إقران العدل بسرعة البت
في المقالة السابقة تعرضنا لبعض سلبيات الجهاز القضائي في المملكة حسبما ورد في التقرير الثاني للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وهذه وغيرها من السلبيات هي من أهم أسباب قيام الدولة بإصدار نظام القضاء الجديد – الذي سنتحدث عنه لاحقا – وأشرت إلى أن الهدف الأساس الذي يسعى إليه النظام الجديد هو الدقة في العدل والمساواة عند التقاضي مقرونا بسرعة البت بين الخصوم وإصدار الحكم العادل مع إعادة النظر في الإجراءات الإدارية في المحاكم لتكون أكثر ذكاء وسرعة، والآن نستكمل بقية السلبيات المشار إليها:
1- عدم الالتزام في بعض الحالات بحق المساواة في التقاضي من تمييز بين الخصوم في الجلسات وعدم السماح لأحدهم بالرد على الدعوى أو الضغط عليه للاختصار في الدعوى أو عدم قبول دعواه مكتوبة أو ترهيبية بعقوبات تعزيرية مثل الحبس والعقاب.
2- عدم المساواة أحيانا بين المتهمين من ناحية العقوبات التعزيرية الصادرة بحقهم حيث يكون هناك عقوبات مختلفة مع أن الجرم المرتكب واحد والظروف المحيطة بالقضية متشابهة كل ذلك يرجع إلى عدم تقنين أو تدوين العقوبات التعزيرية.
3- عدم التقاضي العلني حيث يتم اللجوء إلى سرية الجلسات في بعض القضايا المعروضة مع مخالفة ذلك الأنظمة المحلية ولالتزامات المملكة الواردة في الاتفاقيات الدولية التي تعتبر جزءا من النظام القانوني السعودي.
4- التمييز – أحيانا – بين الشهود في قبول الشهادة فتقبل من البعض دون تمحيص مثل أن يطلب من رجال الشرطة أو المباحث أو رجال هيئة الأمر بالمعروف وغيرهم شهاداتهم ضد من قاموا بالقبض عليه، حيث يشهدون على صحة ما كتبوه أو ادعوه ضد المتهم وهذا الإجراء فيه مخالفة لبعض القواعد الشرعية والنظامية، التي تقضي بعدم قبول شهادة ولاة ولي الأمر على المسلمين بالرقابة أو الرعاية مثل الشرطة ورجال الهيئة والمباحث وغيرهم ففي ذلك إهدار لحق المتهم في أن يسمع ويجرح ويدافع عن نفسه بتوضيح موقفه، ومبادئ حقوق الإنسان تدعو إلى إعادة النظر في الاعتماد على الشهادات التي مصدرها من قام بالقبض عليه.
5- طول مدة نظر بعض القضايا أمام المحاكم وتضرر المتخاصمين من ذلك، خاصة في القضايا العمالية وبعض قضايا الأحوال الشخصية والسجناء.
6- قلة عدد القضاة مقارنة بعدد السكان وعدد القضايا وعدم توزيعهم بشكل كاف على مناطق المملكة وضعف مراقبة التوزيع العادل للقضاة على المحاكم في مختلف مناطق المملكة بالنظر إلى أعداد القضايا المنظورة، وتعيين بعض القضاة في بعض المناطق ثم السماح بندبهم إلى الوزارة أو جهات أخرى وترك المحكمة التي عينوا بها دون قاض لمدة قد تكون طويلة.
7- عدم التزام بعض القضاة أحيانا بمواعيد الجلسات أو تأجيل النظر في القضية إلى جلسات أخرى مع إمكانية الاستماع للخصوم وحسم النزاع في الجلسة نفسها.
8- ندرة البرامج التأهيلية للقضاة وضعف الآلية المناسبة لإعدادهم واختيارهم (ذكرت الجمعية أنها رصدت بعض الجهود للمعهد العالي للقضاء في إقامة دورات وورش عمل للقضاة تهدف للرفع من كفاءتهم وإطلاعهم على تطبيقات للأنظمة السارية)، والحاجة تدعو إلى إقامة دورات متخصصة للقضاة لإعدادهم للعمل في المحاكم المتخصصة التي أنشأها النظام القضائي الجديد مثل (أحوال شخصية جزائية، عمالية، تجارية، مرورية، إلخ ....) وفي الحلقة (103) القادمة نكمل ما تبقى ثم نبدأ في استعراض أهم ما ورد في نظام القضاء الجديد.