انطلاقة سريعة
باعت شركة Maruit-Suzuki، شركة السيارات الرائدة في الهند، أكثر من 76 ألف سيارة في تشرين الثاني (نوفمبر)، أي أكثر بنسبة 60 في المائة مما باعته في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008. ويثير هذا الانتعاش الحاد مشاعر مختلطة. وفي مواقف السيارات المزدحمة في دلهي، من الصعب العثور على سيارتك بين هذا العدد الكبير من السيارات. تعتبر مبيعات السيارات إحدى علامات عودة الحياة إلى المتسوقين في الدولة. فقد نما الاقتصاد بنسبة 7.9 في المائة خلال العام حتى الربع الثالث، متجاوزا التوقعات بكثير. وزاد الاستهلاك الخاص بنسبة 5.6 في المائة، بعد أن نما بنسبة 1.6 في المائة فقط في الربع السابق. وفي أماكن أخرى، يعتمد انتعاش آسيا على الصادرات والاستثمارات، وخدمة الأجانب والمستقبل. أما الاقتصاد الهندي فيعتمد على الوقت الحاضر.
وسيبذل الاقتصاد جهودا كبيرة لكي ينمو بالسرعة نفسها في بقية العام. فقد عانت الهند أسوأ رياح موسمية منذ عام 1972 هذا الصيف، حيث انخفض هطول الأمطار إلى أقل من متوسطها التاريخي بنسبة 23 في المائة. وأضر هذا بالناتج الزراعي في الربع الثالث ولكن بصورة أقل من المتوقع. إلا أن الهند ستجني بالتأكيد ثمار ما لم تزرعه في أرقام هذا الربع.
وأدت الرياح الموسمية بالفعل إلى رفع أسعار المواد الغذائية، التي ارتفعت بنسبة 14 في المائة منذ آذار (مارس). والأسعار الاستهلاكية، كيفما يتم قياسها، أعلى بأكثر من 10 في المائة عنها قبل عام. والهند هي الاقتصاد الكبير الوحيد الذي ارتفع فيه التضخم اليوم أكثر مما كان عليه قبل الأزمة المالية. وبقدر ما يمكن تحميل الرياح الموسمية المسؤولية، فإن البنك المركزي الهندي مستعد للتغاضي عن ارتفاع الأسعار. ولكن إذا لم تتم السيطرة على التضخم، قد يصبح جزءا لا يتجزأ من توقعات الناس. وفي الواقع، قد يكون أحد أسباب انتعاش مبيعات السيارات هو المخاوف من ارتفاع وشيك في الأسعار.
ويتوقع Tushar Poddar من Goldman Sachs أن يرفع البنك المركزي الهندي أسعار الفائدة بنسبة تصل إلى 3 نقاط مئوية بحلول نهاية عام 2010. وهذا يكفي لجعل أي شخص يفكر في الحصول على قرض لشراء سيارة يعيد النظر في ذلك، وكذلك لإثارة قلق أكبر مقترض في الهند، وهو الحكومة.
ومن المتوقع أن يبلغ عجزها المالي، بما في ذلك عجز حكومات الولايات، 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام حتى آذار (مارس). وهذه الميزانية غير المتوازنة، التي يمكن التغاضي عنها خلال الأزمة، تهدد بمزاحمة الاستثمارات الخاصة مع بدء الانتعاش. وتعكس الفجوة جزئيا النفقات الخاصة التي لن تتكرر قريبا. فعلى سبيل المثال، تنفق الحكومة نحو 17 مليار دولار لشطب ديون صغار المزارعين. وهي تمتص أيضا تكلفة لجنة الأجور السادسة التي تجتمع مرة كل عشر سنوات أو نحو ذلك، لتحديد أجور جحافل الموظفين الحكوميين. وقد شملت توصيات اللجنة العام الماضي مبالغ كبيرة من الرواتب المتأخرة. ووصلت تلك الأجور إلى البيروقراطيين في الوقت المناسب لدعم الإنفاق خلال الانكماش. وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2008 مثلا، في الوقت الذي اضطرب فيه الاقتصاد العالمي، نما الاستهلاك العام بنسبة تزيد على 50 في المائة، مقارنة بالعام السابق. ولم يسبق أن جاءت ''الرواتب المتأخرة'' في وقت مناسب أكثر من هذا