الرواد الاجتماعيون يجدون جانبا مشرقا في الانكماش الاقتصادي
إن المشاريع الاجتماعية ليست حصينة أمام تأثيرات الانكماش الاقتصادي، يقول جوب بلوم، رائد أعمال اجتماعي مقره في أمستردام إنه بينما تحول الشركات انتباهها نحو البقاء، فإنها تركز على تقليص التكاليف، ويتم تقليص مشاريع مسؤولية الشركات الاجتماعية, حيث إنها لا تعد أولوية خلال هذه الأوقات.
وقال مؤسس ومدير EsteamWork لانسياد نوليج: «في الوقت الذي تقوم فيه الشركات بتقليص التكاليف وتسريح الموظفين، فإنها تشعر بأنها لا تبعث الإشارات السليمة إذا استثمرت في مشاريع مسؤولية الشركات الاجتماعية في هذا الوقت».
وهناك في إسطنبول، تعايش سيرا تيتيز، مالكة شركة Mikado Consulting and Konsensus وضعا مماثلا، وهي تقول :» أخذ الحصول على تمويل للمشاريع أصعب، وأصبح إيجاد التأثير الاجتماعي أولوية ثانوية للشركات».
إن صناديق أموال الوقف للشركات أخذت تتضاءل بسبب التباطؤ الاقتصادي، ونتيجة لذلك، فإن كثيرا من المؤسسات توقف المنح، حسبما يقول كيفن تيو، مؤسس ورئيس Volans Asia، وهي شركة ابتكار اجتماعي مقرها في سنغافورة .
ويوضح تيو: «أن أثر منح الشركات لم يتم التحدث عنه حتى الآن، بسبب حلقات تقديم المنح، لكن الشركات أطلقت تحذيرات حول صناديق الوقف المتأثرة فالمؤسسات التي تحصل في العادة على أموالها كنسبة مئوية من أرباح الشركة الأم، تتأثر أيضا بسبب أداء هذه الشركات».
وهنالك في الهند، فإن الوضع أكثر تفاؤلا، تقول ميناكشي بالا، الرئيسة التنفيذية لشركة Spatial Access ، وهي وكالة اتصالات اجتماعية «إن هنالك كثيرا من التمويل المتوافر حاليا، وزبائننا منظمات غير حكومية، ومنظمات غير ربحية وشركات تقوم بمشاريع مسؤولية الشركات الاجتماعية، وهي لم تلغ أو توقف عملها التنموي، ودور التمويل لم تلغ التمويل للمنظمات غير الحكومية مع أن بعضها ربما تكون خففت وتيرتها بعض الشيء، لكن العمل التنموي يظل مستمرا».
طريقة العمل تساعد
وفقا لما تقوله بالا ، فإن رواد الأعمال الاجتماعيين لم يلمسوا الأثر الكامل للانكماش الاقتصادي بسبب الطريقة التي يعملون بها . وهي تقول: « الشركات لم تر أن الانكماش يجيء بالسرعة التي حدث بها، ومن هنا فإنها لم تقدر التأثيرات اللاحقة، ومن ناحية أخرى، فإن المشاريع الاجتماعية اعتادت على العمل وفق نفقات وميزانيات حكيمة وعملت دائما بشكل أكفأ وأكثر فعالية ضمن قيود، مثل الاعتماد على التمويل الخارجي والافتقار إلى موارد مهنية جيدة، وظروف طبيعية ضاغطة».
والعمل الاجتماعي، بالتحديد يتعلق بالذهاب ضد الطبع وتطوير مسار جديد غير مطروق». حسبما تقول.
نجاح أو فشل للقطاع الاجتماعي
وفقا لما يقوله ثيو، فإن هذا بالتحديد وضع نجاح أو فشل، والأكثر ملاءمة سيبقى من خلال قدرتهم على إدارة التكاليف، وبسبب قدرة الموارد المالية، يمكن أن يكون هذا وقتا مواتيا للاندماج والشراكات في المنظمات التي تخاطب مهمات متشابهة، وهو يقول:» يمكن التصدي لقضايا «الأنا» والإدارة، وسيكون هذا أمراً جيدا, حيث يمكن تحقيق اقتصادات موزونة».
ويعتقد بلوم أن الأزمة يمكن أن تحطم كثيرا من المشاريع الاجتماعية، ومن أجل البقاء ستحتاج إلى أن تكون خلاقة في الدخول في أسواق جديدة وتطوير مفاهيم أقوى، كما أن السوق تضع استراتيجيات ضمن تصورات جديدة وتضعها في صميم وجود الشركة.
وكمشروع جديد صغير فإن Mikado Consultancy لم تتأثر بشكل سيئ من الانكماش. وهنا يقول بلوم:» لم أعايش أي انخفاض في العائدات، وعلى عكس ذلك، فإنني في مرحلة رفع مستوى مشروعي الاجتماعي، وهنالك أمل في البقاء إذا كانت الأزمة قصيرة الأمد، وإن لم يكن الأمر كذلك فقد أواجه كثيرا من المصاعب». ومرة أخرى, فإن الهند تختلف في دلالات المستقبل، وتعتقد بالا أن هنالك ما يكفي من السعي نحو التمويل لتوفيره لأسباب مناسبة، مع زخم كان لتغييرمناسب في المجتمع الهندي .
وهي تقول: «تدرك الهند حاليا أكثر من أي وقت مضى، تقليص الفجوة بين من يملكون ومن لا يملكون، فالطبقة الوسطى من مجتمعنا أكثر إدراكا لمثل هذه القضايا، وهي تملك قوة الإرادة لإحداث التغيير خصوصا بعد هجمات مومباي الإرهابية في 26 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي».
ظهور بعض الفائدة من الانكماش
الخبر الجيد أن هنالك موجة متزايدة من الإقبال على العمل التطوعي، حسبما يقول تيو. ويضيف :»بوجود موجة متزايدة من الاقتصاد في النفقات، فإن الخبراء يستغلون حياتهم العملية ويقيمون الأوليات في حياتهم، وهذا شيء جيد للمشاريع الاجتماعية فيما يتعلق بتوفر المواهب الماهرة من الرخيصة إلى المجانية، على الأقل في المدى القريب».
وبالنسبة لبلوم، فإن الأزمة تظهر أن الوقت مناسب فعلا للتغيير, وهو يؤكد مهمة شركته للتسامح العالمي والتعاون، كما أن الأزمة ساعدت على وضع الأمور في سياقها، ويقول:» إنني الآن أستمتع أكثر بما أفعل- والذي يثري حياة الناس بالإيحاء برحلات إلى إفريقيا، بدلا من القلق حول إدارة وتوسيع شركتي، ويمكنني أن أكون متواضعا حول إنجازاتي».
وفي زمن يعيد فيه الزبائن النظر في موازناتهم التسويقية، لتخفيض التكاليف، ما كان للتباطؤ أن يجيء في وقت أكثر ملاءمة لمشاريع جديدة مثل Spatial Access.
وتقول بالا: « أصبح لنا مبرر لوجودنا، فبينما يركز معظم المساهمين على شركات توفر أقصى الكفاءات وعائدا كفؤا على الاستثمارات، فإننا في وضع جيد كمشروع اجتماعي جديد وصغير يقدم الكفاءات التي يسعون إليها، مثل كفاءة الكلفة والاستجابات الأسرع والوصول المباشر إلى الأشخاص المبدعين وبالتالي إلى انتباه أكبر».