تكامل أدوار مربع التنمية
شاركت في أعمال النسخة السادسة من منتدى المستقبل الذي عقد في مدينة مراكش في المغرب الأسبوع الماضي, وركزت في مداخلتي التي ألقيتها, كأحد أعضاء وفد المجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا, على ما سميته مربع التنمية. يتكون هذا المربع من أربع جهات, هي: القطاع العام, القطاع الخص, السلطة التشريعية, والمجتمع المدني.
وجاءت المداخلة في محور الإصلاحات الاقتصادية والقطاع الخاص, الذي شهد مداخلات من ممثلين من المجتمع المدني والمنظمات الدولية والإقليمية فضلا عن الحكومات. وركزت في حديثي على الدور المنوط بكل جهة من الجهات الأربع لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية على سبيل المثال.
ضخ الأموال
فيما يتعلق بالقطاع العام، أكدت أهمية قيام الجهات الرسمية بضخ أموال في الاقتصادات المحلية التي بدورها ستترك إيجابيتها على الاقتصاد العالمي بطريقة أو بأخرى عن طريق تعزيز الثقة. وكانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش سباقة على الصعيد العالمي بضخ أموال عامة في الاقتصاد المحلي لمواجهة تداعيات الأزمة المالية.
في نهاية عام 2008 وافق الكونجرس الأمريكي على طلب الرئيس بوش بتخصيص مبلغ قدره 700 مليار دولار لتحقيق أمور مثل شراء بعض القروض المتعثرة. حدث هذا التطور على الرغم من قناعة الحزب الجمهوري, الذي ينتمي إليه بوش, بترك الأمور لقوانين العرض والطلب. ربما لم يكن أمام إدارة الرئيس جورج بوش من خيار سوى توظيف أموال دافعي الضرائب للمساهمة في إنقاذ الموقف خوفا من حدوث مزيد من التدهور, وبالتالي ارتفاع تكلفة المعالجة.
وفي مثال آخر، أشار تقرير حديث لصندوق النقد الدولي إلى أن اقتصاد الإمارات سيكون قادرا على تحقيق نتائج مميزة في 2010 لأسباب مختلفة, منها توفير الحكومة الاتحادية ضمانات لسندات تنمية صادرة من حكومة دبي بقيمة 20 مليار دولار. كما أشار تقرير الصندوق إلى مبادرة ضخ أموال في القطاع المالي لغرض تعزيز السيولة. يتوقع صندوق النقد الدولي لاقتصاد الإمارات نموا فعليا قدره 3.4 في المائة في 2010 مقابل أقل من 1 في المائة العام الجاري.
ريادة الأعمال
بخصوص القطاع الخاص، أكدت أهمية إفساح المجال أمام المستثمرين بالنظر إلى الدور الحيوي للقطاع الخاص في توفير فرص عمل جديدة للداخلين الجدد لسوق العمل. وبات هذا الأمر ضروريا أكثر من أي وقت مضى نظرا لتأصل مبادئ الخصخصة وتحرير الاقتصاد.
وفي هذا الإطار أيدت كلام وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون فيما يتعلق بعقد ندوة في الولايات المتحدة مطلع عام 2010 تناقش مسألة ريادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا. وكانت هذه المبادرة واحدة من مجموعة مبادرات أطلقتها رئيسة الدبلوماسية الأمريكية أثناء الكلمة الرئيسية التي ألقتها في المنتدى.
تعزيز الشفافية
إضافة إلى ذلك، أكدت في مداخلتي أهمية قيام السلطة التشريعية بسن تشريعات وقوانين وإجراءات تضمن توافر الشفافية في المعاملات التجارية وبالأخص المالية منها. من جملة الأمور، المطلوب استصدار قوانين تضمن حق الحصول على المعلومات. من شأن تشريع كهذا ضمان عدم حصول جهات بذاتها على معلومات خاصة دون توافرها لعامة الناس.
أيضا المطلوب من السلطات التشريعية ممارسة الدور الرقابي على الجهات الرسمية مثل وزارات الاقتصاد والمالية والصناعة والتجارة, فضلا عن المصارف المركزية لمعرفة أداء الاقتصاد الشامل. يعتقد على نطاق واسع أن ضعف الرقابة كان سببا جوهريا للأزمة المالية التي انطلقت من الولايات المتحدة في صيف عام 2008. وبشكل أكثر تحديدا، ارتبطت الأزمة بقيام مؤسسات وبنوك استثمارية أمريكية بتقديم قروض لأفراد لا يتمتعون بملاءة مالية حسنة لكن لديهم الاستعداد لدفع نسب فوائد عالية وتحمل رسوم إدارية مكلفة.
المجتمع المدني
أخيرا زعمت بأن الأزمة المالية كشفت عن الوجه الجميل للمجتمع المدني حيث قامت وتقوم مؤسسات النفع العام بتقديم يد العون للفئات الأكثر تضررا. وأشرت إلى أن مقولة «صديق وقت الضيق» تنطبق بالضرورة على مؤسسات المجتمع المدني. حقيقة القول، تقوم بعض مؤسسات النفع العام بممارسة دور الحكومات فيما يخص مساعدة المحتاجين سواء ماديا أو عينيا. تتميز مؤسسات المجتمع المدني بسرعة تنفيذ الرغبات التي يتم تقديمها في الغالب عبر المتطوعين.
وختمت مداخلتي بالتأكيد على ما أعتقده بتكامل أدوار الجهات الأربع, حيث لا يمكن تجاهل أو تهميش أي طرف لضمان عدم افتقاد المربع توازنه. بل نرى وجود شراكة بين الجهات الأربع, أي القطاعين العام والخاص والسلطة التشريعية والمجتمع المدني.
ختاما تقرر استضافة قطر النسخة السابعة من منتدى المستقبل في 2010 وذلك بالتعاون مع كندا التي بدورها ستترأس مجموعة الدول الثماني الصناعية, إضافة إلى كندا تضم مجموعة الثماني كلا من الولايات المتحدة, ألمانيا, اليابان, فرنسا, بريطانيا, إيطاليا, وروسيا. وعلى هذا الأساس، يعود منتدى المستقبل لدول مجلس التعاون الخليجي بعد البحرين في 2005 والإمارات في 2008.