فوز كرزاي المشوه

فوز كرزاي المشوه

> لإنهاء الانتخابات الرئاسية الكارثية في أفغانستان، بعد عشرة أسابيع من التصويت، قال رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة في الدولة إنه لن يجيب إلا عن ثلاثة أسئلة. ولم يعجب ذلك الصحافيين المتشككين الذين تجمعوا في قاعة مؤتمرات كئيبة في مجمع يخضع لحراسة مشددة في كابول. وتجمهروا عليه أثناء محاولته الخروج سريعا, فالتصريح عن إعلان حميد كرزاي رئيسا دون إجراء جولة ثانية من التصويت يثير أكثر بكثير من ثلاثة أسئلة.
ومن أهم الأسئلة هو ما إذا كانت الحكومة المقبلة شرعية. واصطف الخبراء القانونيون في أفغانستان للتأكيد على أنها ليست كذلك, فالمرشح الفائز يحتاج، بموجب الدستور، إلى أكثر من نصف الأصوات المدلى بها المتاحة في الانتخابات الوطنية. وكون المرشح في المركز الثاني عبد الله عبد الله لن يشارك في جولة الإعادة خوفا من التزوير الشامل لمصلحة كرزاي، كما حدث في الجولة الأولى، لا يشكل فرقا كبيرا. وكان يفترض أن اللجنة الانتخابية المستقلة، التي يقول كثير من المحامين إنه ليس لها الحق في اتخاذ مثل هذا القرار، قد تسعى إلى الحصول على غطاء قانوني عن طريق طلب رأي المحكمة العليا. إلا أن هذا لم يكن ضروريا، حيث سارع الزعماء الغربيون إلى تأييد قرار اللجنة الانتخابية المستقلة.
وقال باراك أوباما إن كرزاي فاز وفقا للقانون الأفغاني. وقال David Axelrod، المستشار السياسي الأقرب للرئيس، إنه لم يكن لدى الدكتور عبد الله أي فرصة بالفوز على أي حال. إلا أن عديدا من الخبراء يعتقدون أنه كان أمام الدكتور عبد الله في الواقع فرصة للقتال إذا كان من الممكن جعل الجولة الثانية نزيهة. وأعلن دبلوماسيون آخرون أن 48.2 في المائة من الأصوات التي حصل عليها كرزاي مطابقة لما تنبأت به استطلاعات الرأي وأنها ولاية جيدة بما فيه الكفاية لإدارة الدولة خلال السنوات الخمس المقبلة.
إلا أنه تم تضخيم هذا الرقم بمئات الآلاف من الأصوات المزورة التي لم يتم اكتشافها في التحقيق ضيق النطاق الذي تم إجراؤه. إلا أن أعضاء التحالف بقيادة حلف شمال الأطلسي والوكالات متعددة الجنسيات لا يرغبون في الإسهاب في التفاصيل القذرة للانتخابات التي ابتلعت 300 مليون دولار كتكاليف تنظيمية فقط، وأوقعت الأجانب في عديد من المواقف المحرجة.
فقد كان هناك أولا المحاولة المنسقة لتحميل السياسة القبلية التقليدية والأمية المنتشرة على نطاق واسع مسؤولية الغش الفاضح من قبل أنصار كرزاي. ثم تم إنفاق رأسمال سياسي هائل لحث كرزاي على تقبل أنه تم الإمساك بأنصاره متلبسين وإنه لا بد من إجراء جولة إعادة. وبعد ذلك تم إقناع الدكتور عبد الله بالانسحاب بلباقة من الجولة الثانية من التصويت التي كان يبدو من الأكيد أنها ستتعرض لعملية تزوير واسعة النطاق وتسبب سفك الدماء وإن الإقبال على التصويت سيكون منخفضا. وأخيرا، أوضح الأجانب أنهم ليسوا مستعدين لدعم الجولة الثانية التي لن يشارك فيها المرشح الذي يحتل المركز الثاني.
وزعمت طالبان أنه تم تقرير نتيجة الانتخابات في واشنطن ولندن ويتفق معهم في ذلك معظم المراقبين المستقلين. فقبل أيام من انسحاب الدكتور عبد الله، قال أحد الدبلوماسيين الغربيين: ''نحن نتطلع منذ الآن إلى خطاب تنصيب كرزاي.'' وعلى الرغم من غض النظر الجماعي عن الانتخابات المزورة، إلا أن أمريكا وحلفاءها تريد أن يوضح هذا الخطاب الحملة على الفساد. ولن تتمكن سوى الإدارة النزيهة الفاعلة من تحصين الأفغان من إغراء حكومة الظل لطالبان. ومن المأمول أن يتم ''اكتساب'' الشرعية التي غابت عن العملية الانتخابية من خلال حسن السلوك.
وسيكون أحد الاختبارات المهمة تشكيل حكومة كرزاي الجديدة، التي يأمل الأجانب أن تكون مليئة بالتكنوقراطيين ذوي الكفاءة (فهم أقل قلقا بشأن بعض المناصب الهامشية في مجلس وزراء أفغانستان المنتفخ)، على الرغم من أن نائبي الرئيس أميرا حرب سابقان بغيضان. وأوضحت أمريكا أنه على الرغم من براعة كرزاي المعروفة في التنصل من المهام التي يعدها أسياده الذين يدفعون له المال ضرورية، إلا أنها مستعدة الآن لاتخاذ موقف متشدد. ولكن ليس هناك كثير من الأفكار حول الكيفية التي يمكن أن تفرض بها إرادتها على كرزاي دون الإضرار بمصالحها الخاصة. فعلى سبيل المثال، لن يتم على الأرجح تنفيذ أي تهديد بجعل أموال إعادة البناء مشروطة، وذلك خوفا من تنفير الأفغان العاديين. ولا يمكن الصمود لفترة أطول أيضا في التهديد الضمني الآخر - إرجاء قرار بشأن فيما إذا كان سيتم إرسال الجنود الإضافيين البالغ عددهم 40 ألفا الذين طلبهم قائد قوات حلف شمال الأطلسي، Stanley McChrystal.
وتجاهل كرزاي بالفعل رغبات أمريكا عن طريق رفض تقديم حصة من السلطة للدكتور عبد الله. ووفقا لمساعدي الدكتور عبد الله، وعد الأمريكيون الشيء نفسه مقابل الانسحاب اللبق من السباق. ولكن تلاشى أي أمل في أن يعمل الرجلان معا، حيث بدأ كرزاي، دون موافقة الدكتور عبد الله، بعقد الصفقات مع كبار أعضاء التحالف الشمالي، مجموعة قادة المجاهدين السابقين الذين يؤيدونه. وقضى هذا أيضا على الآمال بأن يقود الدكتور عبد الله معارضة قوية قادرة على مساءلة الرئيس. وقال الدكتور عبد الله، الذي تجاهله كرزاي وحرضه المؤيدون الغاضبون، إن قرار اللجنة الانتخابية المستقلة ''ليس له أساس قانوني''. وأضاف أن الحكومة التي تفتقر إلى دعم الشعب ستبذل جهودا كبيرة لتنفيذ أي شيء.
وستبذل الحكومات الأجنبية أيضا جهودا كبيرة لكسب التأييد الشعبي للحرب المكثفة للدفاع عن حكومة برئاسة رئيس سرق الانتخابات. وانخفضت الثقة بالخارج بصورة أكبر بسبب الأخبار بأن الأمم المتحدة ستخلي ''مؤقتا'' 600 من موظفيها الأجانب في أفغانستان، البالغ عددهم 1300، بعد الهجوم على كابول في أواخر الشهر الماضي الذي تسبب في مقتل خمسة من موظفي الأمم المتحدة. وفي بريطانيا، تم تعزيز المشاعر المناهضة للحرب بعد مقتل خمسة جنود على يد رجال شرطة أفغان ''مارقين''. وبما أن سياسة حلف شمال الأطلسي قائمة على بناء قوات الأمن المحلية، كانت تلك ضربة قاسية بصورة خاصة. ففي النهاية، ليس فقط الناخبين الأفغان هم من يثير قلق كرزاي >

الأكثر قراءة