الشركات العائلية وكيفية الخروج من الهبوط الاقتصادي
تلقت الشركات المملوكة عائلياً ضربة بسبب الهبوط الاقتصادي، مثل آخرين كثيرين. ولكن رغم أنها عانت إلى جانب كل جهة أخرى، إلا أنها قادرة على زيادة ميزة تنافسية متأصلة لضمان استمرار بقائها وازدهارها على الرغم من أجواء الأعمال والمال السيئة.
وذلك وفقاً لراندل كارلوك، أستاذ الشركات العائلية، وأستاذ أبحاث إل هويست بيرغمانز Berghmans Lhoist Chaired Professor للقيادة الاستثمارية في ''انسياد''، فإن هذه الميزة تشمل المالكين الملتزمين، والاستراتيجيات طويلة الأجل، والمعرفة الصناعية المتراكمة عبر الأجيال، والقيم مثل الثقة، والقيادة، وطول البقاء.
على أية حال، فإن مثل تلك الخصائص بحد ذاتها لا تضمن البقاء أو النجاح. وأكثر من أي وقت مضى، فإن الشركات بحاجة إلى قيادة كفؤة.
#2#
إن نحو 95 في المائة من الشركات في آسيا، والشرق الأوسط، وإيطاليا، وإسبانيا مملوكة عائلياً. وكذلك الحال بالنسبة لأكثر من 80 في المائة من الشركات في فرنسا، وألمانيا، وما بين 60 إلى 70 في المائة منها في الولايات المتحدة.
وفي كل من ''وول مارت''، ''فيات''، ''فورد''، ''بيجو''، ''كارجيل''، ''ميشلين''، ''غاب''، ''إكيا''، و''بي إم دبليو''، هناك عائلة تقف وراء أكبر كتلة من الأسهم التي تتمتع بحق التصويت في كل من هذه الشركات. ومما لا شك فيه، فإن الشركات العائلية مصدر رئيسي لخلق الثروة والتوظيف. وبناءً على ذلك، ما الذي يجعل الشركات العائلية فريدة، وما الذي يمكننا أن نتعلمه منها؟
يوضح كارلوك: ''إن الشركات العائلية فريدة بطريقتين رئيسيتين. الأولى، أن لديها منظورا طويل الأجل، والثانية، أنها مدفوعة بالقيم. وتميل قراراتها إلى أن تعتمد على ما هو مناسب للعائلة، وما يحافظ على القيم التي تمتلكها. ولكن لديك كذلك عواطف عائلية، وبالتالي فأنت بحاجة إلى إدارة متخصصة. والأمر برمته يتعلق بهذه العائلات ''المهنية العاطفية'' – التي تمزج الشغف العائلي مع الإدارة المتخصصة''.
وكانت ''فورد'' هي الشركة الوحيدة من ثلاث شركات أمريكية لصناعة السيارات التي لم تضطر إلى إعلان إفلاسها. فهل أن اسم العائلة على لوحة الأسهم يحدث فرقاً؟ يقول كارلوك: ''تأكدت عائلة فورد أن شركة فورد كانت محمية: الملكية والإرث. وحصلوا على دين طويل الأمد قبل أن تضرب المشكلة الفعلية، وبذلك لا تضطر الشركة إلى التوجه إلى الحكومة واستجداء الأموال. كما أن ''تويوتا''، ''فيات''، ''بي إم دبليو''، و''فولكسفاجن'' (جميعها شركات عائلية)، في مركز جيد كذلك''.
ولدى كارلوك قصص مماثلة في القطاع المصرفي. ويقول: ''إن بيكيت، وبانكو سانتاندر، ويوليوس باير، ولمبارد أودير، جميعها مملوكة عائلياً، ولا يعاني أي منها مشكلات خطيرة لأن المالكين من العائلة قالوا للموظفين: ''إننا لا نهدف إلى تحقيق أرباح سريعة، ولا تنظروا إلى حجم المنتجات المحفوفة بالمخاطر التي يمكنكم بيعها، بل نفذوا استثمارات جيدة راسخة لزبائننا‘. وكانوا معنيين بشركاتهم، وليس بعلاواتهم''.
وهناك كذلك عائلة بانكروفت المناضلة – ورثة شركة النشر داو جونز. وتصرف الجيل الأقدم كمضيفين للإرث الصحافي العظيم، الذي بشرت به ''وول ستريت جورنال''، والجيل الأصغر، أي الجيل الثالث، رأى مستقبلاً كئيباً للصناعة بحد ذاتها، وأن سعر السهم لن يرتفع. ولم يواجه روبرت موردوخ – هو نفسه متورط في مشاحنات عمل عائلي – أية منافسة أمام عرضه لشراء العمل العائلي لبانكروفت. وخسرت عائلة بانكروفت شركتها لأنها كانت تفتقر إلى وجود رؤية مشتركة تبني عليها التزامات العائلة.
كارلوك: ''لا تدوم الشركات لأكثر من ثلاثة أجيال. فإما أن تفلس، أو تندمج، أو تغلق لأنها لا تستطيع مواجهة المنافسة. وإذا نظرت إلى مؤشر فورتشن لأفضل 500 شركة في عام 1955، فإنك سوف ترى 77 شركة فقط من هذه الشركات موجودة اليوم. وأما في الشركات العائلية، فإن المشكلة تتعلق بالاستراتيجية جزئياً، ويتعلق الجزء الآخر بالعائلة ذاتها. فإذا استطاعت العائلة أن توازي قيمها ورؤاها، وتنقل قيمها وتتفق على استثمار رأسمالها البشري والمالي، فإنها سوف تنجح''.
ويشبه كارلوك الديناميكيات العائلية الإيجابية بقيادة طائرة. ويقول: ''إن الأمر رائع لو أن العائلة تمتلك طائرتها النفاثة الخاصة بها. ولكن من سيقودها؟ فأنت تريد شخصاً لديه التدريب والخبرة. وعليكم جميعاً أن تقرروا إلى أين الذهاب معاً. ويجب أن يكون واضحاً من ستكون لديه السلطة لتغيير الاتجاهات أثناء المسير. ولا يمكن أن يقوم الجميع بالصراخ على الطيار''.
ويعتقد كارلوك أن الاتصالات بين أفراد العائلة هي المفتاح الرئيسي للنجاح. ويقول: ''إذا لم تتواصل العائلة، فإن شركتها ليست أفضل من أية شركة أخرى''. وتشتمل نقاط القوة الأخرى التي تمتلكها الشركات العائلية والتي تتم ترجمتها جيداً في عالم الأعمال بشكل عام على ما يلي:
القيادة. يذكر كارلوك: ''إن هذا أشبه بالمسؤولية الاجتماعية للشركات. وينبغي التفكير لأجل طويل بدلاً من الدورات التي تبلغ فترتها 90 يوماً. وتفعل الشركات العائلية هذا الأمر بشكل طبيعي. وإن اسمها هو المهم في قطاع العمل، وفي المجتمع، من أجل الذرية''. القيم. يبين كارلوك موضحاً الأمر كمثال: ''أنظر إلى أبل، حيث لم يكن الخوف الذي شعر به الجميع بسبب صحة ستيف جوبز يتعلق إلى حد كبير بشخصه، وإنما بشأن قيمه – من سيكون قادراً على أن يكون المبدع، والصمود في وجه المنافسة؟''.
وتشجيع الروح الاستثمارية المغامرة. يقول كارلوك: ''تم تأسيس كل شركة عائلية تقريباً في العالم من قبل رجل أعمال مغامر. وتستمر هذه الروح بإبقاء الشركة حية ومتجددة''. وتدعم مستويات الأداء طويلة الأجل.
وأخيراً، هنالك القدرة على بلورة رؤية العائلة لذاتها في المستقبل: كيف سينجح العمل. وفي أوقات الأزمة الاقتصادية تكون هذه الرؤية مهمة بشكل خاص، حيث إن بمقدورها أن تعيد توجيه العواطف المدمرة والمعيقة بخلاف ذلك، مثل الخوف والغضب. ويصرح كارلوك قائلاً: ''يدرك القادة الحقيقيون التأثير العاطفي لأسلوب قيادتهم في الشركة وموظفيها''.
أو كما قال نابليون الأول: ''القائد هو موزع الورق الذي يأمل الجميع أن يحصلوا عليه''.