مدير الشركة أم المعلق: من يجب أن يكون فصيحا؟

مما لا شك فيه أن لكل مهنة أو عمل ميزا تنافسية ومقومات رئيسة يختص بها ذلك العمل لكي يكون المنتج في النهاية بمثل ما عني به من الكمال. فالطيار مثلاً لن يكون بارعاً في الطيران إذا كان الإنسان غير قادر على الرؤية بشكل جيد، وكذلك الأستاذ في مدرسته إذا كان غير فصيح، ومثلهما المحلل المالي والاقتصادي إذا لم يكن متمرسا في الشؤون الاقتصادية بخبرة أو بدراسة. إن إجادة العمل في النهاية تقترن بحسب إجادة المؤدي للعمل لتلك الميز التنافسية، ووجود تلك المقومات الرئيسة بالأصل والعمل على تنمية وصقل هذه المهارات فيما يخدم الإبداع والبروز في هذا المجال.
والمهن بشكل عام تختلف أو تتدرج بمقدار بساطة أو تعقيد ميزها التنافسية ومقومات نجاحها، فجراح الأعصاب في ظني يجب أن يمتلك الدقة والحذاقة بشكل أكبر من أنواع الجراحة الأخرى، وعلى هذا تقاس أشياء لا حصر لها لكل مهنة غير أنه يجب الإدراك أيضاً أن النجاح أيضاً في المهنة والإبداع فيها لا يحتمل مقومات أخرى قد تكون شكلية إلى حد ما فمدير الشركة البارع ليس مطلوباً منه أن يكون مثلاً خطيباً مفوهاً بقدر ما يجب أن يكون متمكناً من الميز التنافسية المؤهلة، بارعاً في صنع القرار الإداري، سواء فيما يتعلق بالنواحي المالية أو التسويقية أو غيرها من أنواع القرارات الإدارية وذلك من خلال ما يمتلكه من مؤهلات بالميز التنافسية ومقومات النجاح في القرارات الإدارية تلك . ومن هذا الباب تراك تسمع نقدا لأحد الأشخاص بمجرد أنه مثلا لا يحسن المقابلات أو الحديث أمام الأفواج في حين أن مهنته لا تقتضي مقومات ميزها التنافسية مثل ذلك. صحيح يجب أن يكون الإنسان، خصوصا بمثل مستويات المدير للشركة على قدر من البلاغة والفصاحة بشكل معقول لكن ذلك ليس ما أعني، بل هو أن مثل هذه الخاصية ليست من مقومات نجاح الإدارة للشركة مقارنة بمن ارتبطت الفصاحة والبلاغة بمهنته. ولذا (وليس نقداً لأحد بذاته) ومقارنة بالميز التنافسية بين مهنة إدارة الشركة والمعلق الرياضي مثلاً أو المذيع التلفزيوني أو الإذاعي، الذين يجب أن تكون ألسنتهم فصيحة في النطق على الأقل. ولقد سمعت ذات يوم تعليقاً لحدث ما، واستغربت وجود من يعلق مع عدم إحسانه نطق بعض الحروف بشكل صحيح. وهذا ما عنيته إذ إن المقومات بادئ ذي بدء أن تنطق الحروف بشكل سليم. ومن تلك الحادثة وكشاهد على عدم إدراك الأهمية والاعتناء بمعرفة الميز التنافسية للمهنة جاءت كل المنتجات متواضعة المستوى لتلك المحطة والدليل على ذلك المعلق الذي لا يمتلك أهم ميزة في هذا المجال.
تنويه : أعتذر لكل متابعي «دلاء الأحد» عن الاحتجاب في الأسابيع الأربعة المقبلة، نظرا لظروفي الصحية، متمنيا الرجوع إليهم قريبا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي