هل هناك ما يسمى مذهب أوباما؟

هل هناك ما يسمى مذهب أوباما؟

هل هناك ما يسمى مذهب أوباما؟

باعترافه شخصيا، تلقى باراك أوباما جائزة نوبل للسلام حين كانت إنجازاته لا تزال ''ضئيلة''. إلا أن لديه خططا كبيرة - بما في ذلك توقيع معاهدة جديدة لخفض الأسلحة النووية مع روسيا، وفي النهاية تخليص العالم من الأسلحة الذرية تماما. وحين تلقى جائزته في أوسلو في العاشر من كانون الأول (ديسمبر)، ألقى أيضا خطابا محفزا للفكر. وبالنسبة إلى البعض مثل Simon Schama، وهو مؤرخ، في صحيفة Financial Times، كانت بلاغة خطابه مماثلة لبلاغة الفيلسوف شيشرون. وبالنسبة إلى آخرين مثل David Brooks، في صحيفة New York Times، كان خطابه يشبه خطابات Reinhold Neibuhr، عالم اللاهوت، مع نظرة تشاؤمية للطبيعة البشرية. والسؤال الذي يستحوذ الآن على المعلقين الأمريكيين هو ما إذا كان خطابه يضع الخطوط العريضة ''لمذهب أوباما'' في السياسة الخارجية. وإذا كان الأمر كذلك، فما هي ماهية هذه السياسة؟
لم يسبق أن زعم أوباما أنه من دعاة السلام. ومع ذلك، يبدو أن منتقديه من اليمين أصيبوا بمفاجأة سارة حين قال في أوسلو إنه ''سيكون هناك أوقات ستجد فيها الأمم - منفردة أو مجتمعة - أن استخدام القوة ليس ضروريا فحسب بل مبرر أخلاقي''. وأشاد Bill Krstol، رئيس تحرير Weekly Standard من المحافظين الجدد، ''بنبرته المتشددة الموالية لأمريكا''. ويبدو أن سارة بالين أعجبت بتعليقه بأن ''الشر موجود في العالم''. (وذكرت الأمريكيين أيضا أن بوسعهم قراءة تأملاتها الخاصة في كتابها الجديد). ومن ناحية أخرى، لا يزال جون بولتون متشائما. واعترض سفير جورج بوش السابق لدى الأمم المتحدة على اعتراف أوباما بأن العالم ''لن يستأصل النزاع العنيف خلال حياتنا''. إنهاء العنف؟ إن مجرد التفكير بمثل هذه الاحتمالية، كما قال على شاشة التلفزيون، ''يكشف سوء الفهم الجوهري للطبيعة البشرية''.
إلا أن ''المذهب'' الرئاسي يجب أن يقول أكثر من مجرد أن أمريكا مضطرة أحيانا إلى القتال، وأحيانا وحدها. والسؤال هو: متى؟ إذا كان لدى بوش مذهب، فهو يتمثل في إيمانه بالحرب الاستباقية، المنصوص عليها في استراتيجية الأمن القومي لعام 2002 التي تم إقرارها في العراق العام التالي. فهل يقبل أوباما، الذي عارض تلك الحرب، فكرة الاستباق في أي ظرف من الظروف؟ لم يتضح هذا في خطاب أوسلو. فقد ذكر مفهوم ''الحرب العادلة'' (الحرب التي يتم شنها كملاذ أخير فقط أو دفاعا عن النفس، بقوة ''متناسبة'' وتجنب قتل المدنيين حيثما كان ذلك ممكنا)، ولكنه قال إن الانتشار النووي والدول الفاشلة جعلت من الضروري التفكير بالحرب العادلة ''بطرق جديدة''. ولم يحدد تلك الطرق. وبعد الإشارة إلى كوريا الشمالية وإيران، قال فقط إنه ''لا يمكن لأولئك الذين يسعون لتحقيق السلام أن يقفوا مكتوفي الأيدي وهم يرون الدول تسلح نفسها للحرب النووية''.
ويتم أحيانا اتهام أوباما بالمثالية الحمقاء (مثل محاولة التواصل مع إيران وكيم جونج إيل رئيس كوريا الشمالية، الذي بعث إليه برسالة الأسبوع الماضي)، فيما يتم اتهامه أحيانا بالواقعية القاسية التي لا تهتم كثيرا بحقوق الإنسان. وحين شنت إيران حملة صارمة على المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في حزيران (يونيو)، كتم انتقاده خوفا من عرقلة المحادثات النووية. ولم تثر إدارته ضجة كبيرة مثل بعض الإدارات بشأن حقوق الإنسان في الصين. وفي أوسلو، دافع عن قراره بمناقشة الأنظمة القمعية عن طريق القول إن ''العقوبات دون تواصل'' و''الإدانة دون مناقشة'' قد تصل إلى طريق مسدود. وفي 14 كانون الأول (ديسمبر)، قالت وزيرة خارجيته، هيلاري كلينتون: ''إن مبادئنا هي نجمتنا الشمالية، ولكن يجب أن تكون أدواتنا وأساليبنا مرنة''.
فهل هذا إذن مذهب خاص بأوباما؟ لقد تحدث مسؤولو بوش أيضا مع كوريا الشمالية وإيران، وكانوا على وفاق أيضا مع الصين وروسيا. ويقول Peter Beinart، من New America Foundation، وهي مؤسسة فكرية، إن ما يجعل أوباما مختلفا حتى الآن هو قناعته أن على أمريكا المتضررة اقتصاديا أن تقلل تدريجيا من التزاماتها الخارجية.
وحين قال أوباما في West Point في بداية كانون الأول (ديسمبر) إنه سيرسل 30 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان، قال أيضا إنه يرفض تحديد أهداف ''تتجاوز نطاق مسؤوليتنا أو مواردنا أو مصالحنا''. وبحكم طبيعتها، يفترض أن تندفع القوة العظمى إلى الأمام في العالم. ويمكن القول إن الفكرة الرئيسية لأوباما، التي قولها أسهل بكثير من تحقيقها، هي أنه يجب على القوة العظمى أيضا أن تعيش في حدود إمكاناتها

الأكثر قراءة