تجسير فجوة المواهب الصينية.. إلى أين؟

تجسير فجوة المواهب الصينية.. إلى أين؟

على الرغم مما حققته الصين من قفزات اقتصادية واسعة للغاية خلال العقود الثلاثة الماضية، فإنها لا تزال متخلفة في مجال رأس المال البشري. ويتم استقطاب الأعداد غير الكافية من المواهب المحلية في الصين لمواكبة محرك النمو الاقتصادي السريع للبلاد. ويعود كذلك بصفة أساسية إلى أن الشركات الصينية لم تخصص ما يكفي من الوقت للاهتمام بمسألة توافر المواهب، حسب قول جوه ثي وون، مدير التدريب، وتسهيل عمل الدورات التدريبية في الشبكة الاستشارية، روبيكون. ويقول «إن انخراط كبار المديرين في تنمية وتطوير الناس في الصين هي بالفعل مفتاح هذا الأمر. وعلينا ألا نكتفي بترك كل شيء لاهتمام أقسام وإدارات الموارد البشرية. وإنني أشعر في أحيان كثيرة، وبدرجة كبيرة، بأن أقسام الموارد البشرية تعلق في تعاملاتها مع موظفي الإدارات الأخرى، وأن هذه الأقسام يمكن أن تكون عائقاً إذا لم يتدخل كبار المديرين في الأمر، وإذا لم يتولوا المسؤولية فيما يتعلق بالاحتفاظ بالمواهب».
ويضيف هذا المسؤول التدريبي أن تطوير وتنمية المواهب المحلية، وما ينجم عن ذلك من قدرة الشركات على المحافظة على موظفيها، أصبح أمراً أهم مما كان عليه خلال أي فترة سابقة. وتريد الصين مواكبة بقية العالم، خاصة في ظل منافسة قوية من جانب الاقتصادات الناشئة الأخرى. ويقترح جوه عدداً من الخطوات البسيطة أولاها ضرورة الاحتفاظ بالأشخاص الذين يساعدون على بقائك في نشاطك العملي. وأما الثانية، فهي التعرف عن كثب على هؤلاء الأشخاص من خلال تكليفهم بمزيد من المسؤوليات لتعزيز نقاط القوة لديهم ، والتخلص من نقاط الضعف . وأما الخطوة الثالثة، فهي ضرورة ترقية هؤلاء على وجه السرعة، بغض النظر عن الجنس، والعمر.

خريطة طريق لاختراق السوق الصينية
على الرغم من كل صعوبات العثور على مواهب جيدة في الصين، إلا أن أعداداً كبيرة من الأجانب تدفقت على الصين على أمل تحقيق النجاح هناك. وقد أخفق الكثيرون في ذلك ، إلا أن البعض تمكن من النجاح.
ويرى جوه أن هنالك عدداً من الأمور الأساسية للبقاء في إطار النشاطات العملية في الصين.
هنالك ضرورة قصوى لوجود رغبة في المغامرة، وكذلك رغبة في العمل لأطول ساعات ممكنة، ولسبعة أيام في الأسبوع. ولابد للمرء كذلك من أن يتحلى بصفة التواضع، على أن يحتفظ في الوقت ذاته بصفة الحزم والقوة.
لابد كذلك من فهم ومراعاة أصول إقامة العلاقات والحفاظ عليها، إذ إن ذلك أمر بالغ الأهمية في مجتمع العمل الصيني. ولابد لكل من يريد النجاح في الصين من أن يفهم بصورة عميقة كل مداخل إقامة العلاقات ، وكذلك المحافظة عليها. وهذه ليست دعوة لإرضاء الجميع، وإنما هي لإتقان فن إقامة العلاقات المفيدة، ومعرفة كيفية الدخول في حوار قصير، ومعرفة مداخل الحصول على الثقة، وإتقان أساليب جعل الناس يرتاحون للتعامل معك.
إن العلاقات تفتح الأبواب في الصين، كما أنها تعرضك إلى عدد من الاحتمالات والفرص فيما يتعلق بممارسة النشاط العملي. وتزداد أهمية الحصول على الثقة بصفة خاصة إذا كنت تعمل مع مسؤولين على مستوى رفيع لدى الجهات الحكومية. وعلى الرغم من أن ذلك ضروري تماماً في الصين، فإنه يساعد كذلك على العمل في العالم الغربي.
والواقع أن أي شخص يعمل بصورة جيدة، كما أنه ملتزم بأصول الجوانب العملية، إلا أنه يقوم بالعمل بالطريقة القديمة التي اعتاد عليها، فإن مصيره هو فقدان توجهه. ولكن إذا كان الشخص من أولئك الذين يظلون على استعداد للتكيف والتطور، والتنقل، فإنه سوف تتاح له فرص أوسع. ولابد من التركيز على تدريب، وتوجيه، ومساعدة مثل هذه الفئة المرنة من العاملين، إذ إن ذلك أمرا مهما للغاية في نجاح عمل الشركات.
ويرى جوه كذلك أن هنالك طريقة أخرى لدعم رأس المال البشري ، وذلك من خلال ما يسميه «قوة الإشارة والقياس»، حيث ينصح جوه الشركات التي تتحرك للقيام بنشاطات عملية في الصين بأن تجلب معها أفضل مديريها ليعملوا جنباً إلى جنب مع شركائهم في الصين، وذلك بعد البحث عن أفضل هؤلاء الشركاء.
وينصح كذلك بإتاحة فرص العمل المشترك بين القادمين والمحللين، حيث إن ذلك كفيل بالنجاح في تشكيل فرق العمل القوية، الأمر الذي يعمل بصورة مستمرة على دعم قوة القياس والتقييم.
يؤكد جوه على أن كل هذه الإجراءات ضرورية، بل وأساسية، لأنه يقول إنه ليس من الواقعية بقاء المديرين المهاجرين في الصين لأنهم يستطيعون الحصول على مكافآت أعلى في أماكن أخرى من العالم. وهو يرى أن من غير المنطقي ابتعاد الشركات عن الاهتمام بهذه القضية الحساسة. ولذلك، فإنه ينصح بجلب المديرين الخارجيين من ذوي المواقف الإيجابية إزاء الأطراف الأخرى، والذين يعرفون تماماً كيف يطورون مهارات وقدرات الناس، وأولئك الذين يأتون بعقليات مفتوحة ، ورؤى واضحة، إضافة إلى أنهم على استعداد كامل للبناء، والعمل، ونقل المعرفة إلى الجهات المحلية التي هي بحاجة إلى ذلك.
وأخيراً، فإن جوه يحذر من أن هذه العملية يجب أن تتصف بالليونة، حيث يرى أن على المديرين القادمين من جهات خارجية التركيز على تحمل معظم المسؤوليات خلال السنة الأولى، أي ما نسبته 70 في المائة منها، تاركين للمديرين المحللين متابعة نسبة الـ 30 في المائة الباقية. ويتحرك المحليون لتسلم معظم المسؤوليات في السنة الثانية، تمهيداً لعملية كاملة من انتقال المسؤوليات بمرور الوقت.

الأكثر قراءة