تعزيز صورة الطلاب المسلمين في العالم الغربي
حين انتشرت قصة حياة النيجيري الذي حاول تفجير طائرة متجهة من أمستردام إلى ديترويت يوم عيد الميلاد، ترددت صرخات مرتبكة في بعض الأوساط، وصرخات فزعة في أوساط أخرى، وهتافات على غرار ''لقد قلت لكم ذلك'' من مجموعة صغيرة من العرافين.
ومهما كانت دوافع عمر فاروق عبد المطلب التي جعلته يصبح إرهابيا، إلا أنها لم تتضمن الحرمان المادي، حيث ينحدر من عائلة غنية. ومن بين تفاصيل حياته التي أدهشت الكثير من مراقبي الإرهاب هو سجله كرئيس للجمعية الإسلامية في كلية جامعة لندن، حيث درس الهندسة.
ويعتقد البعض أن اختياره لهذا التخصص له أهميته. ففي كتاب سيصدر قريبا، يقول المؤلف وعالم الاجتماع، Steffen Hertog، أن هناك عددا كبيرا من المهندسين بين الإرهابيين - ليس فقط بسبب حاجتهم إلى امتلاك مهارات صنع القنابل، بل ربما بسبب طريقة تفكيرهم، حيث يحبون الجمود والخيارات الثنائية.
وفي موطن الشاب، أشار الناس إلى أنه على الرغم من جميع مشكلاتها - التي تشمل وجود نواد أخوية تعرف باسم ''طوائف'' لكنها مرتبطة بالديانة - إلا أن الجامعات النيجيرية غير معروفة بكونها بؤرا للتطرف الإسلامي. ويبدو أن الوحدة والحياة المحيرة في بريطانيا وضعا هذا الطالب على الطريق المؤدي للإرهاب.
قبل وقت طويل من محاولته الفاشلة التي تصدرت عناوين الصحف، كان دور الجمعيات الإسلامية في الجامعات البريطانية - ودور جمعيات مماثلة في جامعات غربية أخرى - موضوعا مثيرا للجدل. ففي عام 2008، أظهر استطلاع للرأي من مركز التماسك الاجتماعي، وهو مركز فكري من يمين الوسط، أنه يجب مراقبة جمعيات الطلاب المسلمين في بريطانيا عن كثب. ويبدو أنها بمثابة حاضنات للأفكار الأصولية التي تؤيد العزل الذاتي للمسلمين، وتحلم بالحكم والقانون الإسلامي. وكما أشار التقرير، كان لدى عديد من الشباب البريطانيين المتورطين في الإرهاب سجل من النشاط في الجمعيات الإسلامية. على سبيل المثال، كان ياسين نصاري، الذي أدين عام 2007 بجلب خطط لصناعة صواريخ إلى بريطانيا، قد قاد أحد فروع الجمعيات الإسلامية في جامعة ويستمنستر.
وأثار تقرير مركز التماسك الاجتماعي رد فعل غاضب من اتحاد الجمعيات الطلابية الإسلامية في بريطانيا و52 من هيئاتها الأعضاء، حيث وصفت الدراسة بأنها ''متحيزة أيدولوجيا'' و ''مدفوعة بـ.. الخبث''. واستجاب الرئيس الحالي لاتحاد الجمعيات الطلابية الإسلامية، فيصل هانجرا، لأنباء الهجوم الفاشل لعبد المطلب عن طريق الإصرار أنه لا توجد ''أدلة موثوقة'' تشير إلى أن الجامعات البريطانية هي ''ساحات للتطرف''.
إلا أن الكثير من المعلومات التي وردت في تقرير مركز التماسك الاجتماعي مثيرة للخلاف. ففي كل جامعة بريطانية تقريبا، هناك جمعية إسلامية تجتذب الطلاب المسلمين المتدينين، الذين يسعون لإيجاد رفاق لهم. وتشمل أدوار الجمعيات تنظيم غرف للصلاة وخطب الجمعة وتأمين الطعام الحلال. ومنذ إنشائه عام 1962، غالبا ما كان هناك تداخل أيديولوجي بين اتحاد الجمعيات الطلابية الإسلامية والإخوان المسلمين في مصر والجماعة الإسلامية، الحزب الإسلامي الباكستاني. ولا يعني هذا التعاطف مع حملة القاعدة للإرهاب العالمي، ولكنه يعني الولاء لنسخة من الإسلام السياسي.
وفي بلدانها الأصلية، تملك الحركات السياسية الإسلامية خبرة طويلة في تجنيد طلاب الجامعات وتشكيل جماعات صغيرة تميل لليسار. ففي السودان مثلا، يحتفظ المخضرمون في جماعة الإخوان المسلمين، التي استولت على السلطة عام 1989، بذكريات حية للنشاطات الطلابية، وهيكل خلايا سري جدا. ومثل هذه السرية ليست ضرورية عادة في الدول الغربية، ولكن لا بد أن لذاكرة العمل في ظروف شبه سرية تأثيرا في ثقافة الحركات الإسلامية أينما كانت تعمل.
وفي التسعينيات كانت هناك حركة إسلامية عالمية أخرى، هي حزب التحرير- التي تطمح إلى الخلافة وترفض الديمقراطية الانتخابية - نشطة جدا في الجامعات البريطانية. ولكنها متوارية عن الأنظار منذ ذلك الحين.
وعند الطرف الآخر من الطيف الإسلامي، غالبا ما يقع الطلاب الأتراك الذين يجدون أنفسهم بعيدا عن الوطن (إما في وطنهم وإما في دولة أجنبية، مثل بريطانيا) تحت تأثير حركة فتح الله غولين، التي تعتبر آراؤها السياسية معتدلة ولكنها تشجع المسلمين على ممارسة شعائرهم بشكل صارم. وتساعد الحركة، التي تملك الكثير من المال، العديد من الطلاب على حل مشكلاتهم العملية مثل السكن، ثم يتم حثهم على الالتزام بأداء الصلاة.
ومن بين الدول الغربية، تبرز بريطانيا بوصفها مكانا يكون فيه الطلاب المسلمون (الذين يبلغ عددهم نحو 100 ألف أو نحو 5 في المائة من مجموع عدد الطلاب) ملحوظين وواثقين من أنفسهم. ولكن في جميع أنحاء العالم، أوجدت المعرفة المتزايدة عن الإسلام في الجامعات التوتر والفضول وشراكات مستبعدة.
ويقول صهيب نظير سلطان، الذي تم تعيينه حديثا كرجل دين مسلم في جامعة برينستون، إنه لم يظهر أي طالب تحت رعايته، سواء هنا أو في الجامعتين الأمريكيتين اللتين عمل فيهما، علامات تدل على التطرف الحقيقي. إلا أن الاختلافات الدينية موجودة بلا شك، ولا بد من التعامل معها. ويميل بعض الطلاب إلى التفسير الصوفي الروحاني للإسلام في حين يفضل آخرون الإسلام الذي يناسب الجميع والذي يشدد على وحدة جميع المسلمين والمتشكك للغاية بالاختلاف الثقافي بين المصريين والجنوب آسيويين مثلا.
ويشير سلطان إلى أنه حين يقضي المسلمون وقتهم معا، لا يكون هذا فقط بغرض الصلاة أو التحدث عن دينهم، بل يبحثون أيضا عن حياة اجتماعية متواضعة لا يتم فيها شرب المسكرات. وفي هذا المسعى، غالبا ما يجدون حلفاء لهم، مثل اليهود الأرثوذكس.
ولا يزال الجدل مستعرا في جامعة McGill في كندا منذ 2005 حين حرمت السلطات الطلاب المسلمين (الذين يبلغ عددهم الآن نحو ألفين) من غرف الصلاة، على أساس أن هذا غير مناسب بالنسبة لمؤسسة علمانية. وتجمع 600 شخص لصلاة الجمعة في الهواء الطلق وظلوا لفترة من الوقت، إلى أن أجبرهم الطقس البارد على التنقل من غرفة مؤقتة إلى أخرى. ويقول Nafay Choudhury، وهو قائد في رابطة الطلاب المسلمين، إن الأمور أفضل بكثير بالنسبة لإخوانه في الدين في معظم الجامعات الكندية؛ ويعلق مسلمو جامعة McGill آمالهم على نداء موجه إلى لجنة حقوق الإنسان في كيبيك.
ويشعر الكثير من الطلاب المسلمين في جميع أنحاء العالم الغربية بأنهم مجبرون على اتخاذ موقف دفاعي. وقد أثار طلب الحصول على معلومات من الفرقان، رابطة للطلاب المسلمين في جامعة أمستردام، والتي أحد أهدافها تحسين صورة الإسلام، الرد التالي: ''شكرا لاهتمامكم بجمعيتنا الإسلامية. ولكننا نود أن نحيطكم علما أننا لا نهتم بإجابة طلبكم''