غرفة الشرقية.. تاريخ انطلق من شقة متواضعة وحاضر يسعى إلى المستقبل
تعود فكرة إنشاء غرفة الشرقية إلى اللقاء التشاوري بين الأمير سعود بن جلوي أمير المنطقة الشرقية في الستينيات الهجرية، والشيخ حمد بن أحمد القصيبي رحمهما الله، حيث لم تكن هناك أي ميزانية أو إمكانات، الأمر الذي دفع الشيخ القصيبي إلى دفع رواتب موظفي الغرفة ومصروفاتها لمدة شهرين تقريبا، وعقب بدء عمل الغرفة الفعلي واختيار أعضاء مجلس إدارتها، كتب رئيسها آنذاك الشيخ حمد بن أحمد القصيبي إلى الأمير سعود بن جلوي، خطابا يشير فيه إلى رغبة الغرفة في انتداب السكرتير العضو عبد الله الصالح أبا الخيل إلى جدة، للقاء المسؤولين في غرفتهم، للتشاور معهم حول تجربتهم وممارستهم العمل في الغرفة، حيث لم يكن لدى غرفة الشرقية أي مطبوعات أو طرق لممارسة العمل، وكان الاجتهاد هو وسيلتها الوحيدة للتصرف ،وبإمكانات محدودة، لذا جاءت فكرة الاستعانة بمن سبقوا الغرفة في هذا العمل.
وأنشئت غرفة الشرقية بمرسوم ملكي تحت اسم (غرفة تجارة وصناعة المنطقة الشرقية)، وباشرت عملها في الثالث من شوال للعام الهجري 1372، حيث لم يكن في ذلك الوقت سوى غرفتين جدة، ومكة المكرمة.
وقبيل افتتاح الغرفة بأيام، أقر مجلس الشورى السعودي في شهر رمضان من العام ذاته، إضافة عدد من المواد الجديدة التي تحدد نشاطات الغرف التجارية، وتنظم اختصاصاتها، ومجالات عملها، مما جعل الغرفة تبدأ على أسس متينة وسليمة.
## عدد المشتركين 19 منتسبا
#5#
وفي الأشهر الأولى من بداية عمل الغرفة لم يزد عدد منتسبيها على 19 منتسبا، ولكن مع ازدياد نشاط الغرف خلال فترة قصيرة من بدء العمل الفعلي لديها أصبح الإقبال على الانتساب في غرفة الشرقية كبيرا، ولكونها اعتبرت إحدى المرجعيات المهمة في المنطقة الشرقية إلى جانب الإمارة، شركة أرامكو، الميناء وسكة الحديد(اللذين كانا مؤسسة واحدة في ذلك الوقت)، حيث كانت إمارة المنطقة الشرقية تحيل إلى الغرفة قضايا التجارة لتقوم بالتحكيم فيها، وكان الأمير يراجع هذه الأحكام ويأمر بتنفيذها فورا، فقد كانت الغرفة في تلك الفترة ولسنوات متتالية تمثل التجارة، الزراعة، الصناعة، والخيرة في مجالات عديدة.
#3#
## أول تقرير
وقد كان أول تقرير عن سير العمل في غرفة الشرقية بعد شهر واحد من بداية عملها الفعلي والذي قام بتسجيله سكرتير الغرفة آنذاك ينص على « افتتحت غرفة تجارة وصناعة المنطقة الشرقية بعد الحصول على موافقة ملكية بذلك، عن طريق الأمير سعود بن جلوي أمير المنطقة الشرقية في كتابة رقم 140806، وقد باشرت عملها في الثالث من شوال سنة 1372 هـ، وإن كانت قد افتتحت قبل هذا التاريخ، وبذلك تكون مدة استمرارها في العمل حتى الآن هي شهر وخمسة أيام، وكان الإقبال عليها قليلا في أول المدة، إلا أن ذلك كان بسبب اقتراب العام الهجري من الانقضاء، وأظن السبب في ذلك لشك التجار من أن الاشتراك لعامين اثنين، وعدم رغبتهم في أن تحتسب الأشهر القليلة الباقية من عام 1372 هـ من اشتراكهم، وقبضت الغرفة التجارية حسب سندات مقيدة ومحفوظة في سجل اليومية 1785 ريالا، كما أن لديها دينا مقداره 95 ريالا عربيا نرجو أن يسدده أحد الأعضاء، وبذا يكون مجموعة دخل الغرفة 1880 ريالا، وقد نتج هذا المبلغ من اشتراك في الدرجة الأولى لعدد 13 تاجرا، واشتراك في الدرجة الثانية لعدد ستة تجار، وعدد 12 رخصة مزاولة مهنة، وعدد ثلاث مشتركين كل منهم بمبلغ 45 ريالا على اعتبار أنهم درجة ثالثة، وقد قرر مجلس إدارة الغرفة إلغاءها، ويبلغ مجموع رخص المهن المقطوعة 34 رخصة، أما من ناحية مصروفات الغرفة، فلم تصرف الغرفة شيئا، لذلك فإن خانة المنصرف لا تزال فارغة».
#4#
## التجار يتولون البحث والحل والتحكيم
وكانت الغرفة في السابق مركزا لالتقاء التجار وحوارهم ومناقشة مصالحهم، حيث لم يكن هناك موظفون إداريون في الغرفة إلا للتسجيل، المحاسبة الصندوق، وكان التجار أنفسهم يتولون البحث والحل والتحكيم، وذلك لأن تصور وجود جهاز فني في الغرفة لم يكن موجودا سواء في غرفة الشرقية أو غيرها، وربما لأن بساطة الحياة التجارية حينها، وقلة المشتركين مقارنة بالوقت الحالي، لم تكن في حاجة إلى تكوين مثل هذا الجهاز الذي يتولى أعمالا مختلفة لخدمة المنتسبين، حيث كانت الجهود تلقائية في تناولها واتخاذها، وكانت الرغبة من الأعضاء في تقديم الخدمة لزملائهم، والسعادة بالنمو الذي كان يسير فيه الاقتصاد الوطني، عاملا مهما في تكاتف الجميع للعمل وخدمة أنفسهم بأنفسهم.
## مجلس الإدارة يجتمع أسبوعيا
وبحكم مقدمات النمو الكبيرة في السعودية عموما والمنطقة الشرقية خصوصا، واهتمام رجال الأعمال بنشاطاتهم، كانت الروح التي تميزت بها تلك الفترة بعفويتها وانطلاقها وتكاتفها، وقد زاد ذلك من نشاط الغرفة وحرص الجميع على الالتقاء فيها، فكانت اجتماعات مجلس الإدارة تتم أسبوعيا وأحيانا أكثر من مرة في الأسبوع.
## «البيت المثالي» أول معرض للغرفة
كان أول معرض تنظمه غرفة الشرقية في حزيران (يونيو) عام 1973 تحت عنوان «البيت المثالي»، حيث دشنه آنذاك الأمير عبدالمحسن بن جلوي أمير المنطقة الشرقية، وأقيم في مبنى الغرفة، وكان الإقبال عليه كبيرا سواء في عدد الشركات الوطنية المساهمة أو في عدد الزوار، كذلك عقدت اللجنة الصناعية في الغرفة ندوتها الأولى في مقر الغرفة عام 1980، وحضرها عدد من رجال الأعمال في ذلك الوقت، وناقشت عددا من الموضوعات الحيوية المتعلقة بالصناعة المحلية التي من أهمها «مشكلات التسويق، استقدام الأيدي العاملة، ومواصفات الجودة النوعية».
## اختيارها كأمانة لاتحاد الغرف الخليجية
احتضنت غرفة الشرقية دعوة مديري الغرف الخليجية التجارية والصناعية والزراعية للاتحاد لوضع مشروع النظام الأساسي لاتحاد غرف الخليج، وذلك بناء على توصية مؤتمر التنمية الاقتصادي لدول الخليج الذي عقد عام 1976 في جدة، حيث اختيرت غرفة الشرقية كأمانة عامة إلى أن يتم إنشاء الاتحاد، وذلك لاقتناع المؤتمر بقدرة غرفة الشرقية على حمل هذه المسؤولية في قضية من أهم القضايا المشتركة بين الدول العربية الخليجية.
## الحاسب الآلي
في عام 1982 أدخلت غرفة الشرقية نظام الحاسب الآلي في جمع المعلومات التي تخدم قطاع المال والاقتصاد، ونظرا لاتساع أعمال الغرفة، نتيجة للخدمات المقدمة لمنتسبيها الذين تجاوز عددهم في ذلك ستة آلاف مشترك، حيث يتميز الحاسب الموجود في الغرفة بجمع المعلومات والتحليلات باللغتين العربية والإنجليزية.
#2#
## الأول لرجال الأعمال السعوديين
نظمت غرفة الشرقية في آذار(مارس) 1983 المؤتمر الأول لرجال الأعمال السعوديين الذي حضره الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، وزير التخطيط، وزير التجارة، وزير الصناعة والكهرباء، وزير المواصلات، في ذلك الوقت، إلى جانب 600 رجل أعمال من مختلف مناطق السعودية، وكان شعاره «من أجل مساهمة أفضل للقطاع الخاص في التنمية».
## بداية العمل في شقة صغيرة
باشرت الغرفة عملها لأول مرة عام 1952 في شقة صغيرة من غرفة واحدة وصالة بسوق عيال ناصر في الدمام، ثم انتقلت إلى شقة صغيرة مكونة من غرفتين داخل السوق التجاري في الدمام، وانتقلت بعدها شقة أكبر في عمارة المطلق مكونة من ثلاث غرف وصالة، ولم يكن عدد المنتسبين وقتها يتجاوز 19 منتسبا، وكل هذه المباني التي عملت بها الغرفة لا وجود لها اليوم.
## مباني الغرفة
وكان أول مبنى لغرفة الشرقية على شارع الظهران في مدينة الدمام، واستمر مقرا للغرفة لعدة سنوات، إلى أن انتقلت إلى مبناها الثاني في الشارع التاسع الذي يتقاطع مع شارع الملك خالد في الدمام الذي تم افتتاحه في عام 1972 تحت رعاية الأمير عبدالمحسن بن جلوي أمير المنطقة الشرقية حينها، وفي عام 1982 انتقلت الغرفة إلى مبناها الثالث، وفي عام 1986 وفي إحدى جلسات مجلس إدارة الغرفة لدورته العاشرة، انطلقت فكرة إقامة مبنى جديد للغرفة، حيث كان الدافع الرئيسي لهذه الفكرة التوسع الذي حدث في نشاطات وفعاليات الغرفة، ونتيجة للتطور الكبير الذي حدث على مستوى السعودية عموما والمنطقة الشرقية خصوصا.