سد الهوة
> يعد برج خليفة، أطول مبنى في العالم، الذي تم افتتاحه حديثا نصبا تذكاريا على جرأة دبي. وهو أيضا مثال صارخ على اعتمادها على العمالة الأجنبية. فالبرج الذي يتكون من 200 طابق مصمم من قبل شخص أمريكي وأشرف عليه شخص نيوزيلندي وتم بناؤه من قبل عمالة معظمها من جنوب آسيا، فهو إذن نتاج عمل أكثر من 100 جنسية. وفي الواقع، فإن 90 في المائة من قوة العمل في الإمارات أجنبية. وفي قطر والكويت المجاورتين، تبلغ النسبة 80 في المائة. وحتى في السعودية، التي تضم أكثر من 22 مليون شخص محلي، يشغل الأجانب نحو نصف وظائف الدولة.
ويشعر صنّاع السياسة في المنطقة بالقلق على المواطنين الذين لا يستطيعون العثور على وظيفة حكومية ولا يرضون بالتوظيف في القطاع الخاص بالأجور المنخفضة التي يقبلها الأجانب. ويشبّه أحد المراقبين الفجوة في الأجور بين مواطني دول الخليج والمهاجرين الفقراء بأخدود ماريانا. وبدلا من تقييد توظيف المغتربين، تستجيب الحكومات عادة عن طريق حث الشركات على توظيف المحليين، حيث تفرض حصص ''للأمرتة'' أو ''السعودة''.
ولهذا السبب، يولي المسؤولون في الخليج اهتماما خاصا لتجربة جديدة في البحرين، الجزيرة المملكة التي يشغل فيها المغتربون 80 في المائة من الوظائف في القطاع الخاص. فمنذ تموز (يوليو) 2008، فرضت الحكومة مبلغ 200 دينار بحريني (530 دولارا) على الشركات لكل تأشيرة عمل وعشرة دنانير شهريا لكل موظف أجنبي على كشف رواتبها. ومنذ آب (أغسطس) 2009، سمحت أيضا للأجانب بترك صاحب العمل الكفيل، ومنحتهم أربعة أسابيع لإيجاد وظيفة جديدة وإلا سيغادرون البحرين. ومنذ أن تم فرض الضريبة بدأت فجوة تكاليف العمالة تضيق، ولكن بوتيرة جيولوجية في أحسن الأحوال. وضاقت الفجوة من 252 دينارا شهريا في الربع الثاني من عام 2008 إلى 225 في الربع الثالث من عام 2009. وفي أيلول (سبتمبر)، غير 159 عاملا أصحاب عملهم؛ وانتقل 140 غيرهم الشهر المقبل، وكسبوا 69 دينار إضافيا شهريا في المتوسط. ولكن كانت أجور هؤلاء الأجانب أصلا أكبر من غيرهم. ولم يتمكن رجال الأعمال في البحرين، الذين بعضهم صنّاع سياسة، من منع الضريبة ولكنهم نجحوا في الحد منها إلى مبلغ تافه هو عشرة دنانير. وعن طريق دفع الضريبة، كان رجال الأعمال يأملون شراء الحرية لتوظيف الأجانب وفقما يرونه مناسبا. ولكن لأن الضريبة منخفضة جدا، لا يمكن للسلطات أن تعتمد عليها لوقف تدفق العمالة الأجنبية. لذا يشتكي بعض رجال الأعمال من أن الطلبات على تأشيرات الدخول لا تزال عرضة للإجراءات البيروقراطية الطويلة.
وإضافة إلى جعل الأجانب أكثر تكلفة، تحاول الحكومة جعل المحليين أكثر قابلية للتوظيف. ومن بين المبلغ الذي تم جمعه من الضريبة خلال عام، البالغ 90 مليون دينار، ستذهب نسبة 80 في المائة إلى وكالة تمكين، وهي الوكالة المخصصة لتحسين إنتاجية الشركات البحرينية والعمال البحرينيين، جزئيا من خلال قروض رخيصة والتدريب. وهي تأمل تجهيز 19 ألف بحريني من ذوي الأجور المنخفضة لكي يشغلوا مناصب أفضل، حيث تدرب موظفو الاستقبال أيضا على أداء مهام إدخال البيانات مثلا. وستدفع وكالة تمكين أيضا زيادة في الأجور للموظفين المحليين للعام الأول. وبفضل هذه الأمور المشجعة، يقول أحد الناشرين البحرينيين إنه يمكنه أن يقنع الآن مواطنيه بالقيام بوظائف كانت مقتصرة في السابق على الأجانب، مثل توصيل الصحف للمشتركين (ولكن فقط عن طريق السيارة، حيث لا يزال استخدام الدراجات النارية مقتصرا على المهاجرين). ويقول ماجد العلاوي، وزير العمل: ''تمنع العمالة الرخيصة الاستثمار في التدريب والتكنولوجيا. وبالتالي فإن الإنتاجية منخفضة والأجور منخفضة والقطاع الخاص ليس جذابا بالنسبة للبحرينيين''. وتأمل البحرين بناء عمالة تدريجيا تستحق الأجور الأعلى التي يتوقعها المحليون. وكما قال أحد صنّاع السياسة لنظيره في دبي: ''لا يتعلق الأمر بمدى ارتفاع بنايتكم، فالمهم هو ما يدور داخلها'' >