خبراء مصارف يرون أن آثار الأزمة المالية الحقيقية لم تبدأ بعد

خبراء مصارف يرون أن آثار الأزمة المالية الحقيقية لم تبدأ بعد

على هامش المؤتمر العالمي السادس عشر للمصارف الإسلامية السادس عشر انطلقت أمس الأحد السادس من ديسمبر جلستي ورش عمل للمؤتمر ، وقد تم خلال الجلستين بحث الأمور الخاصة برؤوس الأموال وإدارة السيولة والمخاطر ، ودعوات إلى مزيد من الشفافية في المعاملات المصرفية الإسلامية وكذلك الصكوك .

وقد رأى بعض المصرفيين حاجة المؤسسات المالية الإسلامية إلى التحوط للتخفيف من حدة المخاطر التي تتعرض لها الصناعة التي تعد حديثة بالمقارنة مع الصناعة المالية الغربية ، وأن السبب الرئيسي وراء نجاح هذه الصناعة التي بدأت قبل نحو عقدين يرجع إلى ابتعادها عن المضاربات في أسواق المال أو الاستثمار في أصول ذات غير موجودة ، وكذلك عدم المتاجرة في الديون والمنتجات ذات الهياكل المعقدة .

ونفى مصرفيون عالميون صحة ما تردد من تقارير وتصريحات لمسئولين كبار في مؤسسات ومنظمات دولية ذات صلة حول تعافي الاقتصاد العالمي من تبعات الأزمة المالية العالمية ، كما نفوا صحة إمكانية تجنيب المؤسسات المصرفية الإسلامية من التأثر بتلك التبعات ، مشيرين إلى أن تلك التبعات سوف تجتاح العالم ، وتعصف بجميع الاقتصادات في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام في أبعد تقدير .

وقالوا خلال جلسات ورش العمل إن ما حدث في دبي مؤخرا ليست سوى مقدمة مختصرة لما سوف يحدث من انهيارات يتوقعها المراقبون للاقتصادات العالمية ، وإن المنظومة المصرفية العالمية لن تكون بمنأى عن هذه الانهيارات .

وقال المدير الأول بمجموعة الخدمات المالية الإسلامية سهيب عمر إن السيناريو الذي حدث في دبي سوف يتكرر ، وأن من السذاجة أن يعتقد البعض أن المؤسسات المصرفية الإسلامية سوف تكون بمنأى عن التأثر بما يحدث من انهيارات لمؤسسات مالية ومصرفية عالمية حول العالم ، مؤكدا أن العالم ينتظر اليوم الدخول في مرحلة انهيارات مالية غير مسبوقة في غضون عامين من الآن بعد استفاقة الاقتصادات من جرعات المسكنات التي تم ضخها في عروق المؤسسات التي أعلنت انهيارها قبل نحو 18 شهرا .

من جانبه ، أكد رئيس التمويل الإسلامي بمصرف "UBS" السويسري بدبي الدكتور آرمن بابازيان أن استخدام الأدوات المصرفية الأكثر سلما - في إشارة إلى الصكوك الإسلامية - في تخطي التبعات الاقتصادية المتوقعة للأزمة لن تنقذ العالم من الانهيار المرتقب ، حيث تعد شركة نخيل المضطلعة بدور كبير في أزمة دبي الراهنة مثالا حيا على أن العمل بأدوات إسلامية مثل الصكوك لن تبقي الاقتصادات بمنأى عن التأثر بتبعات الأزمة المالية العالمية ، وأضاف أن آثار الأزمة المالية العالمية على الاقتصادات الخليجية لم تبدأ بعد ، وأن استبعاد منظمة مصرفية أو استثناءها من هذه التبعات لا يعبر عن قراءة صحيحة لأبعاد الأزمة .

كما قال الشيخ محمد إسحاق في تصريح لمصادر إعلامية بحرينية على هامش الجلسات التحضيرية للمؤتمر إن ما حدث من آثار للأزمة على الاقتصادات حول العالم حتى الآن لا يتعدى أن يكون مجرد شرارة أولى لانفجار هائل مرتقب للمنظومات الاقتصادية العالمية ، فيما يعتبر المراقبون أن الهدوء النسبي للإعلان عن تهاوي المؤسسات المالية والمصرفية والصناعية والخدماتية لا يتعدى مجرد سكون لعاصفة مدمرة يترقبها الجميع .

وأضاف أن الأزمة التي أعلنت في دبي تعتبر فاتحة وخطوة أولية لسلسلة من الانهيارات المتوقعة في أكثر من دولة في المنطقة ، وأن استخدام الصكوك الإسلامية كأداة لتمويل المشروعات التابعة لشركة دبي العالمية كان استخداما سليما وموفقا ، حيث توافرت فيه شروط الرسملة المتبعة في أداة الصكوك التي تعين عدم تجاوز نسبة الديون غير المغطاة نسبة 49% من كامل الوعاء ، مستبعدا أية أخطاء في هيكلية تلك الصكوك من الناحية الشرعية ، وقال إن الانهيار هناك بدأ من حيث نتوقع ونحذر منه اليوم ، فقد كانت الأطراف المدينة في الوعاء المالي لمشروع مدينة دبي معرضين بصورة كبيرة للمخاطر والإخفاقات المالية التي حدثت واستتبعت الأزمة المالية العالمية، فجرت معها شركة نخيل الإماراتية .
وطالب إسحاق بشدة أن تتغير هيكلية نظم إصدار الصكوك الإسلامية من خلال توافر طرف ثالث محايد ومستقل يضمن الإصدارات ، ولكن الخلاف ما زال قائما بين المشايخ فيمن يمثل هذه الحيادية ، وتساءل هل تعتبر وزارة من وزارات الدولة أو البنك المركزي يعتبر طرفا ثالثا محايدا في صكوك تصدرها وزارة أخرى ، أم أنها تعتبر مؤسسة منضوية تحت إدارة حكومة واحدة ولا تمثل بالتالي عنصر الحيادية .

وفي تعليق له قبل عقد المؤتمر ، أبدى السيد طراد محمود الرئيس التنفيذي لمصرف أبوظبي الإسلامي تفاؤلاً كبيراً حول الآفاق المستقبلية لقطاع المصرفية الإسلامية ، مضيفا أن الحيوية والنمو المستدام اللذان تميز بهما قطاع المصرفية الإسلامية في السنوات القليلة الماضية مشجعة للغاية ، وأشار إلى الموقف القوي لهذا القطاع في وجه الأزمة الإقتصادية العالمية بشكل عام وأزمة البنوك بشكل خاص .

كما قال السيد أحمد فاعور الرئيس التنفيذي لبيت التمويل الخليجي إن مؤسسته تعتقد أن للمصارف الإسلامية مستقبلاً زاهراً ليس فقط في أسواقها التقليدية وإنما أيضاً على الساحة العالمية ، وقال إن المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية لاعباً رئيسياً في تحفيز النقاش وتناول القضايا التي سيواجهها القطاع في السنوات المقبلة .

وتنطق اليوم الإثنين السابع من ديسمبر أعمال المؤتمر بمشاركة قرابة 1200 شخصية من صناع القرار في التمويل الإسلامي يمثلون أكثر من 50 دولة ، وذلك تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء ، ويفتتح المؤتمر أعماله تحت شعار "استراتيجيات جديدة لواقع اقتصادي جديد" ، حيث سيتم خلاله مناقشة التغييرات في النظام المالي العالمي ونماذج العمل في ضوء الأزمة الاقتصادية العالمية وذلك بمشاركة عدد من المفكرين والمصرفيين العالميين .

ويفتتح محافظ البنك المركزي السيد رشيد المعراج أعمال المؤتمر الذي يحظى بدعم المركزي البحريني ومجلس التنمية الاقتصادية ويستمر حتى الثامن من الشهر الجاري ، ويركز المؤتمر على تشكيل المشهد الاقتصادي لمرحلة ما بعد الأزمة ويتميز المؤتمر في كونه يكرر نجاحا استثنائيا استمر لمدة 16 عاما نتيجة لتلبية احتياجات الأعمال من الشركات الرائدة في السوق ، مع وجود أكثر من 60 من الشركاء والرعاة والعارضين الذين يمثلون تقريبا كل رواد السوق في الصناعة المالية الإسلامية العالمية .

ومن المقرر أن يتحدث في الجلسة الإفتتاحية العامة للمؤتمر عدد من كبار الشخصيات من بينها رشيد المعراج محافظ مصرف البحرين المركزي ، وهينغ سوي كيت محافظ سلطة النقد في سنغافورة ، وعزت عيسى كيشيف وزير الصناعة والتجارة في كازاخستان ، وخالد العبودي الرئيس التنفيذي والمدير العام للمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص .

كما يشكل إطلاق تقرير التنافسية العاشر 2009-2010 منصة بحثية قوية للمؤتمر لمناقشة الإتجاهات الرئيسية والتحديات والفرص في قطاع المصارف الإسلامية ، ويقدم تحليل الشركة لهذا العام شرحا عن الصناعة التي تحاول تخطي التحديات في أوضاع الأعمال الجديدة التي نشأت عن الاضطرابات في أسواق المال العالمية وفقا لنسخة موجزة صدرت عن التقرير ، وستركز الدراسة على الآداء المالي واستراتيجية التميز في الصناعة ، وكذلك الاتجاهات الرئيسية المتوفرة والناتجة عن الأزمة المالية بالإضافة إلى إعطاء نظرة شمولية عن القطاع ، كما سيكشف التقرير عن أمور إدارة السيولة في أسواق دول الخليج العربية ، ويشير إلى الطرق التي على البنوك القيام بتطويرها إذا أرادت هذه المصارف إدارة السيولة لتغطية احتياجاتها المستقبلية ، كما أن التحديات طويلة الأجل وفرص الموجودات المتصلة بالشريعة الإسلامية في مناطق الصيرفة الإسلامية في إفريقيا ستكون من الأمور التي سيركز عليها التقرير ، وسيشرح كذلك إدارة الاستثمارات الإسلامية وحقائق نجاح مدراء الثروات الإسلامية .

كما ستقود لجنة من الخبراء أثناء المؤتمر المناقشات حول القضايا المثيرة للجدل في المالية الإسلامية مع التركيز على الدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية ، كما ستركز المناقشات على الطرق التي سينمو فيها هذا القطاع من ناحية الإبداع في طرح المنتجات والتواصل العالمي ونماذج العمل ، وستوضح طاولة مستديرة التي تمثل المؤسسات البريطانية نظرة المملكة المتحدة حول تطور ونمو ومستقبل التمويل الإسلامي ، ومن أبرز نشاطات اليوم الثاني للمؤتمر كلمة للسيد نسيم نيكولاس طالب تليها جلسة أسئلة وأجوبة معه .

الأكثر قراءة