مؤسسو المشاريع الإفريقيون.. إبداع فرص للنجاح

مؤسسو المشاريع الإفريقيون.. إبداع فرص للنجاح

لا بد أن تكون حلول التنمية الإفريقية إفريقية المنشأ، ومولدة في الداخل. غير أنها، مع ذلك، تظل في حاجة إلى الدعم من جانب العالم المتقدم، وبالذات في مجالات المعرفة، والتدريب، إضافة إلى الاستثمار. وكان ذلك هو التوافق الذي وصل إليه المشاركون في المؤتمر الأوروبي للآثار الصافية للعمل الجيد، والعمل بصورة أفضل بخصوص عام 2009، الذي عقد في برشلونة خلال الفترة الأخيرة.
ويقول منسق هذا المؤتمر، لويس رينارت «إننا لا نقلل من شأن مساعدات الحكومات لبعضها البعض، ولكن الشركات في حاجة إلى أن تتعلم كيف تصبح أعلى إنتاجية، وكفاءة في عملياتها الخاصة من نشاط عملي إلى آخر». وقد اعتاد أستاذ النشاط العملي هذا، السفر المتكرر إلى إفريقيا خلال السنوات الأربعة الماضية لتدريب أساتذة الجامعات على كتابة حالات الدراسة الخاصة بالنشاطات العملية، وبداية تشغيلها ، حتى يساعدوها على المزيد من النمو ، والتطور، والتعاون، حسب ما صرح به رينارت لمجلة إنسياد نولدج، على هامش جلسات هذا المؤتمر في برشلونة.
وأضاف «لا يستطيع المرء إلا الاستمرار في التفكير بأن عدة آلاف من النشاطات العملية لديها عمليات كهذه في إفريقيا، حيث إن بإمكان هذه القارة أن تحقق قفزات كبرى إلى الأمام، بشرط ألا تدمر الحروب، والأمراض، والفساد، وفقدان ما يكفي من البنية التحتية، هذه الإنجازات».

كيف يمكن لأوروبا والعالم المتقدم المساعدة على ذلك؟
ويذك مستشار شركة كوكاكولا لمناطق شمال، وغرب، ووسط إفريقيا، مالك باكويوكو، إنه على الرغم من أن العالم المتقدم ساهم في تطوير إفريقيا، فإن بعض الإفريقيين مازالوا يعتبرونه «الشيطان الذي تسبب في المشكلات الإفريقية». وأضاف « على الإفريقيين التوقف عن اعتبار أنفسهم ضحايا، وأن يعملوا على تطوير هذه القارة من خلال المساعدات التي تحصل عليها . كما أن على أوروبا، وبقية العالم، التوقف عن النظر إلى إفريقيا كقضية إحسان وصدقات، والبدء في العمل مع مؤسسي المشاريع الإفريقيين كنظراء، وشركاء».
وعلى المستثمرين الغربيين ألا يتسامحوا إزاء فقدان المسؤولية من جانب مؤسسي المشاريع في إفريقيا. وهو يرى أن الإفريقيين في حاجة إلى معرفة أنه لعالم النشاطات العملية قواعده، وأنه لا بد من الوفاء بالالتزامات بدقة، وفي الوقت الصحيح. ولابد من تسوية مشكلات التخلف عن ممارسة المسؤولية من خلال قواعد النشاط العملي، والتسويات الودية التي هي أمور أساسية في إفريقيا، حتى في حالة وجود خرق فاضح للعقود المبرمة، وهو الأمر الذي يفترض أن يمثل الحالة الشاذة.
أما نويل دوفيليه، مؤسس، ورئيس مبادرة «إفريقيا المنفتحة»، فيشعر أن أوروبا تميل سياسياً إلى أن تنتقد بصورة لينة، حيث يجب ذلك. ولابد من أن ينطبق ذلك على طريقة إدارة المساعدات. ويضيف «إن إفريقيا ضعيفة فيما يتعلق بالحوكمة، وإن الأجانب سمحوا لها بالنجاة من عواقب ذلك بكل سهولة». وعلى الرغم من أن الفقر، وعدم الاكتراث، وضعف الإدارة، تقف وراء معظم مشكلات إفريقيا، إلا أنه يشعر أن تاريخ الاستعمار جعل الأوروبيين مترددين في الحديث المباشر، واتخاذ موقف صلب إزاء نقاط الضعف هذه، خوفاً من اعتبارهم عنصريين. ويضيف «إننا في حاجة إلى كل المساعدات التي يمكن الحصول عليها من أوروبا في كل مجالات المالية، والاستثمار، والخبرة، والتنمية، والاستفادة من أفضل ممارسات العمل، والتسويق».

على أي مستوى يفترض أن يتم التأكيد؟
هل ينبغي التركيز على الفرد، أم الأسرة، أم المجتمع، لتحقيق التنمية الاجتماعية، والاقتصادية ، وتطبيق النماذج الناجحة لتأسيس المشاريع؟ يؤمن دوفيليه بأن كل شيء يبدأ من الأفراد الذين لديهم الإرادة لإحداث الفرق، وهو يدعو إلى جعل «الأهداف في علو النجوم، ومحاولة تمكين الأفراد من تحقيقها». ويرى أن المسألة مسألة وسائل، ومناهج، حيث هنالك آخرون من يركزون على ضرورة التعامل مع الأسر، والمجتمعات ككل. ويقول «إن من الأسهل علينا التركيز على الأفراد ذوي العيون اللامعة، والنيران المتقدة شجاعة فيهم. وإنني أرى أنك إذا جعلتهم يتحركون ، فإنهم سيحركون المجتمعات».
أما باكايوكو، فيقول من جانبه «إن من الأخطاء الكبرى تشجيع الفردية في إفريقيا. وهو يشير بذلك إلى النتائج السلبية التي جلبتها الفردية إلى الغرب. ويتحدث كذلك عن اقتصادات ناشئة مثل الهند، وإندونيسيا، وماليزيا، حيث عزز إحساس المجتمع، وسارع في جهود التنمية . وهو يؤكد كذلك أن المجتمع حقيقة إفريقية لا يستطيع مؤسسو المشاريع في إفريقيا تجاهلها، ولا بد لهم من أخذها في الحسبان.

الشتات الإفريقي
ويقوم الإفريقيون العاملون في الخارج بتحويل الأموال بانتظام من أجل إعالة أسرهم الممتدة. وتقدر مصادر الأمم المتحدة أن مجموع الأموال التي تم تحويلها إلى دول جنوب الصحراء الإفريقية، من جانب المغتربين، بلغ أكثر من 20 مليار دولار في عام 2006، إلا أن الأرقام الفعلية يمكن أن تكون أكثر من ذلك بكثير، نظراً لأن أرقام الأمم المتحدة تقتصر فقط على التحويلات الرسمية. ورغم ذلك، يقول باكايوكو «إن مؤسسي المشاريع في إفريقيا لا يحصلون إلا على دعم بسيط من جانب المغتربين».
وبدلاً من أن تصب تلك الأموال في مشاريع كبرى، فإن تجمعات صغيرة من أربعة إلى خمسة أفراد تتعاون في إنشاء مشاريع صغيرة مستفيدة من تحويلات المغتربين، وذلك على نطاق المشاريع الأسرية الصغيرة.
غير أن المغتربين يقدمون تمويلاً للمستشفيات والمدارس. ويشير باكايوكو إلى مقتطفات من كتاب الأستاذ فيجاي ماهاجان، من كلية وارتون للنشاطات العملية، بعنوان «إفريقيا تنهض» حيث يورد «أن مغتربي إفريقيا هم سوق ضخمة لمؤسسي المشاريع في إفريقيا وذلك فيما يتعلق بالبضائع المصدرة إلى إفريقيا، أو البضائع المصممة للإفريقيين».
ويعتقد باكايوكو أنه لو تم تنظيم تحويلات ونشاطات المغتربين بصورة مؤسسية، كما يحدث على نطاق البنك المغربي للمغتربين، فإن أموالهم يمكن أن تصبح أحد أهم الموارد الإفريقية، وأنهار توليد الثروات.
ويرى نويل دوفيليه، مؤسس المنظمة غير الحكومية، إفريقيا المنفتحة، أن هنالك ثلاث قضايا رئيسة للتنمية في إفريقيا هي الحاجة إلى تمكين النساء، والحاجة إلى تجاوز حاجز فقدان الثقة بين الناس، والحاجة إلى إيصال فرص النجاح إلى سكان الريف، والناس المهمشين، بحيث يتم إطلاعهم على مزيد من قصص النجاح التي تحمل الإيحاءات الإيجابية إليهم. وهو يرى أنه إذا عولجت هذه القضايا الثلاث بصورة صحيحة، فإن من شأنها أن تقلب اتجاه الفقر في إفريقيا.

الأكثر قراءة