بعد سيول جدة .. هل ستفرض شركات التأمين شروطا إضافية على تغطية منطقة الكارثة؟
ربما تكون كارثة سيول جدة التي راح ضحيتها أكثر من 121 شخصا وخسائر مادية بأكثر من 100 مليون ريال، دافعا قويا لإعادة النظر في سياسة عدد من شركات التأمين العاملة في السعودية خلال السنوات المقبلة، تقوم على مبدأ تقليص خدماتها التأمينية أو زيادة الرسوم التأمينية على العملاء في المنطقة الغربية، خاصة تلك التي تستهدف قطاعات بعينها كقطاع السيارات والممتلكات الخاصة.
ويؤكد مختصون في قطاع التأمين في السعودية، أن شركات التأمين رغم عدم أحقيتها في تقليص مثل تلك الخدمات طالما أنها تعمل داخل جميع مناطق المملكة، إلا أنها قد تضطر لتحجيم سياساتها التوسعية في المنطقة الغربية خاصة في مدينتي جدة ومكة المكرمة بعد الخسائر التى التي لحقت بقطاع العقار والممتلكات سبب كارثة سيول جدة الأخيرة، حتى لا تتحمل أعباء مالية في حال تكرر وقوع مثل هذه الكوارث في السنوات المقبلة وهو أمر وارد الحدوث لطبيعة المنطقة الجغرافية التي تشهد سنويا حدوث مثل هذه الكوارث.
في حين يرى البعض الآخر أن شركات التأمين العاملة في السعودية والخاضعة لقانون مؤسسة النقد العربي السعودي المشرفة على تنظيم هذا النشاط، لا يحق لها الامتناع عن تغطية خدمات التأمين في منطقة معينة بسبب تأثرها بالكوارث الطبيعة، وإنما قد تلجأ الى فرض شروط واستثناءات إضافية على وثائق التأمين أو قد تتجه الى زيادة «رسوم التحمل» على المؤمن له في المناطق التي من المحتمل أن تواجه كوارث طبيعية يمكن أن تجبر من خلفها التزامات مالية كبيرة تعجز شركات التأمين الوفاء بها تجاه عملائها.
## تأكيد الدور الإيجابي
أحد مديري شركات التأمين العاملة في السعودية يذهب في تيار معاكس خلاف ما أكده المختصون في مجال التأمين، حيث يرى أن كارثة سيول جدة ربما تكون فرصة مناسبة حتى تتمكن شركات التأمين من تأكيد وجودها الإيجابي في المجتمع لأن شركات التأمين تتعرض إلى كثير من النقد غير الموضوعي بل والظالم في كثير من الحالات.
#2#
وأوضح لـ «الاقتصادية» عيد عبد الله الناصر المدير العام لشركة الخليج للتأمين وإدارة الأخطار، أن التأمين يعد علما وفنا، الجانب العلمي فيه يتعلق بالاحتمالات المالية التي قد تترتب على كل شركة في حالة وقوع حوادث مشمولة بالتغطية التأمينية ، لذا من المفترض أن تكون الشركة مستعدة لدفع التعويضات التي التزمت بها لزبائنها.
وكأسلوب لإدارة الأخطار المحتملة هناك جزء منها تغطيه شركة التأمين نفسها وجزء آخر يتم إعادة التأمين عليه ومن هنا يفترض أن تكون الشركة محتاطة لأسوأ الاحتمالات.
ولكن الجدير بالذكر هنا أن وثائق التأمين عادة ما تستثني الكوارث الطبيعية، هذا مع العلم بأن بعض الوثائق، وبالذات وثائق السيارة، تغطي هذا الخطر، وهذا الكلام لا يخص التأمين في السعودية بل يخص التأمين كمهنة أينما وجدت على المستوى العالمي.
وأضاف أن هناك مواصفات متعارف عليها للأشياء غير القابلة للتأمين يدرسها العاملون في مهنة التأمين منذ الأيام الأولى لالتحاقهم بالمهنة ومنها على سبيل المثال إلا تكون الخسارة ضمن الكوارث الطبيعية، ألا يكون الحادث متعمدا، توافر أعداد كبيرة من الشيء المؤمن عليه.
## مبررات التأمين
يقول الناصر «لا أعتقد أن هناك شركات تأمين ستقاطع المنطقة الغربية بسبب كارثة سيول جدة أو تلك لمجرد وقوع حوادث مكلفة»، وأضاف قائلا: «إن أحد مبررات وجود شركات التأمين هي دفع الخسائر المغطاة بوثيقة التأمين ومن ثم تقديم المساعدة المالية لمشتري التأمين ليقف على قدميه من جديد كحق من حقوقه، وهي بشكل مباشر أو غير مباشر تساعد على توازن أداء الاقتصاد المحلي بارتباطاته الوطنية والإقليمية والعالمية».
وزاد: «لذا لا مبرر عن الحديث عن مناطق آمنة وأخرى غير آمنة في مجال التأمين، وهذه حوادث متوقعة في أي مكان على الكرة الأرضية».
ويؤكد الناصر أن مستقبل سوق التأمين في السعودية واعد على كافة المستويات، لأنه سوق حديثة وأمامه فترة طويلة للنمو و التطور قبل أن يصل إلى مرحلة التشبع.
## تغطية جميع المناطق
#4#
من جانبه، يقول عبد الرحمن القصاص نائب الرئيس التنفيذي لشركة ولاء للتأمين، طالما نحن شركة سعودية خاضعة لقانون التأمين الصادر عن مؤسسة النقد العربي السعودي فإننا نقوم بتغطية جميع أنواع التأمين في كافة مناطق المملكة دون استثناء، فلا يحق للشركات أن تقدم خدماتها في منطقة وتمنع عن تقديمها في مناطق أخرى.
ويضيف لا يمكن أن تكون المنطقة الشرقية آمنة لشركات التأمين، بالتالي تكون مستهدفة من قبل تلك الشركات في سياستها المستقبلية، فقد أشرت سابقا إلى أن جميع شركات التأمين العاملة لا يحق لها أن تقدم خدماتها في منطقة وتمتنع عن تقديمها في منطقة أخرى، وبمعنى آخر أن تتبع سياسة انتقاء، وأن جميع المناطق ليس فقط في المملكة بل في العالم مهددة بالأخطار الطبيعية مثل الفيضانات والأعاصير والسيول وأن معظم وثائق التأمين الصادرة عن شركات التأمين تغطي تلك الأخطار.
ويتوقع القصاص استمرار جميع شركات التأمين في تقديم خدماتها إلى عملائها بشكل اعتيادي كما هو معمول به الآن ولن تتحاشى أية منطقة، ولا سيما أن جميع هذه الشركات تقوم على خدمة الاقتصاد الوطني.
## تحسين الأوضاع
يضيف «نحن على يقين من أن جميع شركات التأمين ستعمل على تحسين أوضاعها من خلال إعادة صياغة اتفاقيات الإعادة من أجل ملء الضمانات في التغطيات، إن وجد، وذلك من أجل أن تفي بالتزاماتها تجاه عملائها بشكل سليم».
ويؤكد القصاص أن مستقبل التأمين في المملكة يعتبر واعدا إذا بدأت السوق تنتظم بسبب صدور القوانين الخاصة بالتأمين في المملكة وإسناد جهة الإشراف عليه من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي.
وقال: «نتوقع أن يكون قطاع التأمين خلال السنوات الخمس المقبلة من أكثر القطاعات تنظيما في العالم العربي، وأن جميع شركات التأمين ترتكز على معايير مالية وفنية عالية تم وضعها من قبل مؤسسة النقد».
## شروط إضافية
#3#
على الصعيد ذاته يؤكد عماد الدين الحسيني الرئيس التنفيذي لشركة الوسطاء السعوديين للتأمين، على أن شركات التأمين لا تلجأ في حال وقوع أي كوارث طبيعية في منطقة معينة كالتي حدثت في المنطقة الغربية إلى الابتعاد بخدماتها عن هذه المنطقة المتأثرة بهذه الكوارث، وإنما قد تتجه إلى فرض شروط إضافية على وثائق التأمين تتضمن زيادة رسوم التحمل ووضع استثناءات إضافية كالشرط الجزائي حتى تضمن أن المؤمن له يلتزم بهذه الشروط والتي يمكن أن تتمثل في مستوى رفع البضائع عن سطح الأرض في المناطق تكون عرضة لحدوث كوارث طبيعية، حتى لا تتأثر بالسيول والفيضانات، إضافة إلى أن يكون هنالك مستوى محدد عند عمليات البناء والتشييد على المباني التي يراد التأمين عليها.
وأشار الحسيني إلى أن هذه الشروط ستجبر المؤمن له على الالتزام بعملية ترتيب البضائع والبناء على ارتفاعات مناسبة تمنع تأثرها بأي كوارث طبيعية محتملة.
وأضاف الحسيني أن بعض وثائق شركات التأمين خاصة عندما يتعلق الأمر بالتأمين على السيارات، لا تغطي مثل هذه الكوارث بالتالي لا يحق للمؤمن المطالبة بالتعويض في مثل هذه الحالات.
واعتبر الحسيني أن سوق التأمين في المنطقة الغربية واعد ولا يمكن التخلي عنها أو تقليص خدمات التي الموجهة إليه بمجرد حدوث مثل هذه الكوارث في نفس الوقت هنالك مناطق في المملكة مثل: عرعر، حفر الباطن وغيرها تحتاج إلى خدمات للتأمين، ونحن نقوم كوسطاء للتأمين باستهدافها والاستفادة من الفرص التي ستحققها للشركة.