نجم يسقط من عليائه

نجم يسقط من عليائه

كان هناك وقت، قبل عقد من الزمن، حين كان يمكن للخطوط الجوية البريطانية أن تقول بمصداقية إنها ''شركة الطيران المفضلة في العالم''، كما تؤكد ملصقاتها بفخر. ولكن لم يعد الحال كذلك. وبالتأكيد ليس في نظر المسافرين الذي كانون يحجزون على عجل رحلات بديلة لرحلاتهم على متن الخطوط البريطانية هذا الأسبوع بسبب خوفهم من الإضراب الطويل خلال عيد الميلاد. وتم تجنب الانسحاب في 17 كانون الأول (ديسمبر)، إلا أن المشكلات الأساسية التي أدت إلى الخلاف لا تزال دون حل. وما يزيد المشكلات هو الأخبار عن سلسلة من الإضرابات لمدة يومين في ''يوروستار''، خدمة قطار الركاب تحت القناة الإنجليزية، وانهيار شركة Flyglobespan، شركة الطيران الاسكتلندية.
ويتمحور الخلاف في الخطوط البريطانية حول رغبتها في تخفيض التكاليف عن طريق تقليل عدد طاقم الطائرة في معظم الرحلات والحد من زيادات الأجور. وقد وافق طيارو ومهندسو شركة الطيران على إجراءات التقشف؛ إلا أن طاقم الطائرة، الذين تم إبلاغهم بالتغييرات المقترحة في تموز (يوليو)، أقل ميلا لقبول التسوية (مع أن بعضهم وافق على التقاعد الطوعي). وفي 14 كانون الأول (ديسمبر)، قالت Unite، النقابة التي تمثل جميع طاقم الشركة تقريبا البالغ 1500، إنهم صوتوا بأغلبية ساحقة لمصلحة الإضراب.
وفي اليوم التالي قدمت ''الخطوط البريطانية'' طلبا إلى المحكمة العليا في لندن لإصدار أمر قضائي بمنعهم. وتقول شركة الطيران إن Unite لم تجر استطلاعا لأعضائها على نحو صحيح: تم تسجيل بعض الأصوات من أشخاص لم يعودوا موظفين من قبل ''الخطوط البريطانية''، والدعوة لتنظيم إضراب لم تحدد نية الإضراب لمدة 12 يوما متتاليا وعلى وجه التحديد في عيد الميلاد. وتقول الخطوط البريطانية إنه لو كان الأعضاء على علم بهذه التفاصيل، لكان عدد الأشخاص المؤيدين للإضراب أقل. ووافق القاضي وحكم بمنع الإضراب في 17 كانون الأول (ديسمبر). وفي الوقت الذي تم فيه إرسال ''الإيكونوميست'' للنشر، كان من المقرر أن يستأنف رؤساء شركة الطيران والنقابة المحادثات لحل المشكلات المستقبلية.
إن النزاعات الصناعية ليست القضية الوحيدة التي تزعج ''الخطوط البريطانية'' فبعد أكثر من 20 عاما على الخصخصة، لا تزال تعاني تراث ملكية الدولة, فممارسات العمل القديمة تسمح لطاقم الطائرة بقضاء ليلتين في أي وجهة إذا لم يتعطل مسار الوجهة، ما يثير الفوضى حين تتم إعادة توجيه الطائرات بسبب سوء الأحوال الجوية. ووفقا لهيئة الطيران المدني، فإن توظيف مضيف طيران يكلف ''الخطوط البريطانية'' ما متوسطه 29900 جنيه استرليني (49 ألف دولار) كأجور أساسية، مقارنة بـ 20200 جنيه استرليني لشركة الطيران البريطانية EasyJet. ويعمل موظفو ''الخطوط البريطانية'' 900 ساعة كحد أقصى سنويا في الجو، أقل بكثير مما تسمح توجيهات الاتحاد الأوروبي، ويتوقع كثير منهم معاشات تقاعدية سخية.
وتم تعيين Willie Walsh، الرئيس التنفيذي الآيرلندي الفاعل للشركة، عام 2005 للقضاء على مثل هذه الممارسات ومنح الشركة ميزة تنافسية. وليس من المرجح أن يمنح الكثير من التنازلات أمام تشدد النقابة. ويبدو أن المساهمين الأساسيين في ''الخطوط البريطانية'' يؤيدونه: لم يتغير سعر السهم حين تم الإعلان عن الإضراب. ويعتقد كثيرون أن فوائد إعادة هيكلة ''الخطوط البريطانية'' تفوق الأضرار المحتملة من الإضراب الذي يتم التهديد به. وتراوح التقديرات المتعلقة بصافي خسارة الإيرادات المحتملة خلال 12 يوما بين 60 مليون جنيه استرليني و160 مليون جنيه استرليني، في حين أن بعض المحللين قدروا فوائد إعادة الهيكلة عند 60 مليون جنيه استرليني سنويا.
وعلى أي حال، فإن هذه الأرقام هي تغير بسيط مقارنة بالخسائر الأخرى التي قد تتكبدها الشركة. ومن المتوقع بالفعل أن تبلغ ''الخطوط البريطانية'' عن خسارة ما قبل الضريبة لا تقل عن 400 مليون جنيه استرليني سنويا حتى 31 آذار (مارس)، وربما ضعفي هذا المبلغ. وتضررت مساراتها المهمة في أمريكا الشمالية بشدة جراء انخفاض السفر بدرجة رجال الأعمال. وقد يعود إلى سابق عهده بسرعة مع الانتعاش الاقتصادي في أمريكا، وإذا لم تكن زيادات التكلفة من الإجراءات البيئية عالية جدا، فمن المتوقع أن ينتعش السفر لمسافات طويلة والذي تعتمد عليه ربحية ''الخطوط البريطانية''. لكن مثل جميع شركات الطيران الوطنية السابقة في أوروبا، تواجه الشركة منافسة مدمرة على رحلاتها لمسافات قصيرة من شركات الطيران منخفضة التكلفة. وقد يكون الحل الوحيد إنشاء أو التحالف مع شريك منخفض التكلفة.
وكان الاندماج المخطط له مع شركة Iberia الإسبانية للطيران يبدو مزيجا ناجحا قبل عام من الزمن حين تمت مناقشته للمرة الأولى. ويبدو اليوم أشبه بعملية إنقاذ متبادلة. فلا تزال الاقتصادات الوطنية لشركتي الطيران في حالة ركود؛ وتكافح الشركتان مع تكاليف أكبر من إيراداتهما. ويبدو أن Iberia لم تتأثر بنزاع Walsh مع النقابة. وهي متفائلة أيضا لأسباب معقولة بشأن المشكلة الكبيرة الأخرى لـ ''الخطوط البريطانية'': عجزها الهائل في المعاشات التقاعدية. لكن وفقا لمذكرة الاندماج التي تم توقيعها في تشرين الثاني (نوفمبر)، يمكن لشركة Iberia إلغاء الاندماج إذا لم تتمكن ''الخطوط البريطانية'' من التوصل إلى اتفاقية مرضية مع أمناء صناديق معاشاتها التقاعدية.
وفي 14 كانون الأول (ديسمبر) أعلن الأمناء أنهم أعادوا حساب العجز في الصندوقين ووجدوا أنه يبلغ 3.7 مليار جنيه استرليني، بناء على تقييمات 31 آذار (مارس). وتضع ''الخطوط البريطانية'' حاليا 131 مليون جنيه استرليني سنويا للقضاء على العجز. وستساعد هيئة تنظيم المعاشات التقاعدية على تحديد ما إذا كان تقييم الأمناء كافيا وما يجب فعله لسد العجز. وإذا كان يجب على ''الخطوط البريطانية'' أن تدفع مزيدا من المال، قد تنسحب Iberia من عملية الاندماج. ومن المعروف أن تقييمات المعاشات التقاعدية عرضة للافتراضات، وقد يراوح عجز ''الخطوط البريطانية'' بسهولة بين مليار جنيه استرليني وثمانية مليارات جنيه استرليني.
وتحد مثل هذه الشكوك من خيارات ''الخطوط البريطانية''، وكذلك من جاذبيتها في نظر شريك الاندماج. ويجب أن يتم استخدام أي أموال إضافية تولدها الشركة لاستبدال أسطولها المكون من 55 طائرة بوينج 747 قديمة، التي ستخرج من الخدمة بعد خمس سنوات في المتوسط. لكن كم تبلغ الأموال الإضافية التي تملكها الخطوط البريطانية؟ أقل من هذا المبلغ بعد خلافها مع طاقم الطائرة في الشركة، على الرغم من أنها ربحت قضيتها في المحكمة

الأكثر قراءة