الهيئة الاستشارية .. دور متعاظم
كان من حكمة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس ـ حفظهم الله ـ إنشاء الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى, وذلك من خلال القرار الذي اتخذه المجلس الأعلى لمجلس التعاون في دورته الثامنة عشرة المنعقدة في دولة الكويت في ديسمبر 1997م من أجل توسيع قاعدة التشاور وزيادة المساهمة الشعبية في بناء صرح مسيرة مجلس التعاون. وكان لهذا القرار صداه الواسع آنذاك في الأوساط الخليجية وفي الوطن العربي وخارجهما نظراً لأهميته. وقد عُقد الاجتماع المراسمي لإعلان قيام الهيئة في نوفمبر 1998م في دولة الكويت تحت رعاية حضرة صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت ـ رحمه الله.
وتمارس الهيئة الاستشارية مهامها وفق آلية تتفق ونظامها ولائحتها الداخلية التي اعتمدهما المجلس الأعلى في دورته الثامنة عشرة. فبعد صدور التكليف من قبل المجلس الأعلى للهيئة الاستشارية وبدء الدورة الجديدة لمجلس التعاون، تعقد الهيئة الاستشارية اجتماعاً تختار فيه الرئيس ونائبه لدورتها الجديدة، بحضور معالي الأمين العام لمجلس التعاون الذي يتولى فيه نقل توجيه المجلس الأعلى إلى الهيئة. ثم تجري مناقشة عامة للموضوعات المكلفة بدراستها على أساس ما تقدمه الأمانة العامة من مذكرات ومعلومات بشأنها، وما يعرضه الأعضاء من ملاحظات وتعقيبات بشأن جميع الموضوعات، ثم يصار إلى تشكيل لجان من أعضائها، لكل موضوع لجنة لدراسته بالتفصيل، ويعد أعضاء اللجان دراسات وأوراق عمل لكل موضوع، وقد يستعان ببعض الخبراء المتخصصين، ثم تقوم كل لجنة بإعداد مسودة مشروع مرئيات الهيئة الخاصة بهذا الموضوع. وقد تحتاج بعض اللجان إلى أكثر من اجتماع. وبعد انتهاء اللجان من إعداد مشاريع المرئيات، تعقد الهيئة اجتماعاً عاماً لمناقشة ما وضعته لجان الهيئة والاتفاق على صيغة موحدة لمرئياتها بشأن الموضوعات المحالة إليها التي ترفعها إلى المجلس الأعلى.
ورغبةً من الهيئة في تقييم أدائها وتطويره بشكل مستمر شكلت الهيئة لجنة للرئاسة، تتولى هذه اللجنة تنسيق العمل في الهيئة، والبحث في إمكانية تطوير أداء الهيئة، وتقديم مقترحات بهذا الشأن. كما يكون للجنة الرئاسة دور في متابعة تنفيذ مرئيات الهيئة، وتقديم مقترحات بهذا الشأن. وتشارك هذه اللجنة في الاجتماع السنوي المشترك مع المجلس الوزاري الذي تناقش فيه مرئيات الهيئة الاستشارية.
وقد حظيت الهيئة الاستشارية برعاية واهتمام أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون، ورعوا مسيرتها، وعبروا عن ذلك خلال لقاءاتهم ـ حفظهم الله ـ مع أعضائها. وإيماناً من القادة بدور الهيئة وتجربتها ومستوى التمثيل فيها، فقد كلف المجلس الأعلى الهيئة بدراسة أكثر من 24 موضوعاً منذ إنشائها، تنوعت هذه الموضوعات بين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والبيئية. وكان من أبرز الموضوعات التي درستها الهيئة الاستشارية وقدمت مرئياتها حولها إلى المجلس الأعلى لمجلس التعاون واعتماد المجلس الأعلى هذه المرئيات خلال دوراته المختلفة وأحالها إلى اللجان الوزارية والجهات المعنية في الدول الأعضاء لتنفيذها: توظيف الأيدي العاملة المواطنة وتسهيل تنقلها فيما بين دول المجلس وتقويم مسيرة التعاون الاقتصادي في دول المجلس وإعداد ملف استرشادي حول تنفيذ استراتيجية التنمية الشاملة بعيدة المدى 2000 – 2025م وموضوع التعليم وتطوير المنظومة التعليمية، والطاقة والبيئة واستراتيجية المياه، والبحث العلمي والتقني، والشباب ووسائل رعايتهم في دول المجلس وقضايا الإعلام والتعامل مع التكتلات الاقتصادية الإقليمية والدولية، وموضوع المرأة وتأكيد دورها الاقتصادي والاجتماعي والأسري، والمعالجة الشاملة لقضايا السكان، وإصلاح الاختلال في التركيبة السكانية، وتقييم مسيرة مجلس التعاون عبر 23 سنة الماضية، ودور القطاع الخاص في تعزيز التواصل بين أبناء دول مجلس التعاون، ومعوقات التبادل التجاري بين دول المجلس، وظاهرة الإرهاب، وظاهرة التضخم، ومشكلة الباحثين عن عمل في دول المجلس، والأزمات المالية العالمية وتأثيرها في دول المجلس، والأمن الغذائي والمائي لدول المجلس. ووفاءً بالثقة الغالية التي يوليها أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس إلى أعضاء الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى، فإن أعضاء الهيئة يحرصون دائماً إلى تفعيل دورهم الريادي في مسيرة مجلس التعاون.