الدروس المُستفادة من الهزيمة المزدوجة

الدروس المُستفادة من الهزيمة المزدوجة

> إن Creigh Deeds هو مزارع من جبال Alleghenies جنوب شرقي فيرجينيا تحول إلى محام ريفي عام. وفي ليلة باردة قبل انتخابات المحافظين في فيرجينا ونيو جيرسي، نظم اجتماعا لحث الناس على التصويت في الإسكندرية، الضاحية الثرية على امتداد نهر Potomac من واشنطن العاصمة, وكان حدثا مملا. ومن بين عدة مئات من المخلصين الديمقراطيين الذين حضروا، امتدح عديد منهم كياسة مرشحهم وطيبته، ولكن لم يمتدحوا مهارته السياسية. ويعترف القس المحلي George Pera، بحزن: ''لم يقم بإدارة حملة جيدة. أعتقد أن الجميع يعرف ذلك''.
وتنتخب ولايتا فيرجينيا ونيو جيرسي حاكميهما كل أربع سنوات، بعد عام واحد من الانتخابات الرئاسية وقبل عام من انتخابات منتصف المدة للكونجرس. ويتم كل أربع سنوات الانقضاض على هذه الانتخابات بوصفها مؤشرا على الاتجاهات السياسية المستقبلية، على الرغم من أنه تبين أنها لا تعطي مؤشرا عن الطريقة التي سيتأرجح بها الناخبون في انتخابات منتصف المدة التي تليها، ناهيك عن الانتخابات الرئاسية بعد عامين.
وفي سباق هذا العام، حقق الجمهوريون انتصارا مزدوجا. فقد صوت سكان فيرجينيا ضد Deeds بنسبة 59 في المائة إلى41 في المائة، ما أدى إلى انتخاب الجمهوري Bob McDonnell لمنصب الحاكم. وفي نيو جيرسي، كان هامش الجمهوريين أصغر، إذ بلغ 49 في المائة إلى 45 في المائة، ولكنه انتصار مع ذلك بالنسبة للجمهوريين. وأطاح Chris Christie، المدعي الفيدرالي السابق الذي ليس له سجل في السياسة، بالحاكم الديمقراطي والسيناتور السابق Jon Corzine، الذي لم يستطع أن ينقذه استخدامه الليبرالي للثروة التي حققها في ''وول ستريت'' حين كان رئيسا لـ Goldman Sachs (يُعتقد أنه أنفق 30 مليون دولار، معظمها من أمواله الخاصة). وبث Corzine دعايات هجومية تسخر من سمنة Christie، إلا أن الناخبين فضلوا الرجل السمين على الرجل الثري.
ماذا تعني هذه النتائج بالنسبة إلى السياسة الوطنية؟ يقول الجمهوريون المنتصرون إن التعويذة التي ألقاها باراك أوباما خلال الحملة الرئاسية في العام الماضي تم إبطالها بفعل ارتفاع البطالة وزيادة العجز وتجاوز الحكومة. وقال Mike Huckabee، المرشح الرئاسي السابق: ''كانت الصورة الكبيرة توحي بوجود كثير من الغضب والعداء بين المستقلين. لقد كانت قذيفة مرتدة ليس فقط بالنسبة إلى البيت الأبيض، بل أيضا للكونجرس''. ويريد الديمقراطيون أن تعتقد أن خسائرهم ليست مهمة على الإطلاق.
وبعد النتائج، أشار Tim Kaine، رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية (وحاكم فيرجينيا المتنحي)، إلى أن الحزب الذي يسيطر على البيت الأبيض لم يفز بمنصب حاكم فيرجينيا منذ عام 1977 أو منصب الحاكم في نيو جيرسي منذ عام 1985. وقال إن الفوز بأحد أو كلا السباقين سيكون ''تاريخيا إن لم يكن غير مسبوق''، قائلا إن السباق الأكثر أهمية هو خسارة الجمهوريين في الانتخابات الخاصة لمنطقة الكونجرس الثالثة والعشرين في نيويورك، التي فاز بها ديمقراطي بعد شجار داخلي بين الجمهوريين. ويشير البيت الأبيض إلى أنه في الاستطلاعات التي تم إجراؤها قبل الانتخابات، والاستطلاعات التي تم إجراؤها عند الخروج من مراكز الاقتراع، قال أغلبية الناخبين إن تصويتهم لا علاقة له بأداء أوباما.
ولا شك أنه كان للقضايا المحلية دور كبير في الولايتين، ولا شك أيضا في حقيقة أن Deeds أدار حملة مخططة بصورة سيئة، التي انهارت بفعل ما كان يبدو في البداية ضربة حظ رائعة. وفي آب (أغسطس)، كشفت صحيفة Washington Post أنه حين كان McDonnell في الرابعة والثلاثين من العمر وطالب دراسات عليا في إحدى الجامعات المسيحية، كتب أطروحة وصفت النساء العاملات والناشطين في حقوق المرأة بأنهم ''ضارين'' بالعائلة، وقال إنه يجب أن تفضل سياسة الحكومة المتزوجين على ''الذين يعيشون معا دون زواج أو المثليين جنسيا أو الزناة''. وهاجم Deeds بعد ذلك أطروحة خصمه وظل يشير إليها لتنبيه سكان فيرجينيا من الأهوال التي قد تكون كامنة في انتظارهم.
وبحلول نهاية الحملة، أتت هذه الاستراتيجية بنتائج عكسية تماما. وقال McDonnell ببساطة إنه غير بعض أفكاره خلال الـ 20 عاما منذ كتابة الأطروحة. أما وجهات النظر التي لا يزال يتبناها (حيث يعارض الإجهاض بكل حالاته، بما في ذلك الاغتصاب وسفاح المحارم، إلا حين تكون حياة الأم معرضة للخطر) لا تثير نفور جميع سكان فيرجينيا. والمعبر أكثر هو أنه حين كان Deeds يطمئن قاعدة خصمه أن مرشحهم محافظ حقيقي، تمكن McDonnell من التركيز بحرية على الموضوعات المتعلقة بكسب العيش التي يهتم بها الناخبون المستقلون. ودخل الأسبوع الأخير وهو يحظى بتقدم بهامش كبير في مواضيع الاقتصاد والنقل والضرائب، وتقدم بسيط - على الرغم من أطروحته - في مجال قضايا المرأة. وفيما يتعلق بالأيديولوجيا، قال معظم الناخبين إنهم يعدون McDonnell ''على حق نوعا ما'' في حين عد نصفهم تقريبا Deeds ''ليبراليا جدا''.
وباختصار، فإنه في حالة فيرجينيا، يمكن للديمقراطيين القول إن ما أعاق قضيتهم هو المرشح الفقير والحملة السيئة. ولكن من الأصعب قول هذا في حالة نيو جيرسي، السباق الذي كانت توقعات القيادة الوطنية بالفوز به أكبر، والذي كان البيت الأبيض (الذي نأى بنفسه عن Deeds) معنيا به بصورة مترددة. وكان فريق أوباما يقدم النصح في مجال التعامل اليومي لاستراتيجية Corzine وألقى الرئيس نفسه خطابات في عدة مناطق خمس مرات لمصلحة المرشح. وقال أوباما عن Corzine في تجمع قبل الانتخابات في Camden، عبر Delaware من فيلادلفيا: ''لقد كان أحد أفضل الزملاء الذين حظيت به في مجلس الشيوخ، ولكنه أيضا أحد أفضل الشركاء لدي في البيت الأبيض. فنحن نعمل معا. نحن نعمل معا''.
ولكن هل سيفشلان معا؟ لا يزال موقف أوباما في نيو جيرسي عاليا: قال 57 في المائة من الناخبين في استطلاع بعد الخروج من مراكز الاقتراع إنهم يوافقون على الطريقة التي يؤدي بها وظيفته، مقابل 42 في المائة من الناخبين الذين لا يوافقون عليها. إلا أن الهالة المحيطة بالرئيس لم تعد تشع بما فيه الكفاية للحصول على انتخاب تلقائي لحلفائه. وقد كان Christie منافسا نشطا أسهم حين كان مدعيا عاما في إثبات كثير من الإدانات ضد السياسيين المحتالين في ولاية يشكل فيها الفساد - والضرائب أيضا - مصدر قلق دائم. وتقول Enid Buffer، النادلة في مطعم Colonial Diner في East Brunswick: ''إن الضرائب مشكلة كبيرة بالنسبة لي''. وبعد لقائها مع المرشح، قالت: ''إنه أنحف شخصيا مما كنت أتوقع''. وكان موقف Corzine ضعيفا لأنه خلال ولايته تجاوز عجز الميزانية ثمانية مليارات دولار، وبلغت البطالة 9.8 في المائة، وزادت الضرائب على الممتلكات بصورة كبيرة. وعلى الرغم أنه تم الصيف الماضي وضع ميزانية لتقليل الإنفاق وتخفيف ضرائب الممتلكات قليلا، إلا أنها كانت متأخرة جدا بحيث لم تستطع إنقاذه.
وفي أعقاب الهزيمة المزدوجة، اعترف الديمقراطيون النيّرون بأن هذه النكسات تحتوي على دروس وطنية. فلن تكون هناك أبدا الإثارة التي حدثت في سباق العام الماضي، حين تفوق أوباما. وقد صوّت 39 في المائة فقط من الناخبين المسجلين في فيرجينيا، مقارنة بنسبة 75 في المائة عام 2008. إلا أن أعداد الديمقراطيين هذا الأسبوع كانت ضئيلة حتى مقارنة بانتخابات منصب المحافظ عام 2005. ومال معظم الناخبين المستقلين نحو الجمهوريين، وظل عديد من الناخبين الشباب السود الذين جندهم أوباما العام الماضي في منازلهم. ولن يشجع هذا الديمقراطيين في الكونجرس من المناطق التي يتساوى فيها الدعم لكلا الحزبين مع اقتراب انتخابات منتصف المدة ومع ضغوط الجناح التقدمي للحزب لتنفيذ خططه للإنفاق والإصلاح. ويقول Bill Galston، المستشار السابق لبيل كلينتون الذي يعمل الآن في مؤسسة بروكينجز: ''يعتقد الليبراليون والتقدميون الذين يشغلون مقاعد آمنة أنهم تنازلوا بما فيه الكفاية''. إلا أن ''المعتدلين والمحافظين يشعرون بأنهم مطالبون بترك مناصبهم'' >

الأكثر قراءة