الآسيويون يراهنون على فرص الصين في حل الأزمة

الآسيويون يراهنون على فرص الصين في حل الأزمة

تأتي طبقة فضية واقية مع كل أزمة. غير أنه في حين أن هذه الفكرة لا تلقى قبولاً جماعياً، فإن قادة النشاطات العملية الآسيويين الذين تحدثوا في منتدى بلومبيرج الخاص بالقيادة في هذا العام الذي عقد في هونج كونج، يظهرون تأكيداً على ملاءمة وصلاحية هذه الفكرة.
ولاحظ المشاركون في جلسات هذا المنتدى الذي عقد للإجابة عن السؤال: «في ظل عدم اليقين القائم حالياً: ما التحديات الرئيسة والفرص أمام كل من الصين وهونج كونج؟»، أنه بينما تزايدت الثقة بأوساط النشاطات العملية بصورة ملحوظة خلال الأشهر القليلة الماضية، فإنه ما زالت هنالك تحديات لا بد من مواجهتها حتى تصبح القوة الدافعة وراء حالة النمو الحالية أمراً مستداماً.
ويعترف فنسنت شنج، رئيس منطقة المحيط الهادئ لشركة هونج كونج وشنغهاي بأن «الأمور تتجه بالاتجاه الصاعد بالفعل»، بينما يقول إدوارد كنغ، رئيس عمليات الاندماج، والاستحواذ، وإعادة الهيكلة في فرع منطقة آسيا والمحيط الهادئ لبنك مورجان ستانلي، «إن هنالك عديدا من الطروحات العامة الأولية التي هي في طريقها حالياً إلى الصين، وأعتقد أن عمليات من الاندماج والاستحواذ سوف تلي ذلك، حيث من المؤكد أن الصين سوف تصبح قائدة رئيسية لعمليات الاندماج والاستحواذ».
كان كل من هذين الرجلين، يتحدثان ضمن جلسة العمل الأولى في هذا المنتدى الذي شارك فيها كذلك كل من كاتب العمود في وكالة بلومبيرج في طوكيو، وليم بيسيك، ومارك كونين، كبير المسؤولين التنفيذيين في شركة RCM في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وأثارت آمال التعافي الاقتصادي قضايا تتعلق بالمبالغة في الرضا عن الذات في الولايات المتحدة، حسب قول بيسيك الذي يضيف «إن ما يقلقني حول ما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية هو وجود ذلك الكم الكبير من الرضا عن الذات، وذلك بصورة مفاجئة، الأمر الذي أدى إلى تراجع الضغوط المتعلقة بضرورة إحداث تغيير على صعيد النظام المالي».
ويضيف إلى ذلك مارك كونين، من شركة RCM لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، بقوله إن المرحلة الأولى من النهوض الاقتصادي أوقعت كثيراً من المستثمرين في حالة من الإرباك، حيث يتدافعون في الوقت الراهن في سبيل تخصيص مزيد من الاستثمارات في آسيا. وهنالك عدد كبير من الشركات التي تحدثنا إلى المسؤولين فيها من تلك التي لديها خطط طموحة للاستثمار في آسيا، ولذلك فإننا نعتقد أن زخم التقدم سوف يستمر.
وهنالك حاجة ضاغطة تتمثل في حاجة قطاع الخدمات المالية إلى إعادة بناء صدقيته، حيث هنالك حديث على نطاق واسع مفاده أن الحكومات قامت بإنقاذ المؤسسات المالية التي أدت إلى إفلاس الاقتصادات. وعلى ذلك فإن الحاجة ماسة إلى إعادة النظر في أساليب معالجة هذا النوع من المشكلات. ويجب على المؤسسات المالية القيام بعدد من الإجراءات العلاجية، لا سيما بعد الحديث على نطاق واسع عن عمليات خاطئة فيما يتعلق ببيع بعض الموجودات. غير أن شنغ خالف هذا الكلام بقوله «إن بنوك هونج كونج، تعد بصورة عامة، ذات إدارة جيدة».
ورد كونين على مستضيفة هذا المنتدى، بيني لو، التي قالت إنه يبدو أن الأسواق لا تستفيد من التاريخ فقال «لعل من الفضيلة أن نتمكن من أن نترك التاريخ وراءنا، وأن نتطلع نحو المستقبل. ويبدو أن الناس يقترفون الأخطاء مرة بعد الأخرى. وكلما ازداد عمق التعافي، ازداد عدد أولئك الذين يتركون الماضي خلفهم، ويزيدون من تطلعاتهم نحو المستقبل».
وأشار كل من روني شان، رئيس شركة هانج لونج العقارية، وسيمون جالبن، المدير العام لشركة HK للاستثمار، وتوني تايلر، الرئيس التنفيذي لشركة كاثي باسيفيك، إضافة إلى بيسيك، بصورة إيجابية إلى احتلال هونج كونج المرتبة الثالثة في التصنيف العالمي لسهولة إنشاء المشاريع الجديدة الذي أصدرته مجموعة تابعة للبنك الدولي. وحلت سنغافورة في المرتبة الأولى، بينما كانت المرتبة الثانية من نصيب نيوزيلندا.
يقول جالبن إن احتلال هونج كونج المرتبة الثالثة في هذا التصنيف أمر جيد للغاية. وهذا الرجل مسؤول عن جلب مزيد من الاستثمارات الخارجية إلى هونج كونج.
وكانت هنالك عدة قضايا أخرى تهم النشاطات العملية، وفي مقدمتها التلوث، هذه المشكلة التي يمكن أن تقوض القدرة التنافسية لهذه المنطقة في الأجل الطويل. ويقول بيسيك «إن أحد أسباب عدم إقامتي هنا، وعدم قدوم كثير من رجال الأعمال اليابانيين، هو مشكلة البيئة». غير أن لدى روني شان وجهة نظر أخرى تقول إن الوقائع تثبت أن نوعية الهواء في هونج كونج قد شهدت تحسناً ملحوظاً خلال العامين الماضيين. «كان من النادر أن أشاهد يوماً صافياً من شقتي في الطابق 77 المطلة على الميناء قبل فترة من الزمن، وأما الآن فيمكنني القول إن جميع الأيام صافية ومشرقة». وأشار بنوع من الفكاهة إلى أمر عمل على إضحاك الجميع، حين قال «لعل السبب في ذلك هو الأزمة الاقتصادية، وما أدت إليه من إغلاق كثير من المصانع. وإن الطبقة الفضية الملازمة لهذه الأزمة هي أن باستطاعتك أن ترى كل جزيرة هونج كونج في يوم مشرق».
ويضيف شان إلى ذلك قوله «أفضل ما أحبه في الصين هو ارتفاع معدلات تحقيق الأرباح. وإذا كانت ليست بالارتفاع الذي تشهده هونج كونج، إلا أننا ما زلنا قادرين على تحقيق أرباح بنسبة 27 في المائة لمجرد أننا نؤجر المكاتب من الدرجة الأولى، وندير مراكز التسوق التي نحقق فيها زيادة في العوائد بنسبة 47 في المائة».
وتساءل المشاركون في جلسات الحوار: هل يمكن أن يظل معدل النمو الصيني الحالي مستمراً بحيث يتحول إلى حالة مستدامة؟ يجيب جالبن عن ذلك بقوله «إننا نراهن على حقيقة أن النمو الصيني سوف يستمر، كما أن الشركات التي تأتي إلى هونج تعتقد بصحة هذا الأمر كذلك. وتأتي الشركات إلى هونج كونج ليس لأنها تستهدف هذه الجزيرة كسوق، بل إنها منصة انطلاق إلى الاستفادة من الفرص الكبرى المتاحة على البر الصيني. وإن كون الصين بلداً اشتراكياً، يجعلها أقل من حيث مستويات الضرائب من أي مكان آخر نعمل فيه».

الأكثر قراءة