فتور في مجالس الإدارة

فتور في مجالس الإدارة

في السابع من كانون الأول (ديسمبر)، كشفت Hilda Solis، وزيرة العمل الأمريكية، النقاب عن خطط لـ 90 مبادرة تنظيمية جديدة لتحسين أوضاع العمال، وقالت: ''حين يسمع الناس كلمة التنظيم، يشعرون أنهم مخنوقون ومتأخرون ويعتقدون غالبا أن الحكومة تدخلية''. وإذا كنت تشك بكلامها، جرب ذكر كلمة التنظيم أمام رئيس أي شركة أمريكية. ثم تراجع قليلا وانتظر انفجاره المحتوم. الشعور بالخنق والعرقلة والتدخل في خصوصياتهم هي أقل الشكاوى التي تسمعها من رؤساء أمريكا هذه الأيام. فقائمة شكاواهم تشمل التنظيم المتزايد ومعايير حوكمة الشركات الأكثر تشددا وخطر فرض ضرائب أعلى استجابة للعجز المتزايد. وفي هذا الأسبوع، أعلنت وكالة حماية البيئة أنها تعتبر ثاني أكسيد الكربون ملوثا خطيرا، مما يثير شبح التدابير الإدارية الخرقاء لتخفيض الانبعاثات - وهو احتمال أكثر ترويعا بالنسبة للشركات من خطة الحد الأعلى والاتجار التي يتم دراستها الآن في الكونجرس. وفي الوقت نفسه، تضاءلت، من بين أمور أخرى، الآمال بتنفيذ إصلاحات مواتية للشركات في نظام الضرائب المعقد على الشركات.
ومع ذلك، فإن مشاعر الرؤساء تجاه الإفراط في التنظيم أكثر تعقيدا مما توحي جماعات الضغط التجارية المتقلبة والسياسيين الجمهوريين الغاضبين. ويقول Joe Grundfest، العضو السابق في لجنة الأسواق والأوراق المالية والذي يدير الآن ''معسكر تدريب'' في جامعة ستانفورد لمديري الشركات: ''القلق منتشر ولكنه غامض بمعنى أن المديرين التنفيذيين المختلفين لديهم مخاوف مختلفة. فبعضهم يخشى من السياسة الضريبية، في حين يقلق آخرون من نظام الحد الأعلى والاتجار أو إصلاحات الرعاية الصحية. ويشعر الكثيرون بالقلق من التنظيمات الإضافية لحوكمة الشركات''.
ورأي الشركات في كل هذه المسائل منقسم. وتعتبر حملة Solis المتعلقة بالعمال مثالا بارزا على ذلك. فقد أوضح زملائها في وزارة العمل أنهم يعتزمون أن يكونوا أكثر نشاطا من الذين سبقوهم من إدارة جورج بوش، تماما كما وعدت وزارة العدل بأن تكون أكثر صرامة في تنفيذها لقوانين مكافحة الاحتكار. ولا شك أن هذا سيزيد التكلفة الإجمالية لتوظيف الناس، مما يضعف هدف باراك أوباما في إيجاد الكثير من الوظائف الجديدة في القطاع الخاص. ولكن كما تشير Solis، فإن الهدف من مبادرتها هو أساسا إيجاد فرص عمل متكافئة عن طريق إلزام الشركات التي لا تحترم القواعد، وبالتالي تكتسب ميزة غير عادلة على نظرائها الذين يلتزمون بالقانون، بتحقيق تقدم. علاوة على ذلك، فإنه حتى في هذا الوقت الذي ترتفع فيه البطالة، يشعر الكثير من الرؤساء أن تخفيض عدد الوظائف التي تشكل خطرا على صحة أولئك الذين يقومون بها لن يكون أمرا سيئا.
وسيؤدي النظام الأكثر صرامة في مكافحة الاحتكارات إلى إيجاد فائزين إضافة إلى خاسرين. وإذا تم تطبيقه بصورة جيدة - لا يمكن إنكار أنه احتمال بعيد - قد تكون النتيجة اقتصاد أكثر تنافسية يسمح للشركات الصغيرة الجديدة بالتعبير عن رأيها بقوة أكبر ضد الاحتكارات الراكدة. وبالمثل، على الرغم من وجود الكثير من الأصوات الشاكية من أن إصلاح الرعاية الصحية سيضع أمريكا على طريق الاشتراكية، إلا أن العديد من كبار الشخصيات في مجال الأعمال، بمن فيهم Jeff Immelt من General Electric وأيضا Howard Schultz من Starbucks، وصفوا النظام الصحي الحالي بأنه عائق أمام القدرة التنافسية لأمريكا.
وينطبق الشيء نفسه على تشريعات التغير المناخي، العالقة حاليا بانتظار إصلاحات الرعاية الصحية. وكانت غرفة التجارة الأمريكية، جماعة الضغط التي تحظى باحترام واسع النطاق، عنيفة في إدانتها لقوانين الحد الأعلى والاتجار المقترحة. ولكنها خففت نوعا ما لهجتها في الآونة الأخيرة، بعد أن تركت أربع شركات بارزة (Apple، PG&E، Exelon، PNM Resources)، واستقالت Nike من مجلس الإدارة، وقطع أحد أعضاء المجلس، وهي شركة Duke Energy، مساهماتها احتجاجا على ذلك. وتحرص شركات الطاقة النظيفة، ناهيك عن جميع أشكال الشركات التي تريد المزيد من الوضوح بشأن المستقبل، على إقرار مشروع قانون المناخ. وهناك أيضا انقسامات بشأن مشروع قانون الخيار الحر للموظفين، الذي يهدف إلى زيادة العضوية في النقابات (وتقليل حرية الاختيار للموظفين) عن طريق استبدال الاقتراع السري للعمال بشأن فيما إذا كان ينبغي انضمامهم لنقابة باقتراع علني. وعلى الرغم مما يعتقد أنه أفضل الجهود تمويلا للضغط من أجل الشركات، إلا أن إدارة أوباما تبدو عازمة على المضي قدما في هذا القانون العام المقبل، مع أن المعارضين تعهدوا بعرقلته في مجلس الشيوخ.
وإضافة إلى كل هذه التغييرات، هناك أيضا احتمالية إجراء إصلاحات شاملة في نظام حوكمة الشركات في أمريكا. ومن شأن القوانين المختلفة التي ينظر بها الكونجرس الآن إدخال تدابير مثل التصويت الإلزامي (ولكن غير الملزم) على رواتب المديرين التنفيذيين والمظلات الذهبية في جميع الشركات العامة. وهناك اقتراح آخر من شأنه منع دفع رواتب للمديرين التنفيذيين تزيد أكثر من 100 ضعف عن متوسط الأجور في الشركة إلا إذا وافق 60 في المائة من المساهمين.
ويدرس الكونجرس أيضا إلزام فصل الأدوار لرئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي، والانتخابات السنوية لجميع أعضاء مجلس الإدارة، وتأسيس لجنة في كل مجلس إدارة للتركيز على المخاطر. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تتبنى لجنة الأسواق والأوراق المالية العام المقبل القواعد التي تأخرت كثيرا والتي تسمح لكبار المساهمين بتعيين المرشحين لانتخابات مجالس الإدارة. وسينهي القانون الجديد الذي أدخلته بورصة نيويورك التصويت التقديري من قبل السماسرة الذين يحملون أسهما نيابة عن العملاء؛ كان يتم عادة الإدلاء بهذه الأصوات باستمرار لصالح شاغلي المنصب.
وجاء في تقرير جديد لشركة Watchtell, Lipton, Rosen & Katz للمحاماة في ''وول ستريت''، أن كل هذا ''سيعوق قدرة مجالس الإدارة على مقاومة الضغوط لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل ويقيدهم في الوقت الذي تزيد فيه الحاجة بصورة كبيرة إلى قيادة فاعلة لمجلس الإدارة''. وصحيح أن المحاولات غير المدروسة لتعزيز الإدارة الحكيمة بعيدة النظر قد يكون لها تأثير معاكس، إلا أن المؤلف الرئيسي للتقرير، Martin Lipton، يدافع بشدة عن الإدارة ضد المساهمين (هو من ابتكر ''الحبة السامة'' لردع عمليات الاستحواذ في الثمانينيات).
ومن الناحية العملية، فإن آراء الشركات منقسمة أيضا. فقد تبنت عدة شركات بشكل طوعي سياسات ''إبداء الرأي حول الأجور''. فعلى سبيل المثال، وافقت شركة مايكروسوفت على منح المساهمين تصويت على الأجور كل ثلاث سنوات، ووافقت Prudential Financial على تصويت مرة كل عامين، وتبنت Verizon Communications وIntel وAFLAC وApple وغيرها التصويت السنوي على سياسة الأجور، وإن ليس على المبالغ الفعلية.
ولكن لا شك أن كل هذا الاضطراب سيؤدي إلى حالة من الفوضى في مجالس الإدارة في أمريكا في الوقت الذي تضطر فيه الشركات للتعامل مع الكثير من المشكلات. وكلما طالت فترة نضال الاقتصاد، أصبح السياسيون أكثر مشاكسة

الأكثر قراءة