فلنتفق على أن نتفق

فلنتفق على أن نتفق

ترتفع وتنخفض التوقعات بالنسبة لمؤتمر كوبنهاجن حول المناخ، الذي سيعقد الشهر المقبل في العاصمة الدنماركية. وفي الـ 15 من تشرين الثاني (نوفمبر)، حين كان باراك أوباما يقوم بجولة في آسيا، اتفق مع رئيس الوزراء الدنماركي، Lars Lokke Rasmussen، أنه لن يتم التوصل إلى أي اتفاقية بشأن معاهدة جديدة في المؤتمر. وقالا بدلا من ذلك إن أفضل ما يمكن توقعه الآن هو اتفاق ''سياسي'' من اجتماع كوبنهاجن، الذي سيبدأ في السابع من كانون الأول (ديسمبر).
وكانت المفاوضات المؤدية إلى كوبنهاجن فاشلة نوعا ما. إلا أن اللوم في هذا، كما يقول البعض، لا يقع بالكامل على أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي المتعنتين الذين رفضوا إقرار مشروع قانون الحد الأعلى والاتجار بالانبعاثات بسرعة كافية. وصحيح أن الكثير من اللوم يقع بالفعل على الكونغرس الأمريكي؛ استغرق مجلس الشيوخ وقتا طويلا في التفكير بنسخته من مشروع قانون التغير المناخي، ولم يساعده النقاش المطول بشأن الرعاية الصحية. ويقول جون كيري الآن، وهو أحد المدافعين في مجلس الشيوخ عن قانون الحد الأعلى والاتجار، أنه يأمل فقط أن تتم مناقشة القانون في الربيع.
إلا أن هذا ليس على الإطلاق السبب الوحيد لضرورة إلغاء أي صفقة كاملة ملزمة في كوبنهاجن. فكل جولة من جولات المفاوضات المتتالية المؤدية إلى الكونجرس كانت تطيل، بدلا من أن تقصر، قائمة المسائل المطروحة للنقاش. والنص التفاوضي عبارة عن مجموعة فوضوية من المواد الموضوعة بين قوسين التي لا يستطيع الحزبان الاتفاق عليها. وليس هناك أمل الآن في الحصول على أهداف ملزمة قانونيا لتخفيضات الانبعاثات - معاهدة منبثقة عن معاهدة كيوتو من شأنها توسيع خطط تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة حين تنتهي الأهداف المنصوص عليها في بروتوكول كيوتو عام 2012.
والدول النامية الكبيرة جامدة بقدر أمريكا، على الأقل علنا. وقال الرئيس الصيني في أيلول (سبتمبر) إن دولته ستخفض كمية ثاني أكسيد الكربون التي تنبعث منها لكل وحدة إنتاج ''بمقدار ملحوظ''، ولكنه لم يقدم رقما فعليا. ولم تحقق الهند، وهي دولة فقيرة أخرى تصدر الكثير من الانبعاثات، أي هدف ملزم للدول الفقيرة على الإطلاق. ولا يزال الكثيرون في واشنطن العاصمة يؤمنون بما فعلوه في كيوتو: ليس هناك أي اتفاق مقبول في أمريكا لا يلزم الدول الفقيرة التي تصدر الكثير من الانبعاثات بشيء ملموس. فانبعاثات الصين من ثاني أكسيد الكربون أكثر من انبعاثات أمريكا.
ومع ذلك، تنفس عدد من مراقبي المناخ في واشنطن الصعداء حين قال أوباما و Rasmussen ما يعرفه جميع المعنيين منذ زمن طويل. فأوباما لن يوقع الآن على مشروع قانون قبل كوبنهاجن؛ ليس هذا فحسب، بل إنه لا يتوقع أن يصوت مجلس الشيوخ على مشروع قانون. ولكن على الأقل، يعني هذا أن اللجان العديدة التي عملت على مشروع القانون سيسمح لها بمواصلة عملها.
وقد كان التغير المناخي على رأس الأجندة حين وصل أوباما إلى الصين في الـ 15 من تشرين الثاني (نوفمبر). ولا يزال بعض مراقبي كوبنهاجن يأملون أن يعلن أوباما والرئيس الصيني، هيو جينتاو، عن شيء للخروج من هذا المأزق. ولكنهما أعلنا بدلا من ذلك عن مجموعة من الإجراءات العملية حول الطاقة - إنتاجها واستخدامها. وكانت بعضها طموحة أكثر مما هي فعالة. ولكنها قد تمهد الطريق للأمام، عن طريق التركيز على إجراءات ملموسة يجب اتخاذها اليوم بدلا من أهداف بعيدة.
وتشمل الإجراءات التي تم الإعلان عنها إنشاء مركز صيني أمريكي لأبحاث الطاقة النظيفة ومبادرات عن السيارات الكهربائية. وتشمل كذلك خطة لزيادة كفاءة الطاقة، خاصة في المباني. وكان هذا جزءا كبيرا من مشروع قانون الحوافز الأمريكي، ويقول أحد مسؤولي وزارة الطاقة إن الصين ستضيف مساكن ومساحة مكتبية تعادل كامل المخزون في أمريكا خلال العشرين عاما المقبلة.
والوعد الآخر، وهو العمل معا على ''الفحم النظيف'' - أي استخراج وتخزين ثاني أكسيد الكربون من مصانع الطاقة التي تعمل بالفحم- مهم لأن الدولتين تملكان الكثير جدا منه. وأخيرا، اتفق الجانبان على التعاون في مجال استخراج الغاز الطبيعي من الصخر الزيتي. ولدى أمريكا كميات من الغاز الذي يمكن استخراجه من الصخر الزيتي أكثر مما كان يُعتقد سابقا. ويولد إنتاج الطاقة بالغاز كمية أقل بنسبة النصف من ثاني أكسيد الكربون من ذاك الناتج عن الفحم.
وفي واشنطن، قد يساعد هذا الحديث على تحسين فرص مشروع قانون الحد الأعلى والاتجار بالانبعاثات. ويتحدث المؤيدون بصورة أكبر الآن عن إنتاج الطاقة (من الفحم الطبيعي أو من الشمس)، وعن توفير التكاليف (مثل إبقاء المباني دافئة بنفس القدر باستخدام كمية أقل من الطاقة) أكثر مما يتحدثون عن الإجراءات التي تتطلب تضحية مثل إطفاء الأضواء. وقد اتحد Lindsey Graham، الجمهوري، مع كيري، قائلا إنه سيدعم مشروع قانون الحد الأعلى والاتجار إذا كان يشمل إنتاج طاقة لا تنتج الكثير من الكربون من الطاقة النووية، بالإضافة إلى التنقيب عن النفط والغاز في المناطق البحرية في أمريكا. ووفقا لمشروع القانون الخاص بمجلس الشيوخ، يقول E&E Daily، الموقع الإلكتروني عن أخبار الطاقة والبيئة، أن هناك 27 من أصل 100 سيناتور ''لم يتخذوا قرارا بعد''، بالإضافة إلى 41 ''نعم'' و''على الأرجح نعم''. وقد زاد مثل هؤلاء المترددين، على الرغم من أنه لا تزال هناك حاجة إلى 60 ناخبا لضمان إقرار القانون. ويتحدث البعض عن التخلي عن نظام الحد الأعلى والاتجار الذي يشمل الاقتصاد بأكمله لصالح نظام يشمل شركات الطاقة (التي قبلت الفكرة) بالإضافة إلى معايير أكثر صرامة لكفاءة استهلاك الوقود في السيارات.
إن التفاعل بين المفاوضات الدولية ومداولات مجلس الشيوخ حساس. فأعضاء مجلس الشيوخ غير مستعدين للتصويت لصالح الحد الأعلى في أمريكا دون التزام من الصين، والصين غير مستعدة لتقديم مثل هذا الالتزام دون وجود هدف طموح للتخفيضات من أمريكا، والإدارة غير مستعدة لإثارة غضب مجلس الشيوخ إذا بدا كأنها استسلمت للضغوط الخارجية. ولكن هناك طرقا للالتفاف على هذا المأزق. فقد تقدم أمريكا أهدافا رقمية بناء على التشريعات التي تأمل إقرارها العام المقبل، وقد تحدد الصين رقما فيما يتعلق بالتخفيضات ''الملحوظة'' في كثافة الطاقة من الناتج المحلي الإجمالي التي وعدت بها. وقد يكون هذا أساسا لخطة اتفاق في كوبنهاجن - وسيتم تحديد التفاصيل في العام المقبل

الأكثر قراءة