الشركات بين معادلات النجاح والفشل وقرار الإغلاق

الشركات بين معادلات النجاح والفشل وقرار الإغلاق

هل تساءلت يوماً كيف تصبح الشركات « أكبر من أن تفشل؟» كان يقال لنا طيلة العام الماضي، إن بعض الشركات متشابكة عالمياً لدرجة أن إغلاقها من شأنه أن يحدث هزات مدمرة للنظام الاقتصادي في سائر أنحاء العالم. ومن أجل الحيلولة دون حدوث هذا الأثر الزلزالي، قبلنا حقيقة أنه ينبغي على الحكومات أن تمد يد الإنقاذ لهذه الشركات سواء عن طريق إنقاذها مباشرة أو عن طريق إلزامها بالاندماج فيما بينها.
ولكن الأمر الغريب بشأن هذه الفرضية هو أن نظامنا الاقتصادي برمته يقوم على مبدأ أن يصبح كبيراً فالمستثمرون يتوقعون من مديري شركاتهم أن يتابعوا استراتيجيات النمو ــ أي أن يواظبوا على تحقيق إيرادات وأرباح أكبر وأكبر. والمكافآت، وأسعار الأسهم والتصنيفات التي يصدرها المحللون كلها تقوم على النمو. وهذا يعني أننا نشجع ــ بل ونصر ــ على أن تستمر الشركات في النمو، وبعدئذ نصب جام غضبنا على المديرين عندما يوجدون شركات تعتبر « أكبر من أن تفشل».
من أجل وضع حل لهذا التناقض، ينبغي ألا نركز على النمو بحد ذاته، بل على الضبط الفعال للنمو. لقد قام مديرو مجموعة سيتي جروب وشركة التأمين الأمريكية وشركة جنرال موتورز بعمل رائع على صعيد النمو ــ سواء من حيث شراء الشركات، أو إدخال علامات تجارية جديدة أو كسب عملاء جدد. ولكن عندما أصبحت هذه الشركات أكبر حجماً وأكثر تعقيداً، شجع المديرون التنفيذيون لهذه الشركات العملاقة على مزيد من التعقيد عبر السماح للمديرين العاملين في أماكن متباعدة بأن يعملوا بصورة مستقلة. ونتيجة لذلك، أصبح كبار المديرين غير قادرين على متابعة ما كان يحدث والمخاطر التي تقترن به.
إن التنفيذيين الذين يتسمون بالفعالية يدركون أن النمو ليس شارعاً باتجاه واحد. فبينما يضيف هؤلاء المديرون منتجات وخدمات جديدة، فإنهم يقومون بتشذيب المنتجات القديمة، وتحديث العمليات، والبحث عن فرص لتبسيط الأمور على المديرين والموظفين التابعين لهم وعلى عملائهم. ومن دون العمل الشاق الذي تنطوي عليه عملية تطوير المؤسسة، فإن النمو الذي يطلق له العنان يمكن أن يخرج عن زمام السيطرة.
وتعتبر شركة شنايدر إلكتريك التي يوجد مقرها في باريس ويعمل لديها أكثر من 100 ألف موظف مثالاً جيداً لما تتطلبه إدارة النمو على نحو مسؤول. فقد قامت هذه الشركة خلال السنوات الخمس الماضية بما يزيد على 80 عملية استحواذ حول العالم، وفي الوقت نفسه، قدمت منتجات وخدمات جديدة. ومن أجل ضبط هذا النمو، جعلت الشركة من القواعد الاستراتيجية أن يتم الدمج بين الشركات التابعة لها في البلد وفي المنطقة، وأن توحد عملياتها وتقلل الوحدات التي تحتفظ بالمخزون. وكان لهذه الجهود أثر جوهري كبير: ففي منتصف العام، أعلنت شركة شنايدر إلكتريك عن توفير مبلغ يزيد على 450 مليون دولار.
إننا متفقون جميعاً على أن النمو مطلب ضروري. غير أن النمو غير المضبوط من دون تطوير وتنظيم مستمر قد يكون وصفة تؤدي إلى حدوث كارثة. لذلك، الق نظرة على شركتك. هل أنت في خطر أن تصبح « أكبر من أن تفشل»- أو على الأقل أعقد من أن تنجح؟

الأكثر قراءة