الخيارات لها مستقبل
لقد نظم الملك حمورابي لبلاد ما بين النهرين استخدام المشتقات قبل نحو 4000 عام. فقد كان اليابانيون يتاجرون بالعقود الآجلة للأرز منذ نحو 1650، وكانت العقود القائمة على سعر سلعة ما أو أصول معينة موجودة منذ بدء البشرية بالتداول مما يشير إلى كونها مفيدة جدا.
وتمكّن المشتقات الأفراد والشركات من تأمين أنفسهم ضد المخاطر. ومثلما تخاف الشركات من تدمير ممتلكاتها عن طريق الحرائق أو السرقة، تخشى أيضا أن تؤدي تحركات سعر الصرف أو أسعار الفائدة من تحويل الفكرة الجيدة إلى فكرة سيئة. وتسمح لها المشتقات بالحد من هذه المخاطر. ولكن يجب على أحد ما أن يقبل بالجانب الآخر من الصفقة، ويتطلب هذا عادة مضاربين. وسيفلس بعض هؤلاء المضاربين. ويمكن أن يحدد أولئك الذي يؤمنون ضد السرقة والحرائق الأسعار بناء على سنوات من الخبرة؛ والأسواق المالية بطبيعتها أقل قابلية للتنبؤ بها.
وفي الأزمة الأخيرة، كانت المشكلة هي أن المستثمرين اعتقدوا خطأ أن أسعار العقارات قابلة للتنبؤ بها وبنوا صرحا ضخما من المشتقات على خلفية سوق الإسكان الأمريكية. وما زاد الأمور سوءا هو أن المنظمين كانوا يعتقدون خطأ أن استخدام المشتقات وتجميع قروض العقارات في أوراق مالية أدى إلى توزيع المخاطر بالتساوي في جميع أنحاء النظام. وبالتالي سمحوا للبنوك بزيادة ميزانياتها إلى حد أكبر من ذي قبل. وفي الواقع، لا يزال الجزء الأكبر من خطر انهيار العقارات يكمن في البنوك، والطبيعة المعقدة للمشتقات تجعل من الصعب جدا قياس تعرضها، مما يؤدي إلى فقدان الثقة بجميعها تقريبا.
وقد أدى ميل المشتقات إلى تضخيم المشكلات إلى ظهور دعوات لكي يحظر المنظمون بعض أنواعها. ويُقال إن قدرتها على إيجاد المخاطر على النظام بأكمله تفوق كثيرا جدواها الاقتصادية. وتم طرح حجج مماثلة قبل عقدين من الزمن، حين أسهمت، ربما، العقود الآجلة في الأسهم في الانهيار الذي حدث يوم الإثنين الأسود من عام 1987 وخسرت المجالس المحلية البريطانية المال في عالم مقايضات أسعار الفائدة الغامض.
ولكن بعد تنفيذ بعض الإصلاحات المتواضعة، أصبح يتم تداول العقود الآحلة للأسهم وأسعار الفائدة دون حوادث، حتى خلال الأزمة الأخيرة. وربما ينطبق الشيء نفسه على الأشياء الأكثر تعقيدا. وحتى الضمانات المتبادلة في حال التقصير الائتماني التي كثيرا ما تم انتقادها لها فوائدها؛ وعن طريق السماح للمستثمرين بفصل خطر التخلف عن السداد عن المخاطر الأخرى التي ينطوي عليها شراء السندات، قد يقللون تكلفة رأس المال لأعمالهم. ومن غير المرجح أيضا أن يحقق الحظر أهدافه. فقد حظر الكونجرس العقود الآجلة في البصل في الخمسينيات على أساس أن المضاربين يسهمون في زيادة سعر البصل. وانتهت المبادرة نهاية سيئة: لم تصبح أسعار البصل منذ ذلك الحين أقل تقلبا مما كانت عليه من قبل.
المقاصة والخطر الماثل
إلا أن هناك حاجة للمزيد من الإصلاحات المتواضعة. والتشريعات المقترحة لتشجيع تداول المزيد من المشتقات في البورصات أو عبر النظراء المركزيين تستحق الدعم، لأنها قد تسهّل مراقبة ما يفعله المشاركون في السوق. ولا بد من زيادة متطلبات رأس المال بحيث لا يمكن استخدام المشتقات من قبل البنوك كوسيلة سهلة للالتفاف على القيود المفروضة على الزيادة.
وتتعلق المسألة الأصعب بالإعفاءات للمستخدمين النهائيين، مثل الشركات المصنعة. فالسماح للشركات بالتحوط من المخاطر هو الهدف من هذه الأداة. ولكن إذا كانت القواعد تفضلهم على الشركات المالية، قد يتحول التداول باتجاههم بعيدا عن البنوك. وقد كانت شركة AIG، وهي أكبر شركة تأمين في العالم، تعتقد أنها تحقق ''أموالا سهلة'' عن طريق استخدام تصنيفها الائتماني القوي لبيع الحماية ضد التخلف عن سداد الائتمان؛ ولكنها في الواقع كانت تحفر قبرها بنفسها. وقد ترفع هذه الإصلاحات سعر استخدام المشتقات، ولكن ربما لا يكون هذا أمرا سيئا بالضرورة. فحين ترتفع أقساط التأمين ضد الحرائق والسرقة، سيستمر أولئك الذين يحتاجون فعلا للتأمين بدفع المال >