الحصول على النتائج من المكان الصعب

الحصول على النتائج من المكان الصعب

ما الأمر المشترك بين ريتشارد برانسون والأم تيريزا؟ كان كل منهما عامل تغيير. ولكن حين تضعهما معاً، فإنك تحصل على – رجل الأعمال الاجتماعي. وهذا مفهوم ومهنة تم توضيحهما على نحو أكثر في عمل نفذه الأستاذ المساعد في إنسياد للمشاريع الاستثمارية، فيليب سانتوس. ويقول سانتوس: ''يرى رجال الأعمال الاجتماعيون مشكلة ما يشعرون أنهم مدفوعون إلى حلها، وإظهار حل ما إلى العالم، والبدء في تطبيقه. وينشرون الحل من خلال العمل الاستثماري، ويجعلون الآخرين يشتركون، ويصبحون معنيين بالمساعدة - على النقيض من الناشطين الاجتماعيين الذين ربما يستخدمون القوة والضغط السياسي لتحقيق أهدافهم''. وتندرح المجموعات مثل، جرين بيس Greenpeace في فئة سانتوس من ''الناشطين الاجتماعيين''، بينما إيجاد الألغام الأرضية وتدميرها هو نشاط يعالجه رجال الأعمال الاجتماعيون. ويشير سانتوس قائلاً: ''هناك نحو 70 مليون لغم أرضي ما زالت مدفونة في البلدان النامية. وتقتل أو تجرح 15 ألف شخص سنوياً. وسيستغرق الأمر 500 عام للتخلص منها بالأساليب التقليدية (كشف المعادن)، ولكن في الوقت الحاضر هناك رجلا أعمال هولنديان لديهما حل جديد: قاما بتدريب الفئران على شم رائحة الألغام الأرضية. وبناءً عليه، فإن المزارعين الفقراء يكسبون لقمة عيشهم باستخدام الفئران لإزالة الألغام، بنصف التكلفة العادية.
إن رجال الأعمال الاجتماعيين مدفوعون بالتأثير الاجتماعي الذي تحدثه جهودهم، وليس بالربح. ولكن بإمكانهم كذلك أن يكونوا مصدر جذب للاستثمارات العامة والخاصة. ويشير سانتوس إلى النموذج الفرنسي ''مدينة واحدة Unis-Cité''، التي طورها ثلاثة رجال أعمال شباب من باريس ممن كانوا معنيين بذلك بسبب غياب الاندماج الذي لمسوه بين شباب الأقليات في الضواحي مع نسيج المجتمع في المدينة. وقاموا بتأسيس منظمة عملت على تعبئة الشباب في فريق العمل التطوعي، وبالتالي توليد الحس بالهدف والتناسق بين أولئك الذين كانوا يشعرون بأنهم محرومون. وأحبت الشركات والحكومات المحلية المشروع الرائد، ودعمته، ولكن لم يكن بالإمكان توفير الأموال لزيادة حجم الحل بشكل مهم. ويتذكر سانتوس قائلاً: ''ثم حدثت أحداث الشغب في عام 2007 – نتيجة نوع المشاكل التي توقعها مؤسسو مدينة واحدة بالضبط. وفجأة، كانت فكرتهم في غاية الأهمية للحكومة والمجتمع، وتلقت الدعم المالي، وأصبحت جزءاً من حل الحكومة لمشكلة اندماج الشباب.
ويمكن أن تكون المشاكل التي بإمكان رجل الأعمال الاجتماعي حلها كبيرة في طبيعتها: الفقر، والجوع، والإيدز. وعلى أي حال، فإن الحلول توجد في العادة على الصعيد المحلي، بجرعة كبيرة من الإبداع. ويوضح سانتوس قائلاً: ''يعالج العديد من المشاريع الاستثمارية الجديدة مشاكل كبيرة الحجم، وتحاول حلها بمواردها الداخلية المحدودة. وفي هذا الصدد، فإن رجل الأعمال الاجتماعي، ورجل الأعمال التجاري لديهما الكثير من الأمور المشتركة: عليهما أن يجدا حلولاً تحتاج إلى القليل من الموارد للمشاكل الكبيرة. ولكن لأن رجال الأعمال الاجتماعيين لا يقدمون فعلياً عائداً على الاستثمار فعليهم أن يكونوا مبدعين فعلياً في تخصيص الموارد، وتصميم نموذج العمل. وبناءً عليه، بمقدور الشركات أن تتعلم الكثير من منهج رجل الأعمال الاجتماعي لحل المشاكل''.
ويعتقد سانتوس أن المفهوم المستخدم في الغالب للنتيجة النهائية المزدوجة للقيمة الاقتصادية والقيمة الاجتماعية مضلل تماماً. والقيمة هي مفهوم شامل لا يمكن تجزئته. والفرق بين رجال الأعمال الاجتماعيين والتجاريين لا ينطوي على القيمة الاقتصادية مقابل القيمة الاجتماعية. وإنما الفرق هو في تركيزهما على ابتكار القيمة مقابل سوء استخدام القيمة.
ويقول سانتوس: ''إن الهدف بالنسبة إلى بعض رجال الأعمال هو ملاءمة القيمة. فأنت تحصل على الجانب الآخر من حصة سوقك لمالكي الشركة أو لنفسك. وهذا سيقودهم إلى التركيز على أنشطة تكون فيها ملاءمة القيمة أكثر سهولة''. ويضيف: ''من المحتمل أن يأخذ رجل الأعمال التجاري هذا المنهج''. غير أن هدف رجال الأعمال الاجتماعيين ليس ملاءمة القيمة، وإنما ابتكارها، كما هي الحال في مدينة واحدة. ويقول سانتوس: ''إن رجال الأعمال الاجتماعيين مدفوعون بابتكار القيمة، والتأثير الاجتماعي لما يفعلونه. وهم سعداء برؤيتهم لهذه القيمة وهي تمتد لتشمل المجتمع برمته.وفي بعض الحالات، من الممكن ابتكار القيمة، ولكن ليس ملاءمتها: لنأخذ على سبيل المثال، اللقاحات لشفاء أو لمنع الأمراض مثل مرض البوليو. يقول سانتوس: ''هل بإمكاني أن أعيد بيع هذه اللقاحات إلى البلدان الفقيرة، إلى العالم الثالث؟ على الأرجح لا''. وبناءً على ذلك، فإن شركة ما، أو شخصاً ما يتطلع إلى ملاءمة القيمة- من المحتمل ألا يشترك في ذلك. ولكن رجال الأعمال الاجتماعيين يستهدفون هذا المجال: وسيجعلون الحصول على اللقاحات وتوصيلها إلى الأماكن التي هي بحاجة إليها بتكلفة متدنية أولويتهم القصوى. وسينبهون المجتمع والحكومات إلى المشكلة، ويبدأون في تطوير حل مستدام''. ويعتبر التوقيت مهماً لرجل الأعمال الاجتماعي، مثلما هو لرجل الأعمال التجاري: لا يوجد شيء بقوة الفكرة التي حان وقت تنفيذها. وفي مثال مدينة واحدة، رأى رجال الأعمال الاجتماعيون أهمية مشكلة المحرومين الشباب قبل الحكومة، والمجتمع. وفي حالة الحل الذي طوره الهولندي لإيجاد الألغام الأرضية، فإن حجم المشكلة، وقوتها المدمرة خلقا وعياً طالب صارخاً التوصل إلى حل. وإن المشاكل الاجتماعية المهملة التي لديها فرصة قوية لابتكار القيمة، ولكن مع احتمال ضعيف لتخصيص القيمة تمثل بناءً على ذلك مجالاً مميزاً لعمل رجال الأعمال الاجتماعيين. وتنطوي هذه في العادة على مجالات فيها خصائص إيجابية قوية، حيث تمتد القيمة التي تم ابتكارها خارج نطاق العملية الاقتصادية. ويحدث هذا في الغالب في مجالات تتعلق بالتعليم، والبيئة، والرعاية الصحية، والحصول على الخدمات الأساسية، وإنتاج المعرفة. ويقول سانتوس: ''تعتبر ويكيبيديا Wikipedia مثالاً رائعاً للمشاريع الاستثمارية الاجتماعية'' حيث إن المناخ الاقتصادي الحالي يخلق وعياً إزاء الظلم الهيكلي في ممارسات الأعمال العالمية، فضلاً عن وعي بالتباين الآخذ في الاتساع بين البلدان الغنية والفقيرة، فإن سانتوس يعتقد أن الوقت قد حان لكي يكتشف رجال الأعمال الاجتماعيون أن صوتهم الحقيقي وصل إلى الجهة المعنية.
وذكر سانتوس: ''أعتقد أننا سنرى المشاريع الاستثمارية الاجتماعية وهي تنمو وتصبح أكثر أهمية، وإلى جانب المشاريع الاستثمارية التجارية، فسوف تصبح محركاً للتطور الاقتصادي والازدهار المشترك في المجتمع''.

*نشر فيليب سانتوس ورقة عمل لإنسياد بعنوان ''نظرية إيجابية للمشاريع الاستثمارية الاجتماعية''. ويدير كذلك برنامج المشاريع الاستثمارية الاجتماعية في إنسياد.

الأكثر قراءة