لا تزال في القبو
حين بدأت أسعار المنازل الأمريكية في الارتفاع أخيرا في حزيران (يونيو) العام الماضي، منهية بذلك انخفاضا دام ثلاث سنوات، ابتهج أصحاب المنازل والاقتصاديون. فقد أحدث الانخفاض الحاد في القيم، نحو 33 في المائة على الصعيد الوطني من الذروة إلى الحضيض، وأضرار واسعة النطاق في الاقتصاد الأمريكي وفي الخارج. وتبين أن استقرار الأسعار تمهيد لانتعاش اقتصادي أوسع نطاقا.
ومنذ أن بلغت أدنى مستوى لها بين أيار (مايو) وحزيران (يونيو)، اتجهت الأسعار في تيار تصاعدي كل شهر، في حين ارتفعت المبيعات من مستوياتها المتدنية في فترة الركود، ومع ذلك، لا تزال الكآبة تسيطر على المزاج العام. فوتيرة حبس الرهن لم تفتر، ولم يحدث أي تحسن في التوظيف في البناء السكني.
والأسوأ من ذلك هو أنه يبدو أن هذا الزخم بدأ بالانحسار. فقد انخفضت طلبات القروض العقارية للشراء بصورة حادة في تشرين الثاني (نوفمبر)، إلى أدنى مستوى لها منذ 1997. وانخفضت الثقة بين مطوري المنازل في تشرين الثاني (نوفمبر) للشهر الثاني على التوالي. وأظهرت الأرقام التي تم نشرها في 20 من كانون الثاني (يناير) أن تشييد المنازل الجديدة، التي تعافت من مستوياتها المتدنية التي بلغتها أوائل 2009 لتستقر في وقت متأخر من العام الماضي، انخفض بنسبة 4 في المائة بين تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر). ويكمن الخوف في أن تبدأ الأسعار قريبا في الانخفاض ثانية، مسببة نوبة أخرى من الألم لأصحاب المنازل، والعمال، والبنوك.
ويمكن إلقاء اللوم، جزئيا، على سوق الإسكان الراكدة على إنهاء إعانات الحكومة التي دعمت الانتعاش. وساعد شراء السندات المدعومة بالقروض العقارية من قبل مجلس الاحتياط الفيدرالي، وشركتي الإقراض الحكوميتين اللتين تم إنقاذهما، Fannie Mae و Freddie Mac، على إبقاء تدفق ائتمان القروض العقارية، وإبقاء أسعار الفائدة منخفضة، إلا أنه من المقرر أن تنتهي مشتريات مجلس الاحتياط الفيدرالي، الجزء الأكبر من الدعم، في آذار (مارس).
وهناك تدخلات أخرى، ولكنها أقل إثارة للإعجاب. فقد تم تمديد الائتمان الضريبي الكبير الذي يتم منحه لمشتري المنازل لأول مرة في تشرين الثاني (نوفمبر) ليشمل جميع المشترين ذوي الدخل الأقل من الحد الأدنى، حيث يستمر حتى نهاية نيسان (أبريل). وعلى الرغم من أن هذا ساعد على زيادة المبيعات، إلا أنه فعل ذلك عن طريق جعلها أكثر بروزا (بثمن كبير على دافعي الضرائب). ومع نهاية البرنامج، ستصبح الفاتورة مستحقة الدفع، من حيث المبيعات المنخفضة.
ومع ذلك، عزز الدعم الحكومي أسعار المنازل بنسبة تقارب 5 في المائة العام الماضي، وذلك وفقا لتحليل جديد لـ Goldman Sachs. ومع اقتراب نهايته، ارتفع مستوى القلق، خاصة لأن الأسس التي يقوم عليها لا تزال هشة. وبما أن عديدا من قروض الرهن العقاري لا تزال تحت الماء، فقد أدى فقدان الوظائف المستمر إلى دفع عدد أكبر من الأسر إلى التخلف عن سداد القروض. وتعرض نحو ثلاثة ملايين عقار لعملية حبس الرهن العام الماضي، وزادت الدعاوى بنسبة 14 في المائة من تشرين الثاني (نوفمبر) حتى كانون الأول (ديسمبر). وتفرض عمليات حبس الرهن ضغوطا تنازلية على أسعار المنازل، حيث تسهم بنشوء حلقة مفرغة من الألم الاقتصادي.
وعلى كل حال، لن تبدأ الأسعار بدورة جديدة من الانخفاض الحاد. فالناتج الاقتصادي ينمو ثانية الآن، ويعتقد معظم الاقتصاديين أن الاقتصاد سيبدأ بإيجاد وظائف جديدة بحلول الربيع. والمهم بالقدر نفسه هو أن أسعار المنازل لم تعد غير متوافقة مع الأساسيات. فعلى سبيل المثال، فإن نسبة أسعار المنازل نسبة إلى الإيجارات الآن أقل بنسبة 3 في المائة عن متوسطها على المدى الطويل باستخدام مؤشر S&P/Case-Shiller الوطني. وفي ذروة الفقاعة، كانت مقدرة بأكثر من قيمتها بنسبة 40 في المائة. إلا أن إنهاء الدعم الحكومي سيفرض على أسواق الإسكان ضغوطا كبيرة. وهذه مشكلة يجب على الاقتصاد الأمريكي أن يعتاد عليها