ما الفرق الذي تحدثه؟

ما الفرق الذي تحدثه؟

يبدو من المحتوم أن تكون الأخبار الجيدة في بغداد متبوعة بأخبار سيئة. ففي وقت سابق من هذا الشهر، تحسن المزاج العام حين تم الإعلان عن مقتل عدد أقل من العراقيين نتيجة العنف في تشرين الثاني (نوفمبر) عما كان عليه العدد في أي شهر سابق منذ الغزو الأمريكي عام 2003. (كانت الحصيلة كبيرة، إذ بلغت 88، ولكنها أقل بكثير من الثلاثة آلاف شخص الذين كانوا يلقون حتفهم شهريا في خضم حمام الدم الطائفي قبل ثلاث سنوات) وبعد شهور من الجدل، تم أخيرا المصادقة على قانون انتخابات في السادس من كانون الأول (ديسمبر)، مما يمكّن إجراء الانتخابات العامة في أوائل العام المقبل، ربما في السابع من آذار (مارس).
ولكن تماما مثلما كان يبدو أن الوضع سيعود إلى طبيعته أخيرا، اهتزت بغداد جراء أحد أعنف سلسلة تفجيرات لهذا العام. ففي الثامن من كانون الأول (ديسمبر)، تسببت خمسة انفجارات متزامنة تقريبا بمقتل ما لا يقل عن 120 مدنيا. وكان من بين الأهداف مجمع محاكم بالقرب من المنطقة الخضراء المحصنة، حيث يقيم رئيس الوزراء والبرلمان. ولقي عديد من المحامين الشباب الذين اصطفوا لإجراء مقابلات عمل ككتاب في المحكمة حتفهم في الخارج. واشتعلت النار في عشرات السيارات، مما تسبب في سلسلة من الانفجارات الثانوية. وانفجرت أربع سيارات مفخخة أخرى في أماكن أخرى في بغداد، وضربت مجمع لوزارة الداخلية وأكاديمية للقانون وبعض المباني المستخدمة من قبل وزارة المالية منذ أن تم تفجير مبناها القديم في آب (أغسطس) وبعض المباني بالقرب من مصفاة النفط الكبيرة في بغداد.
ولم تتم معرفة الجناة، ولكن يفترض أنهم جماعة عراقية سنية معارضة للتعزيز التدريجي للعراقيين الشيعة باعتبارهم الطائفة الحاكمة للدولة، على الرغم من أن التجمعات الانتخابية الرئيسية في فترة الاستعداد للانتخابات تحاول تشكيل جبهات طائفية واسعة لاجتذاب مزيد من السنة إلى المؤسسة الجديدة. وقد يلجأ المفجرون للقاعدة للحصول على المساعدة والإلهام أو ربما يتوقون لعودة الحكم البعثي الاستبدادي من قبل صدام حسين. وعلى أية حال، قد يكون هذا نمطا جديدا من الهجوم. وقبل ثلاث سنوات، فازت الأغلبية العربية الشيعية بالحرب الأهلية الطائفية الدموية ضد السنة، حيث تم تحريض الميليشيات ضد بعضها بعضا؛ ومن المستبعد أن يتم استئناف شيء من هذا القبيل. وقبل عامين، بدأ التمرد السني، الذي كان على أشده في محافظة الأنبار غرب بغداد، بالضعف حين انقلب زعماء القبائل السنية، تحت رعاية أمريكا، ضد القاعدة وبدأوا بتقبل الهيمنة الجديدة للشيعة استنادا إلى الفكرة بأنه ستتم مكافأة شعبهم بوظائف حكومية وحصة في النظام الأمني الجديد. والآن، يظهر المتمردون المتشددون، الذين أدركوا أنهم لا يستطيعون الإطاحة بالقوى الجديدة، أنهم لا يزالون قادرين على إيجاد الفوضى عن طريق مهاجمة الأهداف السهلة مثل المباني الحكومية. وفي آب (أغسطس)، تسببت ست قنابل بالقرب من الوزارات، بما في ذلك وزارتا المالية والداخلية، في مقتل نحو 100 شخص وإصابة أكثر من 500. وفي تشرين الأول (أكتوبر)، أدى انفجار سيارتين مفخختين بقرب وزارة العدل والمبنى الحكومي الرئيسي في بغداد إلى مقتل أكثر من 155 شخصا. وكانت قنابل هذا الأسبوع مماثلة في نوعها وهدفها، على الرغم من أنه تم استخدام الحافلات الصغيرة بدلا من الشاحنات؛ ويتم تطبيق الحظر على المركبات الكبيرة في وسط المدينة بصورة أكثر صرامة. وأحد أهداف المفجرين هو منع الناس من التصويت. ومن غير المحتمل أن يحققوا ذلك، على الرغم من أن الخوف قد يمنع البعض من الذهاب إلى مراكز الاقتراع. والهدف الآخر هو زرع الفتنة بين النخبة الشيعية والسنة التي تحاول، بدرجات متفاوتة من النجاح، اجتذابهم. ويتهم بعض الشيعة السياسيين السنة بالخضوع سرا للمتمردين، بل ومساعدتهم، في حين يلوم غيرهم رئيس الوزراء الشيعي، نوري المالكي، الذي أثار الآمال الكبيرة حين زعم أنه جعل العراق، وخاصة بغداد، أكثر أمنا خلال فترة ولايته

الأكثر قراءة