في مفهوم إدارة الكوارث

إدارة الأزمات والكوارث والمخاطر هي إحدى أهم الهيئات التي لم نخطط لوجودها سواء في أوقات الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات وانقطاع الكهرباء أو الماء أو من صنع الإنسان مثل الحروب وما تسببه من إصابات وضحايا وتأثيرات الإشعاعات النووية والذرية والغازات الكيماوية. وقد تكون أقربها وليس آخرها أحداث أو تسونامي جدة. وقد يكون من المناسب البدء في التجهيز للحالتين من الآن وقبل حدوثها، فهي خطط استراتيجية يقوم معظم الدول بـتجهيزها والإعداد لها, وذلك بوضع قائمة بأنواع الكوارث المحتملة وحتى غير المحتملة وقبل حدوثها, ومن ثم وضع خطط مسبقة لما يمكن عمله قبل حدوث الكارثة. وتخصيص فريق عمل لديه خبرة لكل نوع من الكوارث لوضع كتيب أو دليل إرشادي يكون مجهزا قبل الكارثة ويتم تجديده كل سته أشهر. لأنه في وقت الكارثة تضيع وتشرد الذهون ويحدث الفزع والتهور الذي يزيد من سوء الكارثة. لتكون معروفة للجميع سواء لتوقع كارثة أو حرب أو لتوقع انتشار غازات كيماوية أو سامة بفعل اعتداءات خارجية أو داخلية بسبب غلطة في بعض المختبرات أو خزانات المواد الكيماوية. وهناك محوران مهمان لإدارة الأزمات: الأول خطة مسبقة لحماية وإنقاذ الأرواح والمنشآت أثناء الأزمات والحروب. والآخر هو إعداد خطة عمل للطوارئ واستمرارية العمل في مؤسسات الدولة في حالة حصول أي ظروف طارئة - لا سمح الله -ـ مثل الزلازل والفيضانات وذلك لضمان استمرارية العمل للأجهزة المهمة في الدولة خلال تلك الأزمات Business Continuity & Contingency Plan) وأن نتعلم من مشكلة تعطل أنظمة المعلومات لمطار جدة التي كان من المفروض أن يكون لها موقع آخر مرادف للتخزين Back Up في مدينة أخرى ليتم تشغيله في حالة تعطل موقع جدة!
ويعنى المحور الأول بالتحسب للأزمات قبل وقوعها عن طريق التخطيط المسبق, وهو أمر مهم للغاية, خاصة أننا عشنا غزو العراق للكويت وحرب الخليج والعراق والمتسللين المسلحين وما أصابنا. وعشنا حرب العدو الإسرائيلي وحزب الله وتصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنهم لا يحاربون حزب الله وإنما إيران. وتصريح اليمن بتورط إيران وهي التي تحفر قبرها بتهييج الغرب وآخرها صواريخ سجيل متوسطة المدى, ما يجعلها فرصة لتعريض نفسها لضرب مفاعلها النووي الذي عجزت الطرق الدبلوماسية عن تحقيقه.
وهذه التصريحات توجب علينا الحذر من قيام حرب طاحنة بينهما, وهذا قد يؤثر فينا حيث قد نستهدف. ومع أن الحرب قد تكون محسوبة بدقة بين أمريكا وإسرائيل إلا أنها قد تطولنا, لذلك فإنه يجب علينا أن نتوخى الحذر من كليهما, فالعدو الإسرائيلي لن يأبه لقتل الأبرياء كما فعل مع اللبنانيين! فماذا أعددنا لحماية أنفسنا؟
إننا على الأقل يحب أن نبدأ من الآن في التوعية والتجهيز للكوارث ولمخاطر الحرب. وأهم الخطوات هي البدء في حماية الأرواح والحد من خسائرنا البشرية عن طريق التخطيط والتجهيز للملاجئ تحت الأرض المزودة بمياه للشرب وبعض الأطعمة المحفوظة لنسائنا وأطفالنا على الأقل. وإعادة تأهيل نظام الإنذارات من الصواريخ وتجهيز نقاط إسعاف للطوارئ تحت الأرض. وذلك عن طريق خرائط جغرافية بنظام GPS واضحة لمواقع يمكن الاتصال بينها وبسهولة لتسمح بسرعة توصيل الجرحي إلى المستشفيات أو لحركة الجنود وأفراد الجيش. وأن يتم الإعلان في الصحافة والإنترنت للمواطنين عن تلك الخطط أو على الأقل أن تكون جاهزة ليتم الإعلان عنها وقت الحاجة - لا سمح الله.
الاحتياط واجب ومثل هذه الاستعدادات يجب أن نبدأ بها سواء حلت الحرب أو لم تحل فهي ضرورة تبقى للأيام المشؤومة وللأجيال القادمة. ومعرفة العدو بأن لدينا مثل تلك الخطط قد تقلل من عزيمته على القتال. بينما يعنى المحور الآخر بخطة لاستمرارية العمل BCCP في مؤسسات الدولة المهمة خلال الأزمات, وهي في غاية الأهمية والتعقيد نظراً لأنها تعنى بأخذ الاحتياطات المطلوبة لمتغيرات أو مخاطر يصعب التنبؤ بها وبمصدرها أو حجمها. وهو أسلوب عمل متشعب ومتكامل مصمم ليمكن تطبيقه على جميع أنواع المخاطر المحتملة التي تؤثر في سير العمل في الدولة وتشمل البنية التحتية والأساسية التي تساند عمل الدولة ومؤسساتها المنتشرة في أنحاء المملكة.
وتهدف الخطة بشكل خاص إلى تكوين فريق للعمل وصياغة كتيب أو مرشد للخطة يعنى بما يلي:
* ضمان استمرارية عمل المؤسسات الرئيسة وخطوات المساندة, وذلك بتحديد وتقييم وإدارة ومعالجة المخاطر التشغيلية.
* توفير خدمات غير منقطعة للمواطنين.
* ضمان سلامة وأرواح موظفي تلك المؤسسات من المخاطر.
وعند التفكير في عمليات الطوارئ يجب أن نضع نصب أعيننا ثلاثة عناصر مهمة وهي أن عمليات الطوارئ نادراً ما تسير كما خطط لها, ولذلك فإن تعريف كلمة طارئ يعني فقدان التحكم. لذلك فإن خطة الطوارئ تعطي الإطار العام ونقطة الانطلاق لمواجهة حالات الطوارئ الفعلية. كما أن التعامل مع الحالات الطارئة فريد من نوعه إذ إنه يتطلب التفكير والعمل بصورة غير طبيعية ومخالفة لظروف العمل الاعتيادية. وإن التدريب هو أساس عمليات مواجهة الطوارئ, حيث إن أي عملية لمواجهة الطوارئ لم يسبقها تدريب جيد سيكون مصيرها الفشل.
ولأجل تنفيذ خطة طوارئ واستمرارية العمل فإن هناك نوعين من حالات الطوارئ: محدودة وهي الحالات التي قد تؤثر في استمرارية العمل بصورة مؤقتة, وهي ذات طابع داخلي ويمكن معالجتها ببساطة مثل تعطل الاتصالات المحلية وخطوط الهاتف عالية السرعة للكمبيوتر Leased Lines أو تعطل البرنامج الحاسوبي الرئيس لشبكات الكمبيوتر Main farme soft ware.
أو عامة وهي حالات توقف العمليات الاعتيادية في مقر العمل وتوجب الانتقال إلى مقر مؤقت خارج المبنى لضمان أو إعادة استمرارية الحد الأدنى من العمل, خاصة في حالات الحرب أو الزلازل. لذلك فإن الموقع البديل حسب المقاييس العالمية لا بد أن يكون بعيداً بمسافة لا تقل عن 250 كيلو مترا أو في مدينة أخرى. أو في حالات انقطاع التيار الكهربائي للمحطات الرئيسية أو امتناع الدخول للمبنى سواء بسبب حريق، انهيار، متفجرات، أو انفجار ماسورة مياه أو مجار. هذه الحالات حتى لو كانت دون خسائر بشرية فإنها تسبب منع الوصول إلى المنشأة, وهي حالات ربما تتطلب إخلاء الموظفين من المبنى, وبالتالي لا بد من تحديد مكان لإخلاء الموظفين ونقاط تجمعهم ويلزم الوضع وجود طبيب.
الموضوع يستوجب هيئة وفريق بحث علميا لوضع الأسس لإدارة الأزمات والكوارث, كما يحتم علينا دراسة المتغيرات المناخية العالمية وظاهرة زيادة معدلات الحرارة, فقد نتوقع أن يأتي اليوم الذي تصل فيه الحرارة إلى درجات فوق 50 درجة وعندها يجب أن نخطط لملاجئ مكيفة للحماية من الحرارة. أو احتمال زوابع أو ريح صرصر عاتية وكميات غبار تخنق الأصحاء! حمانا الله من كل شر, لكن الاحتياط واجب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي