رأسان وجسم واحد
> كان التفجير الانتحاري الذي نفذه عميل ثلاثي جهادي في أفغانستان في 30 من كانون الأول (ديسمبر)، الذي قتل سبعة جواسيس أمريكيين وأردنيا واحدا، كارثة بالنسبة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. ومع ذلك، ربما يكون تأثيره أشد في الباكستان. فالفيديو الذي تم نشره في التاسع من كانون الثاني (يناير) يظهر المفجر، الطبيب الأردني همام خليل أبو ملال البلوي، وهو يقرأ رسالة الوداع إلى جانب زعيم طالبان الباكستانية، حكيم الله محسود.
وتم على الأرجح تصوير الفيديو في منطقة وزيرستان الشمالية في باكستان، وتبعد 16 كيلومترا (10 أميال) عن مدينة خوست، التي فجر فيها البلوي نفسه داخل قاعدة للجيش الأمريكي. وقد ذهب إلى هناك، تحت رعاية وكالة الاستخبارات الأردنية الرئيسة، للقاء وفد عالي المستوى من وكالة الاستخبارات المركزية كان يتوقع منه تقديم معلومات عن عناصر فارين من القاعدة. ويُعتقد أن كثيرا منهم في وزيرستان الشمالية، مثل محسود، الذي هرب من مقره السابق في وزيرستان الجنوبية المجاورة بعد شن هجوم عليها من قبل الجيش الباكستاني في تشرين الأول (أكتوبر). ومنطقة وزيرستان الشمالية محكومة تقريبا من قبل مقاتلين متشددين باكستانيين وأفغان، بمن فيهم جلال الدين حقاني، الجهادي الأفغاني والحليف السابق لوكالة الاستخبارات الباكستانية، التي تدير إقطاعية عبر الحدود تضم أيضا مدينة خوست.
وبالنسبة لمحسود، الذي تولى قيادة طالبان الباكستانية العام الماضي بعد مقتل بيت الله محسود في هجوم بطائرات آلية أمريكية، فإن هذا الفيديو دفعة واضحة. وبسبب الخوف من أساليبها - بما في ذلك موجة التفجير الانتحاري التي حصدت حياة نحو 1300 شخص العام الماضي - انقلب كثير من الباكستانيين الذين كانوا في السابق متعاطفين مع الجماعة ليصبحوا ضدها. وشجع هذا الجيش على شن سلسلة من الهجمات الساحقة ضدها، أحدثها في وزيرستان الجنوبية. وعن طريق ربط نفسه بالجهاد في أفغانستان، الذي يزداد تردد الباكستانيين بشأنه، ربما يأمل محسود استعادة صورته. وفي الفيديو، تحدث الدكتور البلوي، بلغة إنجليزية واثقة، وربط استشهاده الوشيك بمقتل بيت الله محسود، باعتبار ذلك ''أولى عمليات الانتقام ضد الأمريكيين وطائراتهم الآلية خارج الحدود الباكستانية''.
ومن المرجح أن تزيد هذه الضغوط على الجيش الباكستاني، خاصة من أمريكا، للاستمرار في هجومه في وزيرستان الشمالية. وهو متردد حتى الآن في القيام بذلك لسببين. الأول هو أن جنوده البالغ عددهم نحو 120 ألفا على طول الحدود الشمالية الغربية يتعرضون بالفعل لضغوط شديدة، وفي وقت يزيد فيه التوتر مع الهند لا يرغب الجيش في نقل كثير من التعزيزات من الحدود الشرقية. وثانيا، لا يريد الجيش صنع أعداء جدد من المقاتلين الأفغان - أو المتركزين في أفغانستان - في وزيرستان الشمالية، بمن فيهم حقاني، الذي لم يسبق أن تناحر مع باكستان، والذي من خلاله يأمل الجيش استعادة نفوذه السابق في أفغانستان.
إلا أن هذا الفرق بين معسكرات المقاتلين هذه يبدو الآن أكثر ضبابية، بالنظر إلى الاحتمالية القوية أن يكون حقاني، وكذلك محسود، متورطين في عملية البلوي. وقد يسهم هذا في ردع الجيش من الدخول إلى وزيرستان الشمالية. وقد يفضل، مثلا، ضرب طالبان الباكستانية الفارة هناك باستخدام هجمات الطائرات الآلية الأمريكية. وتم شن عديد من مثل هذه الهجمات منذ التفجير في خوست. ولكن يبدو من المرجح أن تقنع ضبابية الجماعات المسلحة المقاتلة الجيش بأنه لا مفر من شن هجوم في وزيرستان الشمالية. ووفقا لباكستانيين رفيعي المستوى، يدرس الجيش، المدفوع بنجاحاته الأخيرة، مثل هذه الخطوة منذ بعض الوقت.
الانقلاب على حقاني ومقاتلين آخرين في باكستان لن يخمد التمرد في أفغانستان. وقد أصبح هذا التمرد، الذي أطلق للمرة الأولى في باكستان، شأنا أفغانيا إلى حد كبير. إلا أن حرمان حقاني، المشتبه فيه الرئيس في جميع التفجيرات الانتحارية في أفغانستان من الملاذ الباكستاني، سيكون دفعة كبيرة للجهود التي يقودها حلف شمال الأطلسي. >