59 % من المنشآت التجارية تتعامل فقط مع السوق المحلية و 1 % مع السوق الخارجية

59 % من المنشآت التجارية تتعامل فقط مع السوق المحلية و 1 % مع السوق الخارجية

جاءت دراسة قطاع الأعمال السعودي ومواجهة التحديات الاقتصادية في ظل استمرارية أوضاع الأسواق العالمية وزيادة حمى السيطرة من قبل حركة التكتلات الاقتصادية الدولية، أو الشركات العملاقة متعددة الجنسية من أجل تقاسم الأسواق أو احتكارها، لمصلحة الدول المتقدمة فقط، وضد مصالح الدول النامية وفي ظل غياب عناصر التكافؤ الحجمي والاقتصادي والتقني والتوازن في العلاقات التجارية الدولية، واتساع حجم الفجوة بين الدول، أصبح لزاماً على معظم الدول أن تعمل بسرعة وباستمرار على إحداث تغييرات شاملة في هياكلها الاقتصادية والإنتاجية والاستثمارية والتقنية والتنظيمية والتشريعية للتوافق مع الأوضاع التنافسية الحادة في الأسواق.
ولما كان قطاع الأعمال السعودي يعمل في إطار بيئة الاقتصاد العالمي والإقليمي، ويتأثر بهما بشدة ويؤثر فيهما بدرجة أقل، ولما كانت المملكة قد دعمت هذا القطاع منذ وقت مبكر وقدمت له عديدا من التسهيلات حتى أصبح إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة يفوق إسهام القطاع النفطي في السنوات الأخيرة، وأصبح يؤدي دوراً بارزاً في قيادة عجلة التنمية الاقتصادية في المملكة، لذلك كان لزاماً على قطاع الأعمال السعودي في ظل مثل هذه الظروف أن يعيد تقويم أوضاعه وتنظيم قطاعاته والاستمرار في تحديد المشكلات والتحديات التي يواجهها من أجل صيانة المكاسب والنتائج التي تحققت بفعل مساندة الدولة له، وحتى يستطيع تفعيل دوره في تحقيق معدلات النمو الاقتصادي في المستقبل بمعدلات أسرع وبطريقة أكثر كفاءة وتنافسية.

أهداف الدراسة

استهدفت الدراسة تحليل وتقويم الوضع الراهن لقطاع الأعمال السعودي بفروعه المختلفة، وقياس دوره التنموي وتشخيص وتحديد المشكلات أو المعوقات التي تواجه هذا القطاع وتحديد نقاط قوته وضعفه، وذلك للتوصل إلى عدد من التوصيات المصحوبة بآليات تنفيذية محددة تهدف إلى تمكين هذا القطاع من مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وزيادة قدرة القطاع على أداء دوره المستقبلي في التنمية الاقتصادية بكفاءة وفاعلية أكبر.

المنهجية المستخدمة

استخدمت الدراسة عدة مناهج بحثية لتحقيق أهدافها، جاء من ضمنها المنهج التاريخي لدراسة تطور دور قطاع الأعمال، والمنهج الوصفي لتوصيف هيكلية منشآته، والمنهج الكمي لتحليل دور القطاع من خلال عدد من المؤشرات الكمية والأرقام القياسية ومعدلات النمو، وكذلك استخدام تحليل نقاط القوة والضعف، كما تم استخدام أسلوبي البحث المكتبي والميداني.

نتائج ومعوقات

تعرضت الدراسة إلى تشخيص المشكلات والتحديات التي تواجه قطاع الأعمال السعودي وتحديد نقاط القوة والضعف للقطاع الخاص،وأسفرت أهم نتائج الدراسة الميدانية عن أن 59 في المائة من مديري المنشآت يتعاملون فقط مع السوق المحلية، و1 في المائة مع السوق الخارجية و40 في المائة مع كلتا السوقين، كما تتسم منشآت قطاع الأعمال بأنها تعتمد على التمويل الذاتي بنسبة 80 في المائة، والاقتراض بنسبة 20 في المائة ومن مصادر تمويلية مختلفة.
وأشارت الدراسة إلى أن نسبة العمالة غير الماهرة في منشآت قطاع الأعمال تراوح بين 70 و90 في المائة بمتوسط راتب يراوح بين 1000 و2000 ريال وتنخفض نسبة الفنيين والمهندسين إلى أقل من 10 في المائة.
وأن 50 في المائة من مديري المنشآت أجاب بأن أجر العامل مساوٍ لإنتاجيته، كما أكد 7 في المائة فقط أن الأجر المدفوع أقل من إنتاجيته، و20 في المائة منهم أفادوا بأن الأجر يفوق إنتاجيته.
ونوهت الدراسة بأن مشكلات التسويق والتنافسية احتلت المرتبة الأولى من بين المشكلات التي تواجه منشآت قطاع الأعمال، تلتها في المرتبة الثانية المشكلات العمالية، وبالمرتبة الثالثة الإجراءات الحكومية، والرابعة المشكلات الفنية والتقنية، وأخيراً المشكلات التمويلية بالمرتبة الخامسة.
واستعرضت الدراسة نتائج تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات التي تواجه القطاع، حيث بينت أن من أهم نقاط القوة أن الاقتصاد السعودي من أكبر الاقتصادات العربية حجماً مقاساً بالناتج المحلي الذي يمثل ربع الناتج المحلي الإجمالي العربي، كما أنه يتسم بوفرة الموارد المالية وصناديق التمويل الحكومية التنموية، ورخص الأيدي العاملة المستوردة، وانعدام الضرائب الإنتاجية والتجارية، وتوافق هيكل الصناعات التحويلية مع الموارد الطبيعية، ووجود حصيلة كبيرة من الموارد المالية للسياحة الدينية (الحج والعمرة).
أما من حيث نقاط الضعف، فتتمثل في ضخامة أعداد المنشآت (الصغيرة والمتوسطة) وضآلة أحجامها التي تمثل نحو 92.5 في المائة من إجمالي عدد المنشآت، ومحدودية أرباحها وإمكانات تطويرها أو تمويلها أو مواجهة التنافسية العالمية، كما أن هناك خطورة من الاعتماد على عمالة غير وطنية وأمية منخفضة المهارة والإنتاجية في تطوير منشآت قطاع الأعمال في ظل التحول إلى اقتصاد المعرفة، ووجود نسبة قدرها 20 في المائة فقط من الصادرات الصناعية السعودية كصادرات متوسطة وعالية التقنية (مقارنة بماليزيا 75 في المائة)، والاعتماد المستمر للقطاع الخاص وارتباطه المباشر بالإنفاق العام للدولة، والمرتبط بالإيرادات النفطية المتذبذبة، فضلاً عن محدودية الطاقة الاستيعابية للسوق المحلية وضخامة حجم السوق غير الرسمية (أي غير النظامية)، وتدني نسبة مشاركة المرأة العاملة في القطاع الخاص (2.5 في المائة فقط ونسبة 65 في المائة منهن غير سعوديات)، وتمثل مشكلة عدم الفصل بين الملكية والإدارة نقطة ضعف لعدم إدارة المنشآت بمديرين محترفين ومتخصصين حيث إن الشركات المساهمة تمثل 12 في المائة من حيث العدد و72 في المائة من حيث رأس المال لمنشآت قطاع الأعمال، أما الشركات ذات المسؤولية المحدودة والتوصية البسيطة فتمثل 81 في المائة من حيث العدد، و26 في المائة من حيث رأس المال، وأخيراً تعاني منشآت قطاع الأعمال ضعف أنشطة وخدمات التسويق وعدم تطبيق أساليب التخطيط والإدارة الحديثة، وضعف الإنفاق على البحوث والابتكارات، وغيابا شبه كامل لدور المرأة السعودية في منشآت قطاع الأعمال وارتفاع نسبة البطالة للمرأة السعودية بصفة عامة والمتعلمة بصفة خاصة (24 في المائة).
واستعرضت الدراسة رؤيتها لتطوير قطاع الأعمال وتمكينه من لعب دوره الريادي في التنمية الاقتصادية في المملكة، تقوم هذه الرؤية على عدد من التوصيات الرئيسة التي يقوم كل منها على عدد من الآليات تضم كل آلية عدداً من المبررات والإجراءات والجهات المكلفة بتنفيذها.

الأكثر قراءة