إشكاليات سيارات الأجرة وحافلات النقل العام (1 من 2)
طوال السنوات الماضية وأنا أطرق موضوع ظاهرتين تقلقان الجميع، الأولى عن كثرة دوران سيارات الأجرة وموضوع ضرورة تحديد مواقف لها، حيث يمنع تجولها ودورانها غير المجدي والذي يسبب مشكلات التلوث والحوادث والاختناقات المرورية. تقف عند أية إشارة أو اختناق مروري فتجد أن أكثر من نصف عدد السيارات المتسببة في الازدحام هي سيارات أجرة فاضية. والظاهرة الأخرى هي ما تسببه حافلات النقل العام الصغيرة (خط البلدة) وسائقوها المتهورون والمشوهون للمدينة. وعذر المسؤولين أنها مصدر رزق لهم ولا يودون أن يقطعوا عيشهم! وهو عذر واه فإلى متى يعاني الجميع من أجل حفنة صغيرة وهل الرعاية مسؤولية وزارة النقل أم مسؤولية وزارة الشؤون الاجتماعية لتبحث لهم عن مصدر رزق. ولكن لا يبقوا على رقابنا. فهم يقودون بسرعة خطرة وتهدد سلامة المواطنين وحافلاتهم تصدر أصوات فرقعة مزعجة. وسائقوها عادة يتعربجون! ولا أدري من المسؤولون أو المطنشون لمسؤوليتهم في رفع الأذى عن المواطنين! حيث تعد أضرار. ومشكلات فوضى سيارات الأجرة إحدى الظواهر التي لم تجد من يهتم بمضاعفاتها الاجتماعية والاقتصادية على المجتمع أو من يبذل مجهودا بسيطا للتفكير في حلها لمصلحة وراحة المواطن. والحل لا يحتاج إلى ابتكار فهو بمنعها من الدوران وإيقافها في مواقف لسيارات الأجرة وتخصيص أرقام للاتصال بها عن طريق محطة مركزية تستقبل الطلبات وتوزعها للسيارات الأقرب لمستعمليها. وهو مطبق في معظم مدن العالم من الشرق إلى الغرب. وذلك للتخفيف من المواصلات والاختناقات التي نعانيها في مدننا الكبرى حالياً ومستقبلياَ. وهو جزء من أهمية معالجة نمو المدينة ومحاولة التحكم فيه بالتخطيط المسبق للمواصلات وشبكات الطرق ووسائل النقل.
الجميع يرى ما تقوم به سيارات الأجرة ( الليموزين) أو حافلات النقل العام (خط البلدة) من الوقوف المفاجئ وسط الطريق أو جانبه معرقلة ومسببة للحوادث دون أية اكتراث بالمواطنين. وفوق ذلك نجد سيارات الأجرة تمخر عباب الأحياء السكنية والطرق العامة بالدوران المهدر للوقود والمثير للتلوث والغبار. ومشكلاتها كثيرة وقد لا نحس بمدى سلبياتها الاجتماعية والأمنية وأهمها:
- إهدار الوقود بسبب كثرة الدوران وهي تكلفة تحسب على المواطن فيما يدفعه للمشوار.
- مضاعفة معدلات التلوث البيئي من جراء حرق الوقود وإثارة الغبار الحمضي.
- مضاعفة نسبة الحوادث والوفيات وما تؤديه من خسائر مالية ومادية.
- زيادة نسبة الازدحام في الطرق وما تؤديه من ضياع لوقت المواطنين أو تأخير في الوصول إلى المستشفيات في الحالات الإسعافية.
- الإساءة إلى المستوى الحضاري للمدينة.
والحل هو أن يتم التخطيط لوسائل النقل العام في تخطيط الأحياء السكنية بتخصيص مواقف معينة على أطراف الأحياء أو قرب ساحة المسجد. ومن ثم يتم التنسيق مع شركات الاتصالات لإعطاء أرقام خاصة لشركات سيارات الأجرة يمكن المستفيدين من الاتصال بها وبتكلفة مدعومة بطريقة الخط المجاني. وبذلك يسهل على محتاجي الخدمة الاتصال من منازلهم أو أعمالهم لطلب الخدمة، خاصة إذا كانت هناك خرائط وتسميات طرق وإحداثيات وامتيازات معينة. مثل واصل أو توصيل البيتزا والهمبرجر، حيث يتم توجيه أقرب سيارة للموقع لتخفيف وقت الانتظار أو المسافات التي تقطعها سيارة الأجرة.
يبقى موضوع كبار السن أو العجزة الذين قد لا يستطيعون المشي للمواقف وهؤلاء يمكن أن تنظر في موضوعهم بعض جمعيات البر الخيرية أو وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لدعم صندوق خاص لتوفير خط مجاني وسيارات مصممة للمعوقين.
وإذا كنا نؤمن بمبدأ السعودة والتخلص من العمالة الأجنبية والتي هي المستخدم الأكبر للنقل الجماعي الحالي فمن المسلم به أن جزءا كبيرا من السعوديين الذين سيحلون محلهم سيستخدمون النقل العام مستقبلاً. فلماذا لا نتحسب لذلك في المخطط الاستراتيجي لمدينة الرياض، وخاصة مناطق النمو الجديدة، حيث يتم طلب تخصيص مساحات لمواقف ومسارات السيارات والحافلات لكل مخطط عمراني أسوة بالخدمات الأخرى مثل الحدائق والمستوصفات والمساجد.