وداعا أم إلى اللقاء؟

وداعا أم إلى اللقاء؟

كان الأمر أشبه بقبلة إلى اللقاء منه بقبلة وداع. فبعد 13 أشهرا من الحصول على أموال الحكومة من برنامج إغاثة الأصول المضطربة، تدافعت بنوك أمريكا الكبيرة لسدادها قبل العام الجديد، حيث ترغب بشدة في تجنب وصمة العار والتدخل الذي جلبته تلك الأموال. وفي 9 كانون الأول (ديسمبر)، قال بنك أمريكا إنه سدد مبلغ 45 مليار دولار من الأسهم الممتازة التي تمتلكها الدولة وباع 19 مليار دولار من الأسهم العادية الجديدة. وأعلنت Citigroup و Wells Fargo عن خطط مماثلة في 14 كانون الأول (ديسمبر). ''سدد JPMorgan Chase، البنك الكبير الآخر، ديونه للدولة في حزيران (يونيو)''.
وفي المجموع، من المفترض أن تحصل الحكومة هذا الشهر على 90 مليار دولار من الأسهم الممتازة (هي في الواقع شكل من أشكال الدين)، في حين ستجمع البنوك نحو 50 مليار دولار من الأسهم العادية لزيادة رأسمالها. وستمزق الحكومة اتفاقيتها لتقاسم الخسائر مع Citi. وتعتزم أيضا بيع حصتها البالغة 25 مليار دولار من الأسهم العادية في البنك خلال عام، على الرغم من أنه تم تجميد الخطط المباشرة لبيع ما قيمته خمسة مليارات دولار بعد أن انخفضت أسهم Citi كثيرا بما لا يناسب الخزانة. وعدا ذلك، تشعر البنوك أنها أكثر تفاؤلا. فقد بذل بنك أمريكا جهودا كبيرة لتوظيف رئيس تنفيذي جديد وعين Brian Moynihan، أحد الأشخاص المطلعين في الشركة، في هذا المنصب في 16 كانون الأول (ديسمبر).
ومن المتوقع أن يتضاءل ارتياح دافعي الضرائب من سداد الديون بسبب حقيقة كونهم لا يزالون في وضع صعب بالنسبة إلى الشركات الكبيرة جدا بحيث يجب ألا تفشل. ومن الممكن أن يساعد التنظيم. فقد وافق مجلس النواب على مشروع قانون في 11 كانون الأول (ديسمبر) لتجنب الجراحة الفورية, لكنه سيسمح للمشرفين بمعاقبة البنوك التي تشكل ''تهديدا خطيرا'' عن طريق عرقلة عمليات الاندماج مثلا أو الإجبار على البيع. وينص القانون أيضا على أنه يجب على الدائنين تحمل خسارة بنسبة تصل إلى 10 في المائة إذا فشل البنك. لكن حالما يشعر الدائنون بأن الفشل وشيك، سيرفضون تجديد قروضهم، ويبدأون في الهروب وسحب ودائعهم. ولا يزال مجلس الشيوخ يفكر في مشروع القانون الخاص به. وقد يستغرق الأمر حتى منتصف العام المقبل لإقرار قانون نهائي. ويتحدث أحد مديري صناديق التحوط في ''وول ستريت'' باسم كثيرين حين يقول إن ''البنوك لم تعد خائفة'' من الحكومة.
هل يمكن أن يتأكد الجمهور على الأقل أن البنوك في وضع جيد؟ لقد تم إحراز تقدم كبير, فاحتياطات الديون السيئة مجتمعة للبنوك الأربعة الكبيرة تبلغ 4.3 في المائة من القروض، أو 130 مليار دولار، مقارنة بنسبة 2.6 في المائة قبل عام. وبلغ رأس المال الأساسي، خط الدفاع التالي، 400 مليار دولار. ويلبي هذا الهدف المحدد من اختبارات الجهد لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في أيار (مايو), وهو تقريبا ضعف المبلغ عند نهاية عام 2008. وتحسنت نسب Citi على وجه الخصوص بصورة كبيرة. ويتم الآن تمويل ثلاثة أرباع أصول البنوك الكبيرة من الودائع الثابتة أو الأسهم أو الديون طويلة الأجل.
لكن كما يعلم طلاب البنوك الكبيرة في اليابان، فإن الأمور السيئة قد تكون كامنة في أصول البنوك الكبيرة البالغة 7.4 تريليون دولار (ما يعادل نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا). ولا تزال أصول البنوك من المستوى الثالث، غير السائلة التي من الصعب تقييمها، 346 مليار دولار- ما يساوي تقريبا قيمة رأسمالها الأساسي. والقيمة العادلة للقروض، السعر الذي سيدفعه طرف ثالث لهم، أدنى بمقدار 76 مليار دولار من قيمتها في ميزانيات البنوك، ما يشير إلى أن تقديرات الديون السيئة متفائلة جدا. وأكبر مصدر للقلق هو أن تكون البنوك تحقق أرباحا فقط لأن تكاليف التمويل منخفضة جدا. وفي الربع الثالث، دفعت البنوك الأربعة معدلا سنويا يبلغ 1.4 في المائة على ديونها وودائعها. وتحررت بنوك أمريكا تقريبا من ملكية الدولة، لكن ربما لا تزال مدمنة على التمويل شبه المجاني

الأكثر قراءة