إنهم يمنعون بناء المآذن

إنهم يمنعون بناء المآذن

أبدأ بقصة أحاول اختصارها لفلبيني يعمل في الرياض لم يحدثه أحد عن الحور العين ولا أنهار الجنة ولا حميم جهنم، يقول إن سيارته تعطلت فاضطر للذهاب بسيارة أجرة للعمل في مقر عمله في حي في أطراف الرياض ذلك الوقت، وعند خروجه ظهرا وفي درجة حرارة تتجاوز 45 درجة لم يستطع أن يجد سيارة أجرة، فاضطر للمشي على جانب الطريق متمنيا مرور سيارة ما، ولم يكن له أن يتوقف، فلا شجرة يستظل بها ولا جدار يستند إليه، لذلك فالمشي هو أفضل الحلول.

فجأة توقفت سيارة خاصة يقودها سعودي وعرض توصيله، لم يكن السعودي يتكلم الإنجليزية ولم تكن عربية الفلبيني جيدة، ولكنها كانت كافية في أن يفهم أن الرجل يرغب إيصاله ''قدام.''

يقول الفلبيني إن السعودي أطفأ مكيف السيارة، كنت غاضبا من ذلك'' يقول الفلبيني ''ولكني لا أستطيع أن أتذمر، فهذا الرجل يساعدني بتوصيلي على الأقل.

ولكن بعد دقائق قام الرجل بتشغيل جهاز التكييف، استغربت ذلك ولكني لم أعلق، وبعد وصولنا لمنطقة مأهولة مقارنة بمكان عملي أشار لي السائق أنه سيتجه شمالا، فأشرت له أن ينزلني لأني سأتجه في اتجاه آخر، شكرته وأنا أنزل من السيارة ولكن لم أستطع إلا أن أسأله ''لم أطفأت التكييف ثم أعدت تشغيله؟'' وفوجئت برده حيث فهمت مما قال إنني كنت أتصبب عرقا فخشي أن أصاب بلفحة هواء فأمرض، لذلك انتظر حتى جف عرقي وارتحت فقام فأعاد التشغيل.

كان هذا أمرا شغل تفكير الفلبيني لأيام، كيف يحرص عليه شخص لا يعرفه أكثر من حرصه على نفسه، وأسلم هذا الرجل لأنه قابل مسلما سمحا لدقائق في حياته ولكنه قلب حياته (وربما آخرته) رأسا على عقب.

ثم نتساءل ''كيف لا يسمحون لنا ببناء المآذن؟'' ''ما هذه الديمقراطية التي يتحدثون عنها؟'' ''هذه عنصرية الغرب، الحمد لله أننا مسلمون''.

ولكننا لانشغل أنفسنا أبدا في البحث عن السبب، فالمؤمن من أمِنَه الناس على دمائهم وأموالهم، فهل نحن حقا مؤمنون؟!

عدد القراءات: 268

* هذه المادة منتقاة من الإقتصادية الإلكترونية تم نشرها اليوم في النسخة الورقية

الأكثر قراءة