تصادم السحب
هل وضعت خططا لعطلة نهاية الأسبوع المقبل؟ إذا لم تكن قد فعلت ذلك، فلا تقلق: فقد يقيم صديق لك حفلة للاحتفال بإطلاق ويندوز 7، نظام التشغيل الجديد من ''مايكروسوفت''، في الثاني والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر). وستحصل على مساعدة على تركيب البرنامج وتوضيح كيفية استخدام الميزات الجديدة. ولزيادة المتعة، سيحصل صديقك على نصائح من شريط الفيديو HostingYourParty على موقع YouTube أو يذهب إلى الموقع المخصص الذي يحتوي على نسخة للتحميل حول مستلزمات الحفلة وعلى مسابقة من الأسئلة السهلة.
وهذه محاولة شركة مايكروسوفت لإثارة ضجة لبرنامجها الجديد. ولحسن حظ الشركة، لن يكون الأمر مهما جدا، لأن ''مايكروسوفت'' تهيمن على سوق أنظمة التشغيل. وبعد خيبة الأمل التي سببها البرنامج السابق، ويندوز فيستا، من المؤكد أن ويندوز 7 سيكون ناجحا. وهناك كثير من الطلب المحتجز، لأن البرنامج السابق لبرنامج فيستا، وهو XP، لا يزال مستخدما على نطاق واسع. وكانت عمليات استعراض ويندوز 7 إيجابية، على الرغم من أنه من الصعب أحيانا تركيب البرنامج. إن ويندوز 7 ليس مجرد خطوة كبيرة بالنسبة لـ ''مايكروسوفت'', فمن المرجح أيضا أن يمثل نهاية إحدى حقب تكنولوجيا المعلومات وبداية أخرى. ولن يتم بعد الآن إجراء كثير من عمليات الحوسبة على أجهزة الكمبيوتر الشخصية في المنازل والمكاتب، بل في ''السحابة'': مراكز بيانات ضخمة تضم أنظمة تخزين هائلة ومئات الآلاف من الخوادم، وهي الآلات القوية التي تقدم البيانات عبر الإنترنت. والبريد الإلكتروني والشبكات الاجتماعية والألعاب على الإنترنت كلها أمثلة على ما يسمّى خدمات السحابة، ويمكن الوصول إليها عبر برامج التصفح أو الهواتف الذكية أو غيرها من الأجهزة ''العميلة''. ولأنه يمكن تنزيل كثير جدا من الخدمات أو لأنها تكون متاحة على الإنترنت، يعد ويندوز 7 أول نظام تشغيل لـ ''مايكروسوفت'' يحتوي على ميزات أقل.
حين تغلق إحدى النوافد
يتزامن إطلاق ويندوز 7 مع انتهاء مشكلات ''مايكروسوفت'' المتعلقة بمكافحة الاحتكار، وذلك بعد أكثر من عقد من الزمن. وقد وقعت الشركة في مشكلات في أمريكا وأوروبا بسبب إساءة استخدام هيمنتها على أنظمة تشغيل أجهزة الكمبيوتر الشخصية للترويج لمتصفح الويب الخاص بها. وفي السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، قالت المفوضية الأوروبية إنها توصلت تقريبا إلى تسوية مع ''مايكروسوفت''. فقد وافقت الشركة على منح مستخدمي ويندوز في أوروبا ''شاشة اقتراع'' تسمح لهم باختيار متصفح منافس بدلا من متصفحها، إنترنت إكسبلورر.
ولن يختفي ويندوز قريبا، إلا أن الحوسبة السحابية تعني أنه لن يكون بالغ الأهمية بعد الآن. وتمثل منتجات أخرى، التي سيتم إطلاق بعضها هذا الخريف ولكن بضجة أقل من تلك التي صاحبت إطلاق ويندوز 7، مستقبل ''مايكروسوفت''. وفي الشهر الماضي، افتتحت الشركة مركزي بيانات يحتويان، فيما بينهما، على أكثر من نصف مليون خادم. وأطلقت هذا الشهر نسخة جديدة من ويندوز للهواتف الذكية. وستطلق في الشهر المقبل Azure، وهو منبر للمطورين يمكنهم فيه كتابة وتشغيل خدمات سحابية.
لم يؤد نشوء الحوسبة السحابية إلى تحويل مركز الثقل لـ ''مايكروسوفت'' فقط، بل أيضا إلى تغيير طبيعة المنافسة داخل قطاع الكمبيوتر. ودفعت التطورات التكنولوجية حتى الآن قوة الحوسبة بعيدا عن المحاور المركزية: أولا من أجهزة الكمبيوتر الرئيسية الضخمة إلى أجهزة الكمبيوتر الصغيرة، ثم إلى أجهزة الكمبيوتر الشخصية. والآن، بدأت مجموعة من المعالجات الأرخص والأكثر قوة، ومجموعة من الشبكات الأسرع والأكثر انتشارا، بدفع القوة ثانية إلى المركز في بعض النواحي، وبعيدا عنها في نواح أخرى. وفي الواقع، فإن مراكز البيانات السحابية هي أجهزة كمبيوتر رئيسية عامة ضخمة الحجم. وفي الوقت نفسه، يتم دفع الكمبيوتر الشخصي جانبا من قبل مجموعة من الأجهزة الأصغر، التي تكون لاسلكية غالبا، مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة الصغيرة، وربما تكون قريبا على شكل أقراص (أجهزة كمبيوتر بشاشات تعمل باللمس بحجم الكتاب).
وعلى الرغم من أنه يتم تشغيل نظام ويندوز على 90 في المائة من أجهزة الكمبيوتر الشخصية، إلا أن تلاشي أهمية الكمبيوتر الشخصي تعني أن ''مايكروسوفت'' لم تعد شركة احتكارية قوية. وتقوم شركات أخرى أيضا ببناء سحب كبيرة، بما في ذلك ''جوجل''، شركة الإنترنت العملاقة، و''أبل''، المشهورة بصناعة الأجهزة الصلبة التي تتجاوز رسملتها السوقية الآن كلا من ''جوجل'' وIBM، منافستها الرئيسية منذ البداية.
ومن المعروف أن هناك المئات، إن لم يكن الآلاف، من الشركات التي تقدم خدمات سحابية - تطبيقات على الشبكة في مراكز البيانات، مثل مواقع الموسيقى أو الشبكات الاجتماعية. إلا أن ''مايكروسوفت'' و''جوجل'' و''أبل'' تلعب في فريق مختلف, فكل منها لديها شبكة عالمية خاصة بها من مراكز البيانات. ولا تعتزم تلك الشركات تقديم خدمة أو خدمتين فقط، بل المجموعات الكاملة منها، مع خدمات تشمل البريد الإلكتروني ودفاتر العناوين والتخزين وأدوات التعاون وتطبيقات الأعمال. وتتنافس أيضا للسيطرة على الملحقات الإضافية، إما عن طريق تطوير برامج للهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة الصغيرة أو عن طريق تصنيع مثل هذه الأجهزة بنفسها.
وتستعد هذه الشركات الثلاث العملاقة للمعركة. ففي تموز (يوليو)، شنت ''جوجل'' هجوما مباشرا على ويندوز حين وعدت بإطلاق نظام تشغيل مجانيا لأجهزة الكمبيوتر الشخصية، وهو Chrome OS. ويشاع أن الإصدار الأولي سيصل إلى السوق في يوم إطلاق ويندوز 7 نفسه أو بعد ذلك بفترة وجيزة. ويمثل نظام تشغيل ''مايكروسوفت'' للهواتف الذكية أحدث محاولة لها لمواكبة جهاز iPhone من ''أبل'' ونظام تشغيل ''جوجل'' للهواتف المحمولة، الذي يسمى Android. وفي الثاني عشر من تشرين الأول (أكتوبر)، قطعت ''أبل'' و''جوجل'' العلاقة بينهما حين استقال Arthur Levinson، وهو عضو في مجلسي إدارة كليهما، من مجلس إدارة ''جوجل''. وفي آب (أغسطس)، تنحى Eric Schmidt، المدير التنفيذي لـ ''جوجل''، من مجلس إدارة ''أبل'' لأن (''جوجل'' بدأت بالتعمق أكثر في مجال العمل الرئيسي لشركة أبل)، على حد تعبير Steve Jobs، رئيس الشركة.
تصنيف العمالقة
على الرغم من أوجه التشابه المتزايدة بين الشركات الثلاث، إلا أن كلا منها وحش فريد من نوعه، كما يقول Michael Cusumano، الأستاذ في كلية Sloan للإدارة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. ويمكن تصنيفها وفقا لكيفية تعاملها مع السحابة، والكيفية التي تحقق بها الربح، ومدى انفتاحها في التعامل مع تطوير الملكية الفكرية.
ويمكن القول إن ''جوجل'' شركة سحابية منذ مولدها عام 1998, فهي مشهورة بخدمة البحث التي تقدمها، لكنها تقدم الآن جميع أنواع المنتجات والخدمات الأخرى أيضا. فقد بنت شبكة عالمية من عشرات مراكز البيانات ومليوني خادم، وفقا لبعض التقديرات. وتقدم، من ضمن خدمات أخرى، مجموعة من التطبيقات على الإنترنت، مثل معالجة النصوص وجداول البيانات. وتشعبت في الآونة الأخيرة، حيث أطلقت Android للهواتف، ومتصفح الشبكة ونظام التشغيل لأجهزة الكمبيوتر الشخصية، Chrome.
واستغرق الأمر من ''جوجل'' بعض الوقت للتفكير في طريقة لكسب المال، ولكنها وجدت طريقة للربح من خلال الإعلانات، التي تعد مصدرها الرئيس للإيرادات. وتتعامل مع أكثر من 75 في المائة من الإعلانات المرتبطة بعمليات البحث في أمريكا. وحصتها أكبر على الصعيد العالمي. وتحاول ''جوجل'' أيضا تحقيق الربح من بيع الخدمات إلى الشركات. ففي الثاني عشر من تشرين الأول (أكتوبر)، قالت إن شركة Rentokil Initial ستوزع تطبيقات ''جوجل'' على الإنترنت على موظفيها البالغ عددهم 35 ألفا، ما يجعلها أكبر شركة تفعل ذلك.
ويفسر اعتماد ''جوجل'' على الإعلانات نهجها المنفتح على الملكية الفكرية. ومنح Android وChrome OS مجانا كبرامج مفتوحة المصدر لا يصعّب فقط الأمور على منافساتها التي تبيع منتجات مدفوعة الثمن، ولكنه يزيد أيضا الطلب على خدمات ''جوجل'' ومدى انتشار إعلاناتها. إلا أن لانفتاحها حدودا: لا تقول ''جوجل'' كثيرا عن التصميم الهيكلي لمراكز البيانات الخاصة بها وخوارزميات البحث، لأنها تعطي الشركة ميزتها التنافسية. والطريقة التي تنظم بها البحث والتطوير داخليا مفتوحة ولا مركزية: تبتكر فرق التنظيم الذاتي أفكارا لمعظم الخدمات الجديدة.
ولكن إن كانت ''جوجل'' سحابية منذ مولدها، فقد بدأت ''مايكروسوفت'' من الأرض, فبرنامج أوفيس، المجموعة الأكثر مبيعا من برامج أجهزة الكمبيوتر الشخصي، واسعة الانتشار تماما مثل ويندوز. إلا أن الشركة ليست غريبة عن الحوسبة السحابية, كما قد يبدو. فقد بنت شبكة من مراكز البيانات، وبدأت في اكتساب الشعبية بعد خسارة مليارات الدولارات على تطوير خدمات على الإنترنت. وتتميز ألعاب Xbox بميزات قوية على الإنترنت. وحصل محرك البحث الجديد الخاص بها، Bing، على حصة سوقية صغيرة (مع أنه لا يزال متخلفا عن ''جوجل'' بكثير). وتقوم الشركة أيضا بإعداد إصدار من برنامج أوفيس على الإنترنت يحتوي على الميزات الرئيسية، وتقدم الآن كثيرا من برامجها للأعمال كخدمات على الإنترنت.
ومع ذلك، لا تزال معظم إيرادات ''مايكروسوفت'' وجميع أرباحها تأتي من البرمجيات التقليدية المباعة في المتاجر. إلا أن الشركة لا تستطيع ترك الإعلانات على الإنترنت لشركة جوجل، لأن المستهلكين يتوقعون أن تكون الخدمات السحابية مجانية، وممولة من الإعلانات. ولهذا السبب تبذل ''مايكروسوفت'' جهودا كبيرا لإقناع ''ياهو''! وهي شركة إنترنت عملاقة أخرى، بإدماج خدمة البحث الخاصة بها وجزء من مجال الإعلانات مع خدمات ''مايكروسوفت''. وتعني الصفقة، التي تم اختتامها في تموز (يوليو)، أن ''مايكروسوفت'' ستتعامل مع 10 في المائة من عمليات البحث، مقابل 83 في المائة لـ ''جوجل'' ، كما تقول شركة Net Applications المتخصصة في أبحاث السوق. وبالنظر إلى تاريخ ''مايكروسوفت''، ليس من المستغرب أن تختلف معالجتها للملكية الفكرية عن طريقة تعامل ''جوجل'' معها. فهي تعطي شركات برمجيات أخرى المعلومات التقنية التي تحتاج إليها لكتابة برامج تشتغل على ويندوز مثلا. ولكنها تحتفظ بالوصفات الأساسية لبرامجها. ومع ذلك، تدعم الشركة الآن عديدا من المعايير المفتوحة بل بدأت باستخدام أجزاء من برمجيات المصدر المفتوح. ونشاط البحث والتطوير الداخلي فيها أكثر مركزية من ''جوجل'' ، على الأقل في قسم الإنترنت: الفرق أكبر، وتعمل بتنسيق أكبر وتحصل على مزيد من التوجيه من الإدارة.
وجاءت ''أبل'' أيضا من خارج السحابة. ولطالما كانت الخدمات على الإنترنت خدمات إضافية لاحقة لما تتفوق فيه الشركة، أي الحزم المكلفة ولكن المبتكرة من الأجهزة والبرمجيات، والتي إحدى الأمثلة عليها جهاز iPhone. وكانت عروضها على الإنترنت- مخزنا iTunes للموسيقى والفيديو، وApp Store لتطبيقات الهواتف، وMobileMe، وهي مجموعة من الخدمات على الإنترنت - تهدف في الأصل إلى زيادة الطلب على أجهزة ''أبل''، إلا أن اهتمام الشركة في السحابة تنامى مع مرور الوقت, فهي تبني مركز بيانات بتكلفة مليار دولار في كارولينا الشمالية، وقد يكون الأكبر في العالم.
ومع ذلك، تعتمد قوة ''أبل'' المالية حتى الآن أساسا على بيع الأجهزة. وتولد المعدات معظم إيرادات وأرباح الشركة. ولا تكشف الشركة عن إيراداتها من الخدمات بشكل منفصل، ولكن لا ينبغي الاستخفاف بها, فشركة أبل تشكل 69 في المائة من مبيعات الموسيقى على الإنترنت في أمريكا و35 في المائة من جميع المبيعات، أي أكثر من ''وول مارت''، كما تعتقد مجموعة NPD المتخصصة في أبحاث السوق. ولم تستغل ''أبل'' حتى الآن الإعلانات لتحقيق إيرادات، حيث إن خدماتها خالية من الإعلانات، إلا أن معظمها يتطلب دفع المال, وتستهدف خدمات ''أبل'' المستهلكين، وليس الشركات.
كما أن شركة أبل هي الاستثناء حين يتعلق الأمر بالانفتاح. فهذه الكلمة ليست من ضمن مفرداتها. وهي لا تسمح لأي شركة تصنيع أجهزة أخرى بتصنيع آلات تستخدم أنظمة التشغيل الخاصة بها. وتمنع تطبيقات iPhone التي لا توافق عليها من الظهور في App Store. وتلتزم ''أبل'' السرية أيضا بشأن الطريقة التي تجري بها البحث والتطوير داخليا. ومن الواضح أن Jobs هو الذي يتخذ معظم القرارات. إلا أن المطلعين فيها يقولون إن هناك نظاما للفرق التي توصل المشاريع له. كيف سيتم لعب هذه المسابقة ثلاثية الاتجاه؟ لقد حدثت الحرب الأخيرة المماثلة في الثمانينيات والتسعينيات، حين كانت ''أبل'' وIBM و''مايكروسوفت'' تتنافس في إتقان أجهزة الكمبيوتر الشخصية. وبعد منافسة شرسة، انتصرت ''مايكروسوفت''. وبفضل ما يسميه الاقتصاديون آثار الشبكة القوية، التي تسمح للفائزين بالحصول على كل شيء تقريبا، حولت ويندوز أنظمة التشغيل المنافسة إلى أنظمة هامشية، ما ضمن أرباحا ضخمة لمالكه.
ومن غير المرجح حدوث تلك النتيجة غير المتوازنة هذه المرة. وأحد أسباب ذلك هو أن اقتصاد السحابة قد يكون مختلفا عن اقتصاد أجهزة الكمبيوتر الشخصية. ومن غير المرجح أن تكون آثار الشبكة قوية بنفس القدر. فمعظم أجزاء السحابة تستند إلى معايير مفتوحة، التي ينبغي أن تسهّل عملية التحول من مزود إلى آخر. وللتأكيد على هذه النقطة ولمواجهة الحجج القائلة إنها تحاول حجز المستخدمين لنفسها، أنشأت ''جوجل'' فريق Data Liberation Front الذي تتمثل مهمته في ابتكار طرق للسماح للناس بنقل بياناتهم. ولسوء حظ ''جوجل''، من غير الواضح أيضا فيما إذا كان اللاعب الأكثر انفتاحا هو الذي سيفوز، كما فازت ''مايكروسوفت'' في المرة الأخيرة, فعديد من خدمات ''جوجل'' الجديدة لم تنتشر على نطاق واسع. وتستطيع شركة مايكروسوفت، التي تسيطر على برمجيات الكمبيوتر الشخصي والهواتف الذكية وأجهزة عميلة أخرى، بسهولة أكبر إنشاء ما تسميه ''تجارب سلسة''، مثلا عن طريق الحفاظ على تناسق دفتر العناوين للمستخدم وغير ذلك من المعلومات الشخصية. وربما يفضل المستهلكون أيضا أجهزة وخدمات ''أبل'' الأكثر تكاملا والأسهل استخداما، على الرغم من القيود التي تفرضها. ويشتري كثيرون أجهزة iPod ويحمّلون الموسيقى من iTunes مع أنه من الصعب تشغيل الأغاني على أجهزة أخرى. ثانيا، تملك جميع الشركات العملاقة الثلاث مصادر موثوقة للمال للحفاظ على بقائها. وربما يتعرض ويندوز للهجوم، خاصة بسبب الطفرة في أجهزة الكمبيوتر المحمولة الصغيرة الرخيصة، التي أجبرت ''مايكروسوفت'' على تخفيض الأسعار، كما يقول Matt Rosoff في الرسالة الإخبارية، Directions on Microsoft. ومع ذلك، سيستمر نظام التشغيل في العطاء لبعض الوقت. ولدى ''مايكروسوفت'' أقسام أخرى قوية أيضا، بما في ذلك برمجيات الأعمال والخوادم. وقد تخسر ''جوجل'' جزءا من الحصة السوقية في مجال البحث (وبعض الإعلانات) لمصلحة مزيج من Bing و''ياهو''!، ولكن من غير المحتمل أن يتم خلعها عن العرش. ولا تزال ''أبل'' قادرة على فرض أسعار مرتفعة، على الرغم من أن هناك شركات أخرى تصنع أجهزة على القدر نفسه من الكفاءة.
ميزانيات كاملة للحرب
ويعني هذا أنه ستكون لدى الشركات الثلاث موارد كافية لإنفاقها على مجالات القتال الرئيسة: مراكز البيانات، والخدمات السحابية، والملحقات الإضافية. و''جوجل'' متقدمة في مجال مراكز البيانات، إلا أن ''مايكروسوفت'' بدأت تلحق بها من حيث الحجم ومستوى التطور, إلا أن أمام شركة أبل كثيرا لتعلمه، ولكن هذا أيضا يبدو مسألة وقت ومال. وتماما مثلما أصبحت الأجهزة سلعة، فإن معرفة كيفية بناء مراكز بيانات ضخمة قد لا يكون ميزة تنافسية كبيرة لفترة طويلة, وقد تصبح مراكز البيانات كبيرة جدا قبل أن يصبح الحجم عاملا غير مهم.
و''جوجل'' متقدمة أيضا في مجال الخدمات إلا أن Bing Microsoft قد يكون أخيرا منافسا قويا. ويفيد ''محرك القرار''، كما تسميه الشركة، الناس كثيرا في اختيار كاميرا جديدة أو في حجز رحلات الإجازة. والسؤال المهم هو إذا ما كانت ''أبل'' قادرة على مواكبة ذلك. ولا شك أن iTunes وApp Store ناجحان جدا، ولكنهما على درجة عالية من التخصص في الوقت الحالي. أما مجموعتها الأوسع من الخدمات السحابية، أي MobileMe، فهي ليست استثنائية أو ممتازة بصورة خاصة.
ولكن في مجال الملحقات الإضافية السحابية، تحتل ''أبل'' مكانة قوية، وذلك بفضل نجاح iPhone. وقد تم بيع أكثر من 300 مليون جهاز حتى الآن، وتم بيع 5.2 مليون في الربع المنتهي في حزيران (يونيو). وتقترب حصتها في السوق الأمريكية إلى 14 في المائة. ويفتخر App Store الآن بـ 85 ألف تطبيق وما مجموعه أكثر من ملياري دولار من عمليات التحميل من الإنترنت. ولكن في الآونة الأخيرة، اكتسب Android الخاص بـ ''جوجل'' الزخم. وأطلق عديد من شركات تصنيع الهواتف المحمولة هواتف ذكية تستند إلى Android، أو أنها ستفعل ذلك خلال الأشهر القليلة المقبلة. وفي أوائل تشرين الأول (أكتوبر)، حصلت على دعم Verizon، أكبر شركة تشغيل هواتف محمولة في أمريكا. وتتوقع شركة Gartner المتخصصة في أبحاث السوق أنه في نهاية عام 2012، سيكون لهواتف Android حصة أكبر في السوق من حصة iPhones.
إلا أن استراتيجية الهواتف المحمولة في ''مايكروسوفت'' فوضوية. وقد يتبين أن هذه نقطة ضعف خطيرة، حيث إن الناس يستخدمون على نحو متزايد الأجهزة المحمولة للوصول إلى الخدمات على الإنترنت. ويبدو أن خطط تصنيع هواتف ذكية خاصة بها وصلت إلى طريق مسدود. وسيظل مشغل الموسيقى الخاص بها، وهو Zune، مجرد مشغل للموسيقى، كما قال Steve Ballmer، رئيس ''مايكروسوفت''، أخيرا. ويُقال إن مشروع Pink لتطوير هواتف تستند إلى التكنولوجيا من شركة Danger، وهي شركة ناشئة استحوذت عليها ''مايكروسوفت'' عام 2008، يواجه خطر الموت عن طريق إلغائه - الأمر الذي أصبح أكثر احتمالا بعد أن فقدت Danger البيانات الشخصية لعشرات الآلاف من زبائنها في وقت سابق من هذا الشهر. كما أن أحدث إصدار لها من Windows Mobile ليس منافسا لأجهزة iPhone وAndroid. وتخلى بعض شركات تصنيع الهواتف المحمولة، بما فيها ''موتورولا''، عن البرنامج. ولكن، كما هو الحال مع Bing، فإن ''مايكروسوفت'' بدأت للتو بالعمل بجدية. ووضعت Windows Mobile تحت إدارة جديدة. ومن المتوقع أن يتم إطلاق إصدار جديد بحلول نهاية عام 2010. ويحلل بعض المحللين فرص ''مايكروسوفت''، ووفقا لشركة iSuppli لأبحاث السوق، فإن ''التقارير عن موت Windows Mobile مبالغ فيها بدرجة كبيرة''. ما الذي يمكن أن يزعج المعركة ثلاثية الأطراف؟ ربما سلطات مكافحة الاحتكار. وبما أن ''مايكروسوفت'' أقامت السلام الآن، أصبحت الشركتان الأخريان هدفين محتملين. ويتصور معظم المراقبين أن ''جوجل'' ستكون الأولى، مشيرين إلى الضجة التي أثارتها التسوية مع ناشري الكتب التي تسمح لـ ''جوجل'' بإنشاء مكتبة رقمية ضخمة. إلا أن ''أبل'' ربما تتفوق على ''جوجل'', فرقابة الشركة الصارمة على التكنولوجيا الخاصة بها ليست مشكلة في الأسواق التي تكون فيها حصتها صغيرة (7.2 في المائة فقط في سوق أجهزة الكمبيوتر الشخصية). ولكن في مجال تطبيقات الهواتف المحمولة وتوزيع الموسيقى الرقمية، تعد ''أبل'' الرائدة في السوق. وتحقق لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية في رفضها تركيب Google Voice، وهي تطبيق للهواتف والرسائل لهاتف iPhone. وقد يسبب حظرها أجهزة المنافسين من الاتصال بـ iTunes المشكلات أيضا. وعينت ''أبل'' أخيرا محاميا له خبرة في مكافحة الاحتكار، وهو Bruce Sewell، المستشار العام السابق لشركة إنتل، أكبر شركة تصنيع رقاقات في العالم، التي تريد المفوضية الأوروبية منها أن تدفع غرامة تزيد على مليار يورو (1.5 مليار دولار) بسبب استغلال هيمنتها.
وهناك أيضا قوى السوق. وقد تبتكر إحدى الشركات الثلاث شيئا ''رائعا بجنون''، وهو تعبير كان مستخدما في ''أبل'' قبل وقت طويل لوصف كمبيوتر ماكنتوش الأصلي. وقد تفعل ''أبل'' نفسها هذا بتصنيع كمبيوتر على شكل قرص، الذي يشاع أنه جاهز للإطلاق في أوائل كانون الثاني (يناير). وصنعت شركات أخرى مثل هذه الأجهزة الخيالية، إلا أن أيا منها لم يتغلب حتى الآن على مشكلة المدخلات: الطباعة على شاشة أمر صعب، كما أن التعرف على خط اليد لم يسبق أن نجح فعليا. وإذا تمكنت ''أبل'' من ذلك، قد تقلب صناعة أجهزة الكمبيوتر الشخصي رأسا على عقب، كما فعل iPhone لسوق الأجهزة المحمولة. وإذا كان القرص أيضا بديلا جيدا للورق، قد تحدث ثورة في صناعة الصحف والنشر. وتنتشر شائعات في مواقع المدونات بأن ''أبل'' تتحدث إلى الناشرين بشأن تقديم محتواها على جهازها.
والاحتمال الأخير هو أن يظهر منافس آخر. والمرشح الواضح هو Amazon، أكبر شركة للتجزئة على الإنترنت في العالم، وموقع Facebook، الشبكة الاجتماعية الرائدة. ولدى Amazon بالفعل سحابة من نوع ما. فهي تقدم خدمات حوسبة سحابية لشركات إنترنت أخرى، كما طورت Kindle، القارئ الإلكتروني، الذي من المقرر أن يكون متوافرا في جميع أنحاء العالم اعتبارا من التاسع عشر من تشرين الأول (أكتوبر). وتدير Facebook ما يمكن القول عنه إنه أنجح خدمة سحابية، ولديها أكثر من 300 مليون مستخدم مسجل. وهي توفر منبرا للناس للتواصل وتبادل المعلومات والتعاون على الإنترنت- جميع الأمور التي تريد الشركات فعلها أيضا. وهناك شيء واحد فقط يبدو مؤكدا بشأن مستقبل السماء الرقمية: الشركة أو الشركات التي تهيمن عليها ستكون أمريكية. الشركات الأوروبية أو الآسيوية لم تظهر بعد في مجال الحوسية السحابية. وتحاول شركة نوكيا، أكبر شركة في العالم لصنع الهواتف المحمولة، تشكيل سحابة من مجموعة خدماتها على الإنترنت التي تسمى Ovi، إلا أن محاولاتها لا تزال في مهدها. وتحتضن الحكومات خارج أمريكا الخطط الطموحة للسحب الممولة من قبل الدولة. ومن الأفضل لها أن تسمح ببساطة لمواطنيها بالاستفادة إلى أقصى حد من المنافسة بين الشركات الأمريكية الضخمة