انتظار طال أمده لخطة
انتظار طال أمده لخطة
أثناء إعادة تزويد طائرته بالوقود في ألاسكا في طريقه إلى آسيا، قطع باراك أوباما تعهدا للجنود الذين استقبلوه في قاعدة Elmendorf الجوية. فقد قال: ''أريد أن تعرفوا أنني لن أتردد أبدا في استخدام القوة لحماية الشعب الأمريكي أو مصالحنا الحيوية.'' وهذا شعار حملات قديم، وقد قوبل بالتصفيق. ولكنه بدا غريبا، بالنظر إلى أن أوباما متردد في إرسال المزيد من القوات إلى الحرب في أفغانستان، التي كان يصفها بأنها ''حرب ضرورة'' وأنها ''أساسية للدفاع عن شعبنا''.
وقال أوباما للجنود إنه لن يخاطر بحياتهم إلا في حالة الضرورة القصوى. وأضاف أنه في هذه الحالة، ''ستحميكم الولايات المتحدة الأمريكية. وسنمنحكم الاستراتيجية والمهمة الواضحة التي تستحقونها. وسنعطيكم الدعم والمعدات التي تحتاجون إليها لإنجاز المهمة. وهذا يشمل الدعم الشعبي في الوطن. وهذا وعد مني لكم''.
إلا أن مستمعيه لا يعرفون ماذا يعني هذا من الناحية العملية. ما هي مهمة أمريكا في أفغانستان؟ لا أحد يعرف ذلك ما لم يوضح أوباما هذه المهمة - قال في الـ 18 من تشرين الثاني (نوفمبر) إنه سيتخذ قرارا ''في الأسابيع القليلة المقبلة''. إلا أن معظم التلميحات والتقارير المسربة توحي بأنه يعني شيئا أكثر تواضعا بكثير من تعهده في آذار (مارس) باستخدام ''جميع عناصر قوتنا الوطنية'' للدفاع عن حلفاء أمريكا والمساعدة على توفير ''يوم جديد'' للشعب الأفغاني.
وفي الآونة الأخيرة، حذرت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، أن الأيام التي كان فيها الأمريكيون ''يتحدثون عن كيفية مساعدة الأفغان على بناء ديمقراطية حديثة ودولة أكثر فعالية'' قد انتهت. وقالت إن مثل هذه الأمور الرائعة ''قد تحدث''، إلا أنها ليست ''محور التركيز الرئيسي'' لأمريكا. وأضافت: ''لسنا مهتمين بالبقاء في أفغانستان. وليس لدينا مصلحة طويلة الأجل هناك. ونريد أن يكون ذلك واضحا تماما''.
وفي وقت سابق من هذا العام، قال الجنرال ستانلي ماكريستال، قائد القوات العسكرية في أفغانستان، إنه بحاجة إلى المزيد من الجنود - نحو 40.000، كما يعتقد، مع أنه لم يتم الإعلان عن الرقم الفعلي - لدحر التمرد هناك. ويفكر أوباما منذ ذلك الحين في خياراته. وتفاقم الوضع بسبب عمليات التزوير واسعة النطاق في الانتخابات الأفغانية الأخيرة: لا يشعر الكثير من الأمريكيين بالحماس لفكرة العمل مع حميد كرازي، الرئيس الأفغاني غير الفعّال.
ومن العوامل غير المساعدة أيضا تصنيف أفغانستان بوصفها ثاني أكثر الدول فسادا في العالم من قبل منظمة الشفافية الدولية، وهي هيئة رقابية، هذا الأسبوع - الأولى هي الصومال. وتشير التقارير إلى أن السفير الأمريكي في كابول، Karl Eikenberry، طلب من أوباما عدم إرسال المزيد من الجنود الآن، خوفا من أن يجعل ذلك الحكومة الأفغانية أكثر اعتمادا على أمريكا.
ومن الواضح أن أوباما غير مقتنع بالخيارات المطروحة أمامه. وقد حث مستشاريه على التوصل إلى طرق جديدة لخلط ومطابقة أفضل العناصر في أربع خطط. وبالإضافة إلى اتخاذ قرار بشأن عدد الجنود الذين سيرسلهم، يريد أيضا معرفة أفضل السبل لاستخدامهم. ما هي مساحة الأراضي الأفغانية الوعرة التي تستطيع أمريكا فعليا ضمان أمنها؟ إلى أي مدى يمكن أن تذهب في جهودها للقضاء على تجارة الأفيون؟ كيف يجب عليها التعامل مع الحدود مع الباكستان، التي يلجأ إليها غالبا المتمردون من طالبان؟ يقول وزير الدفاع، روبرت جيتس، إن الهدف هو ''إظهار العزم'' وفي الوقت نفسه التوضيح لكل من الأفغان والأمريكيين أن ''هذا ليس التزاما مفتوحا وغير مقيد''. وهذا أمر صعب.
وأيا كان قرار أوباما في النهاية، سيواجه مشكلتين صعبتين على المدى الطويل. الأولى هي المال. فحتى مع الوفورات التي يتم تحقيقها من تقليل عدد الجنود الأمريكيين في العراق، قد يكون الإنفاق العسكري في ظل رئاسة أوباما أعلى بنسبة العشر عما كان عليه أبدا في ظل رئاسة جورج بوش، وذلك وفقا لصحيفة New York Times. فعربات الهمفي المدرعة المقاومة للقنابل مكلفة وغالية، وكذلك إيصال الوقود إلى المواقع النائية في الجبال الأفغانية- يكلف بعض جالونات البنزين ما يصل إلى 400 دولار. وإرسال عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين الإضافيين قد يكلف عشرات المليارات من الدولارات الإضافية كل عام - أكثر من الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان. ومن الصعب أن يدوم هذا الإنفاق بالنظر إلى المشاكل المالية التي تعانيها أمريكا.
والمشكلة الثانية هي الرأي العام. فمن المرجح أن يصوت الكونجرس لتمويل أيا كان ما يطلبه أوباما، بما أن الجمهوريين يدعمون عموما الحرب والديمقراطيين لا يريدون إحباط رئيسهم. إلا أن 36 في المائة من الأمريكيين فقط يعتقدون أن الحرب تسير على ما يرام، وذلك وفقا لاستطلاع Pew، فيما يعتقد 56 في المائة فقط أن غزو أفغانستان في الأصل كان القرار الصائب، بعد أن بلغت النسبة 64 في المائة في كانون الثاني (يناير).
ويشعر الكثير من الأمريكيين بالقلق بشأن دعم النظام في كابول الذي وضع أمراء الحرب مسؤولين عن عدة محافظات. ولكن على الرغم من أن العديد من أمراء الحرب هؤلاء مريعين، إلا أن بعضهم أثبت نجاحا كبيرا، كما تقول Dipali Mukhopadhyay من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي. ولا يستطيع الغرباء فرض دولة حديثة في مكان لم تكن فيه مثل هذه الدولة موجودة أصلا، كما تقول. وبدلا من ذلك، قد يكون ''الخليط الفوضوي'' من المؤسسات الرسمية والقوة غير الرسمية الطريقة الوحيدة لتوفير الأمن الأساسي.
يقول Peter Bergen، الخبير في شؤون الإرهاب من منظمة New America Foundation، إن هذا هو الحل. وقد قال في مؤتمر في واشنطن هذا الشهر: ''إن فكرة أن علينا توفير الخدمات لكل أفغاني والواي فاي في قراهم فكرة سخيفة. فما علينا فعله هو توفير الأمن، وهذا ما فشلنا في القيام به''. فعلى سبيل المثال، كانت القيادة على الطريق الرئيسية من كابول إلى قندهار آمنة عام 2005، كما قال، ولكن القيادة الآن عليها هي بمثابة ''انتحار.
وعلى الرغم من أن الحرب أقل شعبية الآن بين الناخبين الأوروبيين عنها بين الأمريكيين، إلا أن بعض القادة الأوروبيين يحثون أمريكا على الصمود. فقد وعد رئيس الوزراء البريطاني، جوردن براون، بتقديم عدد قليل من الجنود الإضافيين. ويحذّر Anders Fogh Rasmussen، رئيس الناتو، من أنه إذا تخلى الغرب عن أفغانستان، ''ستعود القاعدة في لمح البصر''. ويُقال إن أوباما يريد طريقة للخروج من أفغانستان. ولكن إلى أي مدى هو مستعد للسفر قبل أن يتوقف؟