واجبات المواطن وحقوق المتقاعد
كثيراً ما نسمع المقولة الأولى واجبات المواطن لحث موظف الدولة على القيام بعمله سواء المدني أو العسكري حتى يستشعر أهمية عمله ويؤديه على أكمل وجه خصوصاً عندما يكون ذلك العمل واجبا وطنيا فيتنازل الموظف عن الكثير من حقوقه في سبيل الواجب الوطني ويتنقل من منطقه إلى منطقه في سبيل الواجب الوطني ويتخلى عن واجباته الأسرية في سبيل الواجب الوطني.
ولنأخذ مثلاً العسكريين لأنهم أكثر تنقلا وأقل استقرارا ومطلوب منهم التضحية حتى بأرواحهم في سبيل الواجب الوطني. ويحرمون من التعليم العالي ويقبلون ذلك في سبيل هذا الواجب. كل ذلك لأنهم مواطنون مخلصون يؤدون واجبا وطنيا.
لكن تعالوا ننظر للمقولة الثانية حقوق المتقاعد ولاحظوا تغير نهاية المقولتين الأولى مواطن.
والثانية متقاعد عندما كان الوطن في حاجة إلى المواطن نَصِفُ عمله وما يقوم به بالواجب الوطني.
وعندما يتقاعد المواطن نجرده من الوطنية ونصفه بالمتقاعد ونمن عليه ما نقدم له من حقوق. ونتجاهل الكثير من حقوقه لأنه أصبح متقاعدا وجردناه من الوطنية التي كان يضحي بكل شيء في سبيلها.
من المعروف إن المؤسسة العامة للتقاعد تستقطع جزءا من رواتب الموظفين طول سنوات الخدمة التي قد تتجاوز الـ 30 سنة وتستثمر ذلك داخلياً وخارجياً وهي تحصل على الرواتب التقاعدية للورثة عندما يبلغون سن 21 أو عندما يتوظفون.
كذلك المؤسسة العامة تتلقى دعما سنويا من ميزانية الدولة حفظها الله.
ومع ذلك يظهر مسؤولو المؤسسة في كل مناسبة يذكروننا بما قدمت مؤسسة التقاعد من مبالغ للمتقاعدين وكأن تلك المبالغ من حسابهم الخاص.
أليست هذه المبالغ مما استقطعوه من رواتب الموظفين ومما حصلوا عليه من عوائد استثمار لتلك المبالغ ومما حصلوا عليه من دعم سخي من ميزانيات الدولة.
المواطن هو نفسه لم يتغير ولم تتغير واجباته ولم تتغير حقوقه سواء كان على رأس العمل أو أحيل إلى التقاعد.
إن تأمين السكن المناسب للمتقاعد من أول واجبات المؤسسة العامة للتقاعد لأن الموظف يقضي حياته متنقلا من شرق المملكة إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها.
ولا يعلم أين يستقر به الأمر لذلك يصعب عليه تملك سكن أثناء خدمته وعندما يتقاعد تصبح الخيارات محدودة أمامه فبدلاته وعلاواته تتوقف وراتبه الأساسي ينخفض إلى النصف أو ثلاثة أرباع في أحسن الأحوال ولا يعوض عن بعض الإجازات وتكون أسرته كبيرة ولا يخفى عليكم غلاء المعيشة.
فالمتقاعد لا يستطيع تأمين مسكن مناسب لأسرته بما يتوافر له من مال خصوصاً مع ارتفاع العقار الحاصل فالأرض التي كان سعرها 50 ألفا قبل 20 سنة أصبح سعرها الآن 500 ألف ريال.
وهنا يأتي دور المؤسسة العامة للتقاعد فهي تتحكم في رواتب المتقاعدين وهذا أكبر ضمان لها وتستطيع استثمار ما لديها من أموال لخدمة المتقاعدين وفي الوقت نفسه تحقق عوائد ضخمة.
فمثلاً لو قامت بإنشاء وحدات سكنيه متعددة الأدوار وتتكون من شقق تلبي احتياج الأسرة المكونة من عشره أشخاص ومن ثم قامت بتقسيطها على المتقاعدين المحتاجين لذلك مع استقطاع الأقساط الشهرية من راتب المتقاعد الصادر أصلا عن طريق مؤسسة التقاعد تكون قد قدمت خدمة اجتماعية جليلة وساهمت في حفظ المواطن المتقاعد وكرامته وضمنت له الاستقرار النفسي والذهني أثناء العمل الوظيفي وبعده.
عدد القراءات:345
* "هذه المادة منتقاة من "الاقتصادية الإلكترونية" تم نشرها اليوم في النسخة الورقية"