المتنزهات البرية.. 500 ألف هكتار تنتظر الاستثمارات
بينما تزدحم المدن السعودية بسكانها، وتنفث المصانع القريبة منها سمومها في أجوائها، تبقى المتنزهات البرية خيارا مهما لكثير من السكان لقضاء وقت ماتع، وسط أجواء مختلفة. والمقصود هنا بالمتنزهات البرية هي تلك التي تحمل أسماء معروفة وتدخل ضمن المتنزهات الوطنية (البرية) التي تشرف عليها وزارة الزراعة. المشكلة التي تواجه من يقصد كثيرا من المتنزهات البرية تدني الخدمات ونقصها، إضافة إلى عدم الاهتمام بها من قبل الجهات المعنية، ما جعل المتنزهين يغيرون وجهتهم والذهاب إلى أماكن أخرى تكون أكثر متعة وجاذبية.
«الاقتصادية» تتطرق اليوم إلى المتنزهات الوطنية من باب تحقيق هدف المصلحة العامة والوصول إلى نقطة التقاء يتم من خلالها بحث سبل تطوير المتنزهات في أرجاء وطننا العزيز، عبر حلقات متعددة تكشف لنا حال تلك المواقع التي سنتطرق إليها في التحقيق، إضافة إلى تناول المعوقات التي تقف حجر عثرة في وجه تطورها وتفعيلها بشكل سليم، والإجراءات المناسبة لتجهيزها بالخدمات اللازمة، وتشجيع السياحة البيئية فيها من خلال فتح باب الاستثمار للقطاع الخاص والمستثمرين وتقديم التسهيلات لهم للقيام بتلك المشاريع وجعلها واجهة جذب للمتنزهين بشكل أكبر.. إلى التفاصيل:
#2#
إدارة المراعي والغابات
تشرف وزارة الزراعة على المتنزهات الوطنية (البرية) من خلال الإدارة العامة للمراعي والغابات في الوزارة، التي تعنى بتلك المشاريع والاهتمام بها، من خلال تجهيزها بالخدمات والعمل على استزراعها وصيانتها بشكل دوري وتزويدها بالخدمات الضرورية مثل المسجد، سفلتة الطرق، مظلات للجلوس، أماكن لإقامة المعسكرات، ملاعب ترفيهية للأطفال، ملاعب رياضية، حدائق، مسطحات خضراء، توفير مياه الشرب، مشتل لتأمين شتلات الأشجار والشجيرات والنباتات للمتنزه، تجهيزات كاملة من آبار للمياه، شبكات ري، مساكن للعاملين هناك، دورات مياه، مواقف سيارات. وهي بلا شك مطالبة بأكثر من ذلك طالما أنها المشرف على هذه المواقع والاهتمام بها، فلا بد من جعلها أكثر جاذبية والهدف الأول للزوار والمتنزهين. ويرى كثيرون أن تداخل الاختصاصات بين كثير من الجهات الحكومية في عملية الإشراف وانضواء تلك المتنزهات تحت جلبابها، عطل تفعيلها وأسهم في تدهور وضعها وجعلها تعاني النقص والإهمال في الخدمات والجاهزية بالشكل السليم،.
#3#
إقامة المتنزهات
تأتي إقامة المتنزهات الوطنية في أرجاء المملكة المختلفة للحد من الهجوم الشرس على الغابات وتقطيع الأشجار الخضراء والجافة بغرض الحصول على الحطب وبيعه في الأسواق، ولحماية الغطاء الشجري، حيث بذلت وزارة الزراعة جهودا حثيثة لحماية الغطاء الشجري من خلال إنشاء تلك المتنزهات، حيث سبق قيام هذه المتنزهات باختيار المناطق البيئية المتميزة، وجرت حمايتها وتم توفير الخدمات فيها وتأهيلها لتصبح منتجعات يستفيد منها الجميع لتتمتع بصفاتها الجمالية ومشاهدة الحياة البرية وأنواع النباتات في بيئتها الطبيعية الأرضية المائية، وتسعى من خلالها إلى حماية النظم البيئية الغابية والرعوية وإعادة تأهيل المتدهور منها والعمل على تحقيق إدارتها المستدامة.
الاستثمار هو الحل
نهدف من خلال هذا التحقيق الوصول إلى معرفة أسباب تدني الخدمات في المتنزهات الوطنية وأحيانا فقدانها بالكامل والتي تعد مشكلة تواجه نجاح تلك المواقع، إضافة إلى طرح تساؤل عريض لماذا لا يفتح باب الاستثمار فيها أمام القطاع الخاص والمستثمرين؟ ويرى كثيرون أن الحل الأمثل للخروج من تدني الخدمات وقلة الاهتمام في تلك المواقع المهمة هو طرحها للاستثمار أمام القطاع الخاص، وإعطائه الحرية الكاملة من خلال التسهيلات والمرونة في التعامل لكي ينجح ذلك الاستثمار وتذلل العقبات التي تواجهه، وعدم فرض شروط على من ينوي الاستثمار هناك.
ويشير مختصون إلى أن من شأن تطوير المتنزهات البرية المساهمة في الحد من تلوث الصحراء والحد من العبث بها من قبل روادها، خاصة أنها حاليا تتعرض لكثير من المشاكل مثل الاحتطاب الجائر، إشعال النيران، وترك المخلفات البلاستيكية في الفياض النباتية، وغيرها.
المتنزهات في المملكة
تشرف وزارة الزراعة على العديد من المتنزهات لعل أبرزها: متنزه الأحساء الوطني التابع لمركز الهفوف في المنطقة الشرقية الذي يحتوي على سبعة ملايين شجرة، وتبلغ مساحته الإجمالية نحو 4500 هكتار، متنزه سعد الوطني التابع لمركز سعد شرق الرياض ويحتوي على 50 ألف شجرة وتبلغ مساحته 300 هتكار، متنزه الزلفي الوطني التابع لمركز الزلفي ويضم نحو 125 ألف شجرة على مساحة ألفي هكتار، متنزه حريملاء ويتبع لحريملاء وقائم على الأشجار الطبيعية على مساحة نحو 200 هكتار، متنزه عسير الوطني والتابع لأبها ويضم أشجارا طبيعية على مساحة نحو 450 ألف هكتار، متنزه الطائف الوطني ويضم نحو 412 ألف شجرة مزروعة، إضافة إلى الأشجار الطبيعية على مساحة تقدر بـ 51 ألف هكتار، متنزه حائل الوطني ويحتوي على أشجار طبيعية على مساحة 300 هكتار. ونستعرض عددا من المتنزهات الأبرز في ربوع بلادنا بشكل سريع على أن يكون هناك توسع في الطرح خلال الحلقات المقبلة، نتناولها بشكل أشمل وعن قرب.
متنزه عسير
أنشئ متنزه عسير الوطني عام 1399هـ في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة – يبعد عن وسط أبها كيلو مترين - ويتكون من عدد من المتنزهات منها القرعاء، الدلغان، الهضبة، والسودة، ويوجد فيه مركز للزوار وتنتشر فيه أنواع عديدة من الأشجار منها العرعر والعتم والطلح ويعد أول متنزه أنشئ في المملكة. ومن مميزات منطقة المتنزه التي تبلغ مساحتها نحو 450 هكتار، طقسها اللطيف نظرًا لارتفاعها ولهبوب الرياح الموسمية عليها، ويختلف المناخ فيها من مكان إلى آخر تبعًا لدرجة ارتفاعها عن مستوى سطح البحر من حيث درجة الحرارة ومعدلات الرطوبة وسقوط الأمطار. ويتكون المتنزه من ثلاثة أجزاء يمثل كل جزء منها متنزهًا قائمًا بذاته، ويكسوها غطاء نباتي كثيف تكثر فيه أشجار العرعر المعمرة، وتزداد كثافة هذه الأشجار تدريجيًا كلما اتجهنا من ساحل البحر الأحمر في الغرب إلى قمة جبل السودة شرقًا. والقمم الجبلية تغطيها السحب، وتشتهر المنطقة بحيواناتها التي تجوب المنحدرات الجبلية، ومنها النمور والأرانب والزواحف والقوارض والوعول.
متنزه الأحساء
أقيم متنزه الأحساء الوطني عام 1382هـ وكان الهدف من إنشاء المشروع هو وقف زحف الرمال على القرى المجاورة له، فتم تشجير معظمه بطريقة الزراعة الجافة، حيث تمت زراعة الأثل والأراك ونباتات أخرى لتقوم بحجز الرمال الزاحفة. وفي عام 1405هـ تم تحويله إلى متنزه وطني، حيث تحولت فكرته فيما بعد إلى متنزه بعد نمو أشجاره بشكل كثيف وتتوزع مصداته على مساحة 4500 هكتار. وتتولى إدارة المتنزه الذي يبعد عن مدينة الهفوف نحو 20 كيلو مترا، العمل على تحسين مواقعه وتطوير حدائقه وإنشاء برك سباحة وملاعب أطفال ومظلات ومضمار لسباق الخيل وآخر للدراجات.
ويتوافر فيه حاليا العديد من الخيول وعرباتها للتأجير بأسعار محدودة لترفيه الزوار خصوصا الأطفال. وتعمل إدارة المتنزه في استزراع المزيد من الحدائق الجميلة حديثا. ويعد هذا المتنزه غابة طبيعية توفر لزوارها الاستجمام والراحة خصوصا في فترات الجو المعتدل. وتنظم بعض الجهات الرسمية زيارات ورحلات مستمرة بالتنسيق مع إدارة المتنزه.
متنزه سعد: يقع على بعد 110 كيلو مترات شرقي الرياض الوطني، وتبلغ مساحته 2.5 كيلو متر مربع، حيث تم زراعته بأنواع مختلفة من الأشجار مثل الكين والكافور والسدر وغيرها، حيث تمت تطويره بواسطة وزارة الزراعة في أجمل بيئة صحراوية قبل نحو 30 عاما، لتؤكد الوزارة مجددا العزم على تطويع الصحراء لتصبح منطلقا لإلقاء هموم المدينة ومشاغل الأعمال اليومية التي لا تنتهي.
متنزه الطائف: يقع شمال شرق الطائف على بعد سبعة كيلو مترات، وتبلغ مساحته نحو 52 كيلو مترا مربعا ويتميز بإحاطته بالجبال التي تمثل حواجز طبيعية لحمايته وتسود فيه أشجار الأثل والسدر والتين الشوكي ويوجد فيه سد أثري قديم (سد عبدالله معاوية بن أبى سفيان) وتم تحويله إلى متنزه وطني عام 1420هـ بعد أن توافرت فيه خدمات ترفيهية شكلت انطلاقة حقيقية لتلبية احتياجات المصطافين وأبناء الطائف.
متنزه حائل: أو متنزه مشار الذي يقع شمال غرب حائل وتبلغ مساحته نحو 15 كيلو مترا مربعا ويتكون من أرض منبسطة يحدها من بعض الجهات سلسلة جبلية تعطي تنوعا واختلافا في معالم المتنزه وتنتشر فيه أشجار الطلح والسلم والعوسج وغيرها من النباتات وقد تم تسييج جزء منه، إضافة إلى ذلك هناك عدد من المتنزهات الأخرى لتغطي معظم مناطق المملكة في مناطق: الباحة، الجوف، المدينة المنورة، الحيسية، حريملاء، الغاط، القصيم، نجران، تبوك، والزلفي.