منتدى جدة الاقتصادي يواجه تحديات الأسواق العالمية بـ 9 ملفات
منتدى جدة الاقتصادي يواجه تحديات الأسواق العالمية بـ 9 ملفات
يسدل منتدى جدة الاقتصادي 2010 في دورته العاشرة الستار على فصل جديد من مسيرته التي توجت بعقد من الزمان وسط أجواء عدم استقرار تعيشها الأسواق العالمية بفعل الأزمة الاقتصادية التي لا تزال تداعياتها تظهر حتى اليوم.
ويحاول المنتدى الذي انطلق مطلع الألفية الجديدة هذا العام أن يناقش ملفات وقضايا اقتصادية واجتماعية وبيئية وسياسية عديدة، يشوب كثير منها بعض التعقيد والغموض، حيث يتصدى لكيفية إدارة الاقتصاد العالمي بعد الأزمة، مروراً باستشراف عملات الاحتياط المستقبلية، ومحاولة إعادة الثقة بالمؤسسات المالية، إلى بحث قضايا الطاقة والبيئة، وكشف السياسات الحمائية للتجارة والاستثمار، ثم تأمين الغذاء، وكيفية الحفاظ على صحة الإنسان، انتهاء بالعلوم والتكنولوجيا والتعليم. ''الاقتصادية'' تقلب أوراق العمل للمنتدى الاقتصادي مع إدارته الجديدة التي ينظمها هذا العام مركز الخليج للأبحاث.
يؤكد القائمون على تنظيم منتدى جدة الاقتصادي 2010 الذي ينعقد تحت عنوان ''الاقتصاد العالمي 2020'' على دقة اختيار المتحدثين من ذوي العلاقة المباشرة وأصحاب الخبرات المتراكمة ولا سيما في القطاع المالي والمصرفي الذي يعد منشأ الأزمة التي يعانيها العالم اليوم.
وبالنظر إلى الاضطراب المالي والاقتصادي الذي ألمّ بالعالم منذ نهاية سنة 2008، يؤكد صالح كامل رئيس غرفة جدة ورئيس مجلس الغرف السعودية أن ثمة حاجة لمثل هذا المنتدى أكثر من أي وقت مضى، في محاولة لإدراك التقلّبات الهائلة التي يشهدها الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن، إضافة إلى البدء باستخلاص الدروس والنتائج الأولية.
ويوضح كامل أن موضوع منتدى جدة الاقتصادي 2010 سيكون ''الاقتصاد العالمي 2020'' من أجل اعتماده نهجاً استشرافياً يحدّد الاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية الرئيسية التي من المرجح أن تنشأ عن انعدام الاستقرار الحالي، ويضيف ''إنها اللحظة المناسبة كي نخطو خطوة إلى الوراء لنتأمّل ونحدّد الاتجاهات التي ستؤثر فينا دون شك، ومنتدى جدة الاقتصادي هو المكان الملائم لمثل هذا البحث، نظراً إلى التركيز على التفاعل بين الوفود والنقاش المفتوح والصريح الذي ميّز الاجتماعات السابقة''.
إلى ذلك، يشير الدكتور عبد العزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث المنظم للمنتدى إلى أن المعرفة المتميزة للمركز بقضايا منطقة الخليج تجعل هناك التزاماً كاملاً بتوفير المعلومات والأبحاث اللازمة ليس لضمان نجاح هذا الحدث وحسب، بل أيضاً لضمان توفير البيئة المثالية لإجراء نقاشات سياسية جادة حول الفرص والتحديات المستقبلية في ظل الغموض الحالي الذي يكتنف مستقبل الاقتصاد العالمي.
إدارة الاقتصاد العالمي بعد الأزمة
تركز أولى جلسات المنتدى على التحول الهيكلي الذي ظهر في أعقاب الأزمة المالية العالمية، حيث يمر النظام المالي العالمي بمرحلة من التحوّل، ومع أن الشكل الذي سيتخذه هذا النظام بعد عشر سنوات لم يتّضح بعْد، إلا أنّ الأزمة الاقتصادية العالمية أثارت جدلاً واسعاً حول الحاجة لإعادة هيكلة وإعادة تنظيم المؤسسات التي تحكم التفاعل الاقتصادي والمالي العالمي، ومن المحتمل أن ينشأ نظام جديد مغاير لنظام بريتون وودز الذي اعتمد في سبعينيات القرن الماضي. إذ بات من الواضح أن الاستمرار في تحقيق النمو على أساس تمويل عجز الميزانيات الأمريكية لم يَـعُد ممكناً. في الوقت ذاته، وفي سياق جهودها لمعالجة الأزمة الراهنة وتطوير أطر التعافي منها على المدييْن المتوسط والبعيد، وضعت الحكومات استراتيجيات مختلفة للتعامل مع الوضع الراهن.
العملات الاحتياطية المستقبلية
تحاول الجلسة الثانية فتح ملف العملات الاحتياطية المستقبلية لعديد من الدول، والشك الذي أصبح يساور كثيرين في مدى قدرة الدولار على الصمود كعملة احتياط رئيسية في العالم، فبعد مرور عشر سنوات على ظهور اليورو، احتدم النقاش مجدّداً حول مستقبل الدولار كعملة احتياطية عالمية، ومع أنّ السيولة الهائلة التي ضخها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نجحت في وقف موجة الركود الاقتصادي، إلا أنها ألقت بظلال من الشك على مستقبل الدولار الأمريكي، ما دفع بعض الدول إلى اقتراح التحوّل نحو عملات احتياطية بديلة. فعلى سبيل المثال، اقترحت الصين وروسيا عملة احتياط بديلة قائمة على حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي، بينما تدفع الدول الأوروبية باتجاه فرض ضوابط إضافية صارمة على الأسواق المالية، وهل ربط العملات المحلية بالدولار سيكون ناجعاً على المستوى العالمي خلال السنوات العشر المقبلة قد يكون من الصعب إدارة الانتقال العالمي من الدولار إلى ''سلة عملات متعدّدة'' لكنْ يبدو أن خطر خسارة الدولار المفاجئة ثقة الدول خلال العقد المقبل بدأ يلوح في الأفق.
القطاع المصرفي العالمي
تتعرض الجلسة الثالثة إلى الضوابط والسياسات المالية المفترض تطبيقها بعد أن أدّت الأزمة المالية العالمية إلى مراجعة واسعة لضوابط السوق المالية، ولا سيما أنّ تحديد الآليات والسياسات الوطنية والإقليمية والدولية الكفيلة بتعجيل التعافي من الأزمة الراهنة وحماية المستهلكين من تكرارها، سيُسيطر على الأجندات السياسية خلال السنوات العشر المقبلة. وفي ظل التحسّن الظاهري الحالي، ما زالت هناك أسئلة جدّية حول الدروس الحقيقة التي استُلهمت من الأزمة والقدرة أو الحاجة لإدخال أدوات تنظيمية مالية دولية جديدة، ودور القيادة الفاعلة والمسؤولة وإمكانية وضْع إطار تنظيمي أكثر استدامة وشمولاً لاقتصادات الدول الصناعية والناشئة والفقيرة على حدّ سواء.
الطاقة والبيئة
بما أن دول الخليج العربية المصدّرة للنفط ستظلّ من أكبر مزوّدي العالم بإمدادات البترول حتى في ظل سعي الدول الصناعية لتشجيع الاستهلاك المسؤول للطاقة والاستثمار في مصادر الطاقة البديلة، فإن الجلسة ستركز على المسائل المتعلّقة بمستقبل العرض والطلب على الطاقة وبالتشديد المتزايد على ضرورة تنفيذ وفرض سياسات أكثر رفقاً بالبيئة، هل ستستقر أسعار النفط عند مستوى يضمن القيام في قطاع الطاقة بما يكفي من الاستثمارات، لتلبية احتياجات النمو العالمي المستقبلي، هل يمكن تعزيز مستوى التنسيق بين معدّلات نمو العرض والطلب لتفادي حدوث طفرات جديدة في أسعار النفط، تواجه الدول الناشئة نمو مطّرداً في معدلات الطلب على الطاقة، ولا سيما الطاقة الكهربائية، وتحتاج إلى تنويع قواعدها لتوليد الكهرباء. ما آفاق الطاقة النووية السلميّة، ما المقاربة المثلى للتعاون الدولي في المجال النووي، ما توقّعات استغلال مصادر الطاقة المتجدّدة الأخرى، هل سنشهد اتفاقية جديدة تخلف معاهدة كيوتو وتحدّ من الانبعثات الكربونية العالمية، وفي هذا السياق، هل سيكون دور جمع وتخزين الكربون مهماً.
سياسات حماية التجارة والاستثمار
يحاول المؤتمرون في هذه الجلسة طرح عديد من التساؤلات حول مستقبل التجارة العالمية بعد أن أعاد الركود العالمي إحياء شبح السياسات الحمائية التي قد تتخذ شكل إجراءات رسميّة متفرّقة غايتها دعم وحماية الصناعات الوطنية، وفي أعقاب التقدم الضئيل الذي أحرز على صعيد المفاوضات التجارية المتعددة الأطراف في إطار منظمة التجارة العالمية كما بات من المحتمل أنْ تؤدي الاعتبارات السياسية الوطنية، إلى عرقلة التجارة والاستثمار العالمييْن. هل سيكون من الممكن استئناف المفاوضات التجارية بنجاح في دورة الدوحة، ما مدى الالتزام الحالي بمتطلبات منظمة التجارة العالمية، إذا واصلت المحادثات التجارية المتعددة الأطراف تعثرها، فهل سنـتجه نحو عالم من التكتلات التجارية الإقليمية، وهل ستمثّل الأقلمة حلاً وسطاً بين السياسات الحمائية والعولمة، نظراً إلى ظهور حالات عديدة لمنع شركات أجنبية من الاستحواذ على أصول وطنية لاعتبارات أمنية أو بدعوى الحفاظ على المصلحة الوطنية، هل سيكون من الممكن ضمان حرية الاستثمارات الدولية، وهل ينبغي ربط الشروط السياسية بالانفتاح على الاستثمار والتجارة.
الزراعة والأمن الغذائي
تتصدر أجندة الأمن الغذائي فعاليات الجلسة السادسة لمنتدى جدة الاقتصادي خصوصاً بعد القفزات الكبيرة التي سجلتها أسعار المواد الغذائية خلال عاميّ 2007 و2008، وعلى الرغم من التراجع النسبي الذي سجّلته أخيرا، ظلت أسعار الأغذية أعلى من معدّلاتها الوسطيّة التي كانت مألوفةً في الماضي.
ونظراً إلى معدلات النمو السكاني المرتفعة في الدول الناشئة وارتفاع معدّلات استهلاك الألبان واللحوم فيها، تميل مواردها المائية وأراضيها الصالحة للزراعة إلى النضوب، في الوقت ذاته، بدأ تغير المناخ بالتأثير سلباً في الإنتاج الزراعي في إفريقيا وآسيا، لذا، ستركز هذه الجلسة على توقعات العرض والطلب العالمييْن على المنتجات الزراعية وستلقي الضوء على التحديات التي يواجهها الأمن الغذائي من منظورات إقليمية مختلفة، إضافة إلى تحديد التسهيلات والحوافز القادرة على تشجيع الاستثمار العالمي في قطاع الزراعة.
الصحة
لا يقتصر مستقبل الصحة على مستقبل العناية الطبية لأنّ هناك عوامل رئيسية اقتصادية واجتماعية وبيئية تؤثّر في الصحة، ومع أنّ الرعاية الصحية أحرزت تقدّماً كبيراً خلال القرن الماضي، إلا أنّ استمرارية هذا الاتجاه باتت مهدّدة في المرحلة الراهنة بسبب عدد من القضايا، مثل النمو السكاني والتوسّع العمراني والتغيرات البيئية وانتشار الفقر وتفاقم ظاهرة عدم المساواة، فضلاً عن الحروب وحالات النزاع الأخرى وخطر الأوبئة والانتشار السريع للأمراض المُعدية، لذا، بات من الضروري وضع سياسات واستراتيجيات جديدة للتعامل مع هذه التحديات التي تشتمل على صياغة السياسات الصحّية العامّة والاستثمار في الصحة، وتطوير هياكل وعمليات إدارية جديدة.
العلوم والتكنولوجيا
يشهد العالم تطورات علمية وتقنية واسعة النطاق ستؤثّر بشكل ملحوظ في المجتمع والاقتصاد العالمييْن خلال العقد المقبل، ومن المتوقع أنْ تحرز تقنيات استغلال مصادر الطاقة المتجدّدة تقدماً كبيراً يُتيح خفض تكاليف إنتاج الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية وقوّة الرياح، الأمر الذي يسمح باستغلالهما على نطاق تجاري، كما أنّ الجوانب التقنية والاجتماعية والاقتصادية لتقنيات المعلومات والاتصالات ستواصل تشكيل طريقتنا في التفاعل والعمل على قهر التحديات المحليّة والعالمية، لكنْ هل ستشكل تقنيات المعلومات والاتصالات، كما تنبّأ البعض، الأساس الذي سيقوم عليه تعافي الاقتصاد العالمي، وسوف يستمر العمل على تحديث عديد من التقنيات الحيوية التي ستؤثّر في الصناعات الطبية والغذائية، مما سيُحدث تحوّلات في قطاعيّ الزراعة والصحة. كما أنّ التقنيات المتناهية الصغر Nanotechnology ستحفز تقنيات أخرى، كتسهيل ابتكار موادّ وقدرات جديدة، بما في ذلك تطوير منازل تستهلك الطاقة بكفاءة أعلى وتحسين كفاءة عمليات معالجة المياه وعمليات التصنيع الصديقة للبيئة.
التعليم
في ظل الثورة التكنولوجية الهائلة التي يشهدها عالم اليوم، وأهمية أن تتواءم مخرجات التعليم مع سوق العمل، فإن الجلسة التاسعة ستبحث مواصلة الاستثمار في التعليم وتطوير المهارات وأهمية ذلك بالنسبة للتعافي من الأزمة الاقتصادية الراهنة والتنمية على المدى البعيد، وتقديم مخرجات تعليمية قادرة على تلبية احتياجات سوق العمل، على صعيد تطوير المهارات وبناء الاقتصاد القائم على المعرفة، والسرعة اللازمة لتطبيق الإصلاحات التربوية بوتيرة تلبي متطلبات العولمة؛ أمور معقدة للغاية ينطوي إنجازها على صعوبات جمّة. ومع أنه من المرجح أنْ تواصل الدول، ولا سيما البلدان النامية والناشئة، إنفاقها السخي لدعم تقدّم القطاعات التربوية.