الفخ

الفخ

> كان العقد الممتد من 2000 إلى 2009 يتميز بارتفاع معدل البطالة. وتم توظيف عدد أكبر بمقدار 400 ألف أمريكي فقط في كانون الأول (ديسمبر) 2009 مقارنة بكانون الأول (ديسمبر) 1999، في حين زاد عدد السكان بمقدار 30 مليون تقريبا. ويدل معدل التوظيف المحبط هذا على احتمالية أن انتعاش أمريكا من آخر فترة ركود قد يتميز أيضا بارتفاع معدل البطالة. ومن المؤكد أن الاقتصاد نما خلال النصف الثاني من عام 2009، ولكن مع ذلك تم فقدان 800 ألف وظيفة إضافية.
واستغرق الأمر أربع سنوات كاملة وصعبة لكي يستعيد معدل التوظيف ذروته بعد ركود عام 2001، وبسبب ندرة الوظائف، ركدت الأجور على الرغم من ارتفاع تكلفة المعيشة، ما أجبر الأسر على الاقتراض للحفاظ على مستوى معيشتهم، ووفقا لـ Raghuram Rajan، الاقتصادي في جامعة شيكاغو، فإن هذا يمهد الطريق لأحدث أزمة وركود - الأزمة الناتجة في نهاية المطاف عن مديونية الأسر. وإذا كان الانتعاش الحالي يتميز فعلا بارتفاع معدل البطالة، ستستمر الأجور في الانخفاض. وبما أن الأسر غير قادرة الآن على الاقتراض، فعليها أن تدبير أمورها بالقليل، ومن المحتمل أن يجعل تخفيض الإنفاق الانتعاش الاقتصادي أكثر غموضا.
بماذا سيتميز إذن: البطالة أم التوظيف؟ إن البطالة طويلة الأمد هي من الشواغل الرئيسة. فنحو أربعة من بين عشرة أشخاص عاطلين عن العمل –نحو ستة ملايين أمريكي - لا يعملون منذ 27 أسبوعا أو أكثر. وهذا أعلى معدل منذ بدء هذا السجل، عام 1948. وربما يفقد هؤلاء العمال مهاراتهم، وقد بدأ عديد منهم بمهارات قليلة على أية حال، والمثير للقلق بالقدر نفسه هو الانخفاض بمقدار 1.5 مليون في قوة العمل المدنية (التي تستثني العمال العاطلين عن العمل الذين توقفوا عن البحث عن وظيفة). وهذا أمر غير مسبوق في فترة ما بعد الحرب، وإذا تم إحصاء أولئك الذين توقفوا عن البحث عن عمل، سيكون معدل البطالة أعلى بكثير. ويمثل هؤلاء العمال المحبطون مستودعا لركود سوق اليد العاملة الذي سيجف فقط مع النمو الاقتصادي القوي.
ومن ناحية أخرى، قد لا تكون البطالة الهيكلية في الاقتصاد مشكلة كبيرة، كما يخشى على نطاق واسع. فالتراجع في التصنيع والبناء والتوظيف المالي خلال الركود الحالي يمثل نحو نصف الوظائف المفقودة، البالغ عددها ثمانية ملايين. وعلى الرغم من أن معظم الوظائف التي فقدت في تلك القطاعات انتهت للأبد، إلا أنه يبدو أن هناك خسائر أخرى في القطاعات الأكثر عرضة للدورة الاقتصادية، مثل صناعات الخدمات التي من المرجح أن تنتعش مع الاقتصاد ككل. وإذا أضفنا إلى هذا صافي الوظائف الجديدة في الصحة والتعليم والحكومة، سيبدو أن فجوة التوظيف أقل إثارة للخوف بقليل.
إلا أن هذا على افتراض أن تنتعش القطاعات الدورية، مثل تجارة التجزئة والترفيه، مع النمو الاقتصادي، وقد لا يحدث هذا، فقد كانت وظائف العقد الماضي في مجال التجزئة والترفيه مدعومة إلى حد كبير باقتراض الأسر. وليس فقط من غير المرجح أن تحدث موجة جديدة من الاقتراض بعد الركود، بل تخفيض الديون من قبل الأسر لم يقترب من نهايته بعد، وفقا لدراسة جديدة أجرتها McKinsey. وبعد أن أنفق الأمريكيون أكثر مما يستطيعون تحمله في العقد الماضي، عليهم أن ينفقوا أقل مما يجنون الآن لتخفيض أعباء الديون. وسيفرض هذا قيدا قويا على نمو الوظائف في تلك القطاعات الدورية.
هل يمكن أن يعوّض نمو الدخل نقص الاستهلاك؟ لسوء الحظ، ستظل مستويات الأجور مقيدة في سوق العمل الضعيفة؟ وهناك أكثر من ستة أمريكيين عاطلين عن العمل لكل وظيفة جديدة، كما أن المنافسة على الوظائف المعروضة تزداد حدة، على الرغم من استئناف النمو.
إن وفرة المعروض من العمال يقلل حوافز الشركات للتوظيف السريع، وسيسمح للشركات بدفع أجور أقل للعمال ذوي المؤهلات العالية. وقد انخفضت الإيرادات الحقيقية العام الماضي ومن غير المرجح أن تشهد نموا سريعا في وقت قريب.
ولن يتمكن قطاعا الصحة والتعليم المتناميان، اللذان يتطلبان مهارات محددة للغاية، إلا من استيعاب كثير من العمال سنويا، وليس هناك ما يدل على أن التوظيف في أي قطاع آخر سينمو بصورة مطردة. ودون نمو الوظائف، ستظل مشكلة مديونية الأسر قائمة، ما يحبط الإنفاق والتوظيف. فالبطالة فخ قد لا تنفذ منه قوة العمل الأمريكية قريبا >

الأكثر قراءة