إشكاليات سيارات الأجرة وحافلات النقل العام (2 من 2)

 تحدثنا في الحلقة السابقة عن قضية دوران سيارات الأجرة والسلبيات التي تنتج من هذا الوضع، واليوم في الحلقة الثانية نتناول الحديث عن الظاهرة الأخرى التي تؤرقنا هي حافلات النقل العام والتي يجب الرفع من مستوى خدماتها وتشجيع المواطنين على استعمالها. أو استحداث وسائل حديثة من خلال برامج تتولاها الوزارات والشركات الخاصة الكبيرة لإعطاء محفزات ومكافآت وبرامج تشجيعية لتشجيع موظفيها على استعمال سيارة واحدة لمجموعة من الموظفين يمرون على بعض Car pool أو استحداث سيارات نقل بها نوع من التميز حتى لو كانت تذكرة الركوب أعلى قليلاً من بقية وسائل النقل العام أو أن تتكفل الجهات الحكومية والخاصة بدعمها مالياً.
وسبق أن أشرت إلى أضرار ومشكلات فوضى سيارات الأجرة والنقل العام (خط البلدة) كإحدى الظواهر التي لم تجد من يهتم بمضاعفاتها الاجتماعية والاقتصادية على المجتمع أو من يبذل مجهودا بسيطا للتفكير في حلها لمصلحة وراحة المواطن. وأعود اليوم لبحث ظاهرة المظهر المشين والمقزز لمظهر هذه الحافلات وطريقة تهور قائديها ومظهرهم وما يسببه من إساءة إلى الذوق العام للمواطنين. وإلى ضرورة وضع ضوابط لمظهر الحافلة وجودتها وتقيدها بوسائل السلامة، حيث إنها تحمل أرواحا. وأن الحل لا يحتاج إلى ابتكار فهو مطبق في معظم مدن العالم من الشرق إلى الغرب. فإن أزمة المواصلات والاختناقات التي نعانيها في مدننا الكبرى حالياً قد تكون مزعجة ولكنها مؤشر قوي ونذير يدق أجراسه ليوقظنا إلى ما قد يصل إليه الحال مستقبلاً وإلى أهمية معالجة نمو المدينة ومحاولة التحكم فيه بالتخطيط المسبق للمواصلات وشبكات الطرق ووسائل النقل.
الجميع يرى ما تقوم به حافلات النقل العام (خط البلدة) من إساءة للذوق العام فهي تتفوق عن السلبيات التي أوضحتها عن سيارات الأجرة كالتالي:
- المظهر المقزز والمشين والقذر للمظهر والشكل الخارجي والداخلي للحافلات وكذلك مظهر السائق.
- الوقوف المفاجئ وسط الطريق أو جانبه معرقلة ومسببة للحوادث.
- التهور في القيادة والسرعة دون الاهتمام بسلامة الآخرين ومشاكسة وتحدى السائقين الآخرين ومضايقتهم.
- عدم الاهتمام بوسائل السلامة في الحافلة ومكابحها ومتانتها.
- عدم تنظيمها وفق شبكة مواصلات متكاملة ومترابطة وفق خرائط لمحطات مركزية للتحويل من خط سير إلى آخر.
- عدم تنظيم أوقات عملها، حيث تكون موزعة على فترات متباعدة أو حسب أوقات الذروة. بحيث تكون هناك مراكز نقل وخرائط وجداول مواعيد معروفة للجميع.
آن الأوان أن نتخلص من هذه السلبيات وإيجاد الحلول ووضع ضوابط لتنظيم دوران سيارات الأجرة وحافلات النقل العام. وخاصة المظهر العام للحافلة وأن يتم معالجة السلبيات الموضحة أعلاه. ويشمل ذلك التأكيد على ضرورة تخصيص مواقف على أطراف الأحياء أو قرب ساحة المسجد. وتحديد مواقف معينة للمناطق التي تولد الحاجة للنقل العام مثل المراكز التجارية والمستشفيات وبعض المنشآت الحكومية والمطارات. وأن تصمم هذه المواقف وفق مواصفات عالمية، حيث تكون على جانب الطريق وفي مواقع الأرصفة غير المستفاد منها. ويوضع لها إشارة ودرابزين لتنظيم الركوب وإذا أمكن مظلة للانتظار وهاتف عمومي. وحتى لو اضطر الأمر إلى نزع ملكيات بسيطة من أجل راحة المواطنين فإنها لن تختلف في الأهمية عن الخدمات الأخرى مثل الحدائق. كما أن المواطن له دوره في تشجيع هذا النظام ومحاولة التجاوب حتى لو اضطر للمشي قليلاً لهذه المواقف، فالمشي رياضة تخفف أمراض القلب والبدانة. إن مشكلات الفوضى الحالية للنقل العام كثيرة وربما لا نحس بمدى سلبياتها الاجتماعية والأمنية. وقد تكون ذريعة سائقي هذه الحافلات أن هذه الضوابط ستؤثر في مصدر رزقهم. فمتى كان الرزق على حساب الإساءة للمجتمع. وهل هي ضمان اجتماعي؟ ثم لماذا لا يقوم هؤلاء بالاستفادة مادياً من الدعايات الإعلانية لدهان حافلاتهم بطريقة مبتكرة ترويجاً لبعض المنتجات التجارية. وجزء من هذا المصدر يمكن وضعه للرفع من مستوى الحافلة وسلامتها. وقد يكون رفع أجرة الركوب قليلاً محفزا لذلك. كما أن الدولة وفرت طرقا أنسب لكسب العيش ووسائل أخرى من الضمان الاجتماعي. وأن ما نطلبه أمر غير مكلف مقارنة باحترام الذوق العام للتحسين من وضع حافلاتهم.
لا أدري لماذا أنه على الرغم من تطرقي للموضوع وكتاباتي المتعددة وهي مخاطبة لجهات معينة ومسؤولة ومعروفة بتقصيرها في هذا المجال، ومع ذلك لا مجيب ولا مستمع. فهل أخاطب غيري من الكتاب ليوقفوا أقلامهم عن هذا الموضوع الذي يؤرقنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي