البطالة تشكل التهديد الأكبر لحركة التعافي في الاقتصاد العالمي

البطالة تشكل التهديد الأكبر لحركة التعافي في الاقتصاد العالمي

## هل تتوقعون أن يكون هذا العام 2010 عام توديع تداعيات الأزمة المالية حول العالم.. أم أن هناك نارا باقية تحت القش ربما تستعر في أي وقت وتعيد الاقتصاد العالمي إلى نقطة سبتمبر 2008؟ للإجابة عن هذا السؤال يجب قراءة المؤشرات الاقتصادية الحالية ثم النظر إلى توقعات النمو الاقتصادي العالمي خلال عام 2010م. فالمؤشرات الاقتصادية الحالية تشير إلى تحسن مطرد - لكنه بطيء - في الوضع الاقتصادي العالمي بالنظر إلى مؤشرات مثل سعر الاقتراض بين البنوك لليلة الواحدة LIBOR على العملات الرئيسية الذي انخفض بشكل كبير عن المستويات التي شهدها خلال نهاية عام 2008 وبداية عام 2009 وهو ما سبب القلق من المخاطر وانعدام الثقة بين البنوك نفسها. أيضاً مؤشرات الإنتاج الصناعي تتحسن تدريجياً ولكن معدلات الطاقة المستخدمة لا تزال منخفضة، كما أن هناك زيادة إقبال على السندات المصدرة من التصنيف الائتماني المرتفع وحتى من السندات ذات العوائد المرتفعة High Yield، مما يدلل على ارتفاع شهية المستثمرين لمزيد من المخاطر وهو ما يعكس اتجاهاً لمزيد من الثقة في الاقتصاد العالمي. وهذا بالطبع انعكس على معدلات النمو الاقتصادي في العالم الذي بدأ يحقق معدلات نمو إيجابية منذ الربع الثالث من عام 2009م وبوتيرة نمو عالية في الاقتصادات الناشئة بالمقارنة بالاقتصادات المتقدمة. بقي تساؤل مهم حول مدى استدامة هذا النمو، وهل نتوقع أن يستمر في مسار تصاعدي أم يتراجع مرة أخرى قبل العودة للنمو والخروج من الأزمة؟ والتساؤل الثاني حول سرعة التعافي الاقتصادي، وهل نتوقع انتعاشا اقتصاديا آخر خلال عام 2010م؟ بعض المؤشرات الاقتصادية تعطي فكرة عن المخاطر المحدقة بهذا النمو مثل معدلات البطالة المرتفعة التي بلغت في الولايات المتحدة 10 في المائة، وتزايد معدلات الادخار الخاص على حساب الاستهلاك الخاص الذي يمثل المحرك الرئيسي للنمو في اقتصادات الدول المتقدمة، وأخيراً هذا التحسن والنمو مدعوم بالسياسات الاقتصادية التي اتبعتها الدول للخروج من الأزمة، ومن ذلك حزم التحفيز المالي التي ضختها أغلبية الدول التي تتجاوز تريليون دولار أمريكي. فعندما يحين الوقت لسحب هذا الدعم ، كيف سيؤثر ذلك في النمو الاقتصادي العالمي. لذلك، التوقعات تشير إلى أن العالم بدأ يخرج من الأزمة الاقتصادية وأنه سيحقق معدلات نمو إيجابية في المستقبل ولكن النمو سيكون بطيئاً بسبب أن هناك إرثا كبيرا خلفته الأزمة يجب التعامل معه. لذلك فإن هناك تنسيقا دوليا غير مسبوق في عملية الخروج من حزم الدعم المالي التي قدمتها الدول لضمان ألا يكون هناك تأثير متبادل بين الدول من جراء عملية الخروج من حزم السياسات المالية. وعام 2010م سيكون عاماً حاسماً بالنسبة للأزمة المالية، حيث سيتأكد خلاله استدامة النمو الاقتصادي الذي تحقق في الربع الثالث من عام 2009 من عدمه، كما سيكون عاماً يتحدد فيه الاتجاه العام لمعدلات البطالة التي تشكل التهديد الأكبر لحركة التعافي الاقتصادي التي يشهدها الاقتصاد العالمي حالياً. ## كيف تقيسون توجهات الاقتصاد السعودي في هذا العام (2010).. هل تتوقعون العودة إلى مستويات النمو للاقتصاد الكلي للاقتراب من معدلات 2007 و2006؟ وكذلك توجهات الاقتصاد الخليجي. الاقتصاد السعودي والخليجي بشكل عام يسير في اتجاه مواز للاقتصاد العالمي ولكنه أفضل حالاً بشكل كبير بالمقارنة باقتصادات الدول المتقدمة. والتأثير المباشر على الاقتصاد الخليجي يأتي من خلال الطلب على النفط من ناحية ومن ناحية أخرى من خلال القطاع المالي الذي يتأثر بشكل كبير بعوامل الثقة بين المستثمرين وارتباط ذلك بالمخاطر سواءً على مستوى الدولة (السيادي) أو على مستوى المنشآت. وشهد الاقتصاد الخليجي خلال عام 2009م أحداثا اقتصادية أثرت بشكل كبير في أدائه، مثل أزمة السيولة والانكشاف على التمويل المهيكل من قبل بعض البنوك الخليجية كبنك الخليج الدولي وبعض البنوك الكويتية، وأزمة الصانع والقصيبي، وأخيراً أزمة ديون دبي العالمية. هذه الأزمات بالطبع كان لها تأثير في مستويات النمو الاقتصادي لكنها لم تهز أوصال النظام الاقتصادي الخليجي نظراً للوفورات المالية التي تتمتع بها هذه الدول والتي تتيح لها التعامل بسهولة أكثر من الدول ذات المديونية العالية مع مثل هذه الأزمات. ونظراً لأن توقعات الاقتصاد العالمي تشير إلى تحسن مطرد ولكنه بطيء في النمو الاقتصادي خلال عام 2010م، فإن ذلك سيكون له أثر في الطلب على النفط وبالتالي سينعكس على الأسعار، وهذا سيدعم بشكل كبير مستويات الإنفاق العام التي تعد المغذي الرئيسي لحركة النشاط الاقتصادي في منطقة الخليج، ما يعني أن النمو الاقتصادي الخليجي سيكون أفضل مما كان عليه في عام 2009. ## القطاع المالي السعودي محجم عن الائتمان، الأمر الذي دفع الحكومة ممثلة في صناديق التمويل (الصناعي والتنمية والاستثمار) إلى رفع تمويلاتها للمشاريع .. هل تتوقعون استمرار هذا النهج خلال هذا العام أم أن البنوك ستعاود نشاطها الائتماني؟ أتوقع أن يستمر نهج الحكومة في الالتزام بدعم القطاع المالي لأنه يمثل العصب الرئيسي للاقتصاد، لكن المؤشرات بشكل عام تدل على أن هناك تحسنا في ظروف الإقراض وأن هناك ارتفاعا في الثقة بين المستثمرين والمصارف مما سيؤدي إلى تزايد وتيرة الإقراض من قبل البنوك. يجب ألا ننسى أن الاقتصاد العالمي تجاوز تقريباً أسوأ مراحل الأزمة العالمية، واقتصاد المنطقة بالتحديد مر بعدة أزمات كما ذكرت لكنها لم تؤثر بشكل كبير في الاقتصاد السعودي لمتانة المؤشرات الاقتصادية الأساسية خصوصاً فيما يتعلق بالقطاع المالي.
إنشرها

أضف تعليق