أسوار النظام الهشة
تندلع الاحتجاجات في إيران على فترات غير منتظمة منذ أن عاد الرئيس محمود أحمدي نجاد إلى السلطة في انتخابات حزيران (يونيو) غير النزيهة. وكان آخرها في السابع من كانون الأول (ديسمبر)، المعروف رسميا بأنه ''يوم الطلاب''. وفي جميع أنحاء الدولة، تمكن عشرات الآلاف من المتظاهرين من الإفلات من قوات الأمن، وشقوا طريقهم خارج الجامعات متجهين إلى الشوارع، حيث انضم إليهم المتظاهرون من غير الطلاب. وكانت هناك تقارير عن مئات الاعتقالات وحالات الضرب المبرح من قبل ميليشيا الباسيح المخيفة، التي تخضع للحرس الثوري، المتنمرين المسلحين في النظام الإسلامي. وفي طهران، العاصمة والمدينة الأكثر اضطرابا، وفي اليوم التالي للمظاهرات، تمت مهاجمة طلاب الكلية التقنية في الجامعة مرة أخرى من قبل عناصر يرتدون ثيابا مدنية، وتم القيام بالمزيد من عمليات الاعتقالات.
بالنسبة للمرشد الأعلى للدولة، آية الله علي خامنئي، وكبار الأعضاء في الأجهزة الأمنية في إيران، فإن كل هذا جزء من ''الحرب الناعمة'' - من التضليل والتخريب والاستفزاز - التي تم شنها على النظام من قبل أعداء الأمة. وفي وقت سابق من هذا الشهر، قامت فرقة من الممثلين الموالين للحكومة بتمثيلية بشعة لإعادة اللحظات الأخيرة لندا آغا سلطان، التي شوهد موتها برصاص الشرطة في العشرين من حزيران (يونيو) على شاشات التلفزيون في جميع أنحاء العالم، لتخليد الفكرة الزائفة بأنها قتلت من قبل قوى غربية. وتدور التكهنات حول الوفاة عن طريق السم لطبيب كان يعمل في سجن تم فيه قتل سجناء المعارضة وتعذيبهم هذا الصيف. وتعرضت شيرين عبادي، المحامية في حقوق الإنسان والحائزة على جائزة نوبل للسلام والتي انتقدت النظام من الخارج، للتهديد بالمقاضاة بتهمة التهرب من الضرائب إذا تجرأت على العودة للوطن.
ويسود التجهم في طهران حتى في الأيام الهادئة. وتقوم كتائب من الشرطة بدوريات في الشوارع الرئيسية والحدائق تحت ذريعة مكافحة تعاطي المخدرات والوقوف المزدوج للسيارات (وفي حالة النساء في إيران) مكافحة وضع كميات كبيرة من الآي لاينر. ويعتقد الكثيرون أن الهدف من كل هذا التهديد هو تخويف المعارضة.
والوحشية والتباهي هي تكتيكات الدولة المفضلة لإضعاف ''الحركة الخضراء''، كما تعرف تيمنا بألوان الحملة لقائدها، المير حسين موسوي، الذي يعتقد على نطاق واسع أنه فاز بانتخابات حزيران (يونيو). وخلال الصيف، كان هناك تدفق مستمر للتقارير التي تصف موت المعارضين في الشوارع والتعذيب في السجون. وتم عرض العشرات منهم في محاكمة صورية واجهوا فيها مجموعة من التهم الخطيرة.
ولكن يبدو الآن أن مثل هذه التقنيات أفسحت المجال لنوع أذكى ولكن أكثر عزما من الاستبداد. فبعد أن عانى بعض أبرز معارضي أحمدي نجاد الأمرين في السجن، تم أخيرا الإفراج عنهم بانتظار الاستئناف. ويبدو أن السلطات تمكنت من إسكات بعض المحتجزين الذين تم الإفراج عنهم من خلال المطالبة بكفالة باهظة أو تهديدهم وتهديد عائلاتهم بتعريضهم لمزيد من الأهوال. وتجنبت السلطة القضائية تحويل الشخصيات السياسية إلى شهداء. والمعارضون الخمسة الذين تم الحكم عليهم بالإعدام لمشاركتهم في اضطرابات هذا الصيف ليسوا معروفين.
وفي الوقت نفسه، يصف الإيرانيون في كثير من مناحي الحياة التشديد البطيء ولكن الملموس في الأوضاع. وتم إضافة اسم Parastu Forouhar، الابنة الشجاعة لمعارضين قتلوا على يد عناصر الحكومة عام 1998 إلى قائمة النشطاء البارزين والمحامين في حقوق الإنسان وصانعي الأفلام الممنوعين من مغادرة البلاد. وفي الخامس من كانون الأول (ديسمبر)، تمت مصادرة جواز سفرها حين حاولت مغادرة البلاد إلى ألمانيا التي تقيم فيها.
ويتزايد عدد الصحف ومواقع الإنترنت المناهضة للحكومة التي تم حظرها، في حين يدعو المسؤولون إلى اتخاذ تدابير أكثر تشددا للحد من التأثير الضار للعادات الغربية على السكان الآمنين. وتشمل الأفكار الجديدة تسليم السيطرة على بعض المدارس لرجال الدين، والفصل بين الجنسين في الجامعات، وحظر الماكياج لمذيعات التلفزيون. ويروج بعض المسؤولين أيضا لمؤسسة الزواج المؤقت الإسلامي الشيعي القديمة باعتبارها بديلا عن العلاقات غير المشروعة خارج إطار الزواج على الطراز الغربي. وغالبا ما تدور المحادثات في الأسر من الطبقة الوسطى حول طلبات الهجرة والتأشيرات.
درجات من اللون الأخضر
وعلى أية حال، وعلى الرغم من الجهود المبذولة هذا الشهر، إلا أن الاحتجاجات فقدت بعض نشاطها. والمسؤولون الدعائيون الحكوميون يصورون الحركة الخضراء بأنها تافهة. ويفسر الخوف والإنهاك جزئيا انخفاض عدد المتظاهرين، ولكن قد يكون السبب أيضا الحيرة بشأن أهداف وقدرات المتظاهرين. وعلى حد تعبير إحدى ربات البيوت في طهران، فإن ''المشكلة هي أن المعارضة ليست متفقة على ما تريده''.
وفي أعقاب الانتخابات، كان للحركة هدف بسيط وجذاب: استبدال أحمدي نجاد بموسوي. وانخفضت الاحتجاجات حين اتضح أن المرشد الأعلى، الذي يملك القرار الأخير في جميع شؤون الدولة، سيحمي الرئيس، وحين اتخذ أسلوب القوة المفرطة ضد المتظاهرين. ومنذ ذلك الحين، امتنعت السلطات عن اعتقال موسوي والمرشح المهزوم الثاني الذي تحول إلى زعيم معارض، وهو مهدي كروبي، على الرغم من الدعوات الصاخبة من قبل المتشددين المتطرفين.
وعلى الرغم من أنهما نظما حملتهما الداعية للديمقراطية بمثابرة وشجاعة، إلا أن موسوي وكروبي لا يزالان يعلنان ولاءهما للجمهورية الإسلامية، وخاصة ''لولاية الفقيه''، نظام الحكم الديني الذي ورثه خامنئي عام 1989 بعد وفاة مؤسس النظام، آية الله روح الله الخميني. ويعربان كذلك عن تأييدهما الكبير لهدف إيران المعلن والمتمثل في تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الوقود النووي، ويلتزمان بالخط الرسمي، المرفوض على نطاق واسع في أوروبا وأمريكا، بأن إيران مهتمة فقط بإنتاج الطاقة للاستخدام المدني وليس لتصنيع أسلحة نووية. ولكن مع تزايد تطرف مؤيدي المرشحين المهزومين، بدأت وجهات النظر هذه حول القضايا النووية تبدو قديمة نوعا ما.
الملل من الفقيه
وبالنسبة لعشرات الآلاف من الإيرانيين، في طهران وغيرها من المدن مثل مشهد وأصفهان، الذين لا يزالون مستعدين للمخاطرة بتلقي ضربة هراوة أو الغاز المسيل للدموع، ناهيك عن احتمالية الاعتقال والاختفاء، فإن ولاية الفقيه لم تعد لها فائدة. وحين يخرجون للاحتجاج، لا يدعو مثل هؤلاء فقط إلى الإطاحة بأحمدي نجاد، بل أيضا بخامنئي. وتم استبدال الشعار القديم ''الموت لإسرائيل'' بشعار ''الموت لروسيا'' و''الموت للصين'' - في إشارة إلى الحماية الدبلوماسية والاقتصادية التي تحظى بها إيران من هذين العضوين البارزين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وإلى ما يشاع عن مساعدة روسيا في تدريب قوات الأمن الإيرانية في فنون القمع والسيطرة على الحشود.
وقبل وقت قريب، كانت أغلبية كبيرة من الإيرانيين تدعم برنامج إيران النووي. فقد وجدت جهود خامنئي وأحمدي نجاد لتصوير الدول الغربية بأنها تخزن التكنولوجيا لنفسها ولعملائها في إسرائيل جمهورا متقبلا. ولم يخف بعض الإيرانيين أملهم بأن تتمكن الجمهورية الإسلامية، بغض النظر عن هدفها المعلن حول الموضوع، من تصنيع القنبلة.
وعلى الرغم من أنه لم يتم أخيرا إجراء استطلاع موثوق، إلا أن الأدلة المروية تشير إلى تغير المواقف حول مثل هذه المسائل. ويميل أولئك الذين يعتبرون رئاسة أحمدي نجاد غير شرعية إلى رفض كل سياساته. ومع أن المرشد الأعلى هو الذي يضع السياسة الخارجية، إلا أن أحمدي نجاد يدافع بقوة عن سعي إيران لتحقيق الاكتفاء الذاتي النووي، الذي تجسد في تصريحه الاستفزازي في الآونة الأخيرة بأن إيران ستبني عشرة مصانع أخرى لتخصيب اليورانيوم. وفي هذه الأيام، ينظر بعض المعارضين إلى إيران المسلحة نوويا بخوف بقدر خوف أعداء إيران في الخارج.
وهناك تغيير آخر يتعلق بموقف المتظاهرين تجاه العنف. ففي بداية الاحتجاجات، كان كثير من المتظاهرين ينظرون إلى عدم اللجوء إلى العنف من منظار ديني. ومنذ ذلك الحين، أصبح أسلوبا ملائما ولكن ليس تكتيكا لا غنى عنه. وكان هناك أحد الأشخاص من الطبقة الوسطى في طهران وهو مشارك منتظم في المسيرات السلمية، والذي يخشى على ابن أخيه المراهق، الذي لجأ إلى المظاهرات إلى جانب بعض الأشخاص الأشداء من المناطق الفقيرة في جنوب طهران. وهو يقول: ''عاد ابن أخي من مظاهرة أخيرا وهو مغطى بالدم، ولكن لم يكن دمه، بل دم أحد أعضاء الباسيج''. وفي الوقت الراهن، يسلح المتظاهرون الشباب من الذكور أنفسهم بالطوب والحجارة والمفكات، ولكن لن يتفاجأ الكثيرون بمعرفة أن بعض الجماعات المتشددة مسلحة بأسلحة نارية.
إن الإنجاز الرئيسي الذي حققته الحركة الديمقراطية في إيران هو بقاؤها حتى الآن. وساعد على ذلك أحمدي نجاد، الذي يتمتع بجرأة الفائز ولكنه لا يتمتع بالفطنة. فالدعم الذي لا يزال كبيرا من الناخبين، خاصة بين الإيرانيين الفقراء، يقابله اشمئزاز كبير يثيره في نفوس الملايين من مواطنيه. وتقول إحدى النساء من الطبقة الوسطى في طهران إنها في كل مرة تشارك فيها في مظاهرة تقسم أنها ستكون آخر مظاهرة لها. ولكنها غير واثقة من أهداف الحركة الخضراء وتخشى من تعرضها للضرب. وتضيف: ''ولكني حينما أرى أحمدي نجاد مبتسما على شاشة التلفزيون وأشعر باشمئزاز هائل منه ومن أفعاله. ولا أستطيع إقناع نفسي بالتوقف عن الذهاب''.
علاوة على ذلك، فإن الديكتاتورية التي يريد أحمدي نجاد تأسيسها مقسمة ولا تتمتع بالكفاءة، كما أن قدرتها على صنع وتنفيذ السياسة ضعيفة بصورة متزايدة. فقد زادت هيبة إيران مع تعثر أمريكا في العراق. إلا أن الحديث عن تحولها إلى قوة إقليمية عظمى مبالغ به. ونتيجة للضغوط الأمريكية على المؤسسات المالية الدولية، تكافح إيران الآن لتوسيع صناعة النفط. وتثير الجماعات الانفصالية الاضطراب في مقاطعتي بلوشستان وكردستان الحدودية. وقد أظهرت جولة أحمدي نجاد الأخيرة في أمريكا الجنوبية وإفريقيا أن إيران أقل عزلة مما تريد الولايات المتحدة وأوروبا. إلا أن أصدقاءها الرئيسيين، الصين وروسيا، معروفون بعدم الثبات.
وفي الواقع، قد تصبح الجمهورية الإسلامية وحيدة الآن بما أن قادتها رفضوا مبادرات الرئيس باراك أوباما ورفضوا اقتراحا دوليا بأن يتم تحويل اليورانيوم منخفض التخصيب في إيران إلى قضبان وقود في الخارج قبل إعادته للاستخدام المراقب في إيران- وهي صفقة كان يمكن أن تؤدي، كما كان يأمل واضعوها، إلى تسوية حول مجموعة من المسائل. وكان الرئيس وحلفاؤه يبدون شديدي الحماس لعقد صفقة مع أوباما ولكن تم تقويضهم جراء التناحر الداخلي وربما من قبل المرشد الأعلى نفسه، الذي لا يخفي كرهه لأمريكا. وكانت لدى أوباما آمال كبيرة بإقناع الصين وروسيا بتشديد عقوبات الأمم المتحدة.
الملاذ الأخير للقادة
وربما يعتقد خامنئي وأحمدي نجاد، اللذان أصبح استنكارهما للغرب أشد من أي وقت مضى، أن الضغوط الدولية المتزايدة على إيران ستحث الإيرانيين - كما حدث في السابق - على الدفاع عن نظامهم. إلا أن كثيرا من المعارضين، اقتداء بعبادي، يعتقدون الآن أن الإيرانيين سيسلكون الطريق المعاكس. فقد دعت الحكومات الغربية إلى تقليص درجة علاقاتها مع إيران. وكان الكثير من أتباعها يخشى أن تحقق إيران وأمريكا انفراجا في العلاقات قد يؤدي إلى تعزيز النظام الذين يعملون الآن على تقويضه.
وفي الوطن، أبعدت شخصية أحمدي نجاد المتجبرة والمحبة للانتقام كثيرا من المحافظين أيضا. فخلال فترة ولايته الأولى، أزعج البرلمانيين، بمن فيهم أولئك الذين يشاركونه آراءه، وبالتالي تم منع أو تخفيف كثير من القوانين المقترحة. وفي الأسبوع الماضي، أثاروا حفيظة الرئيس عن طريق إدخال مجموعة من التعديلات على مشروع قانون للتخلص التدريجي من الإعانات المكلفة. فعلى سبيل المثال، حاول أحمدي نجاد عبثا الاستيلاء والسيطرة على السكك الحديدية تحت الأرض في طهران من العمدة الطموح الذي يحظى باحترام كبير.
ولا يثق بعض كبار آيات الله في إيران أيضا بالرئيس. فهم يدركون جيدا الأضرار التي ألحقتها شهور من القمع بمزاعم الجمهورية الإسلامية بالاستقامة الأخلاقية.
وتركزت نزعة أحمدي نجّاد الانتقامية نحو أكبر هاشمي رفسنجاني، الرئيس السابق الذي لا يزال ثريا ومؤثرا. ويشكك الرئيس وحلفاؤه دائما بنزاهة رفسنجاني وبنزاهة أولاده، الذين يصادف أن أحدهم يدير مترو طهران.
وتعزيزا لما يعرف عنه من العناد، يبدو أن أحمدي نجاد تجاهل تماما طلب خامنئي بإقالة رفسنجاني، الذي لا يزال مؤيدا قويا ولكن غير معلن لحركة المعارضة. وقد تم الترحيب بابنة رفسنجاني، البرلمانية السابقة، حين ظهرت بين المتظاهرين في السابع من كانون الأول (ديسمبر).
لن يتخلى عن حرسه
وفي الوقت الراهن، يبدو أحمدي نجاد آمنا. فقد ربط المرشد الأعلى مصيره بمصير الرئيس، ربما لأنه يعتقد أن الرضوخ لمطالب المعارضة سيشجع التمحيص في سلطاته غير الخاضعة للمساءلة. ويتشارك الاثنان قاعدة السلطة بين الحرس الثوري ومرؤوسيه، الباسيج. وقد استفاد الحرس بصورة عظيمة. فقد اكتسب مكانا كبيرا، بل مهيمنا، في الاقتصاد، تحت ظل رعاية أحمدي نجاد، الذي كان في السابق في الحرس.
وقد أبدى الحرس الثوري اهتمامه المفرط في الأعمال التجارية في عام 2004، خلال رئاسة السلف الإصلاحي لأحمدي نجاد، محمد خاتمي، حين استولى أعضاؤه على المطار الجديد في طهران من الحكومة. وأثار كروبي، الذي كان رئيس البرلمان حينها، ضجة كبيرة حين اشتكى من مرور السلع المهربة عبر الأرصفة البحرية غير المنظمة والخاضعة لسيطرة الحرس.
ومنذ ذلك الحين، خاصة منذ أن وصل أحمدي نجاد إلى السلطة، شيد الحرس الثوري امبراطورية تضم النفط والغاز والبناء وإنتاج الطعام والعيادات الطبية. وفي تشرين الأول (أكتوبر)، اشترى تكتل شركات أسسه الحرس نحو 51 في المائة من شركة الاتصالات الاحتكارية في إيران. وقد سمح البنك المركزي لشركة تمويل يملكها الحرس بإنشاء بنك.
إذن، هل أحمدي نجاد في وضع جيد يهيئه للسنوات الثلاث المقبلة في السلطة؟ ربما لا يزال يعتقد أن خطته بالتخلص التدريجي من الإعانات، على افتراض أنه تم تنفيذها، ستحرره ليتفرغ لتوجيه المزيد من المساعدات لمؤيديه الأكثر فقرا. إلا أن المشككين يقولون إن التضخم سيزيد إذا أخفق المخطط. وبالنسبة لخامنئي وأحمدي نجّاد، فإن المهمة العاجلة، التي أصبحت أكثر إلحاحا بسبب المظاهرات في السابع من كانون الأول (ديسمبر)، هي إنهاء الاحتجاجات وبالتالي إنهاء التصورات بأنهما ضعيفان. والآن، عشية شهر المحرم، حين قد تكون الاستعراضات الجوية ذريعة للمزيد من المظاهرات، فإن مستشاري خامنئي قد يحثونه على إراقة المزيد من الدماء وأيضا اعتقال موسوي أو كروبي أو كلاهما.
إلا أن هذا قد لا ينجح. فقد يشير العرض المفرط للعنف إلى أن حالة من الهلع تسود في أروقة السلطة، وقد تؤدي إلى توجه المزيد من الناس إلى الشوارع. ولا تحتاج الحركة إلى موسوي أو كروبي لكي تظل على قيد الحياة. وعلى حد تعبير محسن أرمين، الإصلاحي المؤثر الذي يدعم موسوي، ''لا أحد يتحكم في مظاهرات الشوارع''. وبعد أن خططوا بذكاء في السابق، يواجه قادة الجمهورية الإسلامية اليوم معضلة خطيرة. فكل عمل وحشي، وإن كان فعالا على المدى القصير، يؤدي إلى تآكل مصداقية النظام الذي يفتخر بقربه من الله. وفي كل مرة تعتقل فيها قوات الأمن المزيد من الناس أو تمارس التعذيب القاسي وراء أبواب السجون في إيران، يواجه عدد أكبر من الناس الوجه البشع لقتال الجمهورية الإسلامية من أجل البقاء.
وهكذا لا تزال الاحتجاجات مستمرة. وكما قال موسوي، فإنه ''في الشوارع، تقاتل الظلال، وتنهار أسوارك، واحدا تلو الآخر، في قلوب الناس''