استدامة طموحات أوروبا: الحاجة إلى استراتيجيات أذكى وأهداف متوسطة المدى

استدامة طموحات أوروبا: الحاجة إلى استراتيجيات أذكى وأهداف متوسطة المدى

إن أوروبا في حاجة إلى أن تركز بصورة أكبر على المجال الذي تريد أن تكون رائدة فيه لكي تعمل على استدامة طموحاتها. لذا، هل عليها أن تكون رائدة من حيث السياسات، أو الأسواق، أو التزويد والمهارات؟
''يتلخص الأمر في ضرورة أن نكون جادين بشأن التميّز. فنحن بحاجة إلى الإدراك بأن أوروبا معتدلة في الكثير من هذه الأمور؛ ونحن في حاجة إلى تميّز حقيقي، وأن نركز أكثر على الجودة، بدلاً من الكمية''، كما يقول مارك سبيلمان، وهو أحد خريجي إنسياد (درجة الماجستير في إدارة الأعمال، دفعة عام 1983)، وكما أنه مدير عالمي للاستراتيجية في أكسنتشر، وعضو في رئاسة المجلس التنفيذي في الاتحاد الأوروبي – AmCham.
وإن أوروبا في حاجة أيضاً إلى أهداف متوسطة المدى لتكون قادرة على قياس نفسها فيما يتعلق بالاتجاه الذي تسير فيه، ولكي تكون واضحة في مسارها، كما قال في قمة الأعمال الأوروبية السابعة هنا التي عُقدت في الآونة الأخيرة. تهدف أوروبا في الوقت الراهن إلى تخفيض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 20 في المائة، وإنتاج 20 في المائة من الطاقة عن طريق مصادر توليد طاقة متجددة، ورفع كفاءة الطاقة بنسبة 20 في المائة بحلول عام 2020. ولكن سبيلمان يقول ، ''نحن في حاجة إلى وضع خطة طريق للأهداف الـ 20 – 20 -20. فأين نريد أن نكون في عام 2012، و2015، و2018؟''.
'' تُعتبر أوروبا تقليدياً ذات طموحات كبيرة، ولكن لديها عجز في الإجراءات العملية. علينا أن نتحرك، وأن ننجز أموراً أكثر، وأقوالاً أقل''.
وإن الكثير من هذه القضايا لا تتعلق بحلول سريعة فقط. وإن البنية التحتية، وسياسات المدى البعيد في حاجة إلى أن تشترك في اللعبة، وهنالك حاجة إلى تمكين الصناعات، والشركات، الكبيرة منها والصغيرة، للقيام بنشاطات عملية بحرية. وإن جزءا من التحدي هو ''البحث عن استراتيجيات خارجية أكثر ، وكذلك النظر فيما نقوم به داخلياً. ومن الواضح، علينا أن ندفع السوق الموحدة إلى العمل. ولكن علينا أن نكون أشد وضوحاً بشأن الاستراتيجيات مع دول مثل الصين''.
مواكبة الصين والولايات المتحدة
يقول بجورن ستيجسون، رئيس مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة – WBCSD، والرئيس المشارك لفرقة العمل الفكرية في الصين، إن البلاد تطوّر خطة خمسية في مجال كفاءة الطاقة بانبعاثات كربونية مخفضة، ''ليس من أجل أي مفاوضات دولية بشان التغيّر المناخي، ولكن لدوافع محلية خالصة''. وإن الأمر يتعلق بأمن الطاقة، ولا زعزعة استقرار المناطق الريفية، وهم يرون الأمر بمثابة محرك رئيسي للنمو الاقتصادي.
''إن الصين تدرك وجود قيود على الموارد، ونسب الكربون المنخفضة، وتدرك أن ما لديها لتوصله في العالم المستقبلي هي تكنولوجيا جديدة في كفاءة الطاقة، ونسب الكربون المنخفضة، والوصول إلى الماء، والحركة النظيفة، بحيث تكون أكثر كفاءة مقارنة بتكنولوجيا يومنا الحاضر''، كما قال ستيجسون. ''إنهم يريدون أن يكونوا رائدين في العالم في مجال التكنولوجيا الخضراء في المستقبل''.
وفي هذا السياق علينا أن ننظر إلى طموحات أوروبا، كما يقول. لطالما كانت أوروبا رائدة في هذا المجال، ولكن الصين تتحرك قدماً بوتيرة سريعة، كما هي الحال في الولايات المتحدة. وعلى أوروبا أن تحرّك قواها التقليدية، وأن تعزز نفسها لتكون قادرة على اللعب في ساحة العالم المستقبلي. ''إن أوروبا لا تتحرك قدماً بالسرعة اللازمة التي تسمح لها بمواكبة ما يحدث من حولنا''.
ويقول سبيلمان إن أوروبا في حاجة إلى أن تعرف أين يكون النمو، وكيف يمكنها أن تحقق ذلك النمو. ''نحن نعلم أن الولايات المتحدة تتحدث كثيراً في واشنطن عن استراتيجياتها في الصين. ماذا تعني قيادة أوروبا في مجال التكنولوجيا الخضراء بالنسبة لعلاقتها مع الصين؟ أنا لست متأكداً من أننا واضحون بما يكفي في هذه اللحظة''.

مستقبل اليورو
أما بالنسبة لليورو، فيقول سبيلمان إن أوروبا تركّز بصورة مفرطة على قضايا المدى القصير مثل حزمة الحوافز المادية، ومجموعة دول العشرين، ولا تقضي ما يكفي من الوقت في التفكير ببعض الدلالات الضمنية.
''من الواضح، أن هنالك تضخماً، ومخاطر في معدل الصرف الأجنبي. علينا أن ننظر في المسائل الدورية، والهيكلية معاً، وأن نسأل أنفسنا السؤال الآتي: ماذا يعني أن تضع تريليون دولار في الاقتصاد الأمريكي، وفيما هو أبعد من ذلك (من أجل إنقاذ النظام المالي)؟ ما هو عجز التداول الهيكلي الذي تعانيه الولايات المتحدة مع آسيا؟''، كما قال.
هنالك فرصة منطقية بأن يضعف الدولار، وإذا حدث ذلك، فمن الممكن أن يؤثر ذلك بصورة كامنة في وجهة نظر الصين إزاء احتفاظها بالدولار، الذي من الممكن ألا يبقى كعملة احتياط لفترة أطول.
وبصورة كامنة، فإن أي حركة بعيداً عن الدولار من الممكن أن تؤثر في اليورو. وإذا كان من المقدر لليورو أن يرتفع سعره، فمن الممكن أن يؤثر ذلك في القدرة التنافسية الأوروبية، كما يقول. وعلى أية حال، هذا ليس أكثر من سيناريو، ولكن من الممكن أن يحدث فعلاً، وعلى أوروبا أن تنظر في بعض ردود السياسة، وبالأخص فيما يتعلق بالنشاطات العملية العالمية، وأن تأخذ في الحسبان المزيد من التقلب في أسعار الصرف الأجنبي. ''إن ذلك يعني التفكير من خلال التأثير المحتمل لـ 18 شهراً، وعامين، وثلاثة أعوام. وما هي بعض الخيارات المتاحة لدينا، إذا بدأنا السير في هذا الطريق''، كما يقول سبيلمان.
ويقول ستيجسون، الذي يشهد المرحلة الانتقالية اقتصاد الصين، إن أية سياسة في الصين، سواء كانت مرتبطة بباقي العالم، أو سياسة محلية، فإنها تركز على الاستقرار، وإن الاستقرار يعني أن يحتفظ الحزب الشيوعي بالسلطة، كما يقول. ''وإن ذلك ما سيقرر سياستهم بشأن شراء مديونية الولايات المتحدة الأمريكية، وسيسألون أنفسهم ما إذا كانت هذه الحركة سوف تعزز الاستقرار الصيني أم لا''.

التعليم المتغير
لقد حققت أوروبا خطوات واسعة في مجال التعليم، وإن من أولوياتها الأوروبية تدريب الناس استعداداً للمستقبل. ولكن كيف تكيّف أوروبا النظام التعليمي ليعكس بصورة أفضل حاجات الربع المقبل من القرن؟
ويقول سبيلمان إن تشتت سوق العمل، وتغيّر التعليم، هما قضيتان رئيستان طويلتا الأمد. وهما في المقام الأول بين الدول الأعضاء، أكثر مما هما على نطاق الاتحاد الأوروبي بأكمله، كما يقول، مضيفاً إنه يعتقد أن الحل يكمن في الاستراتيجيات المختلفة على مستويات مختلفة.
إن أوروبا بحاجة إلى إعادة تزويد مهارات سريعة، بينما ستصبح الوظائف، والتوظيف قضايا تقدمية في الأعوام الثلاثة المقبلة، وستكون السياسات العملية ضرورية لمعالجتها. ''إن التعليم سيكون متعدد الجوانب''، كما يقول، حيث تتطلع أوروبا إلى تطوير روابط بين النشاطات العملية، والأوساط الأكاديمية، والمراكز الأوروبية للتميّز، بما يجعلها تتحد مع نظرائها في أجزاء أخرى من العالم.

الأكثر قراءة