احترام إشارة الوقوف داخل الأحياء

لا شك أن أحياءنا السكنية أصبحت أخطر من الطرق السريعة, وحوادث الدهس والموت أصبحت أكثر. وأصبحنا الدولة الوحيدة في العلم التي ليس لديها تصنيف أو مسميات للطرق. فهي كلها سريعة, بل إن السرعة على الطرق السريعة قد يوقفك المرور عليها، ولكن داخل الأحياء ليس هناك قانون يردع المتهورين. ولا أدري لماذا اخترع العالم إشارة الوقوف (ستوب ساين). وعلى الرغم من توالي الحملات المرورية السنوية بتركيز كبير على أهمية حزام الأمان ومقاعد سلامة الأطفال. إلا أن احترام إشارة الوقوف، وخاصة داخل الأحياء وقبل الخروج من الطرق الفرعية للرئيسية، لم تعطي حقها من التوعية. بل لم نسمع بقانون يردع. حتى المطبات التي تقوم الأمانات بوضعها داخل الأحياء لم تردع أحدا. والجميع يعلم أن هناك أولويات تتعلق بالسلامة وتنصب في الوضع التخطيطي للطرق ومدى ملاءمتها لتوفير السلامة للمواطنين وتسخيرها ليس فقط للمركبات، وإنما لخدمة المشاة في المناطق الحضرية واحترام حريتهم للتجول في المدينة. ومن أهم تلك الأولويات تبرز إشارات الوقوف STOP SIGNSٍ عند تقاطعات الطرق داخل الأحياء وخارجها مع الطرق الرئيسية، وهي من أهم الوسائل التي تساعد تخفيف الحوادث، فأين الحملات المرورية لاحترام إشارات الوقوف كما لو كانت إشارة ضوئية وأين التنسيق مع وزارة الإعلام التي لم تؤد واجبها التوعوي في هذا المجال؟
الجميع مهددون بالمخاطر وحوادث الوفيات داخل الأحياء، والتي أصبحت من أكبر الظواهر التي تفتك بمواردنا البشرية وتسيء لحضارتنا، والتي تستوجب قيادة وإدارة قوية وصارمة للمدن لاستئصال هذا المرض من جذوره قبل فوات الأوان، حيث إن المدن تنمو بصورة غير طبيعية وتفوق حجم وتعداد واستعداد أجهزة الأمن الحالية التي لم تنجح حالياً، فهل ستنجح في مواجهتها مستقبلاً بعد تفاقم النمو السكاني للمدن. إن التساهل في تطبيق الأنظمة المرورية ولوائحها ووضع الطرق وطريقة تخطيطها في مدن المملكة هو السبب الرئيسي في تحويل طرقنا وأحيائنا إلى ساحات معارك ينتصر فيها المتخلفون والطائشون العابرون بسياراتهم بتهور غير عابئين براحة أو سلامة الآخرين وأطفالهم، وأصبحت الطرق داخل الأحياء أسرع من الطرق السريعة خارج المدن. وأصبحنا نفتقد الأمن المروري، فما من أب أو أم أو زوجة يخرج أبناؤها إلى الطريق إلا ووضعت يديها على قلبها حتى يعود.
إن الفساد وخسائر الأرواح التي تنتج عن هذا التهور تفوق آثار أي عمل تخريبي، فهي تخل بأمن البلاد ومواطنيها. '' وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا'' (68) سورة الفرقان. فلماذا لا يتم التحقيق مع مرتكبي هذه الأعمال التخريبية والتشهير بهم ليكونوا عبرة لغيرهم ومعاقبتهم كمفسدين في الأرض؟ وأين دور وزارة الإعلام التوعوي في درء هذا المرض؟
مما لا شك فيه أن المواطن له ذنبه في عدم توعية أبنائه أو السماح للطائشين باستعمال سياراتهم غير عابئين بأرواح المسلمين. كما أن المسؤولين عن الطرق يتحملون جزءا من هذه الجريمة لعدم ترسيتهم للبنية التنظيمية وإكمال دورهم التخطيطي لمشكلات الطرق والمرور. فبعض الحوادث المرورية تعود إلى عدم التخطيط السليم للطرق أو صيانتها، والآخر يعود إلى عدم تطبيق أنظمة المرور والتوعية بها. فالحلول للمشكلات التخطيطية هي عبارة عن طريق ذي اتجاهين، وهناك واجبات على الدولة وأخرى على المواطن.
والمعروف أن نظام وشروط البناء لا بد أن يكون مربوطا تماماً بتخطيط الشوارع والأحياء. ولكن في غياب وجود تدرج هرمي لأنواع الشوارع واتساعاتها يختل هذا النظام. فالمتعارف عليه أن كل مدينة يوجد بها تدرج لأنواع الشوارع تبدأ من الممر أو المنفذ إلى الطريق الصغير إلى الطريق المجمع للحركة Collector إلى الشريان Arterial ثم إلى تدرجات الطرق السريعة ولم توجد هذه التدرجات هباءً.
كلي أمل أن يكون هناك اهتمام بموضوع إشارة الوقوف وإجبار الجميع على الوقوف لها وباحترام، وأن يكون هنا عقاب رادع وتوعية مستمرة. وأن نبدأ في الحد من السرعة والحوادث داخل الأحياء، كما أنها دعوة إلى ضرورة تقوية قيادة إدارة المدن، وحث المسؤولين بعدم التساهل في تطبيق الأنظمة ومحاولة إعادة النظر إلى مشكلاتها الحالية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي