هيا أسرعوا

هيا أسرعوا

عاد مبعوث باراك أوباما للسلام، جورج ميتشل، إلى منطقة نفوذه في الشرق الأوسط بعد شهرين من الغياب، ويبدو أنه يأمل أن يتمكن من إقناع الإسرائيليين والفلسطينيين بالاتفاق على ''الشروط المرجعية'' التي تسمح باستئناف المفاوضات المتوقفة منذ فترة طويلة. ولا يزال كلا الجانبين يتلكأ فيما يتعلق بالصياغة الأخيرة لمسودة الوثيقة الخاصة بكل منهما. ويستجدي ميتشل دول عربية لمساعدته على دفع الفلسطينيين للعودة إلى طاولة المفاوضات. وهناك الآن على الأقل فرصة لكي ينجحوا في ذلك. ويقول الإسرائيليون أنهم على استعداد لاستئناف المحادثات مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (الذي يعرف أيضا بأبو مازن)، ''دون شروط مسبقة''. ولكن في نفس الوقت، يقترح مسؤولون إسرائيليون أن رئيس وزرائهم، بنيامين نتنياهو، قد يسعى لإيجاد نهج بديلة، ملمحين إلى رسم خارطة الضفة الغربية أحادي الجانب، ربما حتى بموافقة الأمريكيين. ويتحدثون أيضا عن ''الخيار الأردني'' الذي تم تجاهله لفترة طويلة والذي يفضله الصقور في إسرائيل والذي سيقلل الاستقلال الفلسطيني إلى حد كبير.
أما عباس، الذي لا يزال يدير السلطة الفلسطينية على الرغم من وعده (أم هل كان حقا تهديد؟) بالتنحي احتجاجا على ما يعتبره تعنت إسرائيل، فهو مصر على طلبه بالتجميد الكامل لبناء المستوطنات الإسرائيلية، في القدس وكذلك في الضفة الغربية، قبل استئناف المحادثات. وإعلان نتنياهو في تشرين الثاني (نوفمبر) عن تجميد جزئي ومؤقت، الذي رحب به الأمريكيون، غير جيد بما فيه الكفاية بالنسبة للفلسطينيين. ويقول ميتشل أن التجميد لمدة عشرة أشهر ''أقل بكثير مما هو مطلوب ولكنه أكثر أهمية من أي إجراء تم اتخاذه من قبل أي حكومة إسرائيلية سابقة خلال الأربعين عاما التي وجدت فيها (الحركة) الاستيطانية''.
وهناك جانبان للتجميد الذي أعلن عنه نتنياهو. فقد دمر الجنود الإسرائيليون أخيرا مجموعة مقطورات أقامها مستوطنون في مستوطنة Elon Moreh شمال الضفة الغربية. وفي المقابل، ينتقل الإسرائيليون اليهوديون دون أن يمنعهم أحد إلى المنازل التي يزعمون أنهم يملكونها في وسط حي الشيخ جراح، المنطقة التي يسكنها الفلسطينيون في القدس الشرقية. وحتى الآن، لم تلق دعوات الفلسطينيين الأخيرة لتجميد بناء المستوطنات لمدة ستة أشهر في الجزء الشرقي من المدينة آذانا صاغية من قبل الإسرائيليين. والشروط المرجعية التي اقترحها ميتشل لمحادثات جديدة تنص على قبول الجانبان لحدود 1967 كأساس لاتفاق نهائي، مع تبادل أراضي يتيح لإسرائيل ضم أكبر المستوطنات الأقرب إلى الحدود، في حين سيضم الفلسطينيون مساحات مماثلة إلى دولتهم. وتسمح الصياغة للفلسطينيين التأكيد أن ما هو متصور هو دولة فلسطينية لاستعادة مساحات مماثلة لتلك التي احتلتها إسرائيل عام 1967. ويبدو أنه حدث تطور كبير في الخفاء في المحادثات بين عباس ورئيس وزراء إسرائيل حينها، إيهود باراك، في أواخر 2008- ولكن لم يتم توقيع شيء. ويؤكد المفاوضون الإسرائيليون الحاليون أن نتنياهو لم يوافق على ''مبدأ 100 في المائة''. وإذا فعل ذلك، يقولون أن حكومته اليمينية ستسقط.
ولتليين مقاومة إسرائيل، تؤكد مسودة ميتشل أيضا على يهودية إسرائيل، وضرورة قبول بعض ''الحقائق على أرض الواقع'' (أي بقاء أكبر المستوطنات القريبة من الخط)، وأولوية أمن إسرائيل. إلا أن هذا يثير غضب الفلسطينيين، الذين يقولون أن الصياغة الأخيرة تضعف قوة مبدأ 100 في المائة. ويقولون أن العزف على وتر يهودية إسرائيل هو رمز للحد من حقوق المواطنين العرب في إسرائيل البالغ عددهم 1.5 مليون، أي خمس مجموع السكان. وقد اكتسبت محادثات أولمرت-عباس أهمية مع تعثر عملية السلام. وكان الزعيمان قريبان من التوصل إلى اتفاقية، ليس فقط بشأن مبدأ الأراضي الذي توافق عليه معظم الحكومات الأجنبية، بل أيضا بشأن قضية القدس الصعبة. واقترح أولمرت تشكيل لجنة من خمسة أطراف، تضم إسرائيل وفلسطين والأردن والسعودية والولايات المتحدة، لإدارة كامل ''الحوض المقدس''، المنطقة المتنازع عليها التي تضم المدينة القديمة، ما يسميه اليهود جبل الهيكل فيما يسميه المسلمون الحرم الشريف، والحائط الغربية والمقدسات المسيحية الرئيسة. ولن يكون لأي دولة واحدة السيادة- إلا الله. ويأسف عديد من الفلسطينيين البارزين لأنه لم يتم التوصل إلى تفاهم بشأن تلك الأمور الحيوية. إلا أن عباس أكد حينها وفي وقت لاحق أن أولمرت كان ''بطة عرجاء''، يواجه تهم الفساد ويستعد للاستقالة. إذا وحين يتم استئناف المحادثات، يريد الفلسطينيون استكمالها من حيث توقفت. إلا أن الأشخاص حول نتنياهو يقولون أنه لا يمكن إلزام حكومة إسرائيل الجديدة، التي تم انتخابها من قبل اليمنيين، بهذا التفاهم على مثل هذه الأمور غير المستساغة التي لم يتم توقيعها. ويحث ميتشل، مدعوما من قبل القادة الأوروبيين، عباس على منح المحادثات فرصة. ويلمح المبعوث أنه حالما يتم استئنافها، ستضغط أمريكا على إسرائيل لتمديد التجميد. ويقول: ''نعتقد أن المفاوضات يجب ألا تستمر أكثر من عامين. وأعتقد شخصيا أنه يمكن تحقيق ذلك في فترة أقصر''. ومن الواضح أن ميتشل متفائل بطبيعته. ولكنه أيضا مفاوض صارم وداهية

الأكثر قراءة