البحرين باعتبارهما من أهم مراكز المصرفية الإسلامية؟
في هذا الخصوص يقول الدكتور حسني الخولي: أود التأكيد أن ما حدث في دبي لا يشكل أزمة، ولكنه تبعات للأزمة العالمية, والحقيقة أن دبي أرادت أن تقدم نموذجا مثل النماذج التي صنعتها سنغافورة وهونج كونج، حيث بدأت سنغافورة وهونج كونج بمزيد من الحرية الاقتصادية لكسب مزيد من المستثمرين, ثم في المرحلة التالية بدأت مرحلة الإنتاج حيث بدأوا في إقامة العقار الذي سيسكن فيه المستثمر، أعتقد أن دبي بدأت تعمل عكس ذلك حيث بدأت بالبنية الأساسية وأرادت أن توفر السكن الحضاري اللائق للمستثمرين لجذبهم أولا, ولولا الأزمة العالمية لكانت دبي قد نجحت في تجربتها وإيجاد نموذج في الوطن العربي كان سيكون نموذجا مشرفا، ولقد أرادت دبي أن تصنع نموذجا يتسم بمزيد من الحريات الاقتصادية.
#2##3##4##5##6#
المصرفية الإسلامية شأنها شأن باقي المصارف تؤثر وتتأثر بالأزمة، أعتقد أن هذه الأزمة لن يكون لها آثار وتبعات كبيرة على البنوك المقرضة داخل دبي لأن معظم الإقراض كان خارج دبي, 50 في المائة كان لبنوك بريطانية. العالم كله يقرض على التدفق النقدي الكشفي، لكن ما زلنا في المصرفية الإسلامية نقرض على الضمانات, وبالتالي هناك ضمانات يتم الرجوع إليها إذا تعثر سداد الدين، قد ينخفض هذا الضمان الذي يحافظ على جزء من أصل التمويل أو القرض, وبالتالي نتعشم أن تحل الأزمة وهناك بوادر حقيقية للحل، تدخلت أبو ظبي لحل الأزمة.. لكن لماذا دبي بالذات هي التي سعت إلى بناء نموذج للحريات الاقتصادية؟
لأن صادرات دبي لا تمثل سوى 5 في المائة من الصادرات الإماراتية للنفط، وبالتالي أرادت أن تجذب إيرادات من خدمات تقدم, وكان هذا هو الطريق الوحيد أمامها, وعليه بدأت في إقامة بنية أساسية لجذب المستثمرين لها لفتح مصارف وفروع لمصارف, وبالتالي وصلت إلى الحالة التي فيها دبي الآن. بمعنى أنها أرادت أن تعظم إيراداتها غير النفطية التي لا تمثل سوى 5 في المائة من خلال تقديم خدمات وإنشاء صناعات وخدمات مالية, أي أنها أرادت أن تحقق قناة استثمارية جديدة للسوق.
لكن لماذا أثارت أزمة دبي المالية الرعب في أسواق العالم؟ وهل الديون ديون حكومية أو ديون شركة؟
يجيب عن ذلك الباحث مسفر دحيم الدوسري قائلا: الحقيقة هناك كثير من التصريحات تقول إن هذه الأزمة سببها ديون حكومية, وأخرى تقول إن جزءا منها ديون شركة وتقصد بها شركة نخيل المستقلة. أيضا موضوع الصكوك أثار مشكلات وكما يقولون "رب ضارة نافعة"، حيث أود التاكيد أن المصرفية الإسلامية ليست السبب في الأزمة, ولكن مشكلة دبي هي السبب الذي أثر في المصرفية الإسلامية، وأعتقد أن الأزمة أوضحت الصورة الحقيقية لما يسمى المصرفية الإسلامية, حيث أوضحت المشكلات المخفية للمصرفية الإسلامية خصوصا في مسألة الصكوك الإسلامية. وهذا راجع إلى أن هيكلة هذه الصكوك كانت طبقا للقانون الإنجليزي ــ وكلاء حماية الصكوك في وكالة "جي. سي" ــ الذين يطالبون بأن تتم المقاضاة على أساس القانون الإنجليزي, بينما الشركات الأخرى ترى أن يتم ذلك على أساس قانون الإمارات, خصوصا أن هناك أصولا تسمى أصولا حكومية لأنها أساساً صكوك إجارة تكون الداعمة للأصول, والمعروف في الإمارات أنه لا يجوز تملك أو استيلاء شركة أجنبية أو أجانب على أصول حكومية.
سؤال حول كون هذه الشركة لها أصول حكومية .. هل لذلك تأثير في اقتصاديات العالم الآخر؟
يضيف الأستاذ مسفر دحيم الدوسري: بالنسبة لحجم صكوك الاستحقاق فقط تبلغ 3.5 مليار دولار في حين حجم الصكوك يصل إلى 20 مليون دولار ما بين شركات إنجليزية والبنوك الأخرى مثل بنك باركليز البريطاني وبنك دبي الإسلامي.
أما مدير تحرير «المصرفية الاسلامية» علي البلاونة، فيتساءل قائلا: نحن نتحدث عن أزمة وهذه الأزمة ليست بسيطة فأين المستشارون؟ .. أين الشفافية الموجودة في حكومة دبي؟ لماذا الجانب القانوني مغيب؟
على ذلك يضيف الدكتور رضا عبد السلام: هناك نقطة مهمة جداً أود الإشارة إليها وهي أن تجربة دبي التنموية إذا قارناها بتجربة ماليزيا أو تجربة شرق آسيا سنجد أن هناك فرقا كبيرا جدا بين التجربتين، فمثلا تجربة شرق آسيا استغرقت عقودا كثيرة حتى جنت الثمار, ولهذا كان الاستثمار هناك استثمارا حقيقيا فبدأوا في البناء ثم انتقلوا لما بعد البناء .. أولا قاموا ببناء الإنسان ثم الاقتصاد ثم القطاعات الإنتاجية. الكثيرون لا يعلمون أن ماليزيا هي في الأساس دولة نفطية مثل السعودية، بدأت تجربتها في بداية الستينيات كدولة نفطية، هل ماليزيا الآن تجربتها تعتمد على النفط؟ لا ولكنها تحولت الآن إلى دولة صناعية في المقام الأول. هناك 75 في المائة من صادراتها للصناعات عالية التقنية. الفرق بينها وبين تجربة دبي هو أن تجربة دبي كانت سريعة سواء من ناحية تطورها الهيكلي أو من ناحية تطورها التاريخي، فدبي ركزت على قطاعات معينة، إذ بدأت من حيث انتهى الآخرون، حيث ركزت على قطاع الخدمات فنلاحظ أن دبي الآن هي الحاضنة للمكاتب، كافة الشركات العالمية التي تحتاج إلى مكتب أو فرع في منطقة الشرق الأوسط تجده في دبي.
وإضافة إلى تطور دبي الهيكلي هناك تطور تاريخي، حيث إن هذه التجربة عمرها الآن لا يقل عن عشر سنوات, وأعتقد أن هذه الفترة ليست كافية لبناء تنمية مستدامة, ولهذا هنا تكون التجربة هشة وضعيفة، لذلك للأسف وقعت الأزمة, وأعتقد أنه لو لم تقع الأزمة لما كنا نتحدث عن الصيرفة الإسلامية أو عن موضوع الصكوك ولم نتحدث عن مشكلات خاصة بنشوء الأزمة.
ولكن بالنسبة لأهل دبي أو بالنسبة للدول المجاورة التي كانت تنظر إلى دبي نظرة الأسى على حالها, أقول كان يجب أن تسير دبي بخطى ثابتة ومنظمة، الحرية لا بد أن تكون منظمة، الحرية المطلقة تجعلك هشا وضعيفا أمام أي اهتزازات واختلالات عالمية، فالأزمة الحالية تجد أن الأكثر تأثرا فيها هو الأكثر ارتباطا بالآخرين, لذلك أنت تفقد كثيرا من حريتك سواء من حيث اتخاذ القرار أو تأثير ما تتخذه من قرارات. ما أود التأكيد عليه لماذا حدثت الأزمة بهذا الشكل في دبي؟
أعتقد أن هذه الأزمة راجعة في الأساس إلى غياب الشفافية، فرغم أن دبي تقدم نموذجا مثاليا في الحرية إلا أن قضية الشفافية ووضوح المعلومات والبيانات لم تكن بالصورة المطلوبة.. كنت أقول إن دبي منذ بداية الأزمة العالمية هي بمثابة الرجل المريض على الفراش, ظل مريضا إلى أن جاءت أزمة دبي العالمية فأعلنت وفاته.. فالمشكلة كانت كيفية وتوقيت الإعلان عن هذه الأزمة. وفي سؤال حول كيفية تصنيف المراكز المالية العالمية للمصرفية الإسلامية وخاصة المصارف الإنجليزية التي تأثرت مباشرة بأزمة دبي؟
يقول مسفر دحيم الدوسري: لا شك تختلف المراكز المصرفية العالمية بالنسبة للصيرفة الإسلامية من حيث حجم رأس المال الإسلامي, فنجد مثلا إيران أكبر دولة لديها رأسمال إسلامي تليها السعودية من حيث رأس المال الإسلامي، أما من ناحية تنظيمية فلا شك أن البحرين وماليزيا هما في قائمة المراكز المالية الإسلامية العالمية الأكثر تنظيما والأكثر دقة، وللأسف أن المصرفية الإسلامية البريطانية أكثر تنظيما من السعودية, حيث توجد هناك قوانين ولوائح منظمة لعمل المصرفية الإسلامية، ولكن لدينا في السعودية مجرد مذكرات داخلية لمؤسسة النقد وكذلك الرقابة الشرعية.
أما من ناحية رأس المال تأتي دبي في المرتبة الرابعة أو الخامسة, ومن ناحية التنظيم فإنها تأتي بعد بريطانيا أي أنها في المركز الرابع.
لكن ما أود التأكيد عليه بخصوص أزمة دبي أنه إلى الآن لا نستطيع إصدار حكم جازم هل شركة نخيل وصكوكها هي التي سببت الأزمة، هل شركة نخيل هي التي تمثل إمارة دبي، وهل هي المصدر الوحيد لدخل إمارة دبي؟ وحتى لو كانت ديون دبي 40 مليار دولار كما يقولون .. أليست لديها مصادر وأليست هي دولة بإمكانها أن تعيد الهيكلة بطريقة أو بأخرى؟
الدكتور فايز: هذا الأمر يقودنا إلى سؤال: ما حجم الدين الحقيقي، أهو كما قال الزملاء إنه 40 مليار دولار؟ فهل هذه المعلومة طبقا لما نشرته وسائل الإعلام أم أنها معلومة رسمية؟
في هذا الصدد يذكر الدكتور حسني أن الأمر بدأ بـ 3.5 مليار دولار حجم المستحق على دبي في عام 2009، ثم 12 مليار دولار في عام 2010، فـ 19 مليار دولار في عام 2011.
لكن التقديرات راوحت حول 20 مليار دولار ثم أعلن عن أن المبلغ 40 مليار دولار وهناك تكهنات بـ 80 مليار دولار, والبعض الآخر يقول إن الأمر قد يصل إلى ما يزيد على 150 مليار دولار، هذا الأمر ينحصر في نطاق شركتين أو ثلاث شركات, لكن إذا حسبنا التبعيات الأخرى قد نجد أنها أكثر.. هناك نقطة مهمة أريد الإشارة إليها متعلقة بأخلاقيات المصرفية الإسلامية في إطار الأزمة المالية العالمية .. مصر عندما أرادت أن تعالج الأزمة المالية لجأت إلى الإيعاز لرئيس مجلس إدارة أحد كبار البنوك في مصر أن يقدم استقالته باعتبار أنه أحد المتسببين في الأزمة لكن هذا الشخص رفض الاستقالة وقال أفضل الفصل .. لماذا؟ لأنه لو قدم استقالته سوف تضيع عليه حقوقه أما إذا تم فصله فسيأخذ كافة حقوقه, فأعتقد هنا أن أخلاقيات الصيرفة الإسلامية بعيدة كل البعد عن مثل هذه الأمور.
#7#
الأستاذ علي البلاونة يعلق على ما سبق قائلا: فيما يتعلق بما ذكره أحد الضيوف عن خدمة الدين نلاحظ أن العقارات في دبي انخفضت بنسبة 60 في المائة خلال الأزمة المالية العالمية وهناك حديث عن أنه سينخفض إلى نسبة 80 في المائة، وأن أكثر دولتين تأثرتا في العقار هما إيران والهند .. أعتقد أن هناك حديثا حاليا بين هذه الشركات عن عمليات بيع أصول عقارية .. فهل كان هناك تفكير مسبق في إخراج هاتين الدولتين من السيطرة على قطاع العقارات؟
يجيب مسفر دحيم الدوسري: لا شك أن قضية المؤامرة كانت لها تحضيرات أو استعدادات أو حتى الحرب الإعلامية التي كانت بين أمريكا وإيران والتنبيه إلى الخطر الإيراني على منطقة الخليج، من هنا جاءت قضية المؤامرة، حيث إن هناك من يفضل الحرب على إيران وضربها بحيث إن دبي تغير رئة إيران الاقتصادية بحكم الحصار الاقتصادي على البنوك الإيرانية أو عدم تعاملها مع البنوك الدولية، وهذا يعد أول أساليب الحرب وهي الحرب الاقتصادية من خلال قطع مصادر التمويل والحصار الاقتصادي عليها.
وفي سؤال طرحه الدكتور فايز الحبيل يتعلق بعملية التمويل, فمن المعروف أن أكثر البنوك التي انكشفت بعد الأزمة هي البنوك الإنجليزية، فما معنى ذلك بالنسبة للمصرفية الإسلامية, ولماذا انكشفت تلك البنوك, وأين حساب المخاطر من هذه القضية؟
في هذا الصدد يقول الدكتور رضا عبد السلام: إننا نعيش الآن في ظل أزمة لا تأتي إلا كل قرن من الزمن، احتمال أن هذه الأزمة زادت حدتها من ناحية تكلفتها وقيمة الخسائر حيث تجاوزت أزمة الكساد العالمي في الثلاثينيات.
لهذا نحن نتكلم عن حدثٍ الكثيرون لم يكونوا يتوقعونه، نحن نتكلم عن نظام اقتصادي عالمي يدار وفقا لمبادئ السوق الحر بعض الأحيان بفكرة الحرية بكل مفاهيمها والسوق قادر على تحديث آلياته، فلم يكن كثير من المفكرين والباحثين حتى من داخل الولايات المتحدة يتوقعون كارثة في الأفق، وأن اقتصاد البالون يوشك على الانفجار، فقد وصلوا إلى مرحلة ستؤدي إلى الانفجار في النهاية لكن المسألة كانت خلافية على وقت الانهيار. الحقيقة أن القضية ليست قضية توقع مخاطر، فالكل المتحركون في السوق كان لديهم قناعة بأنه لن تحدث كارثة وأن المؤسسات سواء داخل الدول أو المؤسسات الدولية قادرة على حماية النظام الاقتصادي من أية هزة أو أزمة، ولهذا فإن دبي بدأت تهتم بالمصرفية الإسلامية، من هنا جاءت دبي وجاء الارتباط بالمصرفية الإسلامية، ولهذا كان المتوقع أن تكون الديون المستحقة مرتبطة بالمصرفية الإسلامية، رغم أن المصرفية الإسلامية لا علاقة لها لا من قريب أو من بعيد بأزمة دبي.
إلا أن الدكتور فايز يسأل: لماذا البنوك البريطانية تحديدا هي المتأثرة بأزمة دبي, ولماذا لا تكون بنوك أمريكية أو بنوك خليجية مثلا؟
يضيف الدكتور رضا: قد تكون البنوك الإنجليزية أكثر اقتراضا وأكثر دارية, نحن نرى أن السوق الإنجليزي كان أكثر اهتماما بقضية المصرفية الإسلامية، حيث وجدوا فيها جوانب كثيرة مشرقة يستطيعون الدخول فيها ويستفيدون منها، رغم أن هناك جوانب مثار جدل كبير داخل المصرفية الإسلامية، ولهذا كان النشطون إسلاميا في إنجلترا أكثر من الولايات المتحدة أو دول أخرى.
ويضيف الأستاذ مسفر دحيم الدوسري إلى ذلك: إن أرباح المصرفية الإسلامية أكثر من المصرفية التقليدية، فبحكم أن المصارف الإنجليزية مصارف إسلامية فإنها تأخذ أرباحا أكثر لأنها تعتمد على استشارات قانونية واستشارات شرعية وتعتمد على الأصول وتستهدف شريحة معينة, خصوصا أن الأزمة المالية ظهرت في الأفق منذ عام 2006، الصيرفة الإسلامية وقوانينها موجودة في بريطانيا منذ عام 2003 فكان أول بنك إسلامي في بريطانيا عام 2004، ثم توالت البنوك الأخرى.
وفي سؤال حول عملية التقييم لأزمة دبي المالية إلى أين ذاهبة بحكومة دبي؟
على ذلك يقول الأستاذ علي البلاونة: من ضمن قراءتنا لماذا البنوك البريطانية اهتمت بدبي؟ أعتقد أن ذلك يعود إلى العلاقة التاريخية التي كانت بين بريطانيا ودبي منذ القدم لدرجة أن الدرهم الإماراتي هو من تأسيس بريطانيا، كذلك بعد الأزمة العالمية وجدت الحكومة البريطانية أن كثيرا من الأزمات داخل الاقتصاد البريطاني يمكن حلها عبر الاستثمارات الخارجية, لذلك صار هناك توجه نحو الاستثمار الخارجي, وفي الإمارات خاصة. ثانيا الإنجليز كانوا يعملون على أساس أن لندن ستكون عاصمة التمويل الإسلامي طبقا لنظرية التتابع، حيث تكون لبريطانيا يد في الشرق الأوسط وفي ماليزيا، حيث يكون جسر التواصل لنقل التمويل الإسلامي باتجاه لندن.
أيضا القانون الإماراتي كان لديه المرونة بعكس القانون البريطاني فبعض رجال الأعمال والمستثمرين البريطانيين أكدوا أن هناك هامشا أكبر للربح فيها وإمكانية للاستثمار بعكس ما هو موجود في بريطانيا نفسها، كذلك نلاحظ من خلال الإعلام البريطاني أنه أصبح هناك هجوم كبير جدا تجاه نموذج دبي, فلماذا هذا الهجوم رغم أنهم هم الذين أرادوا أن تكون دبي نموذجا ليبراليا وقد كانت, فلماذا الهجوم عليها الآن؟
أعتقد أن البريطانيين كانوا ينظرون لدبي كنموذج تابع لهم فإذا نجح هذا النموذج سيكون بالنسبة لهم مدخلا في المنطقة, وبما أن هذا النموذج الذي وضعوه قد سقط, فذلك لعدم وجود شفافية في القوانين داخل الإمارات نفسها وليس لأن الغرب لم يرعه.
الدكتور فايز .. لماذا أغفلت البنوك تقييم أشياء كثيرة من خلال تقييم تجربة دبي؟
#8#
في هذا الصدد يقول الدكتور حسني: أريد التأكيد أنه لا يوجد مصرفي يأخذ قرارا ائتمانيا ولديه الرغبة في ألا يحصل الدين، يتم التحليل وفقا للمعطيات ووفقا للضمانات ووفقا للتدفق النقدي المتوقع .. لقد كان التدفق النقدي على دبي ضخما بكل المعايير، فدخول بريطانيا على المنطقة لرغبة لديها أن تكون لديها ذراع في المنطقة, وكانت تريد أن تكون لندن هي عاصمة التمويل الإسلامي، أيضا هناك بعض الدول الأخرى تنافسها، فرنسا كانت لا تسمح بالصيرفة الإسلامية على أراضيها، اليوم تسعى لتغيير القوانين للحصول على مزايا الصيرفة الإسلامية ، لكن الأمور سارت في دبي عكس اتجاه الريح.
حكومة دبي ذكرت في بيان لها بخصوص هاتين الشركتين "نخيل"، و"الجزيرة" أنها غير ملتزمة بمديونيتهما رغم أن هاتين الشركتين هما الذراع المالية والاستثمارية للحكومة .. هنا نلاحظ تعارضا في الطرح وأعتقد أن إدارة هذه الأزمة كان ينقصها الشفافية رغم تصريحات الطمأنة .. ولكن في النهاية ستتحمل بريطانيا 50 في المائة من الغرم، والـ 50 في المائة الباقية حولها علامة استفهام.
الدكتور فايز: لكن ماذا سيحدث في الفترة المقبلة، وماذا سيفعل صانع القرار؟
الدكتور حسني يضيف: سيتحمل المساهم في الشركة والمشتري لوحدة سكنية والبنوك الممولة وحكومة دبي والموظف في إحدى الشركات وكل من له علاقة سيتحمل نصيبه من الأزمة بمبالغ متفاوتة .. أيضا بالنسبة لموضوع المؤامرة ونظرية المؤامرة فأعتقد أنها بعيدة عن هذه الأزمة، وإذا أردنا الحديث عن نظرية المؤامرة نقول إن الأزمة المالية العالمية خلقت ليكون لها تبعات كي تطرد في النهاية دولتين من المنطقة وتقلل استثماراتهما, لذلك أعتقد أن هذه النظرية ليس لها مكان في هذا الخصوص.
الدكتور فايز: نود أن نعرف ما نسبة المصرفية الإسلامية من الدين الخارجي لدبي؟
يقول الاستاذ مسفر الدوسري: أعتقد أن كل المبالغ التي تمثل ديونا على دبي ليست كلها صكوكا إسلامية ولا توجد أرقام وبيانات محدودة حول ذلك، وهذا راجع لعدم الشفافية الذي تحدث عنه كل الضيوف.
أما الدكتور رضا عبد السلام فيضيف: الديون ليست كلها صكوكا إسلامية.. دبي أكبر وأضخم من شركتين "نخيل والجزيرة", إلا أن هاتين الشركتين هما اللتان برزتا على الساحة, والمشكلة أن أزمة دبي أصبحت لها الآن تبعات.
ويضيف الأستاذ علي البلاونة: فيما يتعلق بصكوك دبي ما كانت قضية تحويل أو قضية بنوك .. فمنذ فترة أشرنا إلى أنه سيكون هناك انكشاف لبعض البنوك الإسلامية، فيما يتعلق بقضية دبي نتيجة التطور الطبيعي للاقتصاد، فمثلا أن ملكية عقار كنت مشتريه قبل فترة بملايين الآن انخفض 60 في المائة, الأمر الذي يؤثر بلا شك في المصرفية الإسلامية. وفيما يتعلق ببعض الصكوك المتداولة كانت هناك آراء من هيئة مراجعة إسلامية أن هذه الصكوك مشكوك في صحتها.
أما الدكتور حسني فيقول: القضية هي أزمة مديونية .. المديونية شاركت فيها معاملات ربوية ومعاملات إسلامية وبالتالي الدين سيشمل ديونا على البنوك الإسلامية وبنوك تقليدية، كم تمثل نسبة ديون المصارف التقليدية .. لا يستطيع أحد معرفة ذلك قبل أن تكون هناك شفافية وإفصاح عن المعلومات، وهذا متعلق بالحوكمة التي يجب تفعيلها في العالم بالكامل ومنطقتنا بالذات.
الدكتور فايز .. أستنتج من حديثكم جميعا أن المصرفية الإسلامية أقحمت في هذه الأزمة.
الدكتور رضا عبد السلام يضيف بهذا الخصوص قائلا: منذ وقوع الأزمة وعلى مدى الأشهر الماضية تعالت أصوات المعنيين بالبنوك الإسلامية والمصرفية الإسلامية, مؤكدين أن المصرفية الإسلامية كانت بعيدة تماما عن الأزمة وهذا دليل على نجاح المصرفية الإسلامية، ولهذا عندما وقعت أزمة دبي لا بد من إدراج قضية الصكوك وبالتالي كأنهم يقولون أنتم يا مصرفيون إسلاميون لستم بعيدين عن الوقوع في هذه الأزمة.
وإلى ذلك يشير الأستاذ علي البلاونة إلى أنه بعد الأزمة العالمية كثر الحديث عن التمويل الإسلامي ودوره لمعالجة بعض الأزمات العالمية, وفي اعتقادي أن التضخيم من دور التمويل الإسلامي على المستوى العالمي لحل الأزمات كان الهدف منه جر التمويل الإسلامي لدول العالم داخل أوروبا وحتى داخل دبي بهدف تمويلي بالدرجة الأولى, وهناك دراسات تشير إلى أن دبي كانت تستشعر وجود أزمة منذ بداية عام 2007. فعملت على هيكلة الأزمة وجدولتها وكيفية الإعلان عنها وكيفية إشهارها.. كذلك كان هناك حديث عن كيفية جعل التمويل الإسلامي هدفا على الأقل لتخفيف حدة الأزمة .. أعتقد أنه تم إشراك التمويل الإسلامي طمعا في السيولة.
الدكتور فايز: لماذا ركز الإعلام على أن الأزمة ترجع أسبابها إلى الصكوك الإسلامية طالما أننا متفقون على أنها ليست إسلامية في الأساس؟
الأستاذ علي البلاونة يشير إلى أنه للأسف بالنسبة للإعلام العربي نجد أن المحللين المنتقدين للمصرفية الإسلامية غير متخصصين في هذا المجال, وأدلوا بدلائهم لأنه سوق يقبل تحليلات عدة, وهناك أناس لهم مآرب أخرى يقولون كلاما بعيدا كل البعد عن الحقائق .. فمثلا نجد أن أحد الكتاب ذكر في إحدى وسائل الإعلام المقروءة "سمعنا عن أن التمويل الإسلامي سيحل الأزمة المالية العالمية، والآن الأزمة صارت في عقر دارهم - يقصد أزمة دبي - فكيف سيحلون هذه الأزمة!", في حين نجد في الغرب عكس ذلك هناك شفافية في الطرح وتناول موضوع أزمة دبي, حيث تحدثت وسائل الإعلام اليابانية والأمريكية عن أزمة دبي لكنها لم تهاجم المصرفية الإسلامية، فالمسألة صارت تحميل المسؤولية للمصرفية الإسلامية بالكامل وأنها سبب أزمة دبي، وفي اعتقادي أن المصرفية ليست هي السبب الرئيس ولكن هناك نسبة ضئيلة تتحملها المصرفية الإسلامية، بسبب انخفاض قيمة العقارات, وكنا قد أشرنا إليها قبل الأزمة في مجلة "المصرفية الإسلامية" تحت عنوان "أزمة صكوك ثانية في دبي".
كذلك يضيف الأستاذ مسفر الدوسري قائلا: هناك قاعدة شرعية في التمويل الإسلامي وهي قاعدة الغرم بالغرم, لو لم تكن هذه القاعدة موجودة لكان الأمر مختلفا تماما، فالمصرفية الإسلامية لا تدخل في مشاريع إلا إذا كانت تضمنها وتضمن نتائجها الاقتصادية.
#9#
الأستاذ علي البلاونة: فيما يتعلق بالمصرفية الإسلامية.. ونلاحظ عندما حدثت أزمة دبي وجدنا هناك كلاما سلبيا عن المصرفية الإسلامية, وأن المصرفية الإسلامية ستهرب من دبي إلى الدول المجاورة وربما إلى أوروبا.
يقول الأستاذ مسفر الدوسري بالنسبة لإنتقال المصرفية الإسلامية إلى الدول المجاورة ونقصد السعودية: أعتقد أنه ليس لدى المملكة أي قانون ينظم المصرفية الإسلامية، لذلك من الاستحالة بمكان أن نستولي على مكانة المصرفية الإسلامية في دبي ولدينا حساسية تجاه أي قانون يتحدث عن كلمة المصرفية الإسلامية, فلو نظرنا إلى مؤسسة النقد لا نجد كلمة عن مصرفية إسلامية أو مرابحة أو أي شيء, فقط المصرفية الإسلامية لدينا تنظمها الهيئات الشرعية.
أما الدكتور حسني فيقول: في البداية أسقطت فكرة كون أن نظرية المؤامرة قد يكون لها دور فيما حدث بالنسبة لأزمة دبي، وعملية نقل تبعات الأزمة إلى المملكة أعتقد أنه أمر صعب، لكن المملكة حاليا في منطقة الخليج هي عاصمة الصيرفة الإسلامية كمنتجات وعدد بنوك، فهناك 12 بنكا منها أربعة بنوك إسلامية، وهناك أكثر من 66 فرعا من فروع المصرفية في المملكة، أيضا حجم المعاملات والتعاملات كبير جدا, لذلك أستطيع القول إن المملكة هي عاصمة الصيرفة الإسلامية في الخليج قبل أزمة دبي وأيضا بعد الأزمة .. بالنسبة لشركات التقييم أعتقد أنها كانت تقيم ستة بنوك قبل الأزمة "بيوم بكام" وبعد الأزمة "بيوم بكام" وأعتقد أنها كانت كذبة كبيرة .. لكن أدعو القائمين على الصيرفة المالية أن تكون نظرتهم متفائلة وليست متشائمة.
الأستاذ مسفر يقول: إن التشريعات المصرفية في المملكة ليست متطورة أو شاملة ولا توجد قوانين وتنظيمات تنظم المصرفية الإسلامية في المملكة أو على مستوى العالم .. فالتجربة في حاجة إلى دعم الموارد البشرية, وأعتقد أن الإنسان هو العنصر الرئيسي في المعادلة, فهناك مزيد من الجهود يجب أن تتخذ لتثقيف من يعملون ويمارسون الصيرفة الإسلامية، بجانب توحيد الفتاوى والآراء الفقهية حتى تكون هناك مصداقية لدى الرأي العام, كذلك يجب أن تطبق حوكمة تتناسب مع المصرفية الإسلامية, أيضا يجب تكامل العلماء والمصرفيين.
الدكتور فايز: ما حجم تجارة المملكة مع الإمارات حسب آخر الإحصائيات .. 3.6 وأعتقد أنه كرقم قليل جداً؟ وكيف يمكن تعزيز هذه التجارة لتقارب السوقين؟
في هذا الشأن يؤكد الدكتور رضا ، أن 170 مليار ريال للمشروعات الجديدة في الموازنة أو أكثر، أعتقد أن هذه رسالة ليست فقط للمستثمر السعودي, بل للمستثمر في العالم العربي فحواها يقول إننا لسنا قلقين, اقتصادنا قوي والباب مفتوح في ظل مناخ سياسي واقتصادي مستقر رغم الأزمة المالية العالمية.
الأستاذ علي البلاونة يضيف قائلا: المعروف أن رأس المال بشكل عام جبان ورغم أزمة دبي التي لا تشكل شيئا بالنسبة للسعودية، فالسعودية تتمتع باقتصاد قوي من أكبر اقتصادات المنطقة، هذا فضلا عن مكانتها وعلاقاتها الدولية والإقليمية المتميزة, وفي اعتقادي بالنسبة لدبي كان يجب أن تتناسب حركتها الاقتصادية وحجمها الاقتصادي الطبيعي بحيث لا تتوسع أكثر في مجال الاستثمار المرتبط بقروض وصعود وهبوط الاسعار، ولذلك فإن الثقة بالاقتصاد السعودي ستمنحه بابا أوسع للتعامل، ولهذا السبب أعتقد أنه سيكون هناك استثمار من بعض رجال الأعمال السعوديين أكثر من السابق, وكذلك عودة فائض الاستثمارات من الخارج.
أيضا يقول الدكتور رضا عبد السلام، أعتقد أن أهم رسالة سواء من الأزمة العالمية أو أزمة دبي لكل المستثمرين بالداخل والخارج مضمونها: توقفوا عن الاستثمارات الفقاعية .. استثمارات الهوت ميل .. عودوا إلى الاستثمارات الحقيقية في المشروعات. ونقول للمستثمر السعودي توقف عن المضاربات.
الدكتور فايز الحبيل: ما أهم الدروس التي يمكن استنباطها للاستفادة منها من خلال أزمة دبي؟
يقول الدكتور حسني الخولي: بخصوص التبادل التجاري السعودي الخليجي, يجب على مجلس التعاون الخليجي أن يفعل الضوابط الاقتصادية التي تساعد على وجود شرايين اقتصادية وتخصص في المنتجات, ولتكن مثلا المملكة العربية السعودية متخصصة في صناعة البتروكيماويات.... وهكذا. وبالنسبة لموضوع الموازنة كلنا اطلعنا عليها .. حيث نجد أن هناك 176 مليار ريال موجهة إلى التعليم، وأعتقد أن البداية الحقيقية لأي انطلاقة اقتصادية تأتي من خلال التعليم، والذي لا يتبع هذا التوجه عليه تحمل تبعات كثيرة أخرى، لذلك فإن 176 مليار ريال تمثل موازنة في حد ذاتها تكفي دولا كثيرة، من هنا نلاحظ وجود انطلاقة حقيقية في كافة القطاعات. يعزز ذلك التعليم والتدريب فهو الأساس والعمود الفقري لأي تنمية وتطوير في المجتمع. بحكم أنني مستشار قانوني متخصص في المصرفية الإسلامية فإذا نظرنا لأزمة دبي نرى أنها ألقت الضوء على عيوب الهيكلة للصكوك والمصرفية الإسلامية عموما, فمثلا الذين يعملون على هيكلة الصكوك الإسلامية للأسف ليسوا مسلمين أغلبهم شركات محاماة دولية غير متخصصة ولا تعلم شيئا عن الصكوك أو ما معناها أو مفهومها إسلاميا، لذلك فهم جميعا بعيدون كل البعد عن الأخلاقيات والقيم الإسلامية, فمثلا في البداية قالوا إن حجم الديون 3.5 مليار للبنوك الإنجليزية ونسبوها إلى المصرفية الإسلامية رغم أن المصرفية الإسلامية بعيدة عما حدث .. كذلك المستشار القانوني .. فصياغة العقود بالنسبة للصكوك مهمة جدا .. فمثلا العقود في دبي تذكر أن حكومة دبي لا تضمن أية ديون لشركة، لذلك فحكومة دبي حامية نفسها من خلال هذه النصوص بصرف النظر عن التصريحات الإعلامية .. وبالنسبة لمسألة عقود الملكية وملكية الدولة المفترض في الأزمة طبعا نحن نتكلم عن صكوك إسلامية وسيادية وملكية الدولة المفترض أن الصكوك إجارة، والمفترض أن تحول الصكوك إلى ملكية بمعنى أنكم إذا لم تستطيعوا دفع 3.5 مليار وهو حق إجارة الصكوك سلمونا ملكيتنا، فهناك أكثر من 4 أنواع من الصكوك أقواها صكوك الإجارة التي قد تتحول إلى ملكية.
أما الدكتور رضا عبد السلام فيقول هناك 3 جوانب من الدروس المستفادة بالنسبة للمملكة، أولا أن تواصل المملكة تجربتها التنموية المتوازية وألا ننظر حولنا فلكل تجربة خصوصيتها وتجربتها الخاصة بها، بمعنى أننا نتحرك في إطار موضوعي وفي الوقت نفسه أتذكر وأذكركم بانضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، هل نعلم أن المملكة عندما انضمت عام 2005 وضعت إطارا زمنا هو الفترة الانتقالية بالنسبة لقطاع الخدمات وخاصة خدمات البنوك مدتها 3 سنوات حتى عام 2008, وعلينا أن نتخيل أن المملكة كانت منفتحة ماليا شأنها شأن دبي وغيرها حتى قبل وقوع هذه الأزمة, فمن المؤكد أن المملكة كانت ستضار كثيرا.
الدكتور رضا عبد السلام يواصل حديثه فيقول: لذلك على المملكة أن تتمسك بالمبادئ التي تحكم قطاع المال وقطاع الخدمات تحديدا وتعيد النظر في التعهدات والالتزامات الخاصة بالخدمات بصفة عامة والخدمات المالية تحديدا في اتفاقية "الجات" ليس من قبل المملكة ولكن من كل دول العالم.
القضية الثانية، بالنسبة للصكوك الإسلامية أعتقد أنه يجب على الصكوك الإسلامية أن تقدم نفسها وهذه فرصة خاصة بعد أن وجهت لها سهام النقد، فعليها أن تعالج أمورها وأن على العلماء أن يوحدوا الرأي وينتهزوا الفرصة لتقييمها بشكل صحيح, وألا يقفوا في موقف المدافع, لأن الصكوك الإسلامية لا علاقة لها بأزمة دبي كما ذكرنا, هي مشكلة مترتبة على الأزمة المالية العالمية.
وبالنسبة للمستثمر السعودي أرى أن الأمر بحاجة إلى إعادة النظر في خطته وبرنامجه وتوجهاته الاستثمارية, فعليه أن يفكر في السوق السعودية أولا ثم يفكر في الأسواق الأخرى ويعيد النظر في خريطة الاستثمارات العالمية ناهيك عن السوق الإفريقية فهي سوق مجاورة ولها أبعادها الاستراتيجية وأبعادها الاقتصادية وفرص واعدة تنبه إليها الآخرون قبل أن تتنبه أنت إليها.
الدكتور فايز: نقطة أخيرة بخصوص التوجه من ناحية مستقبل اقتصاد المملكة والاستثمار .. هناك توجه نحو الاستثمارات ذات القيمة المضافة: فما رأي الدكتور حسني؟
الدكتور حسني يؤكد: نلاحظ أن الـ W.T.O. تقيم السدود والحدود .. لكن تعالوا نرى واقع الحال .. الصين اليوم تعمل دعاوى إغراق المنتجات .. أوروبا بالكامل تقول لبنوكها أنت أخذت دعما من أوروبا ردي الدخل لأوروبا .. أمريكا اليوم يعلن فيها "اشتر كل ما هو أمريكي" .. إذن نحن أيضا لدينا الحق في أن نتخذ من القرارات ما يحقق مصالحنا إذا كانت الدولة تحقق مصالحنا فلنتثمر فيها, وإذا كانت لا تحقق مصالحنا فنحن في ظل أزمة فلنتحقق من السياسات التي تحقق مصالحنا.